وحدة معمدة بالدم من أجل نفط الجنوب وليس من أجل الوحدة طباعة
مقالات - صفحة/ د.محمدع السقاف
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الأربعاء, 31 أكتوبر 2007 23:41
صوت الجنوب/ د.محمد علي السقاف/2007-11-01
تناولنا في الحلقة السابقة المنشورة في صحيفة «الأيام» بتاريخ 27 أكتوبر، دور النفط في التشجيع على قيام الوحدة اليمنية، والدافع الأساسي إن لم يكن المحرك الوحيد لدى النخبة الحاكمة في تحقيق حلم الشعبين في الشطرين في قيام دولة يمنية موحدة، فإذا كانت النخب السياسية في الجنوب آمنت ونادت بالوحدة اليمنية منذ فترة الاحتلال
البريطاني للجنوب من منطلق وطني قومي فإن النخب الحاكمة في الشمال ركبت موجة الوحدة متأخرة عن الجنوب وباتت متحمسة لها بعد أن تبين لها اختزان الجنوب كميات كافية من النفط مقارنة بالمخزون المتواضع الموجود في الشمال، وقد بينّا ذلك من خلال اختلاف رؤى قيادتي الشطرين، فمن جهة علي سالم البيض كرجل يحلم بالوحدة أراد التعجيل بقيامها خشية من إمكانية عزوف أبناء الجنوب عن الوحدة فيما إذا علموا بكميات النفط الموجودة في باطن الأرض في بلادهم، بينما رؤية الرئيس صالح أن وجود النفط يشكل عاملا مشجعا على قيام الوحدة، وبذلك عمدت الوحدة بنفط الجنوب لتتحول بعد ذلك إلى وحدة معمدة بالدم من أجل النفط وليس من أجل الوحدة بذاتها وهذا ما حدث بإشعال حرب صيف 1994م بحجة الدفاع عن الوحدة.. فاستخدام القوة المسلحة وإعلان الحرب المدمرة ضد الجنوب أراد كثيرون من المؤيدين لها تبرير ذلك بما حدث في تجربتي الوحدة الأمريكية والوحدة الألمانية في القرن التاسع عشر، وقد أعاد تأكيد ذلك عبدالقادر باجمال الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام في حديثه مع صحيفة «الخليج» المنشور في «الأيام» في 16 سبتمبر الماضي بالقول: «أريد أن أؤكد أن الناس ستدافع عن وجودها وعن وحدتها وعن تاريخها فجيل بأكمله في أمريكا دخل في معارك شديدة جدا إلى أن توحدت أمريكا والوحدة التي حققها بسمارك في ألمانيا لم تأت بتقبيل الذقون»!!.

3 - تبرير باجمال استعمال القوة للدفاع عن الوحدة أسوة بتجربتي الوحدة الأمريكية والألمانية

لم يكتف باجمال بإعطاء مشروعية لإشعال الحرب في عام 1994م ضد الجنوب بل دعوته من جديد لإعادة تسليح الشارع لمواجهة ما سماهم بالمتآمرين على الوحدة، مبررا ذلك تاريخيا بما حدث في تجربتي الوحدة الأمريكية والألمانية في القرن التاسع عشر متناسيا وجود عشرات التجارب الأخرى في منتصف ونهاية القرن العشرين الماضي في حل وانفصال تجارب وحدوية بشكل ودي وسلمي دون إراقة الدماء. فحتى التجربتان الأمريكية والألمانية اللتان استشهد بهما هما خارج سياقهما التاريخي تماما مقارنة بحرب 1994م اليمنية، ودعوته الأخيرة إلى توزيع السلاح للدفاع عن الوحدة. فخطأ المقارنة في استعمال القوة المسلحة لمواجهة (النزعة الانفصالية) بين تجربة الوحدة الأمريكية والتجربة الأمريكية يمكن إيجازها بالنقاط التالية:

- الحرب الأهلية في أمريكا أعلنت بعد قرار الانفصال أما في اليمن فقد أشعلت الحرب اولا في 4 مايو 1994م ولم يعلن الانفصال في الجنوب إلا بعد أكثر من أسبوعين من قرار الحرب عليه وتحديدا في 21 مايو 1994م .. هنا المقارنة معكوسة وخارجة عن سياقها التاريخي.

- انسحاب دول الجنوب الأمريكي من الاتحاد الفيدرالي وتشكيلهم في 4 فبراير 1861 الجمهوريات الكونفدرالية في الجنوب بسبب اعتراضهم على زيارة سلطان السلطة المركزية للدولة الفيدرالية خشية منهم أن يؤدي ذلك إلى ابتلاعها من قبل الدول الكبرى في الشمال وسيطرتها عليها كاملة، إلى جانب ذلك تمسّك دول الجنوب الصغيرة وقليلة الكثافة السكانية بنظام العبودية وحقهم بامتلاك الرقيق السود...إلخ، في حين موقف دولة الشمال الكبرى ضد تلك السياسة ومن أجل المواطنة المتساوية وبنجاح الرئيس إبراهام لنكولن في نوفمبر 1860 في الانتخابات الرئاسية اعتبرت دول الجنوب هذا الفوز يمثل خطرا عليها لمعارضة الرئيس المنتخب لنظام الرق والعبودية مما عجل بقرار دول الجنوب في تشكيلهم اتحادهم الكونفيدرالي في 4 فبراير 1861م المشار إليه، مما أدى إلى إعلان الحرب التي استمرت أربع سنوات تقريبا 1861 -1865 .. وبانتصار الفيدراليين على الجنوب في ابريل 1865 لم يؤدِّ استسلام نحو 175 الفا من المقاتلين وتسليم أسلحتهم إلى الانتقام منهم ومن السياسيين الكونفدراليين في الجنوب كما حدث في التجربة اليمنية بعد حرب 1994م بتسريح الغالبية العظمى من جيش وأمن الجنوب ومحاكمة زعمائه السياسيين.

أما المقارنة بتجربة بسمارك في توحيده ألمانيا بالقوة المسلحة -1867 1870 فهذا قول غير دقيق، صحيح أن بسمارك رأى أن الحرب هي أنجع وسيلة لتوحيد ألمانيا انطلاقا من (بروسيا) لكنه في حقيقة الأمر اتبع سياسة تحالفات عسكرية ووحدة اقتصادية مع الدول الأربع في الجنوب الألماني، في حين حروبه خاضها ضد النمسا (الناطقة بالألمانية) التي أرادت منافسة بسمارك في توحيد ألمانيا تحت مظلتها بدلا من توحيدها انطلاقا من بروسيا بسمارك، كما أن نابليون فرنسا الثالث عقد العزم من جانبه بعدم السماح بانضمام دول الجنوب الأربع الألمانية إلى صف بسمارك.. وهنا المقارنة أيضا خاطئة، فبروسيا بسمارك تتنافس مع النمسا في تحقيق الوحدة الألمانية، وهي ليست ألمانيا بالمعنى الدقيق للتعبير وإن كانت ناطقة باللغة الالمانية وهتلر زعيم ألمانيا النازية نمساوي الاصل، لهذا حين نجح بسمارك بتوحيد ألمانيا وإعلان الإمبراطورية في 18 يناير 1871 لم تضم ضمنها (النمسا) واعتبر بسمارك بطل توحيد ألمانيا، فكيف يمكن اعتبار النمسا ألمانية وهي لا تدخل ضمن ألمانيا بسمارك الموحدة؟.

حالات دول تفككت وحدتها سلميا

- انفصال سورية عن الجمهورية العربية المتحدة في عام 1961م في تجربة الوحدة المصرية السورية.. لماذا لم يقم الزعيم الخالد جمال عبدالناصر باستخدام القوة المسلحة لقمع الانقلاب العسكري في سوريا والحيلولة دون ترسيخ الانفصال بينما تدخل جمال عبدالناصر عسكريا في اليمن لدعم قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م كطرف في حرب أهلية وإقليمية؟ الإجابة واضحة على هذا التساؤل، فتدخل عبدالناصر عسكريا في اليمن كان لدعم ثورة، ورفضه التدخل العسكري في سوريا لفرض عودة الوحدة يعود بكل بساطة إلى قناعته وحكمته بصعوبة العيش معا بين الشعبين المصري والسوري في وحدة فرضت بقوة السلاح، فالقوة لا تحقق وحدة حقيقية وحتى إذا نجحت القوة في استعادتها فإن الدماء التي تسيل لن تجف والجرح الذي سيحدث لن يلتئم بسهولة. وفي التاريخ القريب بعد وحدة دامت أكثر من 70 عاما انفصلت تشيكوسلوفاكيا سلميا إلى دولتين في 1992/12/31م، التشيك من جانب والسلوفاك من الجانب الآخر، وبتفكك الاتحاد السوفيتي رسميا في ديسمبر 1991م حلت محله 15 دولة جديدة في الساحة الدولية، وكذلك تفكك يوغسلافيا باستقلال كل من سلوفانيا وكرواتيا...إلخ ذلك، وفي جميع هذه الامثلة رفضت الأطراف المعنية استعمال قوة السلاح لفرض الوحدة أو الاتحاد بين الدول الأعضاء. والسؤال المطروح لماذا في الحالة اليمنية في عام 1994م استعملت القوة العسكرية لفرض الوحدة على الجنوب؟ ولماذا الآن يعاد قرع طبول الحرب بتكرار تجربة 1994م؟ هل بغرض الحفاظ على الوحدة إيمانا بها مجردا عن أية مصالح أم من أجل النفط والموقع الاستراتيجي للجنوب واتساع مساحته الجغرافية وليس من أجل الوحدة حبا فيها؟!

4 - مخزون النفط الجنوبي سبب لقيام الوحدة وإشعال الحرب في عام 1994م للحفاظ عليها

تشكل عائدات النفط ما لا يقل عن 70 % من ايرادات الموازنة العامة للدولة اليمنية وبين -92 %95 من اجمالي صادرات اليمن.

وتظهر الارقام التالية للاعوام -2003 2005م الصادرة من وزارة البترول (الإحصاءات السنوية رقم 3 ، 4 ، 5 )أن اجمالي نفط الجنوب من الانتاج الكلي يمثل أكثر من 76 % من جهة، ومن جهة اخرى مجمل عائدات الحكومة من الصادرات النفطية هي من نفط الجنوب.

إجمالي إنتاج النفط وحصة النفط الجنوبي

السنة

2003

2004

2005

تظهر أرقام السنوات الثلاث التي توفرت للكاتب من احصائيات الارتفاع المضطرد لحصة نفط الجنوب والتراجع المستمر لنفط الشمال القطاع 18 من مأرب والجوف، وفي حصة نفط الجنوب يحتل القطاع 14 من نفط المسيلة في حضرموت حصة الاسد، فإذا قارنا بين إنتاج مارب والجوف وإنتاج المسيلة كان إنتاج هذه الأخيرة لوحدها أكثر من ضعف إنتاج مأرب حيث كانت النسبة بينهما في عام 2003= 23.10 % مقابل 52.20 %، وفي 2004 بلغت النسبة 21.72 % مقابل %52.12، وفي 2005 كانت النسبة 19.04 % مقابل 43.46 % حيث إن إنتاج القطاعات الأخرى في الجنوب (شبوة خاصة) ارتفع مقارنة بالأعوام السابقة. وهذا يفسر الاهتمام النسبي لعدد زيارات القيادة السياسية، وتخصيص الإعلام الحكومي في تغطية أخبار حضرموت عن بقية الجنوب يعود إلى حجم إنتاج النفط فيها في حين تحتل الضالع ولحج أدنى سلم الاهتمام السياسي والإعلامي لافتقارهما للنفط مما يعكس أن المسألة ليست موضوع الوحدة وإنما المصلحة، وإن كانت جميع المحافظات الجنوبية وبعض المحافظات في الشمال لا تحظى بالمشاريع التنموية التي تستحقها مقارنة بمحافظة صنعاء وأمانة العاصمة التي تتدفق إليها بشكل أكبر عائدات النفط.

عائدات الحكومة من الصادرات النفطية بأكملها من نفط الجنوب

2003م (1.8 مليار دولار)، 2004م (2.259 مليار دولار)، 2005م (3.114 مليار دولار)، 2006م (4.013 مليار دولار).

ملاحظات:

- كامل حصة إنتاج الحكومة من نفط مأرب والجوف يذهب للاستهلاك المحلي.

- كامل عائدات الحكومة من الصادرات النفطية مصدرها بالتالي من نفط الجنوب.

- عائدات 2006 مصدرها صحيفة «الثورة» بتاريخ 2007/1/31م العدد (15421).

ما يفسر ارتفاع عائدات الحكومة من الصادرات النفطية برغم تراجع حجم إنتاج النفط يعود إلى ارتفاع اسعار النفط بشكل حاد، الذي قد يعوض هبوط الإنتاج لعام 2007م بالصعود الكبير لاسعار النفط الذي وصل إلى نحو 93 دولارا للبرميل الواحد، ونشير من جهة أخرى للاحصائيات المتوفرة لعام 2005م أن الجنوب يستحوذ على غالبية ما يلي:

-1 على مستوى القطاعات الإنتاجية: من أصل 11 قطاعا انتاجيا، 1 في مأرب والجوف و10 قطاعات في الجنوب.

-2 على مستوى القطاعات الاستكشافية: من أصل 21 قطاعا استكشافيا 1 مأرب/شبوة (القطاع رقم 20)، في الحديدة القطاع رقم 22، وبقية القطاعات الـ 19 هي في الجنوب.

-3 القطاعات المفتوحة لمناقصة دولية للشركات النفطية الراغبة في الاستثمار: من أصل 14 قطاعا، قطاعان في الجوف والحديدة، و 12 قطاعا في الجنوب.

برغم وضوح التفوق المطلق في حجم الإنتاج وقيمة العائدات النفطية من مناطق الجنوب، سعى بعض المسئولين مع (انتفاضة الجنوب) الراهنة إلى التقليل من الصادرات النفطية وتعظيم حجم الاستهلاك المحلي للنفط، من منطلق ما ذكرناه أن إنتاج نفط مأرب /الجوف يخصص للاستهلاك المحلي في حين غالبية إنتاح النفط من الجنوب يتم تصديره، لاحظنا التناقص في الارقام المثيرة للدهشة ففي حين في مقابلة لوزير النفط والمعادن الأخ خالد محفوظ بحاح مع صحيفة «26 سبتمبر» بتاريخ 2007/8/9م العدد 1340 يصرح بأن 330 ألف برميل متوسط الإنتاح من النفط، يدلي عبدالكريم الأرحبي نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية وزير التخطيط والتعاون الدولي لنفس الصحيفة بتاريخ 2007/9/30م العدد 1346 بالقول «إن النفط الذي ننتجه ينخفض إنتاجه ونستهلك أغلبه داخليا وما نصدره ليس أكثر من 80 - 85 ألف برميل يوميا والباقي نستخدمه محليا»!!

هل يعقل أن وزير النفط في مجال اختصاصه يتحدث عن تصدير 330 ألف برميل ووزير التخطيط يقول إن ما نصدره ليس أكثر من 80 - 85 الف برميل؟ ومباشرة بعد ذكر وزير التخطيط ذلك الرقم المتدني سأله الصحفي «على ذكر ذلك هل صحيح أن المناطق الجنوبية والشرقية محرومة من التنمية كما يزعم البعض؟» لاحظوا الربط في السؤال بين النفط والجنوب، وجاءت إجابة الوزير «...من يطلق هذا الكلام الجزا ف تدحضه الأرقام الحقيقية على مستوى كل محافظة على حدة وعلى مستوى السنوات.. ممكن جدا الحصول على كافة البيانات والأرقام من الجهاز المركزي للاحصاء حول المشاريع وكلفتها...» كنا نتمنى من وزير التخطيط أن يعطينا ولو رقما لسنة واحدة فقط والجهاز المركزي للإحصاء تابع لوزارته، في حين ما هو خارج وزارته قدم لنا رقما لمستوى الصادرات النفطية.. أليس الأمر غريبا؟! ما ليس بغريب أن نفط الجنوب يشكل حسب الإحصائيات الرسمية بين 92 - 95 % من إجمالي صادرات اليمن وأن عائدات النفط لا تقل عن 70 % من إيرادات الموازنة العامة للدولة، وفي حين أن سكان محافظات الجنوب وفق النتائج النهائية للتعداد العام للسكان في ديسمبر 2004 يمثل 3.780.357 من أصل إجمالي السكان البالغ 19.597.290 فردا، أي نسبة 19.3 % للجنوب مقابل 80.7 % للشمال ألا يعني ذلك أن موارد النفط في الجنوب تبتلعها الكثافة السكانية في الشمال والقوى النافذة في السلطة؟! هذا في الوقت الذي عائدات النفط يخصص الجزء الأكبر منها في تمويل المشاريع التنموية في بقية مناطق الجمهورية كأمانة العاصمة ومحافظة صنعاء التي ازدهرت بشكل كبير وسريع في السنوات الخمس الأخيرة مع ارتفاع أسعار النفط، ولم تشهد المحافظات الجنوبية نفس مستوى التحسن والنمو الذي حظيت به بقية المحافظات، وأدهى ما في الأمر أن إدارة المؤسسات النفطية الوطنية كالمؤسسة العامة للنفط من بين الشركات الخمس التابة لها واحد فقط من الجنوب والأربعة الآخرون من المحافظات الشمالية يحتلون مناصب المديرين التنفيذيين لتلك الشركات إضافة إلى شركتين نفطيتين قائمتين بذاتهما خارج إطار الشركات التابعة للمؤسسة العامة للنفط. أما على مستوى التوظيف الإداري في تلك الشركات الوطنية وفي الشركات الأجنبية العاملة في استخراج النفط فقواها العاملة هامشية من أبناء مناطق الاستخراج النفطي. ولا يقتصر الأمر على هذا المستوى فحسب بل يشمل أيضا استثمارات القطاع الخاص في المجال النفطي أو الشركات المساهمة مع الشركات الأجنبية فمعظمها من رؤوس الأموال الشمالية التي تعمل في حقول النفط في حضرموت وشبوة والمهرة مثل شركة سبأ للنفط والغاز وشركة إحسان وكينس ومجموعة هائل سعيد أنعم وشركة دون البريطانية...إلخ، ماذا يعني كل هذا إن لم يعن تشابك المصالح بين النخب الحاكمة مع القطاع الخاص وكلاهما من خارج المناطق الجنوبية وهي تذكر وللأسف الشديد بوضع بريطانيا أثناء تواجدها في عدن والجنوب والوضع الحالي للولايات المتحدة بعد غزو العراق بإعطاء حصة الأسد في المشاريع التي تتبع شركات الدولة المنتصرة أو الغازية مع الفارق هنا أن هذه الظاهرة تتم في المحافظات الجنوبية باسم الوحدة.

ألغاز في شان احتياطي مخزون الغاز في مأرب/ الجوف

1988: أعلن الرئيس صالح في ذكرى 26 سبتمبر أن احتياطات الغاز الثابت في (ج.ع.ي) 5.5 تريليون قدم مكعب (حليس دورية النفط المتخصصة) بتاريخ 1988/9/19م.

1989: تصريح وزير النفط أحمد علي المحنى أن احتياطات الغاز الطبيعي الثابتة في (ج.ع.ي) 7 تريليون قدم مكعب، مضيفا في تصريح لـ«الحياة»: من المتوقع حسب المسوحات أن تصل هذه الاحتياطات إلى 20 تريليون قدم مكعب («الحياة» بتاريخ 1989/10/27م أو مجلة «نيس» 1989/10/30).

1994: وفق وكالة (سبأ) احتياطي الغاز المكتشف حاليا بلغ من -20 30 تريليونا حسب تصريح اربيكا مارك، رئيسة مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركة إنرون الأمريكية العملاقة للغاز، في مؤتمرها الصحفي في صنعاء، محددة كلفة المشروع بين مليارين إلى مليارين ونصف المليار دولار وأن عملية التنفيذ ستبدأ في مطلع العام القادم 1995 إذا ما تم التوقيع بين اليمن والشركة في نهاية هذا العام 1994م، فيما يتوقع أن يبدأ التصدير في أواخر 1998 («الثورة» في 1994/4/16 العدد 10748).

2007: يعلن عن ارتفاع المخزون الغازي المكتشف إلى 18 تريليونا و215 مليار قدم مكعب وذلك من 17 تريليون قدم مكعب («الثورة» في 2007/5/29م) وسيطلق المشروع وفق تصريحات وزير النفط الأخ خالد بحاح في عام 2008م، وفي مطلع عام 2009 سوف يتم تصدير المرحلة الاولى، بينما في منتصف العام نفسه تبدأ المرحلة الثانية من التصدير وتقدر المبالغ التي ستحصل عليها الدولة خلال عشرين عاما بين -10 20 مليار دولار (أي بمتوسط إيرادات سنوية 500 مليون دولار أو مليار دولار لمدة 20 عاما)! السؤال اللغز في موضوع تضارب أرقام احتياط الغاز في مأرب الجوف، كيف يمكن تفسير إعلان وزير النفط لـ (ج.ع.ي) أحمد علي المحني في عام 1989م احتمال أن تكون احتياطات الغاز 20 تريليون قدم مكعب، وقول مسئولة شركة انرون للغاز الامريكية إن مستوى الاحتياط بين 20 - 30 تريليون قدم مكعب لنفاجأ بعد أكثر من 18 عاما في 2007م بأن احتياط الغاز 18 تريليون ا بانخفاض 2 تريليون عن تقديرات عام 1989م وكذا عن عام 1994م! ما هي أسباب تعثر مشروع إنتاج الغاز في مأرب/ الجوف لمدة أكثر من 17 عاما؟ فحكومة اليمن الشمالي وقعت في 23 أكتوبر 1989م قبل شهر من اتفاق عدن للوحدة في 30 نوفمبر 1989م اتفاق مشروع مشترك بالمناصفة مع (يمن اكمبولوريشن اند برود اكشن كومباني) وهي شراكة بين (يمن هانت اويل) و(ايكسون يمن) وشركة (يوكونغ) الكورية لاستخراج وتعبئة غاز البترول «المسيل» («الحياة» في 1989/10/27م و«ميس» 1989/10/30). وفي 1995/9/21م توقع حكومة اليمن الموحد اتفاقية الغاز مع شركة توتال الفرنسية، وفي 1997/1/19م يتم تعديل ذلك الاتفاق ليضم بجانب شركة توتال شركة ايكسون اليمن للغاز الطبيعي وشركة هنت اليمنية للغاز الطبيعي المحدودة وشركة يوكونغ المحدودة (الكورية) وهي الشركات الثلاث التي عادت إلى الظهور على السطح وسبق توقيع (ج. ع.ي) اتفاقاً معها في 23 اكتوبر 1989م.

الحفاظ على نفط الجنوب وموقعه الاستراتيجي قضية مصيرية وليست الوحدة هي القضية!

- في عام 1994م حصة نفط مأرب الجوف تمثل 55 % من إنتاج النفط وأشعلت الحرب ضد الجنوب.

في عام 2005 انخفضت حصة نفط مأرب إلى 19.04 % وأغلب الظن أنها الآن أدنى من ذلك.

- نضوب النفط في اليمن سيكون في عام 2012 وفق تصريحات الرئيس صالح في فبراير 2004م، في حين توقعات صندوق النقد الدولي أن نضوب النفط سيكون في غضون 12 إلى 15 سنة («الحياة» في 2005/10/6م).. فإذا افترضنا أن الجنوب استعاد من جديد سيادته واستقلاله يعني ذلك انتقال -92 95 % من صادرات اليمن الممثلة بنفط الجنوب ومصدر عملاتها الصعبة لتغطية احتياجاتها من التنمية و70 % من إيرادات الموازنة العامة في الدولة اليمنية إلى الجنوب المستقل، فكيف سيعوض الشمال خسارته الفادحة لثروة الجنوب ومجموع عدد سكانه 15.8 مليون نسمة؟ ألن يشعل حتما حربا ضد الجنوب وهو الذي أشعلها في عام 1994م وحصة نفط مأرب تمثل 55 %، فما بالنا وهذه النسبة لا تتجاوز 19.01 % تكفي بالكاد للاستهلاك المحلي؟ هل إعلان الحرب على الجنوب في هذه الحالة سيكون حبا في الوحدة أم خوفا من ضياع نفط وموارد الجنوب؟

وهل يمكن الاعتقاد أن القوى الإقليمية والدولية ستسمحان بتكرار حرب 1994م من جديد أن ستقف ضدها؟ هل يمكن تصور المخرج لضياع موارد الجنوب النفطية عبر قبول دول مجلس التعاون الخليجي انضمام اليمن إليها كأولوية عاجلة على أن ينظر لاحقا في إمكان دخول الجنوب في المجلس، كما حصل لتشيكوسلوفاكيا في عام 1992م بتفكهها إلى دولتين التقتا معا من جديد تحت مظلة الاتحاد الأوروبي، وهنا سيكون مجلس التعاون الخليجي بالنسبة للشمال والجنوب إذا رغبا في ذلك؟

عن الايام العدنية2007-11-01
آخر تحديث الأربعاء, 31 أكتوبر 2007 23:41