حيّوا معي هذه السيدة العظيمة - جودت هوشيار طباعة
مقالات - صفحة الدكتور / جــودت هوشيار
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الاثنين, 06 يونيو 2016 12:11

 هذه السيدة إحدى أقوى المرشحات لنيل جائزة نوبل للسلام لعام 2016 ، وهي ليست ، لا سياسية بارزة ، ولا شخصية شهيرة ، ولا تشغل أي منصب حكومي ، بل إمرأة عجوز عمرها

85 عاما ، ولكنها عظيمة بكل المقاييس ، لأنها قررت أن تكرس حياتها لأنقاذ المهددين بالهلاك ، الذين لم تلتق بهم قط في حياتها ، ولكنها تحس أنهم أخوة لها في الأنسانية المعذبة ، أولئك

الذين اجبروا على ترك أوطانهم والبحث عن بقعة آمنة في هذه الدنيا المضطربة .

اسم هذه السيدة (اميليا كامويزي) من جزيرة ( ليسبوس ) اليونانية ،وقد غادرت منزلها وتقيم منذ سنة تقريباً في خيمة على ساحل البحر . تستقبل اللاجئين القادمين من تركيا ، الذين استطاعوا

 

الأفلات بشق الأنفس من بحر ايجة والوصول الى الجزيرة في حالة يرثى لها . تحتضنهم وتقدم لمن يحتاج منهم ، بطانية وشطيرة من الجبن ، وتحرص على اعطاء الأطفال الرضع الحليب

الدافيء .

 تحدثت ايميليا الى مندوب صحيفة ( لا ريبوبليكا) الأيطالية عن ذلك اليوم الذي وصلت فيه سيدة منهكة القوى مع طفلها الرضيع الى ساحل الجزيرة ، وهي مبتلّة مع طفلها من قمة رأسيهما

الى أخمص القدمين . أخذت اميليا الطفل و اسرعت لجلب الملابس الناشفة . أخذ الطفل يبكي ، وعندها ركضت صديقتها ( ماريتسا ) لأحضار الحليب ، ولكن الطفل رفض شربه ، لأن

الحليب كان ساخنا جداً . قامت اميليا بتبريد قنينة الحليب في مياه البحر ، وعندئذ شربه الطفل في لحظة واحدة .

 هل فكرت هاتان السيدتان  يوما انهما ستكونان مرشحتين لنيل جائزة نوبل للسلام . تقول اميليا لقد تصرفت كأنسان . عندما يصل أي قارب الى الشاطي – وهي تأتي بالمئات يوميا - ، أنت

لا تسأل نفسك ، ان كان اللاجئون وأطفالهم لديهم وثائق صحيحة ، ولا من أين قدموا ، ولماذا ؟ . انك تفكر في أحفادك، الذين هم في العمر نفسه . وحتى لو بلغت الخامسة والثمانين من العمر

، وتتكيء على عصاة عند المشي ، فإنك تعمل ما في وسعك ، لكي تقدم المساعدة الى من هم بأمس الحاجة اليها .

وعن الأتفاقية الأخيرة بين الأتحاد الأوروبي وتركيا ، التي تهدف الى وضع حد لتدفق اللاجئين الى أوروبا ،  قالت اميليا : " انهم فقط نقلوا المشكلة من مكان الى آخر  . ينبغي وضع حد

للحرب في سوريا . وعلى أوروبا أن تفتح الأبواب وليس غلقها بوجه اللاجئين  . أمي وأم ( ماريتسا ) سلكتا الطريق نفسه قبل مائة سنة تقريبا ، هاربتين ، من جحيم الإبادة الجماعية في مدينة

أزمير الساحلية التركية ، ووصلتا الى هذه الجزيرة على قارب صيد خشبي محمل بالبشر فوق طاقته .

 ذات مرة،  قبل عدة أسابيع ، عندما غرق قارب محمل باللاجئين قرب الساحل ، قدر لأمرأة النجاة بأعجوبة ، وفور بلوغها الشاطيء وقعت في حضني . فكرت في أمي ، التي وصلت الى

هذا الساحل قبل سنوات طوال . في تلك اللحظة خيل اليّ أنني أعانق أمي ."