بين التبكير والتكبير(2) - بقلم : د\محمد فتحي راشد الحريري |
مقالات - صفحة الدكتور/ محمد فتحي راشد الحريري |
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS |
الأربعاء, 10 يونيو 2015 06:46 |
( ك ر ب ) ( ر ب ك ) ( ر ك ب ) ( ب ر ك )
فالأول منها ( ك ر ب ) يذكرنا بالشدائد والقوة ، والأصل ( الكَرَبُ) وهو عقد غليظٌ في رشــاء الدَّلْـو ، يُجعل طرفه في عرقوة الدلو ثم يُشدّ ثنايته رباطا وثيقا ، واستشهد ابن فارس بقول الحطيئة : قومٌ إذا عقدوا عقدا لِجــارهمُ *** شدُّوا العِـنـاجَ وشدُّوا فوقه الكربا ومنه الكرْب أي الغم والمصيبة القاسية، والإكراب الشدّة في العَدْوِ . وكرْب النخل في دولة الأمارات والخليج عموما ، أو تكريبه إزالة الكُرَب وبقايا السعف من السنة الماضية . والثاني ( رب ك) : جذر يدل على الاختلاط والوقوع في أمرٍ بلا وجه خلاص منه . فالربك عند العرب إصلاح الثريد وخلطه ،ولذلك يسمونه أي الثريد بالربيكة ... وهو المُعَدُّ للأكل . ويقال ارتبك في مسألة ما إذا تورّط فيها ولم يكد يتخلص منها . الثالث ( ر ك ب ) : وهو يذكِّرنا بعلوِّ شيءٍ شيئا كقولنا : ركب البعير وركب السيارة ركوبا ، والرِّكاب المطيّ ، وهو في الخليج يعني الأبل خاصة ولا يصرف إلى غيرها ، والرّكْب القوم الركبان، ومنه أيضا الركب متاع المرأة لأنه يُركب ُ . وقال الفرَّاء هو العانــة للرجل والمرأة معاً : لا ينفعُ الجاريــةَ الخِـضــابُ *** ولا الوشاحان ولا الجلبابُ *** من دون أنْ تلتقيَ الأركابُ *** والرابــع ( ب ر ك ) : ويذكرنا بالبعير إذا جَـثـــا أرضـــاً . والأصل في الجذر ( ب ر ك ) هو الثبات وأنشد ابن فارس : بَــرْك هُـجــود بفــلاةٍ قَـفْــر *** أُحْمي عليهــا الشمسَ أبْتُ الحَــرِّ و( أبتُ) بضم الهمزة وسكون الباء شدة الحربلا ريــح ، والبَرْك الإبل الكثيرةُ تشرب ثم تبرك في العطن قلنا : والبِرْكــةُ حوض الماء سُمّيت بذلك لثبات الماء فيها . وتقول العرب : طعام بريك أي ذو بركة ، وغلام مبارك ، والتبريك أن تدعو بالبركة كقولك :
" تبارك الرحمن " أو( تبارك الله ) سورة الأعراف \54 . هو تمجيد واجلال ... وهكذا لو حاكمنا ستة الجذور من العائلة اللغوية ( الكاف والراء والباء) لما وجدنا بينها أي تناغم أو مصاهرة أو تضاد ، تنافر كامل ليس بينها أي مصاهرة ، وهو مثال جيد على الجذور المتنافرة ، وقد يكون بينها جدل داخلي من باب التضاد المعنوي ، والله أعلم . |