نور.. المسلسل التركي وهوس المتابعة العربية

الهوس في المتابعة والتأثير الخرافي الذي أحدثه هذا المسلسل في جمهوره العربي الغفير خصوصا لدى العنصر النسائي المتابع بقوة لأحداث المسلسل التي تجاوزت حلقاته المائة حلقة.
وبسبب سطحية الفكرة التي يقدمها هذا النوع من المسلسلات التي ابتدعة فكرتها المكسيك والقريبة من الثقافة المحدودة لدى المرأة العربية إلى جانب أحداثة المتعددة والطويلة التي تتيح الفرصة لربات البيوت بالعمل أثناء المشاهدة من غير إن يفقدن المتعة في تحول المواقف والإحداث بدأت التلفزيونات العربية بدبلجة لغتها إلى العربية وبثها على شاشاتها ابتدآ من تسعينيات القرن المنصرم .
ومما جعل شريحة النساء تشكل السواد الأعظم من الجمهور العربي المتابع لهذه المسلسلات هو قرب مضامينها وأفكارها من الذوق النسوي حيث تتميزهذه المسلسلات بالسرد القصصي المطول التي تمنح المسلسل عمرا أطول يصل أحيانا إلى مائتين حلقة وتوالد الأحداث من بعضها في الحلقة الواحدة إلى جانب الشكل الجمالي الذي تتبعه شركات الإنتاج لهذه المسلسلات المتمثل في اختيار الممثلين ذات الصبغة الجذابة المفعمة بالجمال والوسامة إلى حد المبالغة في معظم الأحيان وكذا اختيار المناظر الخلابة للتصوير واستخدام الموسيقى الرقيقة المعبرة وجماليات الإبهار التلفزيوني الذي يعتمد بدرجة رئيسية على سحر الإضاءة وتعدد مهامها في صناعة الخيال وإضفاء اللمسات الجمالية الساحرة على شكل ومضمون المسلسل ,هذا من ناحية ومن ناحية أخرى وهي الأهم والمتمثلة بالأحداث الرومانسية المتعددة التي تحملها حلقات مثل هذه المسلسلات وما يقدمه أبطالها من تضحيات جسيمة في سبيل قدسية الحب ونصرة معتنقيه وما يتخلل ذلك من مشاهد غرامية دافئة وعبارات حبلى بمشاعر الود والشوق والعاطفة .
وهي الأمور نفسها التي حملها المسلسل التركي (نور) الذي احدث تأثيرا كبيرا لدى جمهوره العربي المتابع الذي لم يتوانى في تطبيق أحداثه وإسقاطها على واقع حياته الخاصة والعامة .
ومما زاد الطين بله هو الانجراف الرهيب للجمهور النسائي العربي وراء أحداث هذا المسلسل وتصديقها ومحاولة تقمص أدواره في ظل بيئة عربية محافضة وقوانين دينية وعرفية سائدة تؤطر الممارسات الحياتية وتفاصيلها المختلفة الأمر الذي إحداث صداما اجتماعيا عنيفا أدى إلى ضرب النسيج العائلي وخلق مشاكل عده في وسطه .
ولعل حالات الطلاق التي إصابة بعض العائلات في بعض الأقطار العربية إلى جانب الانعكاسات السلبية التي خلفها هذا المسلسل في الحياة العملية والاجتماعية العربية خير دليل على ما وصل إليه الجمهور العربي من جنون وهوس في المتابعة .
وكان لبطلي المسلسل نور ومهند وقصة حبهما الأسطوري أشد التأثير في الجمهور العربي خصوصا الأخير الذي أشعل ثورة بربرية في أكباد النساء بسبب وسامته المفرطة وثقافته الرومانسية العالية إلى جانب الدور الرجولي المطلق الذي لعبه الممثل في المسلسل ,وهو ما اثأر خفيضة النساء ضد من حولهن من الرجال ففي البحرين فوجئت أسرة بحرينية تقدمت لطلب يد فتاة تُدعى "نور" لابنهم الشاب "محمد" بأن سبب التأخير في الرد هو رغبة العروس تغيير اسم الزوج من محمد إلى "مهند"
تيمنا ببطل المسلسل الذي يحظى بشغف نسوي عارم ,وهو الطلب الذي أدهش عائلة العروس قبل عائلة العريس التي انتظرت قرابة الثلاثة أسابيع للرد على دعوة الزواج ,في حين تمهل أخرى زوجها الذي زفت إليه قريبا فترة أسبوع حتى يتحول إلى نسخة من مهند في مظهره وتسريحة شعره وسلوكياته وتصرفاته أو يطلقها ,وبالطبع الأخير الذي حصلت عليه ,فيما تتمنى أخرى أن تسهر مع مهند ليلة واحدة وكفاها من دنياها هذا الطلب ,لكن زوجها سرعان ما فاجئها قبل أن تكمل أمنيتها بالطلاق انتصارا للغيرة والكرامة رغم أن بينهما طفلا , وفي الأردن سجلت أول حالة طلاق بسبب "مهند" على أثر قيام الزوجة بوضع صورة بطل مسلسل "نور" على هاتفها النقال.. مما تسبب في غيرة الزوج, كما ونالت السعودية نصيبها من تأثير هذا المسلسل على بعض متابعيه هناك حيث طلق رجل زوجته بسبب مطالبتها له بان يعاملها مثل ما يعامل نور مهند جاء هذا الطلب بعد سلسلة من المشاكل بين الزوجيين رفض الزوج لطريقة المتابعة المتواصلة لزوجته لهذا المسلسل على حساب حقوقه العائلية الأخرى ,وفي اليمن تركت ممرضات في احد المستشفيات الحكومية مريضة في حالة ولادة متعسرة وذهبن لمتابعة مشهد التقاء نور بمهند لولا وصول الطبيب المناوب الذي كشف حالة الإهمال هذه.
وهناك الكثير من الدول العربية التي طالتها مشاكل المسلسل سوى بالطلاق أوحالالت أخرى لا حصر لها في هذا المجال .
الاشتراكي نت