[طائر الأشجان]

إن أهم ما يلفت نظر المتصفح لمبادرة الدكتور عبدالله أحمد الحالمي هو حق الجنوب في الإستقلال ، وحقه في تقرير المصير ، وهذا ما يتطلع إليه أبناء الجنوب ، وفي هذه المبادرة ملامسة لهذه الغاية ، تجعل من البديهي تقبلها من جانبنا في الوقت الذي سيرفضها طرف الإحتلال نصاً ومضموناً .

وهنا أود أن أهمس في أذن أستاذي القدير الدكتور الحالمي بملاحظة متواضعة وهي أن تشكيلة الجنوب المقترحة كما أوردها يمكن قبولها في إطار مستقبل الجنوب الذي يشغل حيزاً كبيراً في ذاكرة أبناء الجنوب ، لكن إخوتنا في اليمن لا يملكون الحق في التنظير لمستقبل الجنوب لأننا بذلك أجدر ، وأكثر حرصاً على مستقبل أبنائنا ، وبديهي أن تنعكس ذات الصورة على تشكيلة الوضع في اليمن ، فهم لهم كامل الحرية في اختيار الإطار الذي يناسبهم ، لربما رأو في العودة إلى النظام الملكي تأشيرة سفر إلى عضوية مجلس التعاون الخليجي ، فهذا شأنهم ، أما التنقل بين الجنوب واليمن بمجرد البطاقة ، وإتاحة الأولوية للعمالة اليمنية ، فهذا يحدده دستور دولة الجنوب ، وقد يرى التزام العمالة اليمنية بقيود تضمن عدم الإضرار بالمصالح القومية للجنوب على غرار ما تقوم به دول الخليج العربي ، كما أنه وفي حال سمحت هذه الدول لليمني العيش بدون كفالة كما جاء في المقترح ، فإن هجرته إلى هذه الدول أولى من دخوله الجنوب بمقياس العائد المادي .

إن سر نهضة الإنسان الجنوبي ، وتميزه عن نظيره في إقليم اليمن يكمن في الناحية التعليمية ، فالجنوب كما نعلم حظي بفرص تعليمية سواءاً إبان الوجود البريطاني ، أو في ظل النظام الإشتراكي ، وحقق معدلات قياسية في مجال محو الأمية ، ولكن الفترة منذ العام 1990 وحتى اليوم نشأ جيل لم تتوفر له فرص التعليم المجاني ، واضطرته سبل العيش إلى هجر مقاعد الدراسة فنشأ لدينا جيلٌ أقرب إلى الأمية ، وهو ما يضعنا أمام تحدٍ لا يمكن تجاهله ، وبالمقابل فإن هذه الفترة المذكورة لا تعد شيئاً مقارنةً بعقود الظلام التي عاشها اليمن في دهاليز الحكم الجمهوملكي ، وما رافق ذلك من ضياع لأجيال يصعب إعادة تأهيلها .

تحياتي وعظيم شكري لأستاذنا الدكتور عبدالله أحمد الحالمي .. وأمد يدي مصافحاً إياه بحرارة ، ومثمناً هذا الحس الوطني المتوقد ، والذي ينعكس في كتاباته القيمة ذات المضمون الهادف ، وإسهاماته الفكرية المتسمة بالوميض البراق في سماء الفكر السياسي .

أكرر شكري ..
طائر الاشجان