القرآن الكريم - الرئيسية -الناشر -دستور المنتدى -صبر للدراسات -المنتديات -صبر-صبرفي اليوتيوب -سجل الزوار -من نحن - الاتصال بنا -دليل المواقع -
الصحافة في اليمن: ترهيب واعتداءات .. ملاحقة واعتقالات .. استجواب ومحاكمات! صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
حقوق وحريات - حقوق الإنسان
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الأحد, 13 أغسطس 2006 20:10
12-3-2004 - الصحوة نت – خاص
محمد صادق العديني
«أنت متهم بنشر أخبار كاذبة وبسوء قصد من شأنها الإضرار بالصالح العام والاساءة للدولة وخلق بلبلة في البلاد
وذلك بإبلاغ الوكالة التي انت مراسل لها في اليمن بخبر كاذب هو تعرض العقيد أحمد علي عبدالله صالح قائد الحرس الجمهوري وقائد القوات الخاصة لمحاولة اغتيال .. فما قولك؟»
بتلك الصيغة المرعبة، خاطب محققو النيابة العامة ونيابة الصحافة مساء الأحد الفائت الزميل الصحافي سعيد ثابت القيادي الجديد في نقابة الصحافيين اليمنيين ومراسل وكالة «قدس برس» الإخبارية الذي اختطفته عناصر جهاز الأمن السياسي بعد ظهر يوم الجمعة الموافق 5 مارس 4002 من وسط العاصمة صنعاء ونقلته إلى مكان مجهول تبين فيما بعد أنه أحد معتقلات مقره الرئيسي، وقبلها بأيام وفي مكان آخر احتجز الصحافي نجيب بابلي من صحيفة «الأيام».

الصحفي المعتقل سعيد ثابت نفى التهمة، واعتقاله استمر في جهاز الأمن ثلاثة أيام قبل أن يجري ترحيله مساء الأحد الماضي إلى سجن النيابة التي استجوبه محققوها الزميل بتلك الطريقة وواصلت الإجراءات غير القانونية باستمرار سجنه، بيد أن قاضي محكمة جنوب غرب أطلق سراحه ظهر اليوم التالي (الاثنين 8 مارس) وسط حضور حاشد من الصحافيين وأنصار الحقوق والحريات.

جريمة اعتقال الصحفي سعيد ثابت تحولت إلى أكبر تظاهرة احتجاجية شهدتها اليمن خلال السنوات الأخيرة حيث أعلن الصحافيون والكتّاب والسياسيون والقانونيون وعدد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إدانة الاعتقال، مؤكدة التضامن المطلق مع الصحافي، كما كانت مناسبة لإعادة الحديث وبصورة موسعة حول وضعية الحقوق وحرية الرأي والتعبير والصحافة في الجمهورية اليمنية.
من جهة أخرى اختتمت سلطات القضاء في اليمن، ممثلة بمحكمة جنوب غرب أمانة العاصمة، شهر يناير من العام الجديد 2004، بإصدار حكم إدانة ضد «الوحدوي » الأسبوعية جريدة التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، أحد أبرز الأحزاب السياسية المعارضة.                      
الحكم الذي صدر في جلسة يوم الأربعاء الموافق 21 يناير الفائت قضى بتغريم رئيس التحرير الزميل علي السقاف والمحررين عارف منصر السروري -مراسل الصحيفة في محافظة تعز- ومختار عبد القادر، مبلغ وقدره ستون ألف ريال إضافة إلى منع «الوحدوي» من الكتابة عن رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام)          مع نشر اعتذار حول ما وصفته المحكمة بالإساءة إليه .                       
وكان -الحكم- قد سبق بجملة تهديدات وإجراءات أنتها كية طالت هيئة تحرير الصحيفة، بدءاً بالاتسجواب والمساءلة المستفزة، ومروراً باقتحام مسلح لمقر مكاتبها وترهيب طاقمها، وانتهاء بإصدار هذا الحكم -وصفه قانونيون وناشطون حقوقيون بـ«الغريب»!- الذي يعد الثاني بحق «الوحدوي» خلال أقل من عام؛ والقضية الـ«12» في قائمة قضايا ومحاكمات الصحافة الحزبية والأهلية المستقلة خلال عام كامل شهدت فيه الحقوق والحريات الصحافية ما يقارب 85 حالة أنتها كية تنوعت بين الترهيب والاعتداء المادي والمعنوي، والتهديدات، والاستجواب والحجز الإداري للصحف. والمحاكمات التي تحاول ألا تستشني أيا من صحف الأحزاب السياسية والصحف الأهلية والمستقلة وكتابها الذين كانوا -في الأساس- قد استقبلوا عامهم المنصرم 2003- جنباً إلى جنب الزملاء مراسلي الوكالات الأخبارية والمطبوعات الصحافية والوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية العربية والأجنبية- بتعميمات تحذيرية تفرض الرقابة المسبقة على مهنتهم وتحظر عليهم تناول بعض الجوانب والأوضاع الداخلية في اليمن وبخاصة المتعلقة بالشأن الأمني وماهية الحكم في المستقبل؛ ولعل أبرزها تعميم وزارة الإعلام برقم «7» وتاريخ 4 يناير، الذي يتهدد الصحافيين ومراسلي الوسائط الإعلامية ويتوعدهم بالويل والثبور وعظائم الأمور، لقيامهم بواجبات ومهام رسالتهم المهنية وما برحت قيادة وزارة «الإيلام» تواصل مزاعمها وادعاءاتها بتعرض السيادة الوطنية والأمن القومي «للمس الصحافي»!!
ومثلما ودع الصحافيون اليمنيون العام 2003 بحصاد مثخن بالمرارة، استقبلوا 2004 ببشائر سيئة، كما أن معظم الكتاب والصحف التي جرجرت وبشكل متكرر طوال أسابيع وأشهر العام الماضي إلى غرف التحقيق وقاعات المحاكمة وأقفاص الاتهام على قضايا نشر، وأبرزها صحف «الصحوة»، «الأيام»، «الوحدوي»، «الأمة»، «الثوري»، «الشورى»، «الأسبوع»، «صوت الشورى» .. سيكون عليها تكرار المشهد هذا العام أيضاً، حيث رحلت الكثير من القضايا.
إن مراجعة صريحة مشفوعة بمقارنة منصفة، ووقفة شجاعة، لخارجة الأحداث التي شهدتها الحياة الصحافية في اليمن خلال الثلث الأخير فقط من العام المنصرم، والشهر الأول من العام الجديد، تستدعي المخاوف أكثر على مستقبل العمل الصحافي وحرية الرأي والتعبير في البلاد، خصوصاً مع تعدد قنوات ومصادر انتهاك الحقوق والحريات الصحافية، ولم تعد وزارة الإعلام وحدها التي تستهدف الصحافيين، فأجهزة السلطة بمختلف تسمياتها، وجهات أخرى، تشترك اليوم، وبصورة مباشرة، في هذه المعركة غير المتكافئة. إذ لا تزال الحياة الصحافية تشهد من يوم لآخر، الكثير من المستجدات المؤسفة في مجال الحقوق والحريات، تتمثل باستمرار تعرض عديد من زملاء المهنة للاستهداف المتكرر، عبر سلسلة من الإجراءات ألانتها كية المختلفة، تنوعت بين إيقاف الصحف وجرجرة الناشرين والكتّاب للمحاكمات، والاستدعاءات والاعتداءات الجسدية والمادية والمعنوية والتضييق المتواصل على حرية الحصول على المعلومات ونشرها للرأي العام، مع استمرار أكبر انتهاك يمارس ضد الصحافي اليمني، الذي يعد الأكثر فقراً من زميله في الأقطار العربية، ناهيكم عن الدول الأجنبية، سواء الملتحق وظيفياً بمؤسسات وقطاعات الحكومة أو الحزبية أو الأهلية المستقلة. فالصحافيون اليمنيون يعملون بلا ضمانات معيشية وقانونية، وسط ظروف سيئة .. فهم في المطبوعات والمؤسسات الإعلامية الحكومية مازالت مطالبهم بتحسين أوضاعهم معيشياً من خلال زيادة رواتبهم، وإقرار كأقدرهم الوظيفي الذي يحدد إطار توصيف وظيفي للمهنة، يميزه عن الوظيفة الإدارية العامة، مازالت تلك المطالب غير مقبولة من الجانب الحكومي وتُرحل من عام إلى آخر.

ما المطبوعات و«المؤسسات» الصحافية الحزبية والأهلية المستقلة، فإنهم يزاولون المهنة بدون عقود عمل توفر بعض الضمانات الكفيلة بخلق استقرار معيشي ووظيفي ومهني، وذلك بدافع الظروف المعيشية السيئة.
ولعل ما يزيد الأمور سوءاً وجود أشخاص لا دخل لهم بالمهنة الصحافية على رأس عديد من تلك المطبوعات و«المؤسسات» الإعلامية يتم تعيينهم بقرارات سياسية وحزبية، فضلاً عن «الدخلاء» الذين منحتهم وزارة الإعلام تراخيص إصدار ورئاسة تحرير صحف ومطبوعات متنوعة، فأصبحوا صحافيين يستمدون مشروعيتهم من التراخيص وبطاقات التسهيل الممنوحة من الوزارة، ذات الامتيازات العديدة، وهي ذاتها -وزارة الإعلام- التي تسخر أجهزتها دوماً لمصادرة الصحف المحلية والمطبوعات العربية والأجنبية، باحتجازها في الموانئ والمطارات، أو سحبها من الأكشاك والمكتبات، لتضمنها موضوعات تتناول الشأن السياسي في الداخل (بالمناسبة كانت الإجراءات سبباً لاعتذار الصحافي العربي عبدالباري عطوان، رئيس تحرير جريدة «القدس العربي» عن المشاركة في فعاليات مؤتمر دولي خاص بـ«كتاب في جريدة» عُقد العام قبل الماضي بالعاصمة صنعاء، تحت رعاية رئيس الجمهورية؛ وذلك احتجاجاً على مصادرة صحيفته ومنعها من دخول اليمن أكثر من مرة).

ولم تكتف وزارة الإعلام، التي وقفت خلال العامين 2001، 2002 بحسب تقارير الرصد السنوي لمركز التأهيل وحماية الحريات الصحافية (J.F.P.T.C) وراء ما يتجاوز 95% من القضايا المرفوعة ضد الصحف وإجراءات الملاحقة والاستجواب والتضييقات التي يتعرض لها الصحافيون لقيامهم بمهام وواجبات رسالتهم المهنية، لكنها كانت سبباً - وبنسبة تقارب80%- للمضايقات والإجراءات الاستهدافية التي طالت الساحة الصحافية سواء كشريك أساس أو مصدر رئيسي، وهي نسبة لا تضاهيها سوى نسب السلطات الأمنية وعلى رأسها جهاز الأمن السياسي جراء وقوفها ورراء غالبية الاعتداءات الجسدية والاعتقالات الآثمة التي يتعرض لها الصحافيون.
وهكذا يمكننا القول أن فضاء الديمقراطية في الجمهورية اليمنية مايزال ملبداً بسحب التراجع إلى الخلف، وغيوم الانهيار الذي تتسع رقعته يومياً، في صورة تختزل مأساوية الواقع المزري، وتؤكد أن الخرق الحاصل مؤشر واضح لتفاقم الوضع المتردي. وللاستدلال فإن أي مهمتم بالشأن الديمقراطي، وحرية الرأي والتعبير في اليمن، لن يجد صعوبة في تفسير المشهد بكل تحولاته، إنْ هو تتبع الخطوات وقام بمواصلة رصد الحالات، ومقارنتها شهرياً، أو دورياً، أو فصلياً، أو حتى سنوياً. وللتوثيق نورد كخاتمة لهذا الموضوع أرقاماً كان مركز التأهيل وحماية الحريات الصحافية (J.F.P.T.C) - وهو منظمة حقوقية مدنية، تحت التأسيس- وثقها في تقرير رصده العقدي لانتهاكات حرية الصحافة تحت عنوان رئيس: «الحقوق والحريات الصحافية في اليمن: 10 سنوات من الانتهاكات والضغوطات» وهي بالطبع أرقام ظلت تأخذ طريقها إلى التزايد منذ افتقاد التوازن السياسي في البلاد، وهيمنة طرف واحد على مقاليد الحكم إثر فتنة الحرب الأهلية في صيف 1994- 2003:
287: عدد القضايا المعروضة على نيابة الصحافة والمطبوعات خلال الأعوام 94-1999 فضلاً عن قائمة طويلة من الاعتداءات والملاحقات والاعتقالات طالت صحافيين وكتّاباً.

- 158: حالة انتهاكية تعرض لها صحافيون وكتاب خلال العامين 2000-2001 منها: 21 اعتقالاً، و18 حالة اعتداء، و17 حكماً قضائياًَ، و13 واقعة مصادرة واحتجاز تعرضت لها صحف ومطبوعات عربية ويمنية لتضمنها موضوعات تتناول الشأن السياسي في اليمن.
- 75: حالة انتهاك شهدتها الحياة الصحافية اليمنية خلال العام 2002 تنوعت بين الاعتداء والمساءلة والترهيب، والإخفاء القسري. وما يقارب 15 حكماً قضائياً صدرت ضد الصحافة الأهلية والحزبية، وجميعها في قضايا نشر صحفي، كان الطرف الخصم في أكثرها ممثلاً بوزارة الإعلام، وتراوحت الأحكام بين السجن والمنع عن ممارسة المهنة والتغريم المالي والتعليق عن الصدور لمدد متفاوتة.
- ما يقارب 85: حالة أنتها كية متنوعة شهدتها الحياة الصحافية خلال العام المنصرم 2003 منها 17حالة مضايقة، و11 اعتداء و10 اعتقالات، و19 استجواباً ومحاكمة، و5 وقائع مصادرة وحجز إداري لصحف حزبية وأهلية، وغيرها من حالات التعسف والتهديد، تجدونها بتفاصيل أكثر في تقرير سيصدر عن المركز باللغتين العربية والإنجليزية شهر مارس المقبل.   
الرئيس التنفيذي لمركز التأهيل وحماية الحريات الصحافية.

حقوق و حريات 23-3-2004

آخر تحديث الأحد, 13 أغسطس 2006 20:10