الحراك السلمي عودة الوعي الجنوبي المغيّب

[محمدجفش]

الحراك السلمي عودة الوعي الجنوبي المغيّب

طريق الخلاص نحو المستقبل

المهندس: علي نعمان المصفري
فجأة عشية الاستقلال السياسي في 30 نوفمبر 1967 وجد الجنوب العربي نفسة في إسم غريب وبعيد عن هويتة, بتغييره الى جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية, دون مشاركة شعبه في مثل هذا القرار التدميري, الذي خالف حتى نصوص وثيقة الاستقلال في جنيف.
تلك الاتفاقية التي حددت بوضوح في البند الأول منها منح الاستقلال للجنوب العربي في في 30 نوفمبر 1967.
ومنذو تلك اللحظة عملت الجبهة القومية على مصادرة حق شعب الجنوب في إختيار الطريق الى المستقبل بل أختزلت كل مكونات العمل السياسي في ذاتها وألغت كل مفاهيم العمل الديمقراطي وأحتكرته لوحدها, وفتحت مجال العمل السياسي على أرض الجنوب لأبناء اليمن وساوتهم بل جعلتهم سيدي الموقف فاعلين غلبوا الحضور الجنوبي في القرار السيادي حول مستقبل ومصير الجنوب في رحلة دراماتيكية ذهب ضحيتها خيرة رجال الجنوب على مدى 23 عام من استقلاله كان في طليعتهم الرئيس قحطان الشعبي ودولة رئيس الوزراء المفكر العظيم فيصل عبد اللطيف الشعبي والرئيس سالمين والداهية السياسية الجنوبية محمد صالح مطيع ومجموعة طائرة الموت في سماء شبوة عام 1972 ودواليك من القائمة التي لاتتهي.
دفع الجنوب ضريبة كبيرة في رحلتة الى الحياة حيث عوقب مرتين مرة في يمننتة عشية الاستقلال وتجميد حركة التاريخ فيه وأخرى في تسليمه الى اليمن الأمامي بأرض وثروة وتاريخ تم محو كل معالمة وطمست هويتة العربية دون وازع من ضمير.
و بهدف تنفيذ ذلك تم تكريس جملة من سياسات اليمننة ضمن عمليات غسيل مخ مبرمجة أنطلاقا من واحدية الأرض والثورة. ورفع شعارات على طريق أستمرارية النضال نحو تحقيق الوحدة اليمنية, ضمن شعار لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتحقيق الوحدة اليمنية, وتثبيت مبدأ إن الوحدة قدر ومصير الشعب اليمني.
لقد شهدت الساحة السياسية صراع عنيف بين الهويتين الجنوب العربي واليمن وتوالت محاولات خبيثة من قبل الأئمة لإحتلال الجنوب عبر تاريخ طويل أمتد الى نحو 1200 عام, وللأسف تم تحقيق الإحتلال هذا عبر المشروع الثوري التقدمي للحزب الاشتراكي اليمني الذي أفسح المجال واسعا لكي يرغم شعب الجنوب على الدخول قسرا في مشروع توحد دون رغبتة مع يمن متخلف اساسا راكدا قاع التخلف الذي لايعرف له في خريطة التطور البشري مثيل على الاطلاق, بل وعاد الى سحب الجنوب العربي الحضاري الى قعر التخلف بما لايقل عن خمسة قرون. حيث تم اتخاذ قرار التوحد في يوم 22 مايو 1990, دون مشاركة شعب الجنوب فيه بل وتم إختزال رأيه ومصادرة حريتة.
كان قدر مأساوي أن يخرج الجنوب عن مجرى تطور العصر الى قاع ومستنقع التخلف بوهم العودة الى الأصل الذي تفنن فيه اليمني اليساري واليميني والمحافظ المتخلف. الكل تجمع تحت صارية يمننة الجنوب العربي دون وازع من ضمير سوى يمنيتهم وشوفينيتهم تجاة الجنوب الارض في الوقت الذي خرج الجنوب فيه الى الحضارة عن محيطة و ظلّت عدن ثاني أهم ميناء في العالم بعد نيويورك والوجهة الحضارية في الجزيرة حتى فجر الاستقلال.
ومن خلال تتبع مشوار مؤامراتهم اعتقد هولاء من انهم قد أستكملوا مشروع يمننتهم للجنوب العربي بل وأقفلوا كل منافذ الرؤية عن شعب الجنوب.
وحسب الشاعر:
إن حضي كدقيق بين شوك نثره
ثم قالوا لحفاة يوم ريح إجمعوه
صعب الأمر عليهم
ثم ساروا فنسوه
نعم لقد رموه الى مستنقعهم عنوة وتركوه يترنح على صفيحة ملتهبة من دم ودمع وجرائم شنعاء بحق الإنسانية طوال عقدين من زمن أسموه وحدة.
سقط في شهر واحد من الشهداء ما يساوي عدد الشهداء الذين سقطوا خلال 129 عام من إحتلال بريطانيا للجنوب.
وهي الحقيقة التي لابد من العمل عاجلا لتقديم القتلة الى محكمة الجنايات الدولية كما جرت العادة في بلدان أخرى.
لكن غزارة الفكر الإنساني في الجنوب كان أقوى جواب حيث ظلّت كفيلة في إيقاض الوعي المغيّب نحو النهوض وإستيعاب أرادتة في العودة الى الهوية مسلكا للتحرير والمقرّة في وثيقة الاستقلال وهذة خاصية تتميز بها الشعوب الحيّة فقط.
لهذا خرج شعبنا الحر وفي المقدمة جيل الهوية يتسابقون الى ساحات الوفاء والصمود بصدور عارية لمواجهة الموت من أجل الحياة وكتابة تاريخ الجنوب من جديد بدموع ودم وعرق دون وصاية من أحد سوى إرادتة الوطنية المستوحاة من رحم معاناته في ملحمة وطنية عنوانها الاستقلال.
وهنا كان العناق الجنوبي في واحدية الهدف والمصير في ثوابت جنوبية أعمدتها الاستقلال واستعادة الهوية الجنوبية العربية وبناء الدولة المؤسساتية الحامل الوحيد لمستقبل شعب الجنوب على قواعد التسامح والتصالح مع التأكيد دائما عدم التصاق الحراك السلمي بالإرهاب والقاعدة والحوثية وحياديتة المطلقة على تجنب اي مسميات العنف بل الشروع في تأمين السلام والاستقرار للمنطقة والعالم والحفاظ على مصالح المنطقة والعالم وفق تكافل يضمن حق الجنوب في مصالحة مع الآخرين دون إنتقاص.
لقد كانت المعادلة صعبة ليظهر الحراك بعد أن كان لتأسيس تاج السبق في النهوض ورسم معالم التحديات رغم الإمكانات المتواضعة لكن اقتناص اللحظة كان له دور فاعل, عمل ليس فقط على ايقاض الحس بل نقل الخميرة الى العجينة في الجنوب الأرض وانتشارها على نحو توافق بين الفكرة والأرضية التي خلقت من وحي معاناة الناس لتصبح عقيدة في الوجدان وأجندة عمل سياسي منظم على طريق التحرير.
نعم وبكل فخر أقولها هنا للتاريخ إن الجنوب غادر ماضيه نحو مستقبلة تاركا التخلف المفروض عليه من نظام الاحتلال اليمني عبر مسيرة الحراك السلمية ليخرج الى العالم رغم صعوبة الطريق وسقوط المئيات من الشهداء والجرحى والألآف من المعتقلين حتى اللحظة, الا ان النتائج باتت اليوم ملموسة على شاشات التلفاز والصحف العربية والاجنبية كل يوم والمستوى الرفيع الذي بلغتة في المحافل الدولية, كحقائق لا يمكن تجاوزها او إنكارها.
و مايقوم به الأقليم والمجتمع الدولي من جهود لحل الأزمة دليل صواب ما ذهبنا اليه.
وأخيرا وليس بآخر مساعي دول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة ومؤتمرات لندن والرياض في الاشهر المنصرمة.
وحتى وإن حاول نظام الإحتلال اليمني إلصاق صفة الإرهاب والقاعدة بالحراك السلمي فأنها محاولات بائسة يعرفها الأصدقاء قبل الاشقاء وإن صناعتها تتم في القصر الجمهوري بهدف ابتزاز وتفزيع دول الجوار والغرب. بعدما تجرع الغرب مأساة المعجلة وخديعة نظام الاحتلال في ذلك بإعطائة معلومات مغلوطة الى الوايات المتحدة الامريكية, التي أصبحت اليوم دليل تورط النظام اليمني في تلك المجزرة البشعة والمعلنة عن فضيحتها في ما يسمى مجلس النواب اليمني.
ويتواصل هذا المشهد منذو عشية التوحد بتفجيرات عدن الشهيرة عام 1991 وحتى تفجيرات عدن وابين مؤخرا على ذات النهج والهدف قبل إختراع القاعدة على النمط الذي أبتدعة نظام الإحتلال اليمني.
لم يستسلم شعب الجنوب لنتائج حرب صيف 1994 وواقع إحتلالة بل قاوم بصور عدة تجلّت من خلال تشكل منتدى المحافظات الجنوبية وموج وتيار إصلاح مسار الوحدة وحتم. وهي جهود على الرغم من محدودية نتائجها إلا انها كانت مقدمات للنهوض التاريخي في صحوة العقل وعودة الوعي المغيّب. بلغت ذروة ذلك في الإعلان عن تأسيس تاج كحامل لمشروع الاستقلال من خلال برنامجة الذي حدد ولأول مرة الثوابت الجنوبية في الإستقلال وإستعادة الهوية للجنوب العربي وبناء الدولة الوطنية الحديثة دولة المؤسسات عبر نضال سلمي.
في 13 يناير 2006 بعيد تأسيس تاج في 7 يوليو 2004كان التواصل والاعلان عن مسيرة الحراك وكان للكاتب حضور في الاشارة اليه عبر قناة الحوار اللندنية في عام 2006 على ان الاحتقانات في الجنوب تنبي عن حراك سياسي قادم في الجنوب في حين عدم الإستجابة لذلك.
وعلى هدى التنوير التاجي وسقف الإستقلال تبلورت لقاءآت التصالح والتسامح وقيام مجلس التنسيق الأعلى للمتقاعدين العسكريين والمدنيين وتلاهما المجلس الوطني الاعلى لتحرير وأستعادة دولة الجنوب والهئية الوطنية العلياء للإستقلال ومجلسي قيادة الثوره والحراك كوجهين لمكون واحد ودواليك من الهئيات والمكونات في الداخل والخارج.
وعندها أدرك الشعب في الجنوب ضرورة أرتقائة الى السقف التاجي وخرج من المهرة الى باب المندب بصوت وحنجرة واحدة برع برع يا استعمار.
وهنا تم تكسير وإزالة كافة الحواجز النفسية وتواصل الحراك على مدى 3 سنوات وبنجاح منقطع النظير.
لقد أثر تراكم السنين من وهم الإلحاق والضم والتهميش والقتل والسلب والنهب والتشريد, أثر إيجابا على نفسية الجنوبي ليصعد الحراك ويبقى الخيار الوحيد طريق التحرير السلمي في ظل صمت عربي ودولي مطبق جعل نظام الاحتلال يحرق الاخضر واليابس ويرتكب ابشع جرائمة ضد الانسانية منذو احتلاله للجنوب في 7 يوليو 1994 وحتى اللحظة.
اليوم ونتيجة لذلك يعيش شعب الجنوب حياة يصعب وصفها ولا حتى مقارنتها بغزة فلسطين.
نعم إنه واقع مر يتوجب الآن على كل قوى الحراك ضرورة الإستيعاب الأمثل لهذا النهوض الوطني التاريخي لحمل مشروع واحد لاغير لمواجهه العالم وهو مشروع الإستقلال.
وتأسيسا عليه يتوجب على الحراك من حمل جوهر هذا المشروع التاريخي وفق أرادة شعب الجنوب والمبني على قاعدة الثوابت الجنوبية العربية الهادفه الى توحيد الصف والصوت والجهد نحو الاستقلال وإستعادة الهوية الجنوبية العربية وبناء الدولة الجنوبية الحره على كامل التراب الوطني الجنوبي دون انتقاص بإعتبارة مجموع الرآي والرؤية للمجتمع نحو المستقبل في الجنوب عامة ويلبي حاجة الناس في تخليصهم من هذا الوضع المزري وسبيل لضمانة تحررهم ومستقبل الاجيال, بعيدا عن الإقصاء أو التخوين بل وبمشاركة الكل دون إستثناء, فالوطن للجميع.
ولذلك على مكونات الحراك تحمل مسئولية عدم الإكراث في عدمية الآخرين وواحديتهم بل ومنع تفرد مكون في الساحة عن الآخرين وانه الممثل الوحيد
المختزل لإرادة الشعب في الجنوب, فيكفي مغامرات الماضي القاتل ولذلك يتوجب العمل على تثبيت أجراءآت بناء الثقة وتطويرها على قاعدة مبادئ التسامح والتصالح.
و على المكونات إدراك حقيقة التكامل في العمل المشترك والجضور في نسق الفعل والهدف الجنوبي نحو تحرير المجتمع من واقعة, وأن من يقع تحت قدم نوازعة الضيقة يبقى سجين عزلتة التاريخية بل و يحمل الإدانة في جوهر مشروعة إن خالف طريق الشعب في تغريدة خارج السرب.
وعلى ان مقاييس العمل الديمقراطي مضمونة في ميثاق العمل الجبهوي ومبادئ الاجماع الوطني, الوعاء الجنوبي المستوعب للكل اثناء مسيرة التحرير لتعليم الناس قواعد العمل الديمقراطي أثناء مسيرة التحرير السلمية من حيث التعدد والتنوع.
وفي هذا المشروع يتم وضع التأمينات والتطمينات لدول المنطقة والعالم على تأمين مصالحهم وفق التكافل في المصالح لشعب الجنوب مع تلك الدول وعلى أن يكون الجنوب القادم عامل استقرار للسلم والامن الدوليين.
وهنا يمكن إسكات تلك الاصوات الباحثة عن مبررات ككوابح في طريق التحرير تحت ذرائع عدم وجود قيادة موحدة للحراك وغياب الوعاء الشرعي لتبني القضية.
و في سياق هذا التحدي نؤكد لهم على ان الجهود اليوم تبذل على قدم وساق من أجل ترتيب هذا النهج المبني وفق عمل جبهوي منظم على أسس مبادئ الاجماع الوطني الجنوبي كأليات لإدارة الاختلاف والتباين الممكن حدوثها اثناء المرحلة الانتقالية ومما يمنع الاستحواذ او التفرد بالقرار السياسي, بل ويعمق العمل الجماعي الديمقراطي, شريطة أن يكون الاشراف الدولي والعربي والإقليمي مظلة تحمي عملية التنفيذ, وبما يؤدي الى إصلاح الضرر الذي حل بالبئية السياسية في الجنوب من تجريف وتفريغ كانت نتائج ذلك واضحة في سطح المشهد السياسي اليوم.
وعلى ان يترافق هذا الجهد الجبهوي بعمل إعلامي وسياسي وفكري عبر وسائل الاعلام المختلفة لمواصلة متابعة القضية مع الجهات ذات العلاقة في القرار الدولي.
ولهذا أتمنى من الكل العمل على مواصلة الجهد لخدمة القضية وإيصالها الى الجهات المعنية بحلها.
و في ذات الوقت من المهم العمل سريعا على تثبيت قواعد الثوابت الجنوبية كمرجعية لتأمين وتحصين مسيرة التحرير السلمية.
رسالة شعب الجنوب الى الاشقاء والاصدقاء تؤكد على ان حل الأزمة القائمة اليوم يأتي من عدن فقط ولاغير ذلك كمفتاح لحل كافة العقد في المنطقة دون ذلك ستظل المنطقة راقصة على صفيحة ملتهبة.
وعلى العالم إدراك حقيقة إن الأوطان لايمكن ان تنتهي بالتقادم والحقيقة تبقى حقيقة على صدق إرادة الشعوب وقدريتها مهما تم تزييفها و الحجب عنها من قبل أنظمة ديكتاتورية, فلا يضيع حق وراءه مطالب. ولا يخفى شئ ابدا تحت الشمس.
وليعرف العرب قبل العالم من خطورة الوضع ونتائجة السلبية التي اذا لم يتم الإستجابة لإرادة شعب الجنوب ستكون حتما كارثية يصعب معالجتها. وستلتهب المنطقة برمتها ولا ينفع الندم بعدئذ بعد ان يقع الفأس في الرأس.
ولهذا فالثبات على الأرض خير برهان على مصداقية إرادة الشعوب مهما كانت الصعوبات والتحديات فكلها تنكسر وتهزم عند إرادة الشعوب.
فقطار الجنوب قد تحرك في مسيرة تحرير سلمية وسيفرغ حتما شحنتة في محطتة الاخيرة محطة الاستقلال في ساحة الحرية خورمكسر قلب عدن عاصمة الجنوب الأبدية مهما كانت الصعوبات والتحديات.
وهو المكان التي تستجيب فيها الإرادة الآهية لإرادة الشعب:
إذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر

كاتب وباحث أكاديمي
الجنوب العربي
يوليو 2010
المملكة المتحدة
برمنجهام

المصدر شبكة الطيف الاخبارية

[vvvvvv39]

هنا بداية اليمننا و يجب ان تنشر للشباب الموجودين في صنعاء الذين لا يعلمون الحقيقة ,
والذين يغشى على اعينهم إعلام نظام صنعاء اليماني

[abumahdi]

كلام في الصميم ...عندما يتفتق الفكري العبقري الجنوبي العربي عن هذا الفهم العميق لما حصل في الماضي ..والتحليل السليم لما يجري في الحاضر..والأهم من ذلك عن روؤيه واضحه, جليّه ومستشفه للمستقبل..فاذا لم يدرك الجنوبيون هذا فتلك الطامه الكبرى..وما سيصيبهم من سوء فمن أنفسهم والعياذ بالله ...لهذا دار الحديث عن الوعي ...فهل شبينا عن الطوق؟؟ ..وهل نستطيع أن نميز الخبيث من الطيب؟؟ ...أعتقد أنه من الواجب علينا اتخاذ القرار الصحيح...حتى لا نعيد التجربه الأليمه مره أخرى...لأن الذي لا يتعلم من درسه, عليه أن يعده..., والله المستعان.