عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 06-22-2010, 01:53 PM
حضرمي جدآوي حضرمي جدآوي غير متواجد حالياً
عضو فضي
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: " جدهـ غيررر" وقلبي في الجنوووب يحوووم كـالطير .!
المشاركات: 2,299
قـائـمـة الأوسـمـة
Lightbulb بسم الله الرحمن الرحيم

اللحم المصبوغ بالعسل ، والمؤامرة


- 13 -

في 9/7/1967 م طلب المندوب السامي البريطاني من المقدم علي عبدالله ميسري . أن يذهب إلى دثينة في إجازة .. وصرف له مبلغ سبعة ألاف دينار من الأموال الخاصة بتطوير الولايات .. وأسند إليه القيام بتنظيم مسيرة ضخمة تقودها الجبهة القومية من مودية إلى لودر في بلاد العواذل .. وتهدف هذه المسيرة حسب ( الخطة المشتركة ) إلى زعزعة السلطة المحلية في الولايات .. وإرهاب الحكام وإقسارهم على اللجوء إلى عدن .

وقد نظمت هذه المسيرة المسلحة بالفعل بعد يومين .. وكانت تتقدم الركب سيارة ( لاندروفر ) تحمل مدفعا ثقيلا ( 106 ) ، وكان قد سحب من مستودعات الجيش مع عشرة مدافع أخرى من نفس النوع والعيار .. وسلمت للقيادات الرئيسية التابعة للجبهة القومية ..

وكان التحول البريطاني إلى جانب الجبهة القومية . قد لوحظ على نطاق واسع في هذه المناطق التي نظمت فيها المسيرة المسلحة .. بحيث أن الإدارة المحلية التابعة للسلطنة العوذلية عجزت عن تنظيم أي مجابهة ذات وزن لقادة المسيرة .

ومن الواضح ، أن بعض رجال الإدارة المحلية - وقد لاحضوا التحول الفجائي - أخذوا يفكرون في إحتلال مواقع مناسبة في النظام الجديد .. وهذا يتطلب من كل منهم أن يسجل سابقة واضحة . تثبت على الأقل أن لم يبذل أي جهد للدفاع عن النظام القديم ..

وكان رد الفعل الوحيد الصادر عن السلطنة جوابا على هذا التحدي الضخم الذي واجهته . هو شكوى متواضعة تقدمت بها ضد المقدم علي عبدالله ميسري لرئيس المجلس الأعلى ووزير الدفاع الإتحادي .. وفي ذلك الوقت لم يكن وزير ورئيس المجلس الأعلى في وضع يمكنه من إنزال العقوبة المناسبة بضابط صغير تحت إمرته كـعلي ميسري .. ومن ثم فقد تأبط الشكوى ذاتها إلى دار المندوب السامي ولسان حاله يرد قول الشاعر العربي (( فيك الخصام .. وأنت الخصم . والحكم )) .

ولأن أقوال الإنجليز لا تعبر دائما عن حقيقة نواياهم .. وملامحهم لا تعكس عادة ما يجول في نفوسهم . ولأن (( الكلمة الطيبة لا تكلف مالا )) كما يقول المثل الإمريكي .. فقد أستطاع المندوب السامي أن (( يكلفت )) المسألة ..

ويقنع وزير الدفاع الإتحادي بتفويضه في حل المشكل ..
.. وبدلا من توقيف الميسري بجوار الحائط .. وإطلاق الرصاص عليه كـخائن للنظام الذي أقسم بربه . وشرفه أن يذود عنه .. أرسل المندوب السامي المستر هبربرسي ضابط المخابرات البريطاني .. لإقناع نائب السلطان العوذلي بسحب الشكوى . المقدمة ضد الميسري .
وقطعا . لم يكن نائب السلطنة العوذلية في حالة نفسية تمكنه من الصمود أما رجل يعرف أنه يطلب شيئا . فذلك يعني أنه يأمر به .. كما يقول الجنرال ديجول ..

وسحبت الشكوى .. وعندما سقطت السلطنة العوذلية بعد لم يحتل حادث سقوطها في الوجدان العام أكثر من الحيز الذي يشغله حادث إنفجار قنبلة في الشارع العام !

وكان هبربرسي الذي يصبغ له العوذلي (( اللحم بالعسل )) هو من سدد الضربة الميتة للسلطنة . والسلطان .. لا جعبل أم شعوي أو علي ميسري هما من أنجزا هذا .



- 14 -

بالإتفاق مع المندوب .. وفي نطاق التطبيق الفعلي ( للخطة المشترطة ) الوارد ذكرها في الحلقة الثالثة من هذه الدراسة .. وبتاريخ 25/7/1967 م أرسل المستر هبري برسي ( إياه ) ضابط المخابرات . والمسئول عن المنطقة الشرقية ( حضرموت والمهرة ) وسمرفليد ضابط المخابرات والمسئول عن المنطقة الغربية .. أرسلا ثلاثة آلاف بندقية صنع بليجيكي وهو النوع المرغوب والمحبوب عند قبائل الجنوب .. وكذلك ( 200 ) صندوق ذخيرة لهذه البنادق .. أرسلوها إلى عتق حيث يوجد العقيد حسين عثمان عشال .. والمقدم مهدي عشيش اللذين كانا مسئولين عسكريين فيما يدعي الآن بالمحافظة الرابعة ..

وفي 27/7/67 قام المستر هبربرسي بنفسه برحلة إلى هذه المناطق حيث أشرف على توزيع هذا السلاح على القبايل بالإضافة إلى بعض الأموال المسحوبة من صندوق تطوير الولايات .. وقد بقي في هذه المنطقة أكثر من ثلاثة أسابيع يتجول بين القبائل بصحبة العقيد عشال قائد الجيش الحالي والمقدم عشيش رئيس هيئة الأركان .. ولم يعد هبربرسي إلى عدن إلا بعد أن أنشأ منظمة محلية تعمل بإسم الجبهة القومية في هذه المنطقة .. وأما قبل هذا التاريخ فلم يكن إسم الجبهة القومية يعرف في هذه البلاد بإسثناء بعض معلمي المدارس الإبتدائية الذين يتثقفون بواسطة نشرات مكتب الإعلام في السفارة الصينية بصنعاء .


- 15 -

وفي نفس التاريخ تقريبا . أرسل المندوب السامي المستر سمرفيلد إلى الضالع للإجتماع بالأمير شعفل بن علي .. وهذا الأمير رغم بداوته .. إلا أنه يتميز بالصلابة .. وقد تمرس بالمشكلات من جراء المقارعة المستمرة بينه وبين قبائل ردفان الشديدة التلهف للعنف . والمتطلعة دوما للإستقلال بأمورها عن الضالع .. كما أنه - أعني الأمير - كان عرضة خلال السنوات الأربع الماضية للحملات الدعائية من راديو صنعاء والقهرة . بإعتباره العميل البريطاني الذي تضرب قبائل ردفان بالصواريخ تحت رايته ..

وهكذا فعندما نصحه المستر سمرفيلد عن لسان المندوب السامي أن ينتقل بعائلته إلى عدن رفض تماما الإمتثال هذه النصيحة ..

وهنا لم يجد الرسول البريطاني بدا من إطلاق كل ما لديه من الذخيرة على الأمير .. فأبلغه أن بريطانيا لن تكون مسئولة عن حمايته إذا ما تعرض للأذى .. على أيدي من دعاهم بالثوار ..

وربما لأول مرة يفتقد مسئول بريطاني قدرته على التحدث بلغة كـمبردج الرفيعة المهذبة .. فكان التبليغ جافا كـورقة العشر المشموسة .. والعادة أن تكون أحدايث أي مسئول بريطاني كـقمة ( كلمنجارو ) .. رقيقة .. وكأنها تدور في صالون (( مدام بوفاري ))

ولو لم يكن سمرفيلد في عجلة من أمره .. ولو كان يؤمل المثول مرة اخرى على مائدة الأمير التي يصبغ فيها (( اللحم المشوي بالعسل )) . لتصورته يقول ..

(( إذا فشلتم سموكم في الإقتناع بنصيحة المندوب السامي لصاحبة الجلالة .. فإن بريطانيا لسوء الحظ .. لن تكون في وضع يمكنها من تقديم العون لكم فيما لو تعرضتم للمتاعب .. . ورغم إني شخصيا أعطف تماما وكليا على موقفكم إلا أنكم لا بد وأن ترون أن مركزي الضعيف .. لايسمح لي بالتأثير في الأحداث لمصلحتكم )) ..

وفي نهاية اللقاء العاصف مع الأمير .. كان سمرفليد ينحني بإحترام للضحية التي جاء إلى الضالع لإطلاق النار عليها .. ولا مكان للغرابة هنا .. فالبريطاني .. أي بريطاني .. حتى عندما يريد قتلك .. يقول (( سأكون شاكرا .. وممتنا من السيد فلان ابن فلان الفلاني .. لو تفضل بالوقوف ووجه للحائط )) .

.. لا مكان عندهم للإنفعالات .. ولا مكان للوساوس الخلقية .. وهم يمضون لتحقيق مصالحهم بلطف .. ولكن بثبات .. ولا يهم أن يصبح صديق الأمس عدو اليوم .. فالأمور لا تؤخذ عندهم بحساب العواطف .. ولكن بحساب المصالح .. ولا يهم كذلك أن يضعوك في مأزق .. أو حتى في مصيبة المهم فقط أن يتخلصوا هم من المأزق .. وأن ينالوا أفضل النتائج بأقل التكاليف .. وللعمال سوابق في الهند .. وفلسطين .. وبلدان أخرى .. لا حاجة لمتابعتها . لأن هذا يقع خارج نطاق السياق ..

وبتاريخ 2/8/67 .. أرسل المستر سمرفيلد شحنة من السلاح والذخيرة على طائرة ( بفرلي ) إلى الضالع حيث سلمت لـعلي عنتر بواسطة الرائد أحمد مسعود حسني الذي كان في مركز الضالع .. وأرسل كذلك تعليمات محددة للعقيد أحمد محمد بن عرب قائد منطقة الضالع المتمركز في الحبيلين يأمره فيها بعدم التعرض لأية ثورة قد تنشب ضد الأمير بقيادة الجبهة القومية ..









يتبع ... تحية جنوبية عربية ,., بعبق الإستقلال و الحرية
__________________
صفحتي على اليوتيوب :
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

صفحتي على تويتر :
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

صفحتي على انستقرام :
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

صفحة برنامج تول بآر الجنوب العربي الشخصية :
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]
رد مع اقتباس