المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : على الطريق العرب ... والرئيس الأميركي


رعب يافع
11-05-2008, 08:53 AM
على الطريق العرب ... والرئيس الأميركي

يجلس حكّام العرب، المذهَّبون منهم والمتعيِّشون على الصدقات، مثل رعاياهم، وقد حبسوا أنفاسهم بكثير من الوجل والتهيّب والقلق على مستقبل أنظمتهم في بلادهم الغنية التي تشكّل بعض جوائز المنتصر ليكون رئيساً، وبغض النظر عن موقفهم »الشخصي« منه أو عاطفتهم تجاهه... مع الإشارة إلى أنهم ـ بمجموعهم ـ لا يعرفون أياً من المرشحيْن المتنافسيْن بشراسة نادرة، في معركة كان يمكن أن يكون للعرب ـ لا سيما أهل النفط منهم ـ »صوت« يحسب له حساب حتى وإن لم يكن مرجحاً.
إنها واحدة من اللحظات التي يشعر فيها حكّام العرب، ممّن اشتهروا بالعلاقة الوطيدة مع الإدارة الأميركية، بانعدام الوزن!
إنهم يعتبرون أنفسهم »أصدقاء مقرّبين«، وهم لطالما أكرموا وفادة ضيوفهم الأميركيين، سواء أكانوا على مستوى الرئيس أم نائبه أم كاتمة سره وزيرة الخارجية التي كانت تأتيهم مرة في الشهر، وأحياناً مرتين... أما القادة العسكريون فعلى الرحب والسعة ولو جاءوا كل يوم!
وهم من موقع »الصديق المقرّب« لا يتحزبون ولا ينحازون إلى أي من المرشحين... فهم مع »السيد الرئيس«، بغض النظر عن اسمه وحزبه ومواقفه منهم ومن قضاياهم. ثم إنهم يعرفون، سلفاً، أن صوتهم لن يقدم ولن يؤخر في معركة هائلة كهذه، فضلاً عن أنهم لا يريدون أن يسجلوا على أنفسهم »سابقة« التدخل في الشؤون الداخلية لدولة صديقة... أما تدخل هذه الدولة العظمى في شؤونهم فأمر مطلوب ومرغوب فيه، بل إنه نعمة من السماء، إذ هي ترشِّد قراراتهم، وتمنعهم من الشطط أو الغلط، فتحميهم ليس من أعدائهم وخصومهم فحسب، بل من أنفسهم أيضاً... والنفس أمّارة بالسوء، كما تعرفون!
آخر مثال حي على هذا يتجسّد في القرار الحاسم الذي اتخذته الإدارة الأميركية في وجه تردد أهل السلطة في العراق تحت الاحتلال الأميركي في الموافقة على المعاهدة الأمنية.
لقد جاء في نص القرار: »إن عدم الاتفاق على وضع القوات الأميركية يعني مخاطر على الأمن والاستقرار... ومخاطر على الأعمال والاقتصاد.. ومخاطر على تطور المؤسسات العراقية«.
كذلك تضمن القرار تهديداً مباشراً بوقف المساعدة الأميركية للقوات العراقية عبر رفع الغطاء الجوي على مدار ٢٤ ساعة يومياً، وتجميد حماية البحرية الأميركية للمياه العراقية، لا سيما في ميناء أم قصر ومرفأين لشحن النفط.. ووقف الحماية الأمنية للتهديدات الاقتصادية، ووقف الحماية الأمنية الأميركية لفرق
إعادة الإعمار، وإنهاء مشاريع بقيمة ٤١٩ بليون دولار (؟!) إضافة إلى وقف استثمارات ومشاريع أميركية بقيمة ٢٣ بليون دولار (؟!!).. (صدق أو لا تصدق!!).
القرار موجّه إلى السلطة العراقية مبدئياً، لكنه أطلق علناً وعبر وسائل الإعلام العربية حتى لا يخطئ أحد التقدير فيتورط في مواقف محرجة بدافع من المزايدة أو تحت ذريعة الحرص على الكرامة الوطنية... كأنما كل ما تتكبده واشنطن من خسائر، في المال والأرواح، لا يؤكد حرصها على تلك الكرامة التي من أجل صونها أزهقت أرواح مليون عراقي أو أكثر وتمّ تدمير بلاد الرافدين ليمكن إعادة بنائها بما يحقق الديموقراطية والرخاء والاستقلال والوحدة الوطنية!
ما علينا، تلك قصة أخرى... فلنعد إلى موضوعنا: العرب في الانتخابات الأميركية.
بين المصادفات القدرية أن تتزامن هذه المعركة التي قد تقرر مصير الكون في المقبل من أيامه، والتي لا أثر لحكام العرب، أغنيائهم والفقراء منهم، مع واقعة أن هؤلاء السادة المحترمين قد خسروا ـ وخلال أسابيع قليلة ـ عشرات البليونات من الدولارات في الأزمة المالية التي عصفت بالنظام الاقتصادي الأميركي ومن ثم الدولي (في حين أن أهالي فلسطين، في غزة والضفة الغربية يعانون من الجوع ومن نقص في الدواء وحليب الأطفال)...
لقد اكتشف الحكّام المذهّبون أنهم شركاء في الخسارة فقط، أما الأرباح في الاقتصاد كما في السياسة فتذهب إلى الإسرائيليين الذين كانوا في موقع »العدو المبين« ثم حوّلهم زمن العجز العربي إلى أصدقاء فإلى حلفاء نطلب ودهم فيتمنعون... ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
ليس سراً أن معظم أصدقاء واشنطن من الحكام العرب لا يعرفون أياً من المرشحيْن لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية.. كما أن أياً من المرشحين لم يهتم بأن يعرف أياً منهم.. ولو بالمراسلة!
كذلك ليس سراً أن أياً من هذين المرشحيْن لم يشر إلى »العرب« مرة واحدة في خطبه الانتخابية اليومية على امتداد الشهور الطويلة الماضية، اللهم إلا العراق تحت الاحتلال، وإلا »أزمة الشرق الأوسط« ـ وهذا هو الاسم اللاغي لعروبة المنطقة والذي يجعل إسرائيل عنوانها وقضيتها العادلة وديموقراطيتها النموذجية المهددة من طرف جحافل البدو والأعراب السفاحين وأعداء الحرية ونور الشمس، والذين شاءت المصادفات القدرية أن تكون منابع النفط في بلادهم ومن حولها ولا بد من التعامل معهم، وبالتالي فلا بد من القسوة حتى لا يخرجوا على الطاعة ويفكروا كمصدق الإيراني الذي خلعته المخابرات المركزية خلال أسابيع أو مثل الملك فيصل بن عبد العزيز الذي قتلته المخابرات الأميركية بيد واحد من أقربائه المقربين!
[ [ [
العالم يتغيّر... لكن العرب لا يتغيّرون. إنهم مع »الرئيس« الأميركي ولو لم يعرفوا اسمه. ليسوا من الغباء بحيث يناطحون الثور!
وماذا إذا جاء رئيس جديد؟
سيعرف كيف يتعامل معنا، من خلال تجارب سابقيه... وسنعرف كيف نتعامل معه، من خلال تجاربنا مع أسلافه، فلماذا القلق والتوتر؟
»نحن مع السيد الرئيس«، أمس واليوم وغداً... فليهدأ المتوترون، وليطمئن الخائفون! انه لا يمكن أن يتخلى عنا لأننا من مصالح بلاده في الصميم، فهل بعد هذا دليل على خطـورة دورنا في صنع الرؤساء الأميركيين؟!