المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلمة في حق الفقيد اللواء عمر العطاس.. أحمد عبدالله الحسني


قلب الجنوب
01-06-2007, 11:14 PM
كلمة في حق الفقيد اللواء عمر العطاس

أحمد عبدالله الحسني:

لا نملك أمام قضاء الله وقدره إلا أن نتقبله راضين مقتنعين، وجل ما نطلبه من المولى عز وجل هو أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته .

وجرت العادة أن يقول الناس بعض الكلمات الطيبة في حق موتاهم ولا تختلف هذه العادة عند جميع بني البشر على اختلاف ألوانهم ولغاتهم بالرغم من معرفتهم الأكيدة أن تلك الكلمات لا تنفع من قيلت في حقه ولا تضره في شيء وما تقال الا لتأكيد أن العمل الصالح يبقي ذكرى عطرة لصاحبه بين الناس وبالتالي يشجع الاحياء على اتباع الطريق القويم في الحياة والإكثار من عمل الصالحات من الأعمال والابتعاد عن الأعمال المخالفة ذلك. وتزداد مكانة وتأثير ذلك العمل إن هو كان شاملا عملا وطنيا كبيرا كأن تأتي مردوداته على عموم البلاد وتتجاوز الحيز الذاتي أو الشخصي .

والفقيد عمر العطاس كان واحدا من الناس الذين أسهموا بشكل فاعل ومسؤول في بناء النظام الوطني في اليمن الديمقراطية واتسمت أفعاله بالنضج وبمحبة الآخرين، ولا يكاد يسجل المرء على الفقيد عداوة لمخلوق من الناس .

لقد أسهم الفقيد عمر العطاس في بناء القوات المسلحة لليمن الديمقراطية وتحمل بجلد وصبر وتفان صعوبات البناء المؤسسي لجيش الاستقلال في سنواته العجاف الأولى .

وتحلى في كافة المراحل بالروح الوطنية المسؤولة المتفهمة لطبيعة الاوضاع الصعبة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، وأسهم مع رفاقه في إنجاز واحدة من أعقد مهام البناء الوطني واستطاعت مجموعة القيادة الشابة المتفانية في اداء عملها وواجباتها أن تنجز تلك المهمة بنجاح قل نظيره في بلدان العالم الثالث .

وقد برهنت التجربة العملية التي خاضها الفقيد عمر العطاس انه كان مؤهلا وجديرا بتلك الثقة المتنامية التي منحته اياها القيادة السياسية للبلاد وأثبتت الأيام والسنون أن الضابط الشاب ذو الأصول الحضرمية يمتلك الكثير من القدرات والامكانيات القيادية والتنظيمية وتلقى ترجمتها العملية في الطريقة الوطنية المثلى التي بنى عليها الوحدات التي اشرف على بنائها من وحدات القوات المسلحة سواء في صحراء حضرموت او في معسكرات صلاح الدين . كما برهن على قدرة متميزة في قيادة الوحدات الكبرى اثناء تنفيذ المناورات والعمليات القتالية الواسعة، ولعل الفقيد عمر العطاس كان في طليعة المجموعة القيادية الشابة التي أثبتت مهارات في قيادة الوحدات الكبرى متعددة الصنوف (أي وحدات مشاة ومدرعات ومدفعية وبقية صنوف القوات البرية، إضافة الى وحدات من القوات الجوية والبحرية) وتشهد المناورات المنفذة بالذخيرة الحية في منطقة خرز على ذلك. لقد تحلى الفقيد اللواء عمر العطاس بروح المسؤولية طوال مراحل حياته العملية وعرف عنه حبه الشديد للوطن وتفانيه في خدمته ويعرف من اقترب من الفقيد كم كان هذا القائد إنسانا بمعنى الكلمة عند معالجته لأوضاع مرؤوسيه وتمتع الفقيد بروح الفكاهة والنكته حتى في أحلك المواقف.

وللتاريخ أقول بأن الفقيد اللواء عمر العطاس كان له موقف وطني جامع حتى في احلك المراحل التي عصفت فيها الصراعات السياسية باليمن الديمقراطية، وتحلى في اشد الظروف صعوبة بروح تفاؤلية عكست نضجا سياسيا وفهما اعمق لطبيعة الصراعات تلك. وقد بذل جهدا كبيرا في محاولة لايضاح المخاطر والنهايات المأساوية التي تنتظر الفرقاء وتنتظر الوطن. إننا امام إنسان ترك بصماته على القوات المسلحة لليمن الديمقراطية وسيظل يذكرالناس افعاله الجليلة التي اسداها للوطن .

في الاخير أقول لأبنائه وأحفاده ولكل محبيه أن يفخروا بتاريخ عمر العطاس وأن يرفعوا هاماتهم أمام أعماله في بناء القوات المسلحة لليمن الديمقراطية ... يصح أن نقول ان عمر العطاس قد شرف الوحدات التي قادها والمناصب التي تبوأها ولم تشرفه، وهي معادلة لم يستطع أن يفهمها أو يستوعبها البعض من المسؤولين للاسف الشديد.

رحم الله عمر العطاس وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله الصبر والسلوان .

قائد القوات البحرية لليمن الديمقراطية 1980-1986م

السفير اليمني السابق في سوريا

اللاجئ السياسي حالياً في بريطانيا




نقلاً عن صحيفة الايام
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]

تاج عدن
01-17-2007, 04:39 AM
(العطاس) الشخصية الفذة التي خسرها الوطن
الايام 17\1\2007م
حسن بن حسينون:

لا يمكن الحديث عن الحركة الوطنية في الجنوب قبل الاستقلال خاصة تلك التي تميزت بالثورة و المقاومة الشعبية التي انطلقت شرارتها ضد الاحتلال البريطاني في الرابع عشر من اكتوبر عام 1963م، إلا ويتذكر الرعيل الأول الذي رفع رايتها وشارك مشاركة فعلية في عملياتها العسكرية و الوطنية حتى تحقق الانتصار والاستقلال الناجز في الثلاثين من نوفمبر 1967م. تلك الثورة الشعبية وذلك الاستقلال الناجز والكامل الذي حاول البعض مع الأسف أن يشوهه بشتى المغالطات و الأكاذيب وعقلية المؤامرة ، تارة بوصف ذلك الاستقلال بالجلاء وكأن الجنوب لم يكن مستقلاً بشعبه ودولته تاريخياً ما قبل الوجود البريطاني وما بعده، ومن المعروف أن الجلاء يتم عن قطعة صغيرة من الأرض تابعة لدولة معينة أو حتى بلد بكامله وذلك عن طريق الحوار والمحادثات الثنائية عبر منظمات دولية وعلى هذا الأساس يتم الاتفاق وتحديد موعد الجلاء. أما الاستقلال وطرد الغزاة و المحتلين فلا يتحقق إلا بالثورات الوطنية والانتفاضات الشعبية والجماهيرية و الانقلابات العسكرية التي تأخذ جميعها طابع المقاومة والعنف . وتارة أخرى يتهم المعتوهون وأصحاب القلوب المريضة ذلك الاستقلال بأنه قد تم من خلال صفقة بين الجبهة القومية و الإدارة البريطانية غير أن كل تلك الادعاءات والأكاذيب والتضليل الإعلامي لم تثبت أمام حقائق التاريخ التي تتحدث عن نفسها بمصداقية.

العطاس الشخصية الوطنية والقائد العسكري الموهوب كان أحد أفراد الرعيل الأول المشارك في الثورة حتى الاستقلال وقد لعب دوراً بارزاً ومتميزاً في توطيد دولة الاستقلال، دولة النظام و القانون حتى وفاته رحمه الله وأسكنه فسيح جناته . ومثلما خسره الوطن فقد خسر قبله العشرات والمئات من رفاق دربه منهم من مات ميتة طبيعية ومنهم نتيجة لخلافات وصراعات داخلية أو عداءات شخصية جميعها كانت لها نتائج وتداعيات خطيرة ومدمرة مادياً وبشرياً . مع العلم أن القيادات السياسية من مختلف المراحل دائماً ما تقف أمامها لتشخيصها وتحليل أسبابها والتأكيد على تجاوزها. إلا أن التخلف الثقافي والاقتصادي والاجتماعي وقوة تأثير ثقافة الماضي إضافة إلى الأيادي الخبيثة التي كانت دائماً تلعب من الخلف في تأجيج الخلافات والصراعات ، كل ذلك كان السبب لما تعرضت له التجربة في الجنوب، والتي من بينها تلك التي دائماً ما يتحدث عنها علي سالم البيض بالقول «بأننا قد بدأنا في الخطأ كقيادة سياسية من اللحظة الأولى للاستقلال الوطني عندما تم الاستغناء عن الجهاز الإداري لما قبل الاستقلال وتحل محله قيادات ومسؤولون شبه أميين كان لهم دور سلبي وخطير في كل المراحل اللاحقة» . وأضاف قائلاً:«لقد استلمنا السلطة والدولة بكل مؤسساتها ونحن لازلنا جميعنا بدون تجربة وصغاراً في السن وأغلبنا لا يعرف كيف يلبس ربطة العنق (الكرفتة)». وأعتقد أن كل تلك التراكمات والأخطاء التي رافقت تلك التجربة كانت السبب في دفعه إلى الأمام بقوة إلى الوحدة والتوقيع على اتفاقياتها، انطلاقاً من اعتقاده بأن مشاكل اليمن وحلها يكمن في الوحدة ، وذلك ما أفصح عنه جهاراً الرئيس علي عبدالله صالح، بالقول بأنه لولا على البيض لما قامت الوحدة.

وكلمة حق تقال في الفقيد عمر علي العطاس كأحد القيادات السياسية والعسكرية في الجنوب كان دمث الأخلاق وصادقا بعيدا عن التعالي على الآخرين، وعطوفا وأبا حنونا ومحبا للناس يشاركهم همومهم ومعاناتهم والعمل على حل مشاكلهم. عرفته منذ بداية ستينات القرن الماضي يتصف بتلك الصفات الحميدة حتى ملاقاة ربه نهاية الشهر الماضي رحمه الله رحمة الأبرار.

أما آخر كلمة أقولها لمن يضيق صدره لبعض الأمور بقصد أو دون قصد إن الجنوب الأرض والإنسان لا يقارن بجزيرة حنيش ولا أرخبيل بكامله الذي احتله الأريتريون والذي كان تابعاً لليمن وللدولة اليمنية بالقوة العسكرية ومن ثم الجلاء عن الجزيرة وحدها بالتفاوض عبر التحكيم الدولي وتدويل الأرخبيل والعديد من الجزر التابعة له.

فذلك هو الفهم والتعريف للجلاء الذي يختلف عن الاستقلال. ولا داعي للادعاء بأن الفرع عاد إلى الأصل وبأن الطفل الضال قد عاد إلى حضن أمه لأن تلك الادعاءات والأكاذيب هي التي تفرق بين الناس ولا توحدهم.