القرآن الكريم - الرئيسية -الناشر -دستور المنتدى -صبر للدراسات -المنتديات -صبر-صبرفي اليوتيوب -سجل الزوار -من نحن - الاتصال بنا -دليل المواقع -

مقالات

نبذه مختصرة عن حياة الدكتور/عبد الله أحمد بن أحمد مع صور لمراحل مختلفة

article thumbnail

نبذه مختصرة عن حياة الدكتور/عبد الله أحمد بن أحمد   الدكتور عبدالله أحمد بن أحمد  [ ... ]


وحدة الجنوبيين على قبر مثنى عسكر صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
مقالات - صفحة/ علي المصفري
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
السبت, 29 مارس 2008 13:08
صوت الجنوب /2008-03-29
المهندس علي نعمان المصفري
عاش مثنى حياته في خصوبة الفعل الثوري وولج إلى عمقه وتشبع به, فكان لردفان الثورة خصوصية التمييز في تشكيل البنية النفسية, ومنحه كاريزما, جعلته دوما في مقدمه الصفوف, يقدم من ذاته مشروع حل, كلما جفت منابع التنوع للخروج إلى سطح النتيجة, أنه فعلا رجلا متوازنا يدرك ويعي ماذا يعمل.ويتخذ القرار بعد دراسة, بعقل و منطق, ميزته ليكن في مستوى المسؤولية, بصمت دون ضجيج.

خمسه عقود, لم ينقذ عهد, ترك في كل بقعه زارها أو عمل فيها بصمه اثر. في الفيافي و الجبال, تلك التي شهدت لمثنى بطولات الرجولة وأكسبته مهارة القيادة, عندما جال وصال فيها ماردا, فدائيا ثم ضابطا, مدافعا عن الوطن وحياضه.
تعرفت عليه في عام 1968 في منطقه طور الباحة عندما جاء إليها ضمن طلائع جيش التحرير ,  ولم يكن للحظ إلا قوه في الحضور حيث التقيت مثنى في معسكر الحبيلين عام 1974 وأنا مترجما, برفقه رفيق دربه المناضل الجسور سعيد صالح.

لكن السنين تمضي وتتزاحم أحداث الحياة, وبعد أن تخرجت في الجامعة , وجدت مثنى, قد اخذ مكانه رفيعة في القيادة بين هيئه الأركان وسكرتارية الدفاع في اللجنة المركزية في زمن صعب وحرج, كان مثنى منطقه توازن, جمعت فيه ثنائية الحكمة وصفات الرجولة, أدخلته القيادة بامتياز. وأدى دوره بثقة بالغة في المهام التي أسندت إليه دونما ضجيج أو أنوار إلا الصدق والتحمل لكل وزر المهام بجداره.

كان رحمة الله عليه شغوفا إلى الحياة, يجد في النكتة وخفه الظل, منافذ إلى كل محيط لسلوك رجل سوي, هو مثنى الواثق من نفسه, ويتخذ من ذلك ترويضا للنفس كي تخفف من معاناة ألازمنه والمحن التي حلت بالوطن.
وعندما حلت المحنه في الوطن كان اللقاء في قاهره المعز عام 1994, وجدت مثنى هذه المرة يشرب معي من نفس الكأس ويأكل من ذات ألجفنه, ومتجاورين,وفي كل لقاءاتنا كنت اشعر دائما إن الوطن يسافر فيه ليل نهار, والأمل لا يبارحه , بنهاية محنه الوطن, و إن بقاءنا في الخارج مؤقت, والظلم سينقشع قريبا ليعود الجنوب إلى أهله.

شاءت الأقدار إن يفصل الزمن بيننا جغرافيا, مع استمرارية التواصل هاتفيا بين فتره وأخرى, لالتقية ثانيه بعد سبع سنوات, في آخر أيام غروب شمس 2007 , وكأن القضاء والقدر يخبئ بما لا نستحبه, ليكن اللقاء الأخير بيننا, فرح كثيرا بلقائنا, وكأنني تركته قبل أسابيع, كان حديثه حول الوطن وأحواله, يتحدث معي والآلام تتزاحم في صدره, تجاذبنا أطراف الحديث الودي متناسيا آلامه وكأننا سويه في رحله إلى الوطن, يسرد وقائع الذكريات ويسبرها بفطره وكأننا نشاهد فيلما سينمائيا تم تصويره بناء على رغبه منا, ثلاث ساعات لم يغيب عنا صديق ولم ننسى رفيق عن الذكر, أشعرني بأنه يمتلك مخزون عظيم من الحب, وضمير حي حاضر في الوجدان في زمن يحتاج الجنوب لمثل هؤلاء الرجال.

ظهرت ملامح التعب عليه, وحاولت أن استسمحه عذرا بالاستئذان, لكنه كعادته, كان مصرا على الاستمرار بالحديث, مما أحرجني وجعلني مضطرا للمغادرة.
لحظه من الزمن, تركت لدي انطباع من نوع خاص, إن الدنيا بخير, ولن استطع سرد كل ما دار بيننا لحساسية الأحداث ولأهميتها سأحتفظ بأسرارها إلى حين الزمن يسمح البوح عنها.

وعندما هميت المغادرة, ودعته وكان للحديث بقيه, شعرت حينها وكأنني أعيش لحظات الوداع الأخيرة  مع هامه وقامة وطنيه عالية, يصعب تكرار أحداث تاريخها, وموهبة قيادية ندر امتلاكها من بعض أبناء جيله, ممن شقوا طريقهم بين صخور التاريخ ليعتلوا مكانه ويصنعوا مجدا لوطن, كان ظله في كل أيام وليالي غربته وفي رحيله نحو الوطن وهو حاملا وسط قلبه وفي ثنايا عقله قضيه وطن امن بها, يتعبد في محرابها بصدق الوفاء والأيمان بانتصار الوطن.

تركته وبين شفتيه كلمات لازالت حتى اللحظة, وديعة لنا والأجيال, إن قضيتنا عادله وستنصر, وانه لا يضيع حق مادام وراء هذا الحق مطالب.

كانت اللحظة الأخيرة عند مردم شقته المتواضعة, حينه, لمع  من بين عينيه بريقا, لخريطة وطن, عاش وتحمل وزر وآلام السنين من اجله, ليرتحل بجسده إليه بكبرياء, رافضا الذل والخنوع والاستسلام إلا أن يكون بجوار ربه وقريبا من رفاقه ويلتحف تراب الوطن, لينام قرير العين.

 عاش منفاه وهو يحمل وطنه بثبات بين البطين الأيمن والأيسر مضحيا بحياته حتى آخر اللحظات من العمر, وعكس كبريائه في وصيته, بأن لا يدفن إلا في الجنوب وعلى إن ينقل جثمانه مباشره إلى عدن ومن ثم  إلى الذنبه مسقط رأسه في ردفان.

ولمثنى في زمن العتمة وداع من نوع خاص, استقبل الآلاف جثمانه, ولم يخرج شخص واحد لاستقبال من عادوا, ولازالت أسباب نزوحهم قهرا لم تنتفي بعد, واستقبلهم نفر من القصر, وذاك كان خيارهم, وبقى مثنى كعادته نسرا جسورا يعتلي المجد شموخا للنصر في زمن سقوط أصحاب الحلول الوسطية.ظل شامخا لا يقبل المهانة, دافع عن قضيه وطنه ولم ينحني ولم يتقهقر لامتلاكه أرادته فولاذيه, عاش منفيا قهرا لأنه دافع عن هويته ووطنه, ونعتوه زورا وبهتانا في محكمه نظام القبيلة بتهمه الخيانة العظمى, وهل يصدق عاقل يوما, إن الذئاب الحمر كما أسمتهم إمبراطوريه التاج وهو يعتلي مجد البطولات والملاحم ومثنى احدهم, أن يصبح خائن وطنه وهو من كان ضمن الطلائع الأولى لثوره ردفان لأولى؟؟؟.

الموكب المهيب لتشييع جنازته والذي حضره الجنوبيون من المحافظات الست, برهن بما لا يدع مجالا للشك على توحد أبناء الجنوب, وارتقاءهم إلى مستوى المسئولية, ونضجهم النوعي, وان قوتهم في توحدهم, والسمو فوق جراحات الماضي, والنهوض للتوازي مع العصر ومتطلباته, وهو ما شد انتباهي لحضور الجنوبيين من مختلف ألوان الطيف السياسي ، وان الجنوب حزبهم الأوحد, وتحدد الفرز على قبر مثنى, فقد حضر وزير الدفاع اللواء محمد ناصر أحمد والدكتور ياسين سعيد نعمان مع غياب قيادات أو ممثلي عن الأحزاب المنضوية في اللقاء المشترك , في ما اكتظت ساحة المقبرة برموز من قيادة الحراك الجنوبي,  وفي مقدمتهم حسن باعوم, ولم يحضر احد ممن يدعون بوحدانية الشعب والأرض وهم يمارسون التمييز والعنصرية حتى على أسوار قبور موتانا, وكأن موتاهم من عيار ثقيل أما أهلنا فلهم وخلفهم شعب ووطن وتاريخ وهوية.

مما يعطينا استنتاج واحد, بان من يتخندق خلف الشعارات والأوهام كشف نفسه بذاته وان ولاء الجنوبيين للجنوب فقط, ومسكونين بحبه مهما تعددت مواقعهم, وان سلطه 7 يوليو 1994 وحلفائهم, وان اظهروا تحالفات مع بعض الجنوبيين, لم ولن يتنازلوا عن سياساتهم تجاه الجنوب فكرا وممارسه, ولنا عبر و دروس خلال  17 سنه, و على سور قبر مثنى كان ليس آخرها, مما ألهب وجدان الجنوبيين مرددين شعارات: بالروح بالدم نفديك بالجنوب, مما يؤشر على أنتاح استراتيجيه وتكتيك يرتفع إلى مستوى أحداث ألانتفاضه والحسم النهائي للقضية برمتها.

رحم الله مثنى واسكنه فسيح جناته والهم أهله وأصدقائه وجميع محبيه الصبر والسلوان, وأنا لله وأنا إليه راجعون.
 


باحث ومحلل سياسي أكاديمي
لندن : مارس 2008
 

آخر تحديث السبت, 29 مارس 2008 13:08