هل حان الوقت لأعادة رسم خارطة الشرق الأوسط ؟ - بقلم - جــودت هوشيار |
مقالات - صفحة الدكتور / جــودت هوشيار |
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS |
الخميس, 26 فبراير 2015 06:45 |
يعتقد عدد كبير من المؤرخين و الباحثين و المفكرين من جنسيات مختلفة ، أن خارطة الشرق الأوسط التى رسمت بعد الحرب العالمية الأولى بموجب اتفاقية سايكس –بيكو ، بحاجة الى تصحيح ، وأن الأحداث العاصفة التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة وتداعياتها المتسارعة ، قد تؤدى الى أعادة رسمها من جديد
ان معظم الدول العربية فى المنطقة ، هى كيانات سياسية ، ظهرت الى الوجود فى خارطة العالم ، ليس نتيجة لعمليات ديموغرافية طبيعية ، ولم تكن تعبيرا جغرافيا لما هو موجود على أرض الواقع ، بل فرضت بالقوة ، بعد أنتصار الحلفاء فى الحرب العالمية الأولى وأنهيار الأمبراطورية العثمانية ، حيث قام اللاعبان
لم تكن لهذه الدول المصطنعة وجود فى الأمبراطورية العثمانية ، حتى على شكل ولايات أو وحدات أدارية – جغرافية منفصلة . فعلى سبيل المثال ، كانت المساحة التى تشغلها سوريا حاليا مقسمة .الى اربع وحدات ادارية منفصلة تأخذ بعين الأعتبار الأختلافات الواضحة بين مكوناتها . وبعد الأحتلال الفرنسى في العام
اما تأريخ تشكيل دولة الأردن كوحدة سياسية مستقلة ، فأنها أكثر غرابة و تتناقض مع شروط عصبة الأمم ، التى تم بموجبها وضع فلسطين تحت الوصاية البريطانية . هذه المملكة أخترعت على عجل للعائلة الهاشمية القادمة من الحجاز .أما الغزو البريطانى للعراق ومن ثم تشكيل الدولة العراقية ، فأنه يمثل بحق قمة في 12 آذار سنة 1921 ، عقد مؤتمر في القاهرة واستمر أسبوعين برئاسة وزير المستعمرات البريطاني ونستون تشرشل. وحضره كبار الضباط والاداريين الانكليز العاملين في مناطق الانتداب. وناقش المؤتمر « تحديد مستقبل الولايات الثلاث في ما كان يعرف بـ" ما بين النهرين " وهى البصرة وبغداد والموصل،
كان وزير المستعمرات ونستون تشرشل يخشى من تجاهل مشاعر الكورد واضطهادهم على يد حاكم شريفي مدعوم بجيش عربي ونادى بفكرة كردستان جنوبية منفصلة سياسيا عن الدولة العربية في بغداد, وقرر المؤتمر عدم إلحاق كردستان الجنوبية بالدولة العربية، وان يدار الإقليم كحزام أستراتيجي من قبل المندوب فى عام 1921 تشكلت الدولة العراقية من ولايتين عثمانيين منفصلتين هما ولايتى بغداد والبصرة فقط ، ولكن حكومة المحافظين الجديدة ، التي تشكلت بعد فترة وجيزة من انتهاء مؤتمر القاهرة ، تخلت عن قرارات المؤتمر المذكور وعملت بحلول سنة 1923 على الحاق ولاية الموصل ( كردستان الجنوبية ) بالدولة بقع النفط كانت ظاهرة على سطح الأرض في منطقة ( بابا كركر) منذ زمن سحيق ، مما سهل عمل خبراء الجيولوجيا الذين جلبتهم بريطانيا ، من فنزويلا ، والمكسيك ، ورومانيا ، والهند الصينية ، لأغراض الأستكشاف والتنقيب وتحديد اماكن حفر الآبار . وفي 14 اكتوبر/ تشرين أول سنة 1927 تدفق النفط بغزارة من
واجهت الدولة الوليدة مشاكل جمة حيث لم يألف سكان الولايات العثمانية الثلاث ( الموصل ، بغداد، البصرة) كيانا سياسيا متماسكا من قبل ، وكانت الولايات الثلاث تتميز بخصائص اثنية وطائفية خاصة تختلف كل منها عن الأخرى. وكان الإسلام هو الرابط الرئيس بين هذه الولايات الثلاث ولكن الدين وحده لم يكن كافيا في ويجد المتتبع لتأريخ تلك الفترة الحاسمة في تأريخ العراق، أن الكورد عارضوا الحاق كوردستان الجنوبية بالدولة العربية الجديدة ودعا زعماؤهم الى إنشاء دولة كوردية مستقلة .
يتبين مما تقدم ان الدول والكيانات المصطنعة من قبل الحلفاء ، لم تكن قادرة على الأستمرار فى الحياة والمحافظة على حدودها الحالية الا بوجود نظم دكتاتورية قمعت الشعوب الخاضعة لها بالحديد و النار . بعد مائة عام تقريبا على ابرام تفاقية سايكس – بيكو ، الشرق الأوسط يغلى من جديد ، ولن يشهد الأستقرار المنشود ، الا بعد تحرر شعوبها وحصولها على حقوقها المغتصبة . فالشعوب غير العربية ، ليست أقليات فى الشرق الأوسط ، بل شعوب عريقة تعيش فوق أراضى الآباء و الأجداد و من يعيش على أرضه ، لن الواقع الجديد يفتح الأبواب على مصاريعها ، لتهب منها رياح التغيير ،التى لن يستطيع أحد بعد اليوم ، الوقوف أمام تيارها الجارف . وقد حان الوقت لأعادة النظر في خريطة الشرق الأوسط حسب مصلحة شعوبها وليس الأستعمار الذي لم يعد له وجود .
|