بين زمط ومزط في الجذور - بقلم - د- محمد فتحي راشد الحريري طباعة
مقالات - صفحة الدكتور/ محمد فتحي راشد الحريري
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الثلاثاء, 24 يناير 2017 06:38
جاء في لسان العرب ، مادة (ز ر د) :
 
زَرِدَ الشيءَ واللقمة، بالكسر، زَرَداً وزَرَده وازدَرَده زَرْداً: ابتلعه. وقال أَبو عبيد: سَرَطْتُ الطعام وزَرَدْتُه وازدَرَدْتُه ازْدِراداً. وجاء في نوادر الأَعراب: طعام زَمِطٌ  ، وزَرِدٌ أَي لين سريع

الانحدار.
 
فاللسان يقرر التشاكل بين الزَّرد والزمط .
 
وفي التهذيب والعباب الزاخر واللسان وغيرها :

يقال سَرَطَ اللُّقْمةَ وزَرَطَها وزَرَدَها .
 

ونعود للبحث ، ونتساءل هل( زمط) بمعنى ( مزط ) المستخدمة عندنا اليوم تعبيرا عن التملّص والانفلات؟
 
في العامية الشامية لا تتفق المفردتان حيث تطالعنــــــــــــــا :
 
مزط : بمعنى انسلّ وتمَلّص وانفلت .
 
زمط : بمعنى البرد الشديد القارس، ويقولون عن الجو أو الطقس إذا اشتدَّ برده : صار زاموطــــــــــــة .ٍ
 
وفي العامية أيضــــــا ً هناك ( زلط )(1) بمعنى ازدرد  وابتلع بسهولة . بل زلط تضارع تماما كلمة ( زلع ) .
 
جاء في قاموس العوام لدمّوس( ص132 ):
 
زمط ، زمق: انسلّ ، أفلت وفرَّ وهرب. وهي تشي بـ(زلط) .
 


ومعنى زمق في تاج العروس:

تقول العرب: زَمَقَ لِحْيَتَه يَزْمُقُها ويَزْمِقُها منَ حَدَّيْ نَصَر وضَرَبَ زمْقاً أَهْمَلَه الجَوْهَرِي، وقال ابن دُرَيد : أي نتفَها لُغَةٌ في زَيَقَ واللِّحْيَةُ زَميقَة ومَزْموقَة مِثْلُ زَبِيقة ومَزْبُوقَة . وهذا بمعنى (

سمط) الفصيحة ، سمط الدابة نتفهــا .
 
وزَمَقَ القُفْلَ أي : فَتَحَه . وزَمَقَ التّابوتَ : كَسَرَه لُغةٌ في زَبَقَ .
 
وقال ابن فارس: الزاء والميم والقاف ليس بشيء، وإن كانوا يقولون: زَمَقَ شَعَره، إذا نَتَفه. فإنْ  صَحَّ فالأصل زَبقَ. وبالعودة إلى مادة (ز ب ق) لدى ابن فارس تجده ينكر هذا الجذر أيضا

ويشكُّ في عربيّته !
 إذًاً فلا زبق ولا زمق من جذور العرب عند ابن فارس، في حين أكد ابن منظور والجمهور عروبة (ز ب ق ) .
 
قلت : والعوام في بلاد الشام يقولون: مزط ، بمعنيين اثنين ، توظيفين متغايرين كما أسلفنــا .
 
وباجراء محاكمة جذورية نستطيع أن نقرر :
 
الاستخدام العامي لكلمة ( مزط) هو استخدام سليم تماما بمعنى الانفلات والتملّص
 
وهو يشير الى التقديم والتأخير في حروفه ، خاصية معروفة عند العرب.
 
مزط -----------  زمط ----------- زلط
 
 والزلط يشير الى اللين والسهولة ومنه زلط الطعام أي ابتلعه بيسر دونما مضغ.
 
أما الزمط والزاموطة بمعنى شدّة البرد ، وهو استخدام عامي أيضا ، فهو أيضا استخدام صحيح بعد قلب السين زايا :
 
سمط ------------- زمط
 
تقول العرب: سَمَطَ الجَدْيَ والحَمَلَ يَسْمِطُه ويَسْمُطُه سَمْطاً، فهو مَسْموط وسَمِيطٌ: نتَفَ عنه الصوفَ ونظَّفه من الشعر، ومن هنا جاء توظيف الكلمة تعبيرا عن البرد الشديد الذي ينتف الوبر

والريش والشعر .
 
والعرب عرفت هذا التوظيف في تعابيرها : برد يهري ، برد يقص ، برد ينتف ...
 
هذا  والله أعلم ، وآخــرُ دعـوانـــا أن الحمدُ للهِ ربِّ العالمين .
 
________________ هامش:
 
(1)جاء في التاج للزبيدي: الزَّلْطُ أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيّ وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : هو المَشْيُ السَّريعُ في بعضِ اللُّغاتِ ونقله الصَّاغَانِيّ عن ابنِ عَبَّادٍ وكأَنَّهُ لم يَجِدْهُ في الجَمْهَرَةِ حتَّى احْتاجَ إِلَى نَقْلِه عن

ابنِ عَبَّادٍ وابنُ عَبَّادٍ أَخَذَه من الجَمْهَرَةِ قالَ ابنُ دُرَيْدٍ : وليس بثَبَتٍ . والزُّلَيْطَةُ كجُهَيْنَةُ : اللُّقْمَةُ المُنْزَلِقَةُ من العَصيدَة ونَحْوِها مُوَلَّدَة قالَ شيخُنا : لا يَبْعُدُ أنْ تَكونَ عَرَبِيَّةً كأنها لسُرْعَةِ دَوِرِها في

الحَلْقِ . قُلْتُ : أَمّا وَجْهُ الاشْتِقاقِ فصَحيحٌ وقل المُصَنِّف : مُوَلَّدَة لا يَمْنَعُ ذلك وإنَّما يَعني به أَنَّها لم تُسْمَعْ في كَلامِ العَرَبِ الفُصَحاء فتأَمَّل.
 
وذكره غيره كاللسان لابن منظور.