القرآن الكريم - الرئيسية -الناشر -دستور المنتدى -صبر للدراسات -المنتديات -صبر-صبرفي اليوتيوب -سجل الزوار -من نحن - الاتصال بنا -دليل المواقع -

مقالات

نبذه مختصرة عن حياة الدكتور/عبد الله أحمد بن أحمد مع صور لمراحل مختلفة

article thumbnail

نبذه مختصرة عن حياة الدكتور/عبد الله أحمد بن أحمد   الدكتور عبدالله أحمد بن أحمد  [ ... ]


التمنّـي والرجــاء في لغة الجذور - بقلم : د\محمد فتحي راشد الحريري صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
مقالات - صفحة الدكتور/ محمد فتحي راشد الحريري
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الجمعة, 09 يناير 2015 19:47

 إن ما استقر عند بعض الناس من أن التمني طلب المستحيل ، والترجي هو طلب الممكن ؛ خالٍ من الدقة ؛ لأن التمني قد يكون لغير المستحيل هذا من جهة ، ومن جهة ثانية فإن الترجي ليس طلبا ، وإنما هـو ترقب حصول الشيء لذلك لم يعدُّوه من الإنشاء الطلبي .. .

فالتمني طلب الشيء المحبوب والمأمول ، وقد يكون ممكنا ، وقد يكون مستحيلا ، فالنفس كثيرا ما تطلب المستحيل ، فإذا كان الشيء المُتَـمَـنَّـى ممكنا ، فيجب أن لا يكون مما تتوقعه نفسك ؛ لأنك إذا توقعته كان ترجيا ، وهنا يجب أن نلاحظ أمراً قلَّما يفطن اليه إلا فقهاء اللغــة وهو أن الترجي يجب أن يترافق مع الأخذ بالأسباب ، فتعـدَّ للأمر عِـدّته وتتهيّــأ له وفي طلبه !

فإذا قلت .. ليت لي سيارةً فهذا يعني ألا تكون متوقعًا لما تتمناه ؛ لقلة ذات اليد ، ولكثرة التكاليف وغيرها من الأسباب ، وهذا أمر ممكن ( مقدور لبعضهم \ غير مستحيل ) ، لكن صعوبة تحققه تجعلك غير متوقع له وبالتالي فهو في دائرة المأمول والأحلام فقط  .
أما إذا كانت الأسباب مهيَّـأة لك ، وقد أخذْتَ بها سعيا حثيثاً ، وكنت تتوقع الحصول على تكاليف هذه السيارة ثم الحصول عليها  لما بذلتَ وقدَّمْتَ من أسباب وعمل فإنك تستعمل لعل ، فتقول : لعل لي سيارة  ولقد كنا نتعلم مثل هذا في السنين الاولى من دراستنا ، فمدرس العربية كان حريصا على إغناء حصته بالامثلة التي تفرِّق بين استعمالات كل من ( ليت ) و ( لعلّ ) .
كلاهما حرف مشبه بالفعل يدخل على الجملة الاسمية فينصب المبتدأ ويرفع الخبر ، أو الأصح أن نقول
يبقي الخبر مرفوعا ، ومثال ذلك  أن نقول :
دارُنا واسعةٌ ، فاذا دخلت ( ليت ) قلنا :
ليتَ دارَنــا واسـعـةُ ،،، أما مع  ( لعلّ )
لعلَّ  دارَنــــا واســـعـةٌ ....
والفرق واضح بين التعبيريْن ، فعند التمني نستعمل صيغة ليت .... وهذا يعني أننا نحلم ونطلب الأمانيّ ودارنا ليست واسعة لكنها أمنيّتنــا دون أن نفعل شيئاً ، وعند الترجي نستخدم صيغة لعلَّ ...... الخ ، وهذا يعني أنني سأقدم الوسائل وآخذ بالأسباب الموصلة إلى  ما تطلبه نفسي ... كلاهما تطلبه النفس :
لكن التمني يبقى في دائرة الأحلام والاوهام ، والترجي متوقع لأنني قدمت له وأخذت بالأسباب الموصلة لتحقيقه ،،، ومن هنا كان خطــأ  العبارة النمطية ( البروتوكولية ) السائدة في التداول الاجتماعي " أتمنى لكم الخير " ! فأنت وفق هذه العبارة لا تتمنى لصاحبك شيئا ، وتـقـول ذلك بالطبع عن حُسْن نِـيَّـة ، ولو كنت تطلب له الخير لقلْتَ : " أرجو لكم الخير " .
واسمع قول الله تعالى : ((وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا ))
سورة الاسراء\ 28 . فلم يقل القرآن ( تتمناها ) وانما قال : ((ترجوها )) فاذا سألك الأرحامُ نفقة غير موجودة معك الآن ، لكنها متوقعة برحمة الله تعالى وبما أعددْت أنت لذلك من الأسباب التي بها ترجو حصول النعمة ، فَـعِـدْهم بقولٍ ليِّن ميسور  ، كما قال الشاعر :
إلا تكن وَرِقٌ يوما أجـــــــود بهـــــــا **** للسائلين فإنّــــي ليِّــــن العـودِ
 لا يعـدم السائلون الخيـر من خُـلُـقي **** إما نوالي وإما حسن مردودي
وهناك من يعارضنا من اللغويين في هذا مستندا الى استعمال التمني بغير هذا الوارد في حياة السلف ومن يُؤخذ عنهم من علمائه : فقد  جاء في مجمع الزوائد للهيثمي: ([باب فيما يتمناه العبد] 17226 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (إذا تمنى أحدكم فلينظر ما يتمناه فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته) .  رواه أحمد وأبو يعلى . وإسناد أحمد رجاله رجال الصحيح) ..

واستدلوا أيضـاً  بتمني الموت ، الموت قطعاً ليس مستحيلاً بل المستحيل هو الفرار منه .
وفي القرآن الكريم يقول جلَّ وعلى : {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95)} سورة البقرة ،
وأيضاً :{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)} سورة آل عمران .

وورد في حلية الأولياء  للحافظ الأصبهاني رحمه الله  :
اجتمع في الحِجْـر مصعب وعروة وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر فقالوا: تمنَّـوْا. فقال عبد الله بن الزبير: أما أنا فأتمنى الخلافة. وقال عروة: أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عني العلم . وقال مصعب: أما أنا فأتمنى إمرة العراق . والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين . وقال عبد الله بن عمر: أما أنا فأتمنى المغفرة . قال : فنالوا كلهم ما تمنوا ولعل ابن عُمر قد غُـفِـر له) .

وجــاء في صحيح الإمــام  البخاري رحمه الله :
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان الرجل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصَّهـا على النبي صلى الله عليه وسلم ) فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي صلى الله عليه وسلم ، وكنت غلاماً شاباً أعزب وكنت أنام في المسجد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت في المنام كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار فإذا هي مطوية كطيِّ البئر ، وإذا لها قرنان كقرني البئر وإذا فيها ناس قد عرفتهم فجعلت أقول : أعوذ بالله من النار أعوذ بالله من النار فلقيهما ملك آخر فقال لي : لن تراعَ . فقصصْتُـهـا على حفصة فقصَّتْهـا حفصةُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال : (نِعْـم الرجل عبد الله لو كان يصلي بالليل ) . قال سالم : فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً) . ونقول لهؤلاء الباحثين الكرام أن طلب الله لهم بتمني الموت جاء على هيئة التحدي ، وهؤلاء النفر من الصحابة أكرمهم الله تعالى بكرامةٍ خاصة ، والقاعدة عند علماء العقيدة : " ما كان معجزة لنبيّ جاز أن يكون كرامة لوليّ " .

ويقول أبو الطيب  المتنبي في بيته الشهير ، ولعلّ هذا الشاهد لا يخدم قضية المعارض :
ما كلُّ ما يتمنّــى المرءُ يدركُـــه **** تجري الرياحُ بما لا تشتهي السُّفُـنُ
وهكذا فالرجــاء : نقيض اليأس والقنوط .. رجا يرجو رجاءً. ورجَّى يُرجِّي ، والرّجاء الأمل مع تقديم الأسباب ، والرّجاء الطّمعُ، والرَّجاءُ التَّوَقُّعُ لمَرْغوبٍ وتعلّق القلب بمحصولٍ محبوب في المستقبل كما يقول الجرجاني ، وأقول : إن هذا التعلق يقتضي السعي وتقديم الأسباب وإلا كان التعلق بأوهام وخيالات مستحيلة التحقق  ، ويُستعمل الرَّجاءُ في موضع الخوف ...
أما الأمنيّات ( جمع أمنيّــة\ بتشديد الياء ) فتطلق على التعلق بأمرٍ وهمي ، أي أن تعلق نفسك بأمنيّـة ، وليس لهذه الأمنية سند من الواقع يوصلك إلي تحقيقهـا .
قال تعالى مفنِّدا أوهام أهل الكتاب وأحلامهم الفاسدة: ((وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ . ))  سورة البقرة\ 111
ومن هنا كان بيت الشعر الخالد :
ألا ليت الشبابَ يعود يــومـاً **** لأخبــره بمـــا فَـعَـلَ المشـيبُ
فعودة الشباب من المستحيلات التي تُضاف الى  الغـول والعنقاء والخِـلّ الوفيّ ، وناسَـبَها في الاستعمال الجذوري الفصيح الحرف الناسخ ( ليت ) الذي يفيد الأمل الفارغ والأمنيّـات الحالمة .
ولو قال : ( لعل الشباب يعود ) لكان معتوهــاً أو مخبولا ، فالشباب  لن يعود إلا بالأحلام والرؤى !
===============  حـاشــيــــة :
@بعض الناس يقول التمني وإن لم يتحقق فإنه يروح عن النفس .. فقد ترتاح النفس عندما تتعلق بأمل كاذب وتعيش أياما في نوع من السعادة وإن كانت سعادة وهمية .. نقول إن الصدمة التي ستلحق بالإنسان بعد ذلك ستدمره .. ولذلك لا يكون في الكذب أبدا راحة .. فأحلام اليقظة لا تتحقق لأنها لا تقوم على أرضية من الواقع وهي لا تعطي الإنسان إلا نوعا من بعد عن الحقيقة .. ولذلك يقول الشاعر:
منى إن تكن حقاً تكن أحسن المنى **** وإلا فقد عِـشنا بهـا زمناً رغـداً
أمانــي من ليــل حســان كأنمــــا ****سقتنا بها ليلى على ظمئ ٍ بـردا 
يعني الأماني لو كانت حقيقة أو تستند إلي الحقيقة فإنها أحسن الأماني لأنها تعيش معك .. فإن لم تكن حقيقة يقول الشاعر
فقد عشنا بها زمنا رغدا ... وتبقى الأماني أماني وأوهاما من سراب !!!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

آخر تحديث الاثنين, 23 فبراير 2015 07:09