عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 04-26-2010, 02:26 AM
عضو نشط
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 89
افتراضي


الفصل الثاني
العوامل الموضوعية والذاتية لفشل اعلان مشروع الوحده
أن النجاح أو الفشل لتجربة ما عادة تحكمه عوامل موضوعية وذاتية ، وهنا يمكن القول إن فشل مشروع اعلان الوحدة بين الدولتين وفترتها الانتقاليه كان نتاج طبيعي لوجود عوامل موضوعية وذاتية لم يتم الأخذ بها بجدية أبرزها:

1.انطلقت قيادة الجنوب في خطواتها الوحدوية من غلبة دور العواطف الجياشة على دور العقل والمنطق ووقائع التاريخ والجغرافيا وحسابات قوى التوازن, وعدم الاستناد على دراسة الواقع الداخلي والخارجي. 2.الطرف الآخر (قيادة الجمهورية العربية اليمنية) اتجهت إلى مشروع الوحدة انطلاقاً من رؤية مسبقة لخطواتها مبيته النية لأفعال عكس الأقوال, فما أن تعقد اتفاقية مع الطرف الجنوبي لا تنفذ منها شيئاً وتسارع إلى عقد الاتفاقية الأخرى التي تلغي نصوصها الاتفاقيات السابقة . 3.إعلان الوحدة يوم 22مايو 1990م تم بصورة ارتجالية بعيدة عن أبسط التطبيق العملي لمضامين الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال الفترات السابقة، وعدم الأخذ بضوابط التنفيذ بما في ذلك وجود جهة ثالثة عربية أو دولية تضمن حقوق الطرفين. 4.قدم الطرف الجنوبي في سبيل تحقيق حلمه الوحدوي تنازلات مهولة منها: رئاسة الجمهورية، العاصمة، العملة النقدية،الأرض, الثروات, بينما الطرف الآخر كل ما قدمه إنه أبدى مرونة في قبول متطلبات مشروع الجانب الجنوبي التي كتبت على صفحات محاضر الحوارات ولم يطبق منها شيئاً. 5.إيمان القيادة الجنوبية بطموحها الوحدوي جعلها لا تتفاعل مع نصائح بعض الدول العربية بالتمهل وعرضت عليها تقديم مساعدات مالية كبيرة ما إذا كانت بحاجة إلى ذلك . 6.أقدمت القيادة الجنوبية على مشروع الوحدة مع دولة أخرى ولم تقدم على المصالحة الداخلية لإزالة أثار الصراعات السياسية السابقة التي شهدها الجنوب 7. لقد تم إعلان الوحدة بين نظامين ومجتمعين مختلفين في قيمهما ( السياسية ,الثقافية ,الاجتماعية والقانونية .. الخ) التي اكتسباها عبر قرون من الزمن . ففي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية تراكمت قيم سياسية واجتماعية وحقوقية أساسها المساواة بين أفراد المجتمع من خلال وجود الأنظمة والقوانين وتنفيذها على كافة الأجهزة الحكومية وغير الحكومية والأفراد والجماعات . بمعنى الحضور الكامل في الواقع لدولة المؤسسات . بينما في الجمهورية العربية اليمنية تراكمت منظومة متخلفة تستند في مجملها إلى القوة العائلية والقبلية والطائفية والنفوذ الاجتماعي الأقرب إلى العبودية والتي تنتفي فيها المساواة بين المواطنين الأمر الذي أدى إلى تصادم هذه القيم مع تلك . 8.تحديد الفترة الانتقالية بعامين ونصف لم تكن كافية على الإطلاق بحيث يتم خلالها إعادة تأهيل الدولتين بما يلبي متطلبات الدولة الجديدة الموحدة ، وخاصة من حيث عدم استكمال بناء مؤسسات الدولة في الجمهورية العربية اليمنية بما يضاهي دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من ناحية، وإلغاء أو تعديل القوانين السارية أو إصدار قوانين جديدة في الجنوب تعيد صياغة دور الدولة وأشكال الملكية المختلفة من ناحية ثانية، ومع ذلك وبالرغم من تم تمديد الفترة الانتقالية ستة أشهر إضافية إلا أن شيء من ذلك لم يتم. 9.تم تجاوز حقائق التاريخ الثابتة بان الجنوب والشمال كانا على الدوام دولتان وشعبان مستقلان ليس في الجغرافيا والأنظمة السياسية فقط وإنما في جذور الأصول البشرية ، فالشعب في الجنوب ينحدر إلى سلالة حضرموت والشعب في الشمال ينحدر إلى سلالة سبا ، وان التاريخ لم يدون في صفحاته بشكل جلي عن توحدهما واندماجهما في دولة واحدة حتى أنه عندما جاء الإسلام قبل 1430 سنة حُكما الشعبان كأقاليم مستقلة تحت الخلافات الأسلامية المتعددة 10.تم التسويق لمفهوم بان اليمن شطرين وليس قطرين ، وان التشطير من صنع الأئمة والاستعمار ، مفهوم يحمل مضامين تكذيبه في كلماته؛ فالأئمة حكموا الشمال أكثر من ألف عام ولم يكن ذات يوم الجنوب جزء من حكمهم . فقد كان الجنوب يحكم من قبل سلاطين ومشائخ المنطقة. وعندما احتل الاستعمار البريطاني الجنوب في 19 يناير 1839م لم يحتل شبرا واحدا خارج حدود الجنوب ، وكذا الحال عندما سيطروا العثمانيون على الشمال عام 1872م بسطوا نفوذهم على الشمال فقط ، وبهذا كانت الحدود الدولية بين دولتي وشعبي جنوب الجزيرة العربية معروفة ومحددة حيث تم ترسيمها في عام1914م . 11. لم يدرس الجانب الجنوبي طبيعة الأوضاع السياسية والاجتماعية والقبلية والدينية السائدة في الجمهورية العربية اليمنية واعتمد على تقارير ومعلومات غير دقيقة, حتى إنه لم يستجب للاعتراضات الجنوبية التي أتت من قيادات جنوبية عند التوقيع على اتفاق 30 نوفمبر 1989م، بينما القيادة في صنعاء قامت بتوزيع أدوار محكمة بينها، منها الساعي للوحدة ومنها الرافض والمتحفظ. 12.كان الأجدر أن يتم دارسة تجارب الوحدة العربية وغير العربية الناجحة والفاشلة وأخذ العبر والفوائد منها، حتى لا يتم تكرار أخطائها، كما هو حال فشل مشروع اعلان الوحدة اليمنية الذي صدم طموح وأمال شعب الجنوب في تحقيق الوحدة العربية الشاملة. 13. منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي كانت السلطات الحاكمة في صنعاء هي الرافضة ليس لمشروع الوحدة وإنما حتى للتقارب بين الشعبين ، لهذا فان عملية الاستعجال في مشروع إعلان الوحدة الاندماجية في 22 مايو 1990م وقبل الموعد المحدد لها في نصوص اتفاقية 30 نوفمبر 1989م كان في إطار خطة تآمرية مدروسة وترتيبات مسبقة من قيادة ( ج.ع.ي.) مع بعض الأطراف الإقليمية لإخراج الجنوب من أي معادلة إقليمية وعربية ، أفصحت عن ذلك الأحداث بعد احتلال نظام العراق الهمجي لدولة الكويت الشقيقة في أغسطس 1990م ، حيث بينت هذه الأزمة عن أولى المواقف الخارجية لقيادة الشريكين في الوحدة, فقد خرجت المظاهرات في عدن عاصمة الجنوب منذ اللحظة الأولى لاحتلال نظام العراق للكويت منددة بهذا الفعل المشين والغادر بينما خرجت المظاهرات في صنعاء مؤيدة للنظام العراقي . بل تم تشكيل اللجنة العليا لمناصرة العراق من أبرز قادة نظام صنعاء . وكان هذا الحدث بداية الخلاف في المواقف الخارجية بين الطرفين . 14.من بين أهم الثغرات التي اكتنفت مرجعية مشروع الوحدة السياسية بين الدولتين خلوها من أي ضمانات عربية ودولية تؤمن حقوق ومصالح الطرفين وعلى قدم المساواة وتأصيلها في الدستور والقانون لمشروع دولة الوحدة. وعلى سبيل المثال تم الاتفاق على الأخذ بالأفضلية من تجربة الدولتين ، لكنه ما أن تم إعلان الوحدة حتى كرس حكام الجمهورية العربية اليمنية مفاهيم حكمهم في كل مفاصل الحياة ورفضوا العمل بالاتفاق الهادف إلى بناء دولة النظام والقانون، وعندما حاولت القيادة الجنوبية التعبير عن رفضها لهذا النهج عن طريق الاعتكاف عن العمل كأسلوب حضاري سلمي للاحتجاج قابلت ذلك سلطات صنعاء
رد مع اقتباس