كيف ينظر جنوبيّو اليمن إلى الوحدة بعد صالح؟ |
عام - من أقوال الصحف |
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS |
الاثنين, 04 يونيو 2012 22:25 |
عارف اليافعي بعد سقوط الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وبروز ملامح نظام يمني جديد، يعتبر من انجازات الثورة اليمنية، لا يزال اليمنيون الجنوبيون متمسكين بمطالبهم السابقة، المتمثلة بالانفصال عن الجمهورية اليمنية واستعادة دولتهم السابقة. فهم يرون أن التغيير الحاصل في اليمن اليوم ليس أكثر من تبادل أدوار بين أجنحة القبيلة المتنافسة على الجاه والنفوذ، وتغيير وجوه لانتزاع الدولة من يد العائلة وإعادتها الى سلطة القبيلة.
يعتبر الجنوبيون أن مشكلتهم الحقيقية ليست مع شخص ولا حتى مع نظام بعينه، بل مع فكر ومجتمع له طبيعته الثقافية والبيئية والسياسية التي لا تتناسب مع طبيعة وبيئة الجنوب. ولعل مقاطعة الغالبية العظمى من الجنوبيين للانتخابات الرئاسية الأخيرة (فبراير 2012) التي فاز بها عبد ربه منصور هادي (ينتمي إلى الجنوب) ترجمة عملية لرفضهم الانخراط مجدداً في أي مشروع وطني تحت لواء الوحدة حتى وإن كان ذلك بضمانات دستورية وقانونية تضمن لهم عدم تكرار الممارسات الاقصائية السابقة والأخطاء الجسيمة التي ارتكبت بحقهم باسم الوحدة. كثير من المهتمين والمتابعين للشأن اليمني يعتقدون أن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء مطالب الجنوبيين بالانفصال نابعة من الرغبة في التمتع بالثروة التي تختزنها أراضي الجنوب، والتي ستوفر لهم الحياة الرغيدة من دون الشماليين، نظراً لوفرتها من ناحية وقلة تعداد سكان هذه المناطق من ناحية أخرى. إلا أن من عايشوا الأوضاع اليمنية عن قرب، وتعمقوا في البحث عن الأسباب الحقيقية لمطلب الانفصال يستبعدون تماماً بل ويدركون عدم صحة ذلك. ويكفي لنفي هذه الادعاءات أنها من ترويج النظام السابق الذي لا يتردد بإلصاق كل التهم الجاهزة بكل من يخالفه الرأي أو حتى ينتقد تصرفاته، وبتحقيق شامل مع عدد من أبناء الجنوب الذين ينتمون الى كل فئات المجتمع ويمثلون جميع أطيافه السياسية والاجتماعية يمكن لنا الخروج بهذه الحصيلة التي تعبر عن آراء الجنوبيين وتشرح وجهات نظرهم لرفضهم البقاء في دولة الوحدة والإصرار على استعادة دولتهم الجنوبية السابقة. المعاناة مع النظام السابق يرى الكثيرون من الجنوبيين أن ما لحق بهم من ممارسات النظام السابق كفيل بمطالبتهم ليس بالانفصال فقط، بل وحتى بناء جدار عازل يفصل بينهم وبين الشمال. فانقضاض نظام صنعاء على الوحدة شق النفوس ومزق المشاعر تجاهها وقوض اركانها وأفرغها من محتواها الوطني والاجتماعي والأخلاقي، وحولها من دولة شراكة الى مشروع احتلال، تجلت صوره باقدامه على حل مقومات دولة الجنوب ونهب ممتلكاتها وتسريح كامل جهازها الوظيفي المدني والعسكري، وإصدار أحكام سياسية على قيادتها التي وقعت اتفاقية الوحدة مع الشريك الشمالي من دون العمل على ايجاد حل عادل يضمن استعادة الحقوق لأبناء الجنوب وتعويضهم عن كل ما لحق بهم باسم الوحدة. فكيف يستطيع النظام الجديد، وهو نسخة منقحة من سابقه، إصلاح ما أفسده سلفه؟ لا تغيير حقيقياً يرى الجنوبيون أن سقوط صالح لم يحدث أي تغيير يذكر في جوهر النظام، وبالتالي لن يكون هناك بصيص أمل أو أدنى فرصة لإصلاح ما أفسده نظامه. فالنظام الجديد لا يعدو كونه انتقالاً من سلطة الأسرة إلى سلطة القبيلة، ولن يكون له أي انعكاس أو تأثير إيجابي تجاههم. فالرئيس هادي من شركاء حرب صيف 1994، التي شنها الشمال ضد الجنوب، وهو من قاد القوات البرية التي اجتاحته. وما تنصيبه رئيساً للبلاد إلا مكافئة له على ذلك. كما أنه تم تجاهل الجنوبيين في كل الحوارات التي تمت بين الشركاء والفرقاء على حد سواء، بما فيها المبادرة الخليجية، للوصول إلى هذه النتيجة التوافقية، التي «لا تعنيهم إطلاقاً»، كما يقولون. العوائق الاجتماعية يشكو أبناء الجنوب من التعامل الجاف والحذر معهم من قبل الشمال، ومن النظرة السلبية التي أخذها أبناء الشمال عنهم قبل الوحدة وترسخت في أذهانهم خلال فترة الحرب وما أعقبها وحتى اليوم، جراء الخطاب الديني المتطرف والشحن الإعلامي التعبوي ضدهم، كالخطباء الذين أصدر بعضهم فتاوى تبيح قتل الجنوبيين أو من قبل القبيلة التي تنظر إلى المجتمع الجنوبي كمجتمع متحرر ومتمرد عن عاداتها وتقاليدها، وما صاحب ويصاحب ذلك من شحن وتجييش إعلامي خطير أدى إلى تقسيم البلاد إلى {أصل} و{فرع}، وتصنيف شعبها إلى مسلمين وملحدين ومواطنين ومستوطنين ووحدويين وانفصاليين.
|