الحزّ والحزّة والحزازة -بقلم - د- محمد فتحي راشد الحريري طباعة
مقالات - صفحة الدكتور/ محمد فتحي راشد الحريري
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الاثنين, 11 يناير 2016 17:14

في الجذور:

الحَزَّة بالفتح: السّاعةُ، يُقَال: أيّ حَزَّةٍ أتيتني قضيْتُ حقَّكَ، وَأنْشد أبو عمرو لساعِدَةَ بن العَجْلان:

ورميتُ فوقَ مُلاءَةٍ مَحبوكةٍ

وأبنْتُ للأَشهادِ حَزَّةَ أَدَّعي

رَ : تاج العروس 15/ 111

وقال الجوهري في الصحاح: الحينُ والوقتُ.

 

ولنتذكر ما قاله الزّمخشريّ: ( وهذه حَزّة مجيء فلان وهي الساعة والحال ). كما في أساس البلاغة 1/ 186 .

واقول انا العبد الفقير إليه تعالى:

تتكرر كلمة(هالحز ) في باديتنا كثيرا؛ ونظن نحن المتعالمين أنها غير فصيحة ناسين أن كلام البدو كله ( أغلبه) صحيح فصيح.

فالحز من الجذر الثلاثي (ح ز ز ) :

يشير الى الوقت والزمان كما أسلفنا؛ وهو ايضا يشير الى المكان.

كما يشير الى القطع والحد، ومنه حـزَّز البطيخةَ أي قَطًعها والحُـزوز القِطَـعُ.

والحَـزاز مرضٌ قيل في القلب ، والعامة تطلقه على ما نسميه نحن اليوم بالطب (الأكزيما ) او توسُّفات الجلد الالتهابية المترافقة مع حكَّة ٍ شديدة وألم . والسؤال ما وجه هذه الاشتقاقات مجتمعة؟ هل بينها من جامع يضم شتات امرها ؟؟؟

الجواب:

حز( بتشديد الزاي) او حزز

بالاصل القطع والحد .

ومنه:

الحز والحزة للوقت او الساعةاو الحين وهو فترة زمنية محددة مقطوعة من زمن اوسع.

والحز المكان: منطقة محدودة جغرافيا منقطعة عن غيرها بالحدود التي فصلتها وأظهرتها عن غيرها فصارت مقطوعة.

والحز: مرض الجلد كذلك منطقة مريضة محددة بعلامات تميزها عن سائر الجلد. وهو ما يطلق عليه اسم الحزاز، وفي علم الأحيـــــاء الدقيقة والطفيليات يُســمّــى ( الشيبيات).

وقد أفاض ابن منظور في اللسان، مادة(ح ز ز// حزَّ) فقال:

الحَزُّ: قطْع في عِلاج، وقيل: هو في اللَّحْم ما كان غيرَ بائن، حَزَّه يَحُزُّه حَزّاً واحْتَزَّه احْتِزازاً.

وفي الحديث: أَنه احْتَزَّ من كَتِف شاة ثم صَلَّى ولم يتوضأْ؛ هو افْتَعَل من الحَزّ القَطْع، وقيل: الحَزُّ القطع من الشيء في غير إِبانَة؛ وأَنشد: وعَبْد يَغُوث تَحْجِل الطَّيْرُ حَوْله، قد احْتَزَّ عُرْشَيْهِ الحُسَامُ المُذَكَّرُ فجعل الحَزّ ههنا قَطْع العُنق، والمَحَزّ موضعه، وأَعطيته حِذْيَةً من لحم وحُزَّةً من لحم.

والتَّحَزُّز التَّقَطُّع.

والحُزَّة ما قطع من اللحم طولاً؛ قال أَعشى باهلة: تَكْفِيه حُزَّةُ فِلْذٍ إِن أَلَمَّ بها من الشِّواءِ، ويُرْوِي شُرْبَه الغُمَرُ ويقال: ما به وَذْيَةٌ، وهو مثل حُزَّة، وقيل: الحُزَّة القطعة من الكَبِد خاصة، ولا يقال في سَنام ولا لحم ولا غيره حُزّة.

والحازّ قطع في كِرْكِرَة البعير، وهو اسم كالنّاكت والضَّاغط.

والحَزّ الفَرْض في الشيء، الواحدة حَزَّة، وقد حَزَزْت العود أَحُزّه حَزّاً.

والحَزّ فرض في العود والمِسْواك والعظم غير طائل.

والتَّحْزِيز كثرة الحَزِّ كأَسْنان المِنْجَل، وربما كان ذلك في أَطراف الأَسنان، وهو الذي يسمى الأَشَر، وقد حزز أَسنانه، والتَّحْزِيزُ: أَثر الحَزّ أيضاً.

وقالت العرب: وليس في القِفاف ولا في الجبال حِزَّانٌ إِنما هي جَلَد الأَرض، ولا يكون الحَزيز إِلاَّ في أَرض كثيرة الحَصْباء.

والحَزِيزُ والحَزَازُ من الرجال: الشديدُ على السَّوق والقتال والعمل.

(ح ز ز) في الشعر العربي:

قال المتنخل الهذلي:

إِن الهَوان، فلا يَكْذِبكُما أَحدٌ،*** كأَنه في بَياضِ الجِلْدِ تَحْزِيز

وقال الشماخ يصف رجلاً باع قوساً من رجل وغبن فيه:

فلما شراها فاضَت العَيْنُ عَبْرَةً،*** وفي الصَّدْر حَزَّاز من الهَمِّ حامِزُ

قال زُفَـر بنُ الحرث الكلابي:

وقد يَنْبُت المَرْعَى على دِمَنِ الثَّرَى،*** وتَبْقَى حَزَازَاتُ النُّفُوسِ كما هيا

وجاء في قصيدة كعب بن زهير:

تَرْمِي الغُيُوبَ بِعَيْنَيْ مُفْرَدٍ لَهَقٍ،*** إِذا تَوَقَّدَت الحُزَّان والمِيلُ

وقال ابن الرِّقَاعِ يصف ناقة:

نِعْم قُرْقُور المرُورَاتِ، إِذا ***غَرِقَ الحُزَّانُ في آلِ السَّرابِ

وقال زهير:

تَهْوي مَدافِعُها في الحَزْنِ ناشِزَة الـ*** أَكتاف، نَكَّبَهـا الحِـزَّانُ والأَكَـمُ

قال كثير عزة:

وكم قد جاوَزَت نِقْضي إِليكمْ*** من الحُزُزِ الأَماعِرِ والبِرَاقِ

الحـزَّة والحوز(ح و ز) :

الحَوْزُ في الأصل: السير الشديد والرُّوَيْد، وقيل: الحَوْز والحَيْزُ السوق اللين.

وحازَ الإِبلَ يَحُوزُها ويَحِيزها حَوْزاً وحَيْزاً وحَوَّزَها: ساقها سوقاً رُوَيْداً.

وسَوْقٌ حَوْزٌ، وصف بالمصدر، قال الأَصمعي: وهو الحوز؛ وأَنشد:

وقد نَظَرْتُكُمُ إِينَاء صادِرَةٍ *** للوِرْدِ، طال بها حَوْزِي وتَنْساسِي

ويقال: حُزْها أَي سُقْها سوقاً شديداً.

وانْحازَ القومُ: تركوا مَرْكَزهم ومَعْركة قتالهم ومالوا إِلى موضع آخر.

وتَحَوَّز عنه وتَحَيَّزَ إِذا تَنَحَّى، وهي تَفَيْعَل، أَصلها تَحَيْوَز فقلبت الواو ياء لمجاورة الياء وأُدغمت فيها.

وتَحَوَّزَ له عن فراشه: تَنَحَّى.

وفي الحديث: (كما تَحَوَّز له عن فِراشه). قال أَبو عبيدة: التَّحَوُّز هو التنحي، وفيه لغتان: التَّحَوّز والتَّحَيّز. قال الله عز وجل: أَو مُتَحَيِّزاً إِلى فئة؛ فالتَّحَوّز التَّفَعُّل، والتَّحَيُّز التَّفَيْعُل، وقال القطامي يصف عجوزاً استضافها فجعلت تَرُوغ عنه فقال: تَحَوَّزُ عَنِّي خِيفَةً أَن أَضِيفَها،*** كما انْحازَت الأَفْعَى مَخافَة ضارِبِ

يقول: تَتَنَحَّى هذه العجوز وتتأَخر خوفاً أَن أَنزل عليها ضيفاً، ويروى: تَحَيَّزُ مني، وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى: ((أَو مُتَحَيِّزاً إِلى فئة))، نصب مُتَحَيِّزاً ومُتَحَرِّفاً على الحال أَي إِلا أَن يتحرف لأَن يقاتل أَو أَن يَنْحاز أَي ينفرد ليكون مع المُقاتِلة، قال: وأَصل مُتَحَيِّز مُتَحَيْوِز فأُدغمت الواو في الياء.

وقال الليث: يقال ما لك تَتَحَوَّز؟ إِذا لم يستقر على الأَرض، والاسم منه التَّحَوُّز. ويعبِّـر عنه الحورانيون بقولهم: مالك تتحلفص؟ وهو تعبير فصيح.

وقال ابن منظور:

والحَيْز: تخفيف الحَيِّز مثل هَيْن وهَيِّن وليْن وليِّن، والجمع أَحْيازٌ نادر. فأَما على القياس فَحَيائِز، بالهمز، في قول سيبويه، وحَياوِزُ، بالواو، في قول أَبي الحسن. قال الأَزهري: وكان القياس أَن يكون أَحْواز بمنزلة الميت والأَموات ولكنهم فرقوا بينهما كراهة الالتباس.

وفي الحديث: فَحَمَى حَوْزَة الإِسلام أَي حدوده ونواحيه.

وفلان مانع لحَوْزَته أَي لما في حَيّزه.

والحَوْزة، فَعْلَةٌ، منه سميت بها الناحية. قلت أنا العبد الفقير لله تعالى: ووجه المشاكلة، أو المصاهرة الجذورية قائمة بين الحـزَّة والحيـز ...

هـذا والله أعلم .