عرض مشاركة واحدة
  #76  
قديم 09-29-2014, 08:54 PM
الصورة الرمزية العبد لله بو صالح
المـشـرف الـعـام
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: الجنوب العربي - حضرموت
المشاركات: 13,714
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي




نبذة عن الشهيد/ صالح طالب محسن اليافعي


الشهيد صالح طالب .. الأب والمعلم المثالي والطبيب والقائد السياسي والعسكري تمهيد
في البدء نود التنويه إلى أن لا أحد يستطيع أن يقف على التفاصيل الوافية والدقيقة في حياة الشهيد المناضل صالح طالب محسن الذي سقط بـ"مجزرة زنجبار" التي نفذتها قوات الأمن اليمنية في 23 يوليو – تموز 2009 ، وذلك نظراً لعدم وجود الوثائق والاستشهادات الكافية لتبيان كثير من المواقف في حياته الشخصية والكفاحية واسهاماته الوطنية وما هو في السطور التالية مستخلصٌ الوثائق المتوفرة ومن شهادات من عايشوه في سني الطفولة والدراسة والعمل ورفاق دربه في مراحل الكفاح الوطني المتعددة وكذا ما استطعنا الوصول إليه في سجلات مرافق عمله وشهاداته الدراسية .
الميلاد والنشوء والطفولة:
بدأ شهيدنا الراحل نضاله ومسيرة كفاحه عقب وفاة والده وهو في سن الثانية من العمر, حيث بدأ بذلك يصارع حياة اليتم و الشقاء في كنف أسرة لا أعضاء فيها سواه . مرارة الواقع وكدح العيش اللتين تميّزت بهما تلك المدة إضافة إلى ظروفه الخاصة أيضا ولّدت في نفسيته روح الإقدام و المثابرة و بذرت في كيانه مبادئ الكفاح و المغامرة , فذهب في تلك المرحلة إلى (المعلامة) لدراسة القرآن الكريم وعلومه على يد أحد فقهاء الدين في قريته خلال عامي ( 1957 – 1958م ) وكان مميزاً بين أقرانه .
مثّلت المرحلة الممتدة بين عام 59 و 1963م بواكير التكوين الشخصي والفكري للشهيد حيث أن حالة الفراق الناتجة عن ترك المعلامة وانعدام فرص الالتحاق بالتعليم دفعه ذلك إلى مرافقة جده(قاسم أحمد ناصر) في كل المشاوير والأعمال التي يقضيها ويصطحبه معه في مجالس الكبار مستمعاً لما يقال من أخبار وأحاديث وحكم وأشعار ...
كما تميزت تلك المدة بتألق الحركة التحررية وانتشار أخبار انتصاراتها بواسطة المذياع الذي أصبح في متناول الجميع آنذاك0
إن كل ما ذكر أعلاه شكل أسباباً قويةً في تكوين شخصية الشهيد والتأثير على طبيعة تفكيره لاسيما وأنه كان حاضراً في أغلب مجالس الكبار ولا يفوته ما يدور فيها من أحاديث وأخبار ولم يستهوه اللعب مع أقرانه إلا في ما ندر ولذلك أصبح يفكر بما يفكر به الكبار وبدأت تظهر عليه نوازع المعرفة مثلهم..
أما تاريخ الميلاد فهو العام 1949م بقرية الحاجب منطقة العمري مديرية رصد محافظة أبين والتي تقع في أقاصي غرب مديرية رصد وتطل على منطقة العسكرية شرقي مديرية ردفان وتتميز بتضاريس جبالها الشاهقة التي تنعدم فيها المواصلات والخدمات الطبية وينعدم كذلك التعليم إلا من بعض الكتاتيب وظروف معيشية صعبة واقتتال قبلي وثارات مزمنة..
كل هذه الظروف مجتمعة شكلت الوضع الذي استقبل فيه المولود الجديد "صالح طالب محسن محمد صالح عبدالله بن عبد الجبار" وهذه الظروف أيضاً كان لها التأثير الواضح على النشوء والطفولة للشهيد وغيره ممن عاش هذا الوضع الصعب ، وفي سياق آخر كان الموت قد اختطف والد الشهيد وهو في العام الثاني من عمره وتكفل برعايته المرحوم قاسم أحمد ناصر _ وهو أب والدة الشهيد _ الذي يتميز بالشجاعة والنبل والكرم والأخلاق العالية ، وهو شخصية اجتماعية محبوبة ويتميز بملكة شعرية فذّة لازالت بعض قصائده محفوظة لدى كثيرين وله علاقات واسعة وكلمة مسموعة وكانت رعايته للشهيد رعاية الأب الحقيقي منذ وفاة والده إلى أن أصبح شاباً يافعاً ، أن السجايا والصفات الحميدة التي كان يتميز بها المرحوم قاسم أحمد ناصر انعكست على تنشئة الشهيد وبدأت تتشكل في تكوين شخصيته منذ الصغر .
بوادر تكوين الشخصية المستقلة للشهيد:
بعدها تعزز شغفه بالعلم و سمت لديه معاني التضحية و الفداء في كل شيء ولكل شيء نبيل يطلبه ؛ فقرر ترك قريته ووطنه لتكون دولة قطر الشقيقة هي محطة أولى لرحلاته سنة 1963م حيث مكث هناك ثلاث سنوات درس خلالها المرحلة الابتدائية فعاد بعدها ليفتح مدرسة في قريته لتعليم القراءة و الكتابة بأسلوب أحدث من (المعلامة) وفقهاء الدين ؛ وبهذا يعد أول معلّم في مديرية رصد وربما يافع بأسرها ؛ وذلك لسببين أساسيين سجلهما له التاريخ في ذلك الوقت و تلك المنطقة
الأول : المستوى الدراسي الذي عاد به من دولة قطر
والثاني: هو تمرده على أسلوب (المعلامة) و إدخاله طرائق و أساليب تدريسية جديدة لعلّه استفاد من تجربة دراسته في قطر .

الانتقال إلى الحياة العملية والاعتماد على النفس:
في عام 1964م كان الشهيد قد بلغ الخامسة عشرة تقريباً فأراد أن يخطو أولى خطواته في تحديد مستقبله معتمداً على نفسه فاتجه مهاجراً إلى السعودية ولم يتوفق نظراً لصغر سنة وعدم قدرته على تأدية الأعمال العضلية الشاقة ولذلك سرعان ما غيّر وجهته إلى دولة قطر الشقيقة حيث يقيم خاله علي قاسم أحمد وبمساعدته التحق في إحدى مدارسها إلى أن أكمل المرحلة المتوسطة ((الإعدادية)) وهو السقف الذي كان يُسمح به النظام التعليمي لأبناء الجاليات آنذاك ولم تكن أي فرص عمل متاحة حينها0
وفي نهاية عام 1965م تقريباً عاد إلى الوطن وفتح حينها مدرسة صغيرة في قريته التحق فيها جميع من هم في سن الدراسة وتعلموا على يدي الشهيد أسس الكتابة والقراءة والرياضيات ومما تعلمه من المعارف في قطر وبعد مدة لا تتجاوز عاماً ونصف تمكن الشهيد بعد جهد متواصل من الارتقاء بمستوى طلابه إلى مستوى ما يساوي الموحدة حالياً ونظراً لانعدام العملية التعليمية في المنطقة انتقل الشهيد إلى مدرسة الشبحي ((منطقة مجاورة)) التي يتواجد فيها أعداد كثيرة من الطلبة فعمل مدرساً وحيداً فيها كان ذلك في بداية عام 1967م، فقدم ما استطاع فيها من خدمة تعليمية لأبناء المنطقة حيث لم تكن الظروف في هذه المدرسة مواتية مثل سابقتها0
الانعطاف نحو المشاركة في العمل السياسي والوطني:
قبيل الاستغلال وتحديدا في 1966م التحق بالتنظيم السياسي للجبهه القوميه , فعينه التنظيم بعد الاستغلال , في العام 1968م ضمن ما كان يسمى بالحرس الشعبي مركز القارة , الذي كان يقوم بمهمة الامن في مديرية رصد , وعمل بهذا الحرس حتى يناير سنة 1970م إليه وتحصّل على بعض التدريبات العسكرية ومحاضرات سياسية لتنمية مدارك المشاركين من أفراد الحرس الشعبي وكان الشهيد قد استفاد من مدة خدمته في الحرس الشعبي في اكتساب معارف سياسية وعسكرية كثيرة وتعرف على كثير من القياديين المجربين الذين عملوا على استقطابه إلى عضوية الجبهة القومية0 وفي فبراير من العام نفسه تم انتدابه الى دورات صحيه للاسعافات الاوليه و الخدمات الطبيه فتدرب على أيدي اطباء صينيين ويمنيين ضمن مجموعة من زملائه ، وعمل في مستشفى الشهيد ناجي (المخزن) ,ثم نقل للعمل في مستشفى عبد ربه جبران في رصد كفني عمليات , وكلف خلال فترة من خدمته في رصد بادارة المستشفى في القطاع الصحي حتى يوليو من سنة 1974م. وعمل في هذا المجال حتى عام 1974م ، وأثناء خدمة الشهيد في الخدمات الطبية أسهم في إنشاء جمعية تعاونية استهلاكية لعمال الخدمات الطبية في أبين خففت من الأعباء المعيشية الصعبة التي كان يعاني منها العمال0
وخلال هذه المدة من عملة بالحرس الشعبي , و الصحة كان يواصل تعليمة الاعدادي و الثانوي منتسبا فاجبرته ضوابط منع انتساب السنه الاخيره في الثانوية العامة على مقادرة العمل الصحي لاكمال مرحلة الثانوية التي تخرج منها في العام 1975م, فتم تعيينه في امن الدوله برتبة نقيب في مديرية رصد وذلك في العام 1976م.
الالتحاق في السلك العسكري:
كانت رغبة الشهيد قبل الالتحاق في السلك العسكري أن يدرس الطب وهو ما دفعه للاستقالة من عمله ممرضاً والتفرغ الكامل لدراسة الصف الثالث ثانوي لغرض كسب معدل يؤهله للقبول في كلية الطب وفعلاً تحقق المعدل المطلوب لكن رغبة الشهيد قد تغيرت واتجه نحو السلك العسكري في عام 1975م بعد أن تم اختياره ضابط أمن في منطقته (أمن الدولة سابقاً) (الأمن السياسي حالياً) بعد أن تحصل على الدورات التخصصية في مجال عمله الجديد وأصبح رجل أمن من الطراز الأول حسب إشادة زملائه في العمل من بينهم زميله العميد علوي حيدره المحرمي، إلا أن طموح الشهيد لم يتوقف عند هذا الحد بل كان يعمل باستمرار على رفع كفاءاته العملية ومستواه التعليمي فدفعه ذلك الطموح للالتحاق في الدراسة الجامعية .
واستمر في امن الدوله برصد حتى تمت الموافقة له على مواصلة دراسته الجامعيه فتمكن في سنه 1980م من الالتحاء بكلية الاقتصادو العلوم الادارية بجامعة عدن التي منحتة في سنة 1984م شهادة البكلاريوس في الاقتصاد و العلوم الادارية (تخصص اقتصاد) وفي العام نفسه ترقى إلى رتبة ملازم كأول كاستحقاق يحصل عليه كل من يحمل هذه الشهادة وفقاً للقوانين النافذة في المؤسسات العسكرية والأمنية آنذاك .. بعدها واصل العمل في وزارة امن الدولة بعدن , في القسم الاقتصادي حتى سنة 1994م. كما عُيّن للعمل في وزارة أمن الدولة مسؤولاً عن المشاريع اليمنية السوفيتية بالدائرة الاقتصادية وظل يعمل في هذا الموقع حتى عام 1994م ليتم إقصائه مثله مثل غيره من أبناء الجنوب وكوادره من مختلف التخصصات الذين أُقصوا من وظائفهم وصارت غنيمةً من غنائم الحرب اللعينة0
وبعد حرب صيف 94م اوقف عن العمل و تم قطع مرتبه حتى تم اعادته سنة 1997 م الى الجهاز المركزي للامن السياسي , فرع الجوف , وفي 11/8 من السنة نفسها عين رئيسا لقسم التوجيه السياسي بالجهاز فرع الجوف برتبة رائد , و استمر بذلك حتى تم تعيينه في 21/2/99م بالادارة العامة لجهاز الامن السياسي رئيس لقسم التوجيه السياسي في الادارة العامة الرابعة و الثلاثين.
واستمر في الادارة العامة حتى ترقى الى رتبة عقيد , بعدها احيل الى التقاعد قسرا سنة 2002م وبالرتبة نفسها.

توديع حالة العزوبية والاستقرار الأسري:
في عام 1979م ودع الشهيد حالة العزوبية بعد مدةٍ طويلةٍ من الكد والكفاح ومتاعب الدراسة والترحال بين أعمال ووظائف مختلفة لم يتحقق له في أي منها وضع معيشي مستقر غير أن الراحة والاستقرار تحققا مع مجيء الأولاد (فلذات الأكباد) فقد رزقه الله بخمسة أولاد وثلاث بنات وقد أحسن تنشئتهم وأجاد تربيتهم وتفوق على نفسه في تعليمهم فصار يشار إليهم بالبنان بحسن الخلق والآداب والسجايا الحسنة المتعددة وأما التعليم فقد تفوق جميعهم على أقرانهم في مختلف مراحل التعليم فصار علي طبيب أسنان (جامعة حلب/سوريا) ومانع مهندسا (كهرباء وحاسوب في الجامعة الهاشمية في الأردن) ومحمد في السنة الثالثة طب أسنان في الجامعه الاردنيه في الأردن أيضاً، ويافع في السنةالثانية كلية الطب جامعة عدن (صيدلة)0
إن ما دفعنا لذكر هذه التفاصيل هو أن نجعل القارئ يقف على قدرات الشهيد الإبداعية في التعليم والتربية والحكمة فقد كان الأب والمعلم والمربي والأخ والصديق لأبنائه وهذه المميزات لعمري قلما تجتمع في شخص واحد واستطاع أن يوصل أولاده إلى أعلى المستويات في التخصصات الأكثر تعقيداً كالطب والهندسة
نشاطات اجتماعية وسياسية متعددة:
وكان للشهيد نشاطات سياسية واجتماعية متعددة يمكننا أن نمر بعجالة على أهمها لنعطي القارئ صورة عن شخصية الشهيد المكافح، فقد ذكرنا عدداً من إسهامات الشهيد خارج العمل الوظيفي ويمكننا هنا أن نشير إلى بعض الإسهامات في النشاطات الاجتماعية والسياسية على النحو الآتي:
في عام 1992م كان الشهيد أحد مؤسسي الجمعية الزراعية متعددة الأغراض بمحافظة عدن بئر أحمد باسم جمعية الوطن ((ثابت عبد سابقاً)) وانتخبه أعضاء الجمعية رئيساً لها0 وظل في هذا الموقع منذ التأسيس إلى يوم استشهاده0
وعند إنشاء الاتحاد التعاوني الزراعي كان أحد المؤسسين وعضواً قيادياً في الهيئة الإدارية للاتحاد الذي يضم 27 جمعية تعاونية زراعية أما في الحقل السياسي فقد تناول كثير من المشاركين في مواضيع هذا الكتاب نشاطات الشهيد السياسية ،غير أن السنوات الثلاث الأخيرة من عمل الحراك الجنوبي تحتاج إلى بعض الإيضاح0
فقد كان الشهيد إحدى الشخصيات التي تبنت الدعوة للتصالح و التسامح الجنوبي وعقدت اجتماعها التاريخي في مقر جمعية ردفان الاجتماعية الخيرية بعدن بتاريخ 13يناير2006م وتلاها سلسلة من المؤتمرات والمهرجانات الجماهيرية الحاشدة التي شملت كل المحافظات الجنوبية وكان للشهيد حضور فاعل في أغلب هذه الفعاليات وهذا يعد من أعظم الأعمال السياسية والإنسانية الرائعة والتي شكلت الأساس الصلب لانطلاق ثورة الجنوب السلمية وصار شهيداً في إحدى فعالياتها السلمية حيث قدم روحه ثمناً لقناعات وطنية راسخة تكونت لديه مبكراً فاحتل مكانةً رفيعةً في قلوب كل المناضلين الشرفاء من أبناء هذا الجنوب ورسم اسمه في سجل الخالدين، وكان الشهيد قيادياً بارزاً متمرساً من قيادات الحراك الجنوبي القوية وأهم ما يميزه عن غيره أنه كان مستقلاً لم ينتمي إلى أي من مكونات الحراك السلمي بل كان له حضور مستمر في اجتماعات ونشاطات كل المكونات وهو ما مكنه من طرح آراء واضحة ومسموعة وانتقادات بناءه نظراً لتحرره من التزامات الأعضاء في مكوناتهم مع أنه كان قبل ذلك ينتمي إلى الحزب الاشتراكي وعضو لجنة مديرية فيه إلا أنه ومنذ مدة طويلة قد انقطع عن ذلك الالتزام ووجه كل نشاطه نحو الحراك وقضاياه مثله مثل كثيرين من أعضاء حزبه الذين صار الجنوب حزبهم، وكم نحن بحاجة إلى أن يقتدي بهم أولئك الذين مازالوا متأثرين بأفكار الأيديولوجيا التي أصبحت في ذمة التاريخ، إننا نوجه الدعوة إلى أولئك المتمسكين ببرامج الأحزاب العتيقة أن يتحرروا منها ويضعوا تحرير الجنوب واستعادة دولته برنامجاً لأحزابهم لإنقاذها من حالة الشيخوخة والموت المؤكد، وهم قادرين على ذلك بالتأكيد لكنهم وربما قد لا

يدركون الفرصة التاريخية السانحة أمامهم وأخيراً فإن ما تقدم لم يشمل تفاصيل سيرة حياة الشهيد كاملة لاسيما في مجال النشاط السياسي وإنما تم الاكتفاء بما يمكّن القارئ من التعرف على شخصية الشهيد والاقتداء به في الكفاح والتضحية من أجل الوطن الغالي والخالد إلى أبد الآبدين
__________________






رد مع اقتباس