عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 01-18-2015, 01:58 AM
الصورة الرمزية العبد لله بو صالح
المـشـرف الـعـام
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: الجنوب العربي - حضرموت
المشاركات: 13,714
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي

مؤتمر دولي حول الجنوب العربي



م. علي نعمان المصفري

لأول مرة منذ أستقلال الجنوب العربي في 30 نوفمبر 1967, وبعد 47 سنة من طمس الهوية الجنوب العربي ومانتج من مشروع يمننّة الجنوب تم عقد المؤتمر الدولي حول الجنوب العربي في جامعة درهام البريطانية يوم الخميس 15 يناير 2015 تحت مسمى "نظرة استعادة وتأمل في فشل تثبيت برنامج خلق الدولة" قدمت مجموعة من الباحثين الاكاديميين من بريطانيا وامريكا وايرلندا وسويسرا وتل ابيب واالنرويج عشر أوراق علمية أكاديمية, أستغلّت الأصدارات البريطانيةخلال الثلاثين السنة المنصرمة في الأرشيفات الجديدة, والتي من خلالها أقرت الأمبراطورية البريطانية فشلها في تثبيت دولة ناجحة في الجنوب العربي. حضر المؤتمر مايقارب المئة من المهتمين بتاريخ الجنوب العربي والخليج العربي.

كان هدف المؤتمر تحليل علمي أكاديمي بحت في اسباب فشل تكوين وتثبيت أقامة دولة ناجحة في صورة نموذج أتحاد في الجنوب العربي تحت تنسيق وأدارة بريطانيا, مقارنة بذلك نجح البرنامج قي بناء دولة الامارات العربية المتحدة في الخليج العربي.
نظر الباحثين في دور نظرة " المستشرق والاستشراق" وعدم فهم دور السلطان والحاكم القبلي لمصدر قوة ومصداقية حكمه لشعبه وقبيلته. كما واختلف فهم أهمية الأسلام في بناء المجتمع عند تحليل دقيق في محاولة بناء اتحاد الجنوب العربي مقارنة باستعادة الثوار من الظفاريين الى حكم سلطنة عمان, ودقق الباحثين في دور تكوين تواجد الانتقال السلمي والتدريجي المرتبط بالأستيعاب والقبول المحلي دون اجبار وتواجد ادوات الأمن والحماية العسكرية لبناء وتنظيم الاقتصاد والمؤسسات تدريجياً, وحلل الباحثين دور العوامل الخارجية المهمة كدور جمال عبدالناصر والعلاقات البريطانية الامريكية وتحدياتهم في كيان أتحاد الجنوب العربي مابين 1963-1967 الذي لم يكن قائما حال قيام دولة اتحاد الامارات العربية, وكيف بقت سنداً غالباً ان لم تكن تركت لبريطانيا اتخاذ القرارات دون اعتراض في تفاهم بين الطرفين.

وكان للمؤتمر فرصة نقاش مطولة لهذه النظرة للماضي وأحداثة وتحليل للاخطاء الفلسفية والعملية في ما صار في الجنوب العربي, وأدى الى نجاح حركة القوميين العرب, ممثلة في الجبهة القومية, وفشل البريطانيين في تكوين دولة جديدة في الجنوب العربي. نكاية بالناصرية وأستحقاقات شعب الجنوب العربي, ذهبت بريطانيا الى بما تم أتخاذة من سياسات وتفاهمات, خلصت الى تسليم الجبهة القومية للسلطة دون مشاركة القوى السياسية الأخرى. ومن هنا, الجنوب الأرض والأنسان والهوية ذهبوا به الى حاله اليوم, كنتيجة غيرطبيعية, لا تمتلك على تفسير آخر, وهي التي فهمها شعب الجنوب بصحوتة الأنسانية وعودة وعية الى تاريخة الحقيقي وهويتة بعقل وبتجرد من العواطف بعد عقود من التجريب الرعاعي فيه. ويعد خطأ أستراتيجي تم مقايضتة على حساب شعب الجنوب والنتائج المترتبة جراء تلك التفاهمات, التي غابت عن دراستها بوضوح الأوراق المقدمة الى المؤتمر, لكنها حقائق حضرت بقوة ضمن أعترافات ضابط الأستخبارات البريطانية السيد السفير ستيف دي في أخر محاضرة له, والذي يعد واحد من صناع القرار للسياسات البريطانية في الجنوب العربي حينئذ , الذي أكد حقائق عدة على الهوية والتاريخ والثقافة الجنوبية ومجمل كل العلاقات التي سادت وضع المجتمع في الجنوب العربي, التي لم يتم أستيعابها بشكل متكامل من قبل الأمبراطورية البريطانية. ولو تم بالفعل تقييمها وفهمها الجيد, لكانت النتائج حميدة للغاية, تلك التي أبدى فيها حنيّتة وحبة لها وأرتباطاتة الوثيقة بها بذكر شخصيات مختلفة, وبعضها لازالت حي ترزق, فيها من طرافة الحديث مايثير الكثير من الأسئلة الممكان الأستفادة منها في قادم الأيام في عودة الجنوب الى مسار تطورة التاريخي الطبيعي الذي حرم منة طيلة عقود التيهان والضياع اليمني المتعمد لة.
ساهم اغلبية من حضر من الاكادميين الانجليز وأبناء الجنوب, بمداخلات أغنت الطرح الأكاديمي, والكاتب وضع جملة من الحقائق, التي لم تستوعبها البحوث, حيث ركز الباحثون على العوامل السياسية تركيزأً كاملاً, و لم يتم دراسة الفوارق الاقتصادية والعوامل المهمة الاخرى كدور دول الجوار او دور الأتحاد السوفيتي وحركات التحرر العربية في رضاهم او عدم رضاهم. اغلب الظن ان هذه العوامل خرجت عن نطاق البحث لسبب ان الارشيفات المرجعية كانت بريطانية حديثة التواجد بعد مرور الزمن اللازم لفتحها للباحثين الاكادميين, أي مرور أكثر من ثلاثين عام على أحداثها.

وفي ذات النسق تم التعرض الى محاولات لخلق دول عصرية جديدة في العراق وافغانستان من جديد, الا ان تلك المحاولات البريطانية في الجنوب العربي فشلت, فالسؤال هو هل يمكن الاستفادة من دراسة ذلك الفشل البريطاني؟
وفي جانب آخر كانت الهوية الجنوب العربي حاضرة بأمتياز في مجمل البحوث, لولا أحدى الباحثات اليمنيات, تبنت الهوية اليمنية بأقصاء هوية الجنوب العربي وأنكارها لها, وهو مادفع الكاتب للتصدي لها بطرح أكاديمي عالي المستوى بالتحليل الواضح والدلائل على أن الهوية اليمنية جديدة منذ أن تم تحول المملكة المتوكلية الهاشمية الى المملكة المتوكلية اليمنية, بينما الجنوب العربي منذ الأزل, ولذا الهوية اليمنية صناعة الأماني ل 73 أمام زيدي حكموا اليمن وكل القوى والمراكز النفوذ التي كانت تنظر عبر التاريخ للجنوب العربي كدولة مجاورة لأحتلالها, تحت أستغلال سياسات الجبهة القومية وحركات التحرر العالمية والناصرية وفروقات الريف والمدينة في سياسات الأنتداب البريطانية وكذا مفهوم أستيعاب أتحاد الجنوب العربي بواقعية أبناء الجنوب لا مصالح المستعمر.

وعلى الرغم من عدم مناقشة الوضع مابعد أستقلال الجنوب وسياسات الأنظمة في أطار النظام الشمولي في الجنوب, ولا بعد محنتة مع اليمن في رحلتة حتى الآن, لكن الأجمل بقت في الطرح الأكاديمي لتسليط الأضواء في أتجاهات توضيح مجمل العوامل المؤثرة في كل المراحل التاريخية الداخلية في الجنوب العربي والخليجية ذات الصلة والعربية والدولية. وعلى أن كل البحوث ذهبت الى تفسير وشرح وبلورة ماضي الجنوب العربي ولم تعطي مباشرة ما يمكن الجنوب عملة, لكن وفي ضوء النقاشات واللقاءآت الجانبية على هامش المؤتمر مع بعض الباحثين والمهتمين, أكدت الأوراق وعملت على تثبيت هوية الجنوب العربي كهوية لشعب الجنوب العربي من الصعب تجاوزها ولاتنتهي بالتقادم, بل بينت الأوراق تميز واضح للجنوب العربي وعدن كميناء في البعد الحضاري التاريخي وفي ضوء تجربة الفشل بالأعترافات البريطانية على الأستفادة من تلك الدروس بمختلف جوانبها الأجتماعية والسياسية والثقافية والدينية الداخلية والعوامل المحيطة, لطرحها أمام شعب الجنوب لتدبير شأنة ووفق أرادتة التي قوى التحرير والأستقلال تتبناها اليوم في فرض سياسة الأمر الواقع على الأرض, التي تنجب في معطيات واقعها مايمكن أن يؤدي الى وضع نهاية لهذا الوضع برمتة وخروج الجنوب من المأزق, بأستعادة الوطن والهوية وبناء الدولة الفيدرالية على كامل التراب الجنوبي حتى يوم 22 مايو 1990 الأسود. وهو الأمر الذي كشف على أن تطور الجنوب العربي يتم بمعزل عن اليمن, وتاريخ الجنوب العربي حتى عشية 30 نوفمبر 1967 أكبر دليل عملي على ذلك, وهو الواقع الذي يدحض و يبين أن أي شكل من أشكال محاولات أبقاء الجنوب ضمن أي أطار وحدوي مع اليمن الجار, أنما نوعا من العبث.
وحتى ما يسمع هنا وهناك من محاولات طرح مايسمى بالفخ, خصوصا الفيدرالية بعدة أقاليم أو بأقليمين بعيدة كل البعد عن واقع وأرادة شعب الجنوب ولا حتى تتناسب مع حالة اللادولة القائمة في صنعاء اليوم, وأن الفيدرالية, والتي لم يتم التعرض اليها أطلاقا في كل البحوث, أنما تعد تسويق لمشاريع خاصة ميؤوسة منتفعة, لبعض القيادات السابقة الجنوبية والقوى المتنفذة اليمنية, لذر الرماد في عيون البسطاء من أبناء شعب الجنوب, لأستمرارية مشروع اليمننة وتبرير أحتلال الجنوب العربي, في ضوء الفشل الذريع للعملية السياسية في ماتبقى من النظام المنهار المتهاوي لنظام الأحتلال اليمني, وعدم قدرة المجتمع الأقليمي والدولي على أيجاد بدائل للحل والموت السريري لتلك المبادرات التي خلت من الجنوب الأرض والشعب والهوية في واقع مستجدات اليوم في صنعاء أو عدن.
ولطالما المؤتمر في كل وثائقة خلص الى فتح المجال واسعا ورحبا أمام شعب الجنوب بوضع الحل المناسب متاحا, يتوجب اليوم أستغلال مكونات الحراك, وخصوصا قوى التحرير والأستقلال لتبني أمتداد نتائج المؤتمر وأقتناص هذة المنحة التاريخية في بلورة القضية في خطاب سياسي موحد وذلك بتوحيد الرؤى والأهداف لأيجاد الآليات المناسبة في المؤتمر الجامع الجنوبي, بعد أنضاج تحضيراتة من قبل كافة القوى دون أستثناء أو أقصاء, الذي يعمل على أستنهاض كافة القوى الوطنية الجنوبية بالأرتفاع الى مسؤلياتها التاريخية, وتقديم المشروع الجنوبي المتكامل للأقليم والعالم, بفرض سياسة الأمر الواقع التي من خلالها فقط, تكون أساس لأستعادة الهوية وبناء الدولة الجنوبية الفيدرالية عبر التحرير والأستقلال, وأنهاء حالة التشرذم و التشتت, لبناء الجنوب الجديد, والتسريع بوضع نهاية لمأساة الجنوب أرضا وأنسانا.
واللة الموفق.

كاتب وباحث أكاديمي
لندن المملكة المتحدة
17 يناير 2015
__________________






رد مع اقتباس