المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف نأتمنكـم؟! / د. فاروق حمزة


abu khaled
11-26-2006, 03:32 PM
كيف نأتمنكـم؟!
د. فاروق حمزة

يبدو أنه لمن الصعب جداً علينا أن نتعايش معكم أنتم حتى وإن اعترفتم بكافة ما اقترفتموه معنا أو ما عملتموه فينا وفي أسرنا وأطفالنا وبلادنا، فقد أثبتت الحياة أنكم نقلتمونا من ظروف أردنا بها أن نخلق غدٍ مشرق تبتسم الحياة فيها لأولادنا



ولمستقبلهم، إلى حياة الجحيم الفاقدة لكل الآمال والتمني والحياة الأفضل، وشئتم أم أبيتم فهذا هو مالا يحق لكم إطلاقاً، ولا يعني ذلك أننا نحن أن لا نلمس ولو بصيص من الأمل في ذلك، تهدأ به نفوسنا وليرتاح به أيضاً ضميرنا، في أننا قد استطعنا أن نفرش البساط الطيب لمستقبل هذه الأجيال الصاعدة. لكن في الحقيقة يبدو أنكم قد عتمتم هكذا ملامح، وعطلتم هكذا أفاق وقد أسدلتم ستاراً حديدياً في هكذا تفكير، الأمر الذي أعطيتمونا به مؤشراً واضحاً في أخد الحيطة والحذر منكم ومن تفكيركم الذي أفجعتنا حتى على أنفسنا نحن، قبل التفكير بمستقبل أولادنا الذي نعتبره الأصل والفصل بكل ما نصبوا إليه.
وفي الجانب الآخر يبدو أننا لم نكن صادقين في خيارات المستقبل المشرق لأولادنا وأننا نكون قد أرتكبنا جرم بحقهم، فرضناه عليهم قسراً، ودون رضاهم، وبمجرد ارتضاء لواقع نحن كنا ونكون وسنكون سببه أو بالأصح نكون نحن المجرمون الحقيقيون فيه، فبالله عليكم ما قيمة الحياة هذه النكراء الذي نسمح بها موتاً حقيقيا لأجيال صاعدة تتجه نحو الزوال والانقراض في غابة وحشية همجية متخلفة، وبالرغم من ذلك تكون من صنعنا نحن، نتحول بها مستقبلاً كأنذال وخونة وجبناء نجسين وخسيسين، لم نعمل شئ لجيلنا ليذكر، سوى البصق على القبور، هذا إذا لم يتم النبش لقبورنا ورمينا في المزابل المتعفنة.

وما هو أيضاً هذا المستقبل الذي نتركه للنشئ الذي نعرفه سلفاً بأنه أسود بل وقاتم السواد في الوقت الذي تبني به الأمم اللبنات الأولى لصرح المستقبل الناصع البياض لأجيالهم، ويبدو لي أنه وهذه هي الحقيقة والتي لا تزال تشغلنا وتؤرقنا كثيراً في هكذا سراب نتركه للأجيال. فهل من أمة في الأرض إلا نحن تغتال النشء، وترتضي لأجيالها بالهوان؟! فماهي هذه الوحدة التي يدجلون بها علينا ويعطلون بها حتى نشئنا؟، والتي دمرتنا نحن وتدمر أجيالنا ونشئنا، فلماذا نرتضي بها؟ ولماذا نسميها وحدة؟ ولصالح من عملناها؟ ومن جرنا إليها؟ ومن يقف عقبة في مصالحنا ومصالح أجيالنا في حقهم في العيش في التقدم والرخاء والاطمئنان وطلب العيش بالكرامة؟. ولماذا يكون هذا هو مصير الجنوب والجنوبيين بما فيهم نشئهم؟
وهنا يبرز السؤال الأساسي والذي لا يمكن به أن نرتضي لأنفسنا، في هكذا إستسخاف لنا والضحك به على ذقوننا ونحن لا نزال أحياء، فلماذا من لا يملك مثقال ذرة في الحق، والغريب عنا وعن أهلنا، بأن ينهب ويسلب حقي وحق أبي وحق جدي وجد جدي ويحرمه ابني وبكل وقاحة، ويعمل كل هذه الجرائم كونه مجرد شمالي وبدعم من دولته الشمالية والتي بالأمس القريب كانت دولته لا تعيش في ظروف اليوم المبحبح على حساب دولتنا دولة الجنوب، والذي يفنوها زوراً ويعملوا دون كلل في إبادتها، وبإسم وحدة لا لها أية وجود لا في الواقع ولا في النفوس إطلاقاً، إلا في أذهانهم هم وحدهم، والذي بهكذا وهم أقتلبوا بين عشية وضحاها إلى تجار من طراز جديد، من خلال نهب وسلب أصول دولة الجنوب وترات الجنوب وأرض الجنوب. كما أن تآمرهم على الجنوب أرضاً وإنساناً، وعدم وجود من يقارعهم، قد ترك لهم فراغاً كبيراً في مستوى التفكير، الأمر الذي افتكروا به بأنهم قادرون على الاستمرار في تعطيل حتى النشء الجنوبي، الأمر الذي يؤكد حقاً بأن هؤلاء الناس يصعب علينا التعايش معهم، أو أن نعيرهم أية ثقة لأنهم لا يؤتمنوا إطلاقاً ولأتهم حاقدون علينا وعلى نشئنا، والأخطر من ذلك فأنهم لا يملكون أي مشروع لا في بناء الدولة، ولا ليحترموا حتى النشء الذي سيحرمونه كل أسباب الحياة اللاحقة أيضاً فهؤلاء لا يؤتمنوا إطلاقاً.

د. فاروق حمزة صنعاء في نوفمبر 23 ، 2006
dr.farook@yemen.net.ye