عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-30-2010, 09:33 AM
عضو نشط
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 41
افتراضي شوارد الدم / مهداه للأخوين أحمد عمر بن فريد وأحمد عجروم

شوارد الدم

أيتها النظرات الكسيحة كالبنفسج
يا بركة السنونو الزرقاء
لقد عاد الأرق القديم
يضرب صدغيَّ كحطاب جبلي‏
خمسون عاماً وأنا أسير وأسير‏
ولم أصل إلى شيء
هل الخطأ في الطريق،
أم في قدمي؟
كما أبحرت أكثر وأكثر مما أبحر كولومبوس
دون أن تلوح في الأفق
تباشير أميركا، أو حتى(( تنزانيا ))جديدة
ولكنني أعرف لماذا؟
أحب التسكع والبطالة ومقاهي الرصيف‏
ولكنني أحب الرصيف أكثر
أحب الغابات والمروج اللانهائية
ولكنني أحب الخريف أكثر
أحب الزهور والرياحين والعطور الباريسية
ولكنني أحب رائحة الغبار أكثر
أحب الأبواب والنوافذ المغلقة
والإصطلاء على نيران المواقد
ولكنني أحب الزمهرير في الخارج أكثر
أحب النظافة والاستحمام
والعتبات الصقيلة وورق الجدران‏
ولكنني أحب الوحول أكثر
أحب الشهيق والزفير ورياضة الصباح
ولكنني أحب السعال والتدخين أكثر
أحب العلم والعولمة والمنطق والنطق السليم
ولكنني أحب هذيان البرداء أكثر
أحب حفيف الأشجار وشدو البلابل وتغريد العصافير
ولكنني أحب أبواق الإسعاف أكثر
أحب الحصون المنيعة والقلاع الخالدة
ولكنني أحب الأنقاض أكثر
أحب القلوع والأشرعة الخفاقة،والصيادين المبكرين المسالمين
ولكنني أحب الأمواج أكثر
أحب الأدب الجاد، والسياسة الجادة، والأحزاب الجادة‏
والخطباء الجادين، والقضاة الجادين، والعشاق الجادين، والقبلات الجادة
ولكنني أحب ابتسامة الجيوكندا الغامضة والساخرة إلى الأبد أكثر
أحب القادة العظام والقمصان المضادة للرصاص
ولكنني أحب الرصاص أكثر
أحب العزلة والصوامع
والتصوف في أعالي الأديرة والجبال
ولكنني أحب زحام الملاجيء أكثر
أحب الحدائق المعلقة وناطحات السحاب
ولكنني أحب الزلازل والقصف الجوي أكثر
أحب الهدوء والطُمأنينة وراحة البال
ولكنني أحب الغيظ وصرير الأسنان أكثر
أحب الشمس والقمر والنجوم
ولكنني أحب الظلام أكثر
أحب المقاومة ورايات النصر ومعارك التحرير
ولكنني أحب وارتاح للهزائم أكثر
بل مذ كنت عاملاً صغيراً في إحدى ورشات البناء‏
كنت أسند رأسي في لحظات القيلولة
على الخرائط ومواد البناء
وافكر بالأطلال
واليوم الذي يمر، ولا أحقد فيه على شعب، أو حزب، أو طائفة، أو زعيم، أو خطيب، أو صحافي، أو مذيع، أو ‏سائق، أوراكب، أوشارع، أو نافذة، أوعصفور، أو زهرة، أو سحابةفي هذه الأمة، لا أعتبره يوماً من عمري، أو يخصني ‏من قريب أو بعيد
ولذلك للآن لا أعرف:‏
هل أنا مشروع كاتب؟
أو مشروع خائن؟

من شعر: مُحَمَّد الماغوطْ
رد مع اقتباس