عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-27-2016, 10:56 PM
الصورة الرمزية ماريا
مــشــرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2016
الدولة: لبنان
المشاركات: 2,523
افتراضي ءادم عليه السلام




بسم الله الرحمن الرحيم





ءادم عليه السلام



رَوَى التِّرْمِذِيّ أَنَّ أَبا ذَرٍّ سَمِعَ النَّبيِّ صلى الله عليه

وسلم يقول "فَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ ءادَمَ فَمنْ سِوَاهُ إِلا

تَحْتَ لِوَائي" فقالَ يَا رسولَ اللهِ أَنَبِيٌّ كانَ قال "نَعَمْ

نَبِيٌّ مُكَلَّمٌ" أَيْ مُوحَى إِلَيْهِ، وقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ

عَلَى أَنَّ ءادَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ نَبِيًّا رَسُولاً وَكَانَ

خَلْقُهُ بأَنْ أَمَرَ اللهُ تعالى الْمَلَكَ فَجَمَعَ مِنْ تُرَابِ

الأَرْضِ مِنْ أَسْوَدِهَا وَأحْمَرِهَا وَأبْيَضِهَا وَسَهْلِهَا

وَحَزْنِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأُمِرَ الْمَلَكُ أَنْ يَعْجِنَ هَذَا

التُّرَابَ بِمَاءِ الْجَنَّةِ ثُمَّ تَرَكَهُ حَتَّى صَارَ صَلْصَالاً

كَالْفَخَّارِ، وَصَارَ إِبْلِيسُ يَطُوفُ بِهِ وَيَقولُ لأَمْرٍ مَا

خُلِقْتَ، ثُمَّ أُمِرَ الْمَلَكُ فَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ فَجَعَلَهُ

اللهُ تعالى بَشَرًا مِنْ لَحْمٍ وَدَمٍ، وَكَانَ طُولُهُ سِتِّينَ

ذِرَاعًا وَعَرْضُهُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ، وَسُمِّيَ ءادَمُ بِذَلِكَ

لأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أدِيمِ الأَرْضِ أَيْ مِنْ تُرَابِهَا، ثُمَّ

خَلَقَ اللهُ مِنْ ضِلَعِهِ الأَيْسَرِ حَوَّاءَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ

يَكُونَ ذَلِكَ وَهُوَ نَائِمٌ، وَعَاشَا في الْجَنَّةِ وَعَلَيْهِمَا

مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ مِائَةً وَثَلاثِينَ سَنَةً، ثُمَّ لَمَّا

أَكَلا مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتي نُهِيَا عَنْهَا أُهْبِطَا إِلى الأَرْضِ

سَاتِرَيِ الْعَوْرَةِ ولَمْ يَكُونَا عَارِيَيْنِ، وَكَاَنَتْ هَذِهِ

الْمَعْصِيَةُ الَّتي فَعَلَهَا ءادَمُ وَحَوَّاءُ مَعْصِيَةً صَغِيرَةً

لا خِسَّةَ فيهَا ولا دَنَاءَةً وكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنَبَّأَ

ءادَمُ عليه السلام.



وَكَانَ إِبْليسُ في أَوَّلِ أَمْرِهِ مُؤْمِنًا لَيْسَ مَلَكًا، وَكَانَ

يَعْبُدُ اللهَ مُخْتَلِطًا بِالْمَلائِكَةِ، إِبْلِيسُ هُوَ أَبْو

الْجِنِّ كَانَ يُسَمَّى قَبْلَ أَنْ يَكْفُرَ عَزَازيلَ، لَمَّا خُلِقَ

ءادَمُ وَأُمِرَ الْمَلائِكَةُ وَإِبْليسُ بِالسُّجُودِ لآدَمَ عليه

السلام رَفَضَ وَاعْتَرَضَ على اللهِ وَكَفَرَ فَسُمِّيَ إِبْلِيسَ

وَلَكِنَّهُ بَعْدَ أَنْ كَفَرَ بَقِيَ بُرْهَةً في الْجَنَّةِ وَسْوَسَ

فيهَا لآدَمَ وَحَوَّاءَ ثُمَّ طُرِدَ مِنَ الْجَنَّةِ، قَالَ تعالى

"فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ"، وَمَعنى إِبْليسَ مُبْلَسٌ أَيْ

مُبْعَدٌ مِنَ الْخَيْرِ، قالَ اللهُ تعالى "إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ

الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ"، وَقَالَ تعالى "إِلا إِبْلِيسَ

أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرينَ"، فَلا يَجُوزُ أَنْ

يُقَالَ عَنْهُ إِنَّهُ مَلَكٌ أَوْ طَاووسُ الْمَلائِكَةِ، وَمِمَّا

يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا ثَبَتَ في الْحَدِيثِ "خُلِقَتِ

الْمَلائِكَةُ مِنْ نُورٍ وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ

وَخُلِقَ ءادَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ" وَمَعْنَى الْمَارِجِ اللَّهِيبُ

الصَّافِي الذي لا دخان له، فَمَنْ قَالَ إِنَّ إِبْلِيسَ مِنَ

الْمَلائِكَةِ يَكُونُ مُخالفًا لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلِلْقُرْءَانِ.



وَكَانَ خَلْقُ ءادَمَ في ءاخِرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ

وَهُوَ ءاخِرُ أَنْواعِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَأَوَّلُ شَىْءٍ خَلَقَهُ

اللهُ هُوَ الْمَاءُ، رَوَى ابنُ حِبَّانَ أَنَّ أَبا هُرَيْرَةَ رَضي

الله عنه قالَ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنِّي إِذَا رَأَيْتُكَ

طَابَتْ نَفْسِي وَقَرَّتْ عَيْنِي فَأَنْبِئني عَنْ كُلِّ شَىْءٍ فَقالَ

صلى الله عليه وسلم "كُلُّ شَىْءٍ خُلِقَ مِنَ الْمَاءِ" مَعْنَاهُ كُلُّ

الْمَخْلُوقَاتِ يَرْجِعُ أَصْلُهَا إِلى الْمَاءِ أَمَّا الْمَاءُ

فَخُلِقَ مِنْ غَيْرِ أصْلٍ أَيْ أَبْرَزَهُ اللهُ مِنَ الْعَدَمِ إِلى

الْوُجُودِ.فلا يجوز أن يقال عن الرّسول يا أول خلق الله.



وَقَدْ نَزَلَ ءادَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ في مَكَانٍ يُسَمَّى

سَرَنْدِيبَ في ما يُسَمَّى الْيومَ "سِيريلانْك" وَكَانَتْ في الْمَاضي

ضِمْنَ بِلادِ الْهِنْدِ، وَهُوَ أَصَحُّ مَكَانٍ عَلى وَجْهِ الأَرْضِ

لِيَتَنَاسَبَ هَذَا مَعَ خُرُوجِهِ مِنَ الْجَنَّةِ. وَقَدْ وَلَدَتْ

حَوَّاءُ أَرْبَعِينَ بَطْنًا في كُلِّ بَطْنٍ ذَكَرًا وَأُنْثى وَكَانَ

يَجُوزُ في شَرْعِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الأَخُ مِنْ أُخْتِهِ مِنَ

الْبَطْنِ الآخَرِ لِيَنْتَشِرَ نَسْلُ الْبَشَرِ في الأَرْضِ وَكَانَ

الزِّنَا في شَرِيعَتِهِ أَنْ يَنْكِحَ الأَخُ أخْتَهُ مِنْ نَفْسِ

الْبَطْنِ، وَكَانَ ءادَمُ يَتَكَلَّمُ بِاللُّغَةِ السُّرْيَانِيَةِ،

وَهُوَ عَلَّمَ أَوْلادَهُ أُصُولَ اللُّغَاتِ وَأَصُولَ الْمَعِيشَةِ

كَالزِّرَاعَةِ وَطَحْنِ الْقَمْحِ وَعَجْنِهِ وَخَبْزِهِ وَضَرْبِ

الدَّنَانيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَمَا مَاتَ حَتَّى كَانَ لَهُ مِنْ

ذُرِّيَّتِهِ وَذُرِّيَّةِ ذُرِّيَتِهِ أَرْبَعُونَ أَلْفًا، وَقَدْ

حُرِّمَ نِكَاحُ الأَخِ مِنْ أُخْتِهِ مِنَ الْبَطْنِ الآخَرِ في

شَرِيعَةِ شِيثِ بنِ ءادَمَ عليهِمَا السَّلامُ الَّذي نُبِّئَ بَعْدَ

وَفَاةِ ءادَمَ عَلَيهِ السلام، وَلا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ أَوَّلَ

الْبَشَرِ كَانَ قِرْدًا أَوْ يُشْبِهُ الْقُرُودَ فَهَذِهِ نَظَرِيَّةٌ

فَاسِدَةٌ مُخَالِفَةٌ للدِّينِ.



وَقَدْ عَلَّمَ ءادَمُ النَّاسَ الإسْلامَ كَسَائِرِ الأَنْبِيَاءِ

لأَنَّ دِينَ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ وَاحِدٌ وَهُوَ الإسلامُ كَمَا قَالَ

تعالى "إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإسْلام"، وَالَّذِي كَانَ يَنْزِلُ

بِالْوَحْيِ على الأَنْبياءِ هُوَ جِبريلُ عَلَيهِ السلامُ، وَهُوَ

رَئيسُ الْمَلائِكَةِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّ ءادَمَ

دُفِنَ في مِنًى عِنْدَ مَسْجِدِ الْخَيْفِ.



كل الأنبياء من ءادم إلى محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين







__________________















ربما ذات ربيع
بين شدو الطيور
ونثر الزهور
قد يُخلق لنا لقاء
رد مع اقتباس