جُـزيتَ أم جوزيتَ ؟ - بقلم - د- محمد فتحي راشد الحريري طباعة
مقالات - صفحة الدكتور/ محمد فتحي راشد الحريري
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الخميس, 17 ديسمبر 2015 03:14

 قال ابن فارس في مقاييسه:

الجيم والزاء والياء ( ج ز ي ): قيام الشيء مَقامَ غيره ومكافأتُه إياه. يقال جَزَيت فلاناً أجزِيه جزاءً، وجازيتُه مجازاةً.

وهذا رجل جازِيكَ مِنْ رجل،أي حسبك.

ومعناه أنه ينوبُ منابِ كلِّ أحدٍ، كما تقول كافِيكَ وناهيك. أي كأنه ينهاك أن يُطْلَبَ معه غيرُه.وتقول: جَزَى عنِّي هذا الأمرُ يَجزِي، كما تقول قَضَى يقضي.

وتجازَيْتُ دَيْني على فلان أي تقاضَيْته.

 

وأهلُ المدينة يسمُّون المتقاضِي المتجازِي. قال الله جل ثناؤُه: وَاتَّقُوا يَوْمَاً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً [سورة البقرة 48، 123]، أي لا تقضِي.

وقال في القاموس المحيط :

الجَزاءُ: المُكَافَأَةُ على الشيءِ،

 كالجازِيَةِ.

جَزاهُ به،

 وجزاه عليه جَزَاءً، وجازاهُ مُجازاةً وجِزاءً.

وتَجَازَى دَيْنَه،

 و~ بِدَيْنه: تَقاضاهُ.

واجْتَزاهُ: طَلَبَ منه الجَزَاءَ.

وجَزَى الشيءُ يَجْزِي: كَفَى،

 و~ عنه: قَضَى.

وأجْزَى كذا عن كذا: قامَ مَقَامَهُ ولم يَكْفِ.

وأجْزَى عنه مُجْزَى فلانٍ، ومُجْزاتَه، بضمهما وفتحِهما: أغْنَى عنه، لُغَةٌ في الهَمْزَةِ.

والجِزْيَةُ، بالكسرِ: خَراجُ الأرضِ، وما يُؤْخَذُ من الذِّمِّيِّ

 ج: جِزًى وجِزْيٌ وجِزاءٌ.

وأجْزَى السِّكِّينَ: أجْزأهُ.

وجاء في الحديث الشريف : (اذا قلت لأخيكَ: جزاك الله خيرا فقد بالغت في الثناء)

ولكن هناك من الناس من يقول : ( جازاك الله) ولا يقول : ( جزاكَ الله ). والسؤال:

أيهما أصح جُزيت خيرا أم جوزيت خيرا ؟

والجواب:

الوجهان صحيحان ، والمحك هو الفعل المُشْتَق منه.

إذْ إنَّك لو قلتَ: جُزِيْتَ خيرا ، فتكون قدْ بنيتَ الفعل الذي لم يُسمَّ فاعله من الفعل الثلاثيِّ المجرد ، بضمِّ أوله ، وكسر ماقبل آخره : جَزَى =جُزِيَ .

أمَّا إذا قلْتَ : جُوزِيْتَ خيرا ، فتكون قد بنيْتَ من الفعل المزيد : جَازَى ، بضَمِّ أوله وكسر ماقبل آخره ، وقلب الألف الزائدة واوا : جَازَى = جُوزِيَ .

وهو ما نصَّ عليه الفيروزابادي وذكرناه قبل قليل، حين نقلنا عبارة القاموس المحيط !

من حيث المعنى:

جازاه و جزاه لهما المعنى نفسه .

(جازى) تستعمل للخير والشر

بينما (جزى) تكون للخير عادةً

 

فإن استخدمت (جازى) فقل: جوزيت

وإن استخدمت (جزى) فقل: جُزيت

ولنتذكّـــــرْ قول الحطيئة ( جرول بن أوس وهو يهجو أمَّه قاتله الله):

جزاك الله شرا من عجوز ....... ولقاك العقوق من البنينا

وقول أبي الأسود الدؤلي:

أمير المؤمنين جُزيت خيرا ........ أرحنا من قباع بني المغيرة

وقول أبي فراس الحمداني:

وقائلة تقول جُزيت خيرا ........ لقد حاميت عن حرم المعالي

وقول البحتري:

جُزيت عن الإسلام خيرا ولا يضع ...... لك الله في الإسلام ما أنت فاعله

والفعل جزيت يشير الى طرف واحد قام بالفعل

وجوزيت من (جازى  ) أي فاعل

يشير الى طرفين اثنين

والجَزاءُ يكون ثواباً ويكون عقاباَ. قال الله تعالى: ((فما جَزاؤُه إِن كنتم كاذبين، قالوا جَزاؤُه من وُجِدَ في رَحْله فهو جَزاؤُه )) سورة يوسف / 74 - 75؛ قال: معناه فما عُقُوبته إِنْ بان كَذِبُكم بأَنه لم يَسْرِقْ أَي ما عُقُوبة السَّرِقِ عندكم إِن ظَهَر عليه؟ قالوا: جزاء السَّارِقِ عندنا مَنْ وُجِدَ في رَحْله أَي الموجود في رحله كأَنه قال جَزاء السَّرِقِ عندنا استرقاق السارِقِ الذي يوجد في رَحْله سُنَّة، وكانت سُنَّة آل يعقوب. ثم وَكَّده فقال فهو جَزاؤه.

وسئل أَبو العباس عن جَزَيْته وجازَيْته فقال: قال الفراء لا يكون جَزَيْتُه إِلاَّ في الخير وجازَيْته يكون في الخير والشر، قال: وغيره يُجِيزُ جَزَيْتُه في الخير والشر وجازَيْتُه في الشَّرّ.

وقدمنا ذلك قبل قليل ، والله اعلم.