((( الوثيقة التاجية .. قراءة مفتوحة ))) بقلم : بوعمر طباعة
مقالات - مقالات عامة
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الثلاثاء, 29 سبتمبر 2009 18:41
مقدمة
الفكرة والحقيقة إذا ولدت لا تموت ، ويظل صداها يرن في الآذان حتى تصدأ جميع المدافع المصوبة إليها
ــ كولدج ــ



في منتصف شهر يوليو 2009م ظهرت المبادرة الوطنية التي قدمها الأستاذ أحمد عمر بن فريد والتي عبرت في مضمونها الفكري والسياسي على بناء أرضية وطنية تستطيع اشتمال كل أطياف الجنوب العربي في ظل ما جاء بعد ظهور الرئيس علي سالم البيض في 21 مايو 2009م ، وقد احتملت مبادرة الأستاذ أحمدبن فريد عدداً من النقاط الإيجابية إلا أنها هزمت لعدم احتوائها للمضمون السياسي الجوهري لقضية الجنوب العربي التي عبرت فيه مبادرة الأستاذ أحمد بن فريد عن القضية بما يرغب أن يستمع إليه خاطفي القضية الجنوبية العربية ، فلقد جاءت المبادرة مفتقدة للجانب الرئيسي فكرياً وسياسياً عند الاتجاه صوب ( تعويم ) الجنوب العربي ...

وعلى الرغم من ظهور المبادرة والخوض في تفاصيلها بين القبول والرفض لم تستطع المبادرة أن تفرض وجودها حتى تلاشت من الأذهان المشتتة بين بيانات الهيئات والمجالس والمكونات ، وبين استمرار الاستقطابات السياسية على أسس المرجعيات التاريخية إن صحت التسمية لما يجري على الساحة الجنوبية العربية سياسياً ، وكان من المفترض أن تكون مبادرة الأستاذ أحمد بن فريد هي مفتاح لأفكار أخرى لتتبلور مبادرات أخرى من الساسة والمفكرين وحتى المكونات السياسية المتنافسة إلا ان ذلك لم يحدث حتى يوم 29 سبتمبر 2009م عندما ظهرت مبادرة الدكتور عبدالله أحمد الحالمي الرئيس السابق للتجمع الديمقراطي الجنوبي ( تاج ) لتحمل فكرة سياسية لابد وأن تحظى في هذا التوقيت بجهد القراءة والبحث بل والأهم الالتفاف حولها ...

تبدو مبادرة الدكتور عبدالله الحالمي أنها تجاوزت سقطة مبادرة الأستاذ أحمد بن فريد عندما أسس الدكتور الحالمي من خلال مدخل المبادرة المقترحة والتي تناول فيها القضية الجنوبية العربية من نقطة بدايتها ومروراً بمختلف المحطات التاريخية حتى الوصول إلى حالة الجنوب العربي الحاضرة سياسياً واجتماعياً ، ولعل هذا الجانب هو ما تنسجم معه ( حركة تاج ) فكرياً مع هذه الرؤية التي وثقت للتاريخ السياسي الجنوبي العربي ...

إذن لابد وأن يمثل مدخل المبادرة جزءً لا يتجزأ من مضمون المبادرة لأن السياق الكامل يصل بالمبادرة إلى تقريب كل الأطياف والمكونات السياسية الحاضرة في الجنوب العربي إلى نقطة التقاء هي غاية كل المجتهدين لأجل الجنوب العربي حاضراً ، فالمدخل شكل أرضية صالحة لأنه احتمل التاريخ السياسي موجزاً إلا أنه كان دقيقاً في الوصف ، وهو ما جاء بسياق أوصلنا إلى أن يوم 13 يناير 2007م أو ما يسمى يوم التصالح والتسامح كقاعدة وطنية لا يجب التفريط فيها ليس على اعتبار طي الماضي دونما اعتبار منه بل على العكس من ذلك تماماً فالماضي هو جزء من الحاضر إلا أنه من 13 يناير 2007م فالقضية لها مرجع هو استقلال " الجنوب العربي " ...

ولنتأمل فيما جاء في مدخل مبادرة الدكتور عبدالله الحالمي من خلال هذه الأسطر التالية :
( علينا أن ننسى أساليب الماضي* و ندير أمورنا بأساليب وأشكال اليوم المتجددة والنيرة والذي يعتبر جيل اليوم من الشباب هم قوتها و عمودها الفقري و سر انتصارها.


يجب بأن نتيح التنافس بين مختلف* القوى الجنوبية و نشجعه و نعطي مجال للإبداع والابتكار وان نشجع* تشكيل منظمات المجتمع المدني و الأحزاب السياسية الجنوبية ونترك عملية الدمج بشكل حر لمن يريد أن ندمج مع الأخر دون تدخل من أحد كونه قرار داخلي يخص القوى الني تريد الاندماج . )
أجزم بأن هذه الرؤية لو تحققت عند القيادة السياسية وحتى عند مختلف أبناء الجنوب العربي لما وقع الجنوبيين العرب في خلافات لم ولن تؤدي لغير الشتات الحاصل اليوم ، وليس من العجب أن تتقافز الاتهامات لهذا أو لتلك الجهة بالخيانة العظمى أو التواطىء ، فالكل يتنافس على الفتات بينما تقمع الأفكار المبدعة التي يجب أن تحظى بالرعاية والاهتمام لأنها تؤسس للوطن الجنوبي العربي فيما بعد الاستقلال بأذن الله تعالى ، هذا هو المفهوم الصحيح بالتأكيد ...

الخروج من الماضي هو إيجابية ومنهجية مطلوبة حتماً ، التأسيس على قناعة راسخة بأن ما هو موجود حالياً هو جزء من مستقبل الجنوب العربي لابد وأن يكون فهماً لدى جميع أبناء الجنوب العربي شعباً قبل قيادةً للوطن ، لذلك لابد وأن يقرأ الشعب كل البرامج السياسية ويعرف مختلف الهياكل التنظيمية ، لسنا في زمن الراديكالية السياسية التي تغلق أفكارها على عدد محدود من أباعها فلقد ولت تلكم الأزمنة وأصبحت من التاريخ ، بل المطلوب هو المكاشفة والاستقطاب السياسي وفقاً للبرامج السياسية ، هذه هي الخطوة التي نريدها كشعب يريد الاستقلال ...

مفهوم الاستقلال السياسي ليس هو مجرد شعارات وهتافات بل أفكار نيرة تزرع عن قناعة في صدور وعقول أبناء الشعب لذلك فأن تمكين المفاهيم الصحيحة لأهداف الوطن وغاياته تبقى مشروعاً كاملاً لابد وأن يخاض في عبابه دونما ممارسة أدوار القمع العتيقة البالية ، الاستقلال للجنوب العربي يجب أن يكون شاسعاً ليغسل تاريخاً طويلاً بليداً لم يجني فيه الوطن إلا كل الأحزان والشتات الذي يكابده هذا الجيل الذي عليه مشروع التصحيح ومشروع الاستقلال ...

قد تكون مضامين مبادرة الدكتور الحالمي تتقاطع مع مبادرة الأستاذ بن فريد خاصة في نواحي التركيب الهيكلي والتشكيلات التنظيمية إلا أن التأصيل الفكري والسياسي هو من يرجح كفة مبادرة الدكتور الحالمي ، ومع ذلك تبقى المبادرة مرهونة بمدى استجابة القوى السياسية التي يجب أن تتداعى للدراسة والتقييم بجدية وتتجاوز أفكار الاستقطاب المسيطرة على أجواء الجنوب العربي ...

ما على قيادة الوطن كما جاءت في سياق مبادرة الدكتور الحالمي أن تكون قائدة لمثل هذه المشاريع الفكرية السياسية لأنها تفتح باباً أغلق بأمر حالة الانفلات المشاعة بين أطراف الجنوب العربي ، القيادة هنا لابد وأن تمارس دورها في تجاوز العثرات الماضية التي نقر بها ولا ندعي سلامة الجسد الجنوبي العربي منها ، وهذه ستحسب للقيادة السياسية لما ستصحح هذه المبادرة أو غيرها من المبادرات ذلكم الجدال العقيم ، وذلكم الاستقطاب الغير مبرر الذي إنما يعيدنا إلى سقطة التاريخ في 30 نوفمبر 1967م وما تبع ذلكم التاريخ من أهوال ...

*** *** ***

إلى / تاج ورجالاتها الكرام

في تاريخ الأمم محطات ، ولاشك أنكم محطة في تاريخ الأمة الجنوبية العربية ، إن تمسك الهامات منكم بثوابت الوطن وشرعية حضوره في هذا الكون إنما هو جزء من تبعات التاريخ الذي لن يستطيع أن يتجاوزكم قيد أنملة ، التشدد تجاه الوطن هو منهجية أنتم لها أكفاء وقادرين على السير قدماً تجاه ترسيخها في هذا الجيل الذي خرج في حراك سلمي يبتغي وطناً سليماً معافى من كل وكامل تبعات ما مضى ، وإلى الجنوب العربي ذاهبون جميعاً يداً بيد فلا جنوب آخر غير عربي سنحل فيه أحراراً نجباء أفذاذ ...