الناشر
ماينشر
يعبر عن وجهة نظر الكاتب أو المصدر ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارةمنبرحر
حدث أبي قال -بقلم - فاطمة غندور |
![]() |
![]() |
![]() |
مقالات - صفحة الكاتبة:فاطمة غندور |
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS |
الأحد, 18 يونيو 2017 13:59 |
أنا ![]() رجل المقاومة : الشريف الذهبي في أوائل الاربعينيات ( 1943 ) كان مجيء الفرنسيين لأدارة فزان قد ألقى بظلال قاتمة كئيبة ساعة استعمروا الواحة عقب المحتلين الايطاليين إذا بادروا بمعاملة تعسفية وزرعوا الرعب في كل أنحاء الواحة ، و كان أبي الزروق قد علم بسجن ثلاثة من رفقته تُهمتهم أن جرى كشفهم ساعة ردموا سلاحهم في مخبأ باطراف الواحة وقد أكتشفتهم عيون وبلغت عنهم ، وأُعلن عن عقوبة قاسية هي الاعدام لمخالفتهم الاوامر بعدم الاستجابة لنداءات لم تكف لتسليم الاسلحة، مازال مشهد دموية الانتقام من رجل المقاومة: "الشريف الذهبي" ماثلا أمام عيني ، حكى والدي عن وفد تألف من شيخ الواحة وبعض رجالات الاحياء الاربع لبراك ( الزاويه ، المصلى ، القصر ، العافيه ) اذ عرضوا فدية بمقابل أطلاق سراح "الذهبي" لكن مسؤول السجن رفض رفضا قاطعا معيدا عليهم أن لا فصال في معاقبته ، من استطاع مقابلة "الذهبي" نقل وصيته بعد أن وصف روحه المعنوية العالية ، و التي تمثلت في جملة واحدة بما فحواها : أنا لا أخاف الموت ، فقط أحسنوا دفني ، وكأنه أحس ببشاعة ما سينفذه الفرنسيون من تعذيب جسدي يومي سجنه ثم التمثيل بجثته ،وكانوا عقب اعدامه أخرجوا الاهالي ليشاهدوا درسا لهم بأن لا يتجرؤا على مخالفة الاوامر ، كان والدي يوم أُعتقل "الذهبي" قد حملني حبات من التمر و جرة ماء واستطعت الافلات من مراقبتهم اذ ظنوا أنني اتمشى لاهيا ، و مع اقتراب ظلمة الليل دفعت باب سجن " دار قوزايا " وكان من سعف النخيل ، و دخلت عليهم وبلغتهم سلام والدي وأمانته ، أتذكر أنهم كانوا صامتين ، وبادرني الشريف الذهبي وربت على كتفي واحتضنني ثم دفعني بعدها مشيرا بيده الى أن أغادر سريعا سرقتُ النظر إليهم متعجلا فوجدتهم يناولون بعضهم ذلك الزاد .. وفي الواحة أخذ المحتلون من الجنود الفرنسيون راحتهم في الحركة والتنقل صباح مساء ، وفي استباحة لكل بقعة غير مُراعين لحرمة بيت أو حياض الزرائب والحظائر وجداول الزرع ما عمرت ببعض من الخضار التي اعتاش الاهالي منها فقد تقاسم الفرنسيون كما الطليان جبراً محاصيل أهالي الواحة . حين كُنا و جيراننا في بعض الليالي نفترشُ الارض ويظللنا قمر الصحراء تحمست راوية الواحة زينب بارينا وبدت تُشيد بشجاعة شقيقتي الكبرى"نفيسة" التي غابت عنا يومها تحسبا لغضب أو ملامة منا أخوتها أو من زوجها ، أو ربما لاعتبارٍ مُجتمعي مُحافظ ،فقد سربت قريبةٌ للخالة " بارينا " الخبر ، و كيف حملت شقيقتي منجلها وتصدت لأحدهم إذ باغثهن المتسكع الفرنسي مُتحرشا وهن يجمعن حبات التمر المتساقطة ( النفيض ) وقد صاحت أحداهن : يا بنات.. ألحقن ..تعالن.. ما تباعدن ... جرت "نفيسة" فقد كانت أرشقهن حركة ، وخمنت أن الصراخ اشارة الى ملمة وأمر جلل مس رفيقاتها بغابة النخيل ، حملت محشتها عاليا وما إن بان عليها ذلك الفرنسي ، حتى صاحت فيه لاعنةً فعلهُ ، فما كان منه إلا ان أطلق ساقيه للريح ، ما حمس البنات المُرتجفات لرفع ما يقع بأيديهن من الارض ورميه عقبه ،وهنا قالت " بارينا " حمسنا فعل " نفيسه " ، و لنا مع بني هلال ميعاد هلموا لنُكمل السيرة .. (*) محمد بن زيتون:المعلم الرائد، والكاتب الذي نشر مقالات في جريدة ليبيا المصورة في نهاية الثلاثينيات وعمل رئيسا لوكالة الانباء الليبية عقدي الخمسينيات والستينيات . (**)مصطفى الاسطى : ظل معلما بولاية طرابلس وهو والد الكاتبة والباحثة أسماء الاسطى . (***)هي سيرة غابت و لم تدون في سجلات الجهاد الليبي "مرويات الذاكرة الشفوية" ، ولم يُدرج أسماء هؤلاء الشهداء الابطال كما لم يطالب نظامنا السابق من فرنسا بتعويض عن حقبة من الاستعمار لجنوبنا مارست فيه السلطة الاستعمارية الفرنسية ضيما وعسفا على كل سكان واحات الجنوب . -- فاطمة غندور - كاتبة صحفية - أستاذة بكلية الفنون والاعلام - جامعة طرابلس - ليبيا |