المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل نسي الجنوبيون القاضي أمذيب صالح منصور البابكري


بركان جنوبي
10-20-2007, 01:49 AM
هل نسي الجنوبيون القاضي أمذيب صالح منصور البابكري



[2007-10-18 13:19:22]
التغيير ـ احمد صالح غالب الفقيه: ان شعبا ينسى أحراره وشهداءه ومناضليه لايستحق الحرية تعرض القاضي الشهم الشجاع للتنكيل والتحقير والتشكيك في كفاءته من قبل زملائه في المحكمة العليا، ويا للأسف للخزي الذي ألحقوه بأنفسهم وبالقضاء اليمني، وذلك بعد ان اصدر حكمه التاريخي الذي كان الصرخة الأولى الأبرز، من فوق منصة القضاء وقوس المحكمة الجليل، ضد كل البشاعات والشناعات التي ترتكب في حق الجنوب والجنوبيين، وهو الحدث الذي نقله الموقع الاخباري في حينه كما يلي:


"للمرة الأولى أمر قاض "بإخراج المعسكرات وكافة وحداتها العسكرية" من المدن، والتحقيق مع وزير "الدفاع ومحافظ محافظة" السابقين وقادة عسكريين، بتهمة "الإهمال والتقصير والتستر على المخالفين واستغلالهم لوظائفهم لجمع ثروات مالية خلافاً للقانون".
واصدر القاضي أمذيب صالح منصور البابكري (محكمة الحوطة الابتدائية)، أمس حكمه الذي تضمن أيضا إعدام 11 متهما حداً وتعزيزا، ومصادرة مزرعة ومعسكر اللواء الخامس سابقاً للمصلحة العامة وتحويله إلى حديقة عامة، وتغريم وزارة الدفاع 32 مليون ريال تعويضات لأسر المتهمين والضحايا.
واتهم 14 متهماً من اللواء 39 مدرع بتشكيل عصابة مسلحة، والقتل العمد والشروع بالقتل، لمهاجمتهم موقعا بجوار بئر ناصر على الطريق الذي يربط محافظتي عدن ولحج، في مارس قبل الماضي إطار صراع على أراضي بين متنفذين في المؤسسات المحكوم عليها.
وقتل في الحادثة حميد محمد أحمد ضيف الله، من حراسات نائب سابق لفرع الأمن السياسي بالمحافظة، وينفي قادة اللواء 39 مدرع، صلتهم بالمهاجمين، أو أن يكون قائد كتيبتهم قد اصدر أمرا لهم بمهاجمة الموقع.
وحكم القاضي بإدانة 11 متهما وإعدامهم (حداً وتعزيراً)، وقبول الدفع المقدم من اثنين آخرين، ورفض الدعوى من أولياء الدم بالحق الشخصي بالقصاص، مع قبول الدعوى المدنية بالحق المدني المرفوعة من ثلاثة متهمين، ومصادرة كافة المضبوطات، وإلزام النيابة العامة بالتحقيق مع وزير الدفاع ومحافظ المحافظة وقائد المنطقة وقائد المعسكر وقائد اللواء (39) مدرع، قائد الكتيبة باللواء الخامس ورئيس مصلحة أراضي وعقارات الدولة للإهمال والتقصير بأعمالهم والتستر على المخالفين واستغلالهم لوظائفهم لجمع ثروات مالية خلافاً للقانون.
كما ألزمت المحكمة وزارة الدفاع بدفع مبلغ قدره (30) مليون ريال لأسر المتهمين من الأول وحتى الحادي عشر وأسرة حميد ضيف الله، تعويضاً لأسرهم حال تنفيذ هذا الحكم، ودفع (2) مليون ريال للمتهمين 12، 13، 14.
وحسب مصادر نيوزيمن فإن الحادثة استهدفت (حوشا) لعقيد في الأمن السياسي (محمد محسن)، وهو من منطقة ردفان ومقيم في منطقة صبر، ويقول العقيد أنه ملك الحوش رسميا من الدولة في بداية التسعينات ويقع بجانب محطة الشريف في بئر ناصر.
وبعد انتهاء عمل العقيد في الأمن بعد حرب 1994م، تعرض سور (الحوش) للتكسير من قبل من وصفهم بـ"متنفذين في المحافظة" بدعوى ملكيتهم له.
وخلال فترة الخلاف بين الطرفين هاجم أفراد من اللواء الخامس القريب من المنطقة (الحوش) ليلا مما أسفر عن مقتل أحد الجنود."
اهمية الحكم وسمو مضامينه
القاضي امذيب اسم على مسمى، فالحرفان(ام) اللذان يسبقان الاسم هما مثل ال التعريف أو ألف ولام العهد كما يحلو للدكتور أبو بكر السقاف تسميتهما وهو بالمناسبة من الوهط القريبة من الحوطة حيث اصدر القاضي الشجاع أمذيب صالح منصور البابكري،(محكمة الحوطة الابتدائية)، حكمه والذي تضمن إعدام 11 متهما حداً وتعزيزا، ومصادرة مزرعة ومعسكر اللواء الخامس سابقاً للمصلحة العامة وتحويله إلى حديقة عامة، وتغريم وزارة الدفاع 32 مليون ريال تعويضات لأسر المتهمين والضحايا.

ويحمل هذا الحكم كل مواصفات الحكم التاريخي لأنه:
أولا: يصدر في حق مسئولين في اليمن، ولأول مرة، دون توجيه من السلطة الحاكمة في البلاد، التي يعيث محاسيبها، وقادة معسكراتها فسادا في البلاد، دون رادع أو حسيب أو رقيب.
ثانيا: لأنه يأمر بالتحقيق مع مسئولين كبارا من درجة وزير دفاع، ومحافظ محافظة، وقائد لواء مدرع، وقائد كتيبة، ورئيس مصلحة تابعة لرئاسة الجمهورية، وكلهم طبقا للعرف السائد من المحصنين ضد أي مساءلة، ما لم يغضب عليهم رئيس الجمهورية ويحيلهم إلي التحقيق.
ثالثا: ان الحكم يصدر إثباتا لحق القضاء في محاسبة جميع المواطنين، مسئولين وغير مسئولين، عسكريين ومدنيين، متجاهلا كل الاعتبارات التي أرستها في هذه البلاد عقود من الفساد، وحكم القوة، ونفوذ العصابات المتحكمة بالسلطة، والتي تفرض على المجتمع بكل أطيافه إرهابا مخيفا لا يستثنى منه قاض، أو حامل فكر، أو صاحب رأي أو قلم.
رابعا: إن هذا الحكم يفعل النصوص الدستورية والقانونية المهملة، والتي جرى العرف المفروض بالقوة الغاشمة بتجاهلها، واعتبارها حبرا على ورق. ويحدد للسلطة التنفيذية الأماكن التي ينبغي ان ترابط فيها الوحدات العسكرية؛ وهي الحدود البرية والبحرية للبلاد وليس المدن وعواصم المحافظات.
خامسا: أتي هذا الحكم في مفصل هام من مفاصل الحراك السياسي في اليمن، حيث طالبت المعارضة من خلال مبادرتها للإصلاح السياسي والوطني الشامل، بإرساء حكم القانون في البلاد، وجعل المساءلة الوجه الآخر الملزم للمسئولية التي تناط بشاغل المنصب أو الوظيفة، دون استثناءات أو مجاملات.
سادسا: صدر هذا الحكم وأعين العالم كله، أو على الأقل القوى الفاعلة فيه، مسلطة على اليمن، وجميعها يطالب بالإصلاح في مختلف جوانب الإدارة والقيادة السياسية.
وكنت قد كتبت ما يلي إشادة بالحدث الجلل الذي مثله حكم القاضي امذيب ولا يزال النص صالحا في الزمان والمكان وأسوقه للتذكير فان الذكرى تنفع المؤمنين.
واجب المجتمع
لقد أخذ القاضي امذيب الخطوة الأولى الشجاعة، ويأتي الدور على القوى الحية في المجتمع اليمني، في الأحزاب السياسية ،ومنظمات المجتمع المدني، لجعل تنفيذ هذا الحكم قضية كل يوم، حتى تنصاع السلطة، وينصاع أنصارها لحكم القانون. مع ممارسة أقصى ما يمكن من الضغوط المعنوية والأدبية على النيابة والقضاء، بعدم الإخلال بواجباتهم، والوقوف مع الحق في درجات التقاضي المختلفة اللاحقة.
ولضمان قيام النيابة العامة بدورها في تنفيذ أمر القاضي، بالتحقيق مع وزير الدفاع، ومحافظ المحافظة، وقائد اللواء 39مدرع، وقائد الكتيبة، ورئيس مصلحة عقارات ,أراضي الدولة، وكل من آمر القاضي بالتحقيق معهم.
وان من واجب الصحافة وأجهزة الإعلام المستقلة، مداومة تسليط الضوء على هذه القضية، ومتابعة تطوراتها، وتعريف العالم بها، حتى تتحول إلي قضية رأي عام يلتف حولها الرأي العام المحلي والدولي.
إن الإصلاح الذي يأتي عن طريق القضاء هو أقوى أنواع الإصلاح، وأبعدها أثرا، لأنه يقوم على حكم القانون، والانتصار لأحكامه، ولأنه يحمل قيمة العدل الذي هو هدف المجتمع الإنساني منذ اجتمع الناس في مجتمع وحتى اليوم.
شواهد عالمية
في العام 1993م تسلم قاضي التحقيق دي بيترو وثلاثة من زملائه، أسمتهم الصحافة والجمهور فيما بعد (الأيدي النظيفة)، قضية من قضايا العصابات لها علاقة بالفساد الحكومي. فذهبوا بالتحقيق إلى أقصى مدى، وشملت تحقيقاتهم الجمهورية الإيطالية كلها .
وقد تمكنوا من خلال عقد اتفاقات مع بعض المدانين، تقضي بتخفيف الحكم عليهم مقابل قيامهم بالشهادة على زملائهم، من اعتقال العشرات من موظفي الدولة الفاسدين، بما فيهم اثنين من محافظي المقاطعات، منهم محافظ ميلانو، إضافة إلي المسئول المالي للحزب الديمقراطي المسيحي، اكبر الأحزاب السياسية الإيطالية.
وقد كشفت التحقيقات فضائح ربطت بين المافيا وبين شركات ومؤسسات أعمال، ورموز كبار في أحزاب سياسية إيطالية. وبلغت التحقيقات ذروتها حين أدت إلى محاكمة السياسي المخضرم جوليو اندريوتي، الذي تسلم منصب رئيس الوزراء الإيطالي سبع مرات، وذلك بتهم تتعلق بعلاقته بالمافيا، اضافة الى اتهامه بالتورط في مؤامرة أدت إلى اغتيال صحافي في العام 1999م.
ولم تلبث المجموعة المكونة من قاضي التحقيق بليترو وزملائه ( الأيدي النظيفة)، حتى جلبت الى المحكمة، رئيس الوزراء حينها، بتينو كراكسي الذي فر هاربا الى تونس وطلب اللجوء السياسي فيها، وقد حكم عليه غيابيا. كما طالت المحاكمات شخصيات سياسية كبيرة أخرى.
الفساد شبكة
قادت التحقيقات النزيهة في إيطاليا إلى كشف شبكة واسعة للفساد، حيث جر التحقيق مع شخص أشخاصا آخرين، وأدى كشف فساد في واقعة معينة الى كشف ممارسات فساد أخرى، وهكذا دواليك. حتى بلغت الموسى ذقون الكبار.
ويستطيع وكلاء النيابة والقضاة في بلادنا مؤيدين بالشعب والصحافة الشريفة، ان يقوموا بعمل مماثل، يؤدي عل الأقل إلى إيقاف الفساد المستشري عند حده. ليدخل القضاء اليمني بذلك التاريخ كرائد للقضاء العربي في محاربة الفساد والقضاء عليه.
وهاهي الفرصة قد جاءت إليهم على طبق من ذهب ممثلة في الحكم التاريخي للقاضي أمذيب صالح منصور البابكري (محكمة الحوطة الابتدائية).
إن ثورة ينفذها ويقودها القضاء لن تصيب الا المجرمين. وستكون أطهر الثورات وأنقاها وأكثرها عدالة. وقد كان لأجهزة القضاء في بلادنا سوابق من هذا النوع.
فقد وجهت نيابة الغيظة الابتدائية بمحافظة المهرة في يوليو 2002، أمرا بإلقاء القبض على مدير مكتب أراضي شحن، ومهندسين من ذلك المكتب، وإبداعهم الحجز، بعد أن تلقت النيابة بلاغات من الاخوة المواطنين يشكون فيها من قيام تلك الجهة ومنسوبيها بصرف أراضيهم، المملوكة لهم بموجب وثائق رسمية، لأشخاص آخرين فوجهت نيابة الغيظة الابتدائية إلى من ذكرنا، تهمة ارتكاب مخالفات تتنافى مع واجبات عملهم. وقد كتبت حول هذه الحادثة في حينه وأشدت بما قامت به النيابة.
تحية للقاضي امذيب الذي كان له هذا الشرف الكبير في التصدي لفساد الكبار واثبت فعلا ما امتلأت به كتب التاريخ التي علمتنا في مواقف كثيرة انه ليس أمام القضاء كبير.