'' مقبرة الرئيس الصالح '' طباعة
مقالات - صفحة/ لطفي شطارة
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الجمعة, 20 أبريل 2007 09:39
صوت الجنوب2007-04-20/لطفي شطارة
بعد حوار طويل حول المستقبل الذي ينتظر اليمن في إحدى جلسات تجمع اليمنيين الأسبوعية في مهجرهم في
لندن ، اقترحت على صديق لي بعد أن انتهينا من حيث بدأنا ، بأن الأمل بالمستقبل في ظل سلطة أصبحت تمرر سياستها بالكذب والخداع ، وتشرع الفساد وتثبت نفوذ القتلة واللصوص وتكهرب الحياة المدنية بقمع العسكر ، سلطة فقدت مصداقيتها في الداخل والخارج لأنها تبيع وهما ، رغم أن الداخل والخارج على حد سواء لا يثق بها ولا بوعودها ، ولا بحديثها عن الديمقراطية التي أفرغت من محتواها رسميا بعد إعلان الرئيس على الهواء مباشرة بأن أحزاب المعارضة ما هي الا " كروت " يلعب بها متى يشاء ، وأثبت أنه ماهر في هذه اللعبة إذا ما رأينا أنه صار لكل حزب حزب أخر مفرخ ، يسليهم بلعبة " حوار " الطرشان ولا تعرف لماذا تقبل المعارضة التي لا تستطيع أن تخرج تظاهرة صغيرة أن تجري حوارا مع حزب حاكم وتهرع إليه من أول طلب للدعوة لها ، طالما أنها كروت في عرف السلطة  ، فالاستنتاج الأخير أن اليمن سلطة ومعارضة كل يشرع لبقاء الأخر  ، يمارسون سياسة الخداع على شعب أكثر من نصف سكانه أمي ، والنصف الأخر في طوابير البطالة التي تزاد طولا ويزداد الشباب تدمرا ، اقترحت على صديقي أن يقوم الرئيس علي عبد الله صالح ببناء أكبر مقبرة في العاصمة صنعاء يطلق عليها " مقبرة الرئيس الصالح " لتضاف إلى سلسلة الأسماء للجمعيات والمؤسسات التي ارتبطت باسمه، فنتاج 28 عاما من العبث في السلطة يستحق الرئيس أن يبني مقبرة تحمل أسمه ويدفن فيها كل الضحايا الذين  ماتوا بسبب ممارسات سلطته ، بدء من ضحايا مما وصف بمحاولة الناصريين الانقلاب على حكمه عام 78 وجرى دفنهم في حفرة جماعية في مكان ما في صنعاء ، مرورا بالمئات من ضحايا حرب المناطق الوسطى في الثمانينيات وحرب السيطرة على الجنوب التي بدأت في 27 ابريل في عام 1994 والتي راح ضحيتها الآلاف بين قتيل ومفقود حتى ألان ، وانتهاء بحروب صعدة الثلاث التي حصدت الآلاف أيضا ومازالت حتى ألان مفتوحة دون مبرر غير الاستمرار في شهوة القتل تحت شعارات وطنية لا يفهمها إلا الرئيس نفسه ومن حوله أيضا ، واقترحت أن يكون هناك جانب كبير في المقبرة للضحايا الذين سقطوا في الحروب القلبية التي حصدت وتحصد مئات الأبرياء في مختلف محافظات الشمال تحديدا ، ولم تنجر إلى هذه الحروب التي تشعل بإرادة عليا إلا محافظة شبوة الجنوبية بفعل تغذية وإذكاء نار الفتنة بين قبائلها ، على يحدد مكان خاص في المقبرة للذين ماتوا وهم واقفين قهرا من ممارسات متنفذي السلطة او أقرباء الرئيس ، كما يجب أن يدفن فيها ضحايا الفقر والمرض وانعدام توفر حتى المعايير الأدنى للرعاية الصحية ، ناهيك في أيكون للمقبرة ركنا خاصا للأطفال حيث وصل رقم الوفيات إلى أعلى نسبة في العالم للأطفال الذي يموتون في سن الخامسة من العمر بسبب سوء التغذية وانعدام الرعاية الصحية ، ونقص نسب التلقيح العام للأطفال في اليمن خاصة من يقطنون في المناطق الريفية أو الذين يسكنون المدن الرئيسية ويسيطر عليهم الفقر. متقدمة حتى على الصومال التي لا توجد فيها سلطة ، كما يجب ان يعطى مكانا في مقبرة الرئيس الصالح أيضا للشباب الذين انتحروا من يأسهم بحياة بلا مستقبل ، حيث تقول الدراسات انه قد تزايدت في الآونة الأخيرة حالات الانتحار بين اليمنيين ، ذكروا وإناثا ، حتى صارت تشكل قلقا اجتماعيا وأمنيا، خاصة وأن المجتمع اليمني يعرف بأنه مجتمع محافظ، ويغلب على أفراده التدين، إلا أن الظروف المعيشية المتدهورة في السنوات الماضية شكلت سببا رئيسيا في إقدام كثير من الشباب والشابات على الانتحار، ومن سيحصي عدد الذين قتلوا في عهد الرئيس علي عبد الله صالح سيجد أن المبالغة في أرقامهم التي يطرحونها عن أحداث 13 يناير 86 في الجنوب ما هي الا نقطة في بحر من دماء أبرياء الشمال والجنوب على حد سواء سالت من أجل تمكين هيمنة الرئيس الرمز وحاشيته على مقدرات البلد ، ولست حاقدا على الرئيس او من حوله بوضعي مقترح كهذا ، بل أن الرئيس نفسه يعترف بذلك ويكرر باستمرار مفاخرا أنه قدم دماء من أجل دخول حضرموت وعدن في عام 94 ، وهذا دليلا على استرخاص حياة الناس ، ولول فتشنا في تاريخ قادة العالم الذين برروا قتل الأبرياء من أجل بقاء الدولة كما كانوا يعلنون ، فسنجد أن ما جرى في الشمال منذ 78 وحتى اليوم ، يضاف إليه ما حصدت من أرواح الأبرياء منذ " الوحدة " مع جنوب اليمن 1990 وحتى اليوم ترتقي هذه الممارسات إلى أعمال التطهير الذي لا ينافسه فيه إلا نظام الخمير الحمر بزعامة بول بوت في كمبوديا خلال فترة حكمهم في السبعينيات من القرن الماضي ، حيث قتل ما يقارب المليون إنسان في حروب غير مبررة كتلك التي حدثت في اليمن من 78 وحتى اليوم ولا تزال مستمرة ، او الذين ماتوا في عهد بول بوت بسبب المجاعة والفقر والمرض والأعمال الشاقة ، وهي نفسها معايير الموت في اليمن منذ 28 عاما من حكم يقودنا ألان إلى نفق مظلم وطريق مجهول .
 ولذا فأني أرى أن كل اللغط الذي صاحب عملية تعيين الدكتور محمد علي مجور رئيسا للحكومة خلفا لعبد القادر باجمال يراد منها إخفاء ضحايا المرحلة الإبادة " التجريبية " في الحكم والتي استمرت  28 عاما ، دفع ثمنها من يجب أن يخصص لهم الرئيس بكل فخر كنتاج لسنوات حكمه مقبرة شاملة تنقل إليها كل جثث صراعات وممارسات حكمه ، على أن تكون ضمن أولويات حكومة الدكتور محمد علي مجور  في تحديد مساحة للأرض لإقامة " مقبرة الرئيس الصالح " ، وان لا يتم تسويرها لان الضحايا يتساقطون يوميا بسبب القهر والفقر والمرض  وحرب صعدة التي يسقط فيها الأبرياء يوميا من الجانبين ولا اعتقد أن نهايتها قريبة ، قبل أن تكذب علينا السلطة بأن التغيير الحكومي جاء من أجل توفير المياه التي تنضب بسرعة ، او الكهرباء التي سقط المئات من ضحايا مرحلة " الصالح " قبل ان تدخل قراهم .
لقد أرادت السلطة من خلال إثارة الزوبعة عند تعيين الدكتور مجور وإقالة باجمال بالطريقة التي قيل أنها تمت عبر رسالة هاتفية بجواله الشخصي ، أن تحجب عن العالم مآسي 28 عاما من الكذب ، بأن مرحلة التغيير والإصلاح قد بدأت ألان وبواسطة نفس النظام الذي افسد جميع مسئوليه ، و يسعى جاهدا تلميع صورته عبر سلسلة أكاذيب تنشر هنا وهناك في صحف ومواقع اليكترونية مورس ضدها سياسات الترهيب او الترغيب لإجبارها على قول عكس ما تحمله قناعات محرريها ومسئوليها او واجهوا الإقفال والحجب ، لتغطية حجم الكارثة التي ستحذق باليمن بفعل سياسات فاشلة  من خلال فرقعات إعلامية  أخرها زوبعة الجولة المكوكية للرئيس إلى كل من بريطانيا وهولندا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية ، حسب ما نشرته أول أمس صحيفة " الشرق الأوسط " عن السفير اليمني في واشنطن " أحد أقرباء الرئيس " ، بأن صالح سيلتقي الرئيس بوش والكونجرس وأن برنامج الزيارة لا يزال قيد الإعداد ، أي أنهم يبحثون عن مؤسسات لديها من الوقت يستطيع أن يزورها الرئيس للترويج عن أوهام وتكرار تطمينات ووعود مل منها الجميع في الداخل والخارج ، خاصة وأن الزيارة ستأتي بعد مؤتمر الاستثمار الخليجي الذي سيعقد في صنعاء من 22 إلى 23 ابريل الجاري ، وكل هذه الفرقعة تريد أن توصل للخارج أن الوضع في اليمن عال العال وأن الجدية في بناء الدولة بدأت بعد أن انتهت 28 عاما من الطيش السياسي والإبادة الجماعية والحروب القبلية  ، وبناء دولة الفساد بأعمدة المتنفذين من " الأسرة الحاكمة " ومن حولها من البطانة الغير صالحة ، مع أن جميع الدول التي سيزورها الرئيس لها سفارات في صنعاء تعرف عكس ما تروج او تنوي الترويج له السلطة حتى وإن جاملتها في بعض الأحيان .
الدكتور مجور سيتحمل وحسب إجماع آراء كثير من السياسيين والاقتصاديين وأساتذة الجامعة  عبء حكومته قبل أن يتحمل عبء المسئولية المرمية على عاتقه  ، فهو وسط مجموعة وزراء البعض منهم فاشل بالفطرة ويعد بحكم وجوده في تشكيلات حكومية سابقة والحالية أحد الذين مهدوا الطريق لنا إلى الكارثة المنتظرة ، والبعض الأخر حديث الولاء في تقديم البيعة للرئيس لا للوطن أثناء توليه المنصب .. بعضهم أعتقد أن التغيير الحقيقي يبدأ من أحواش وقوف السيارات ، والأخر بدلا من أن يقدم المجرمين من قتلة الحامدي ليدلل بحكم منصبه الجديد أن التغيير مستحيل فداس على القانون بقدميه ومهد الطريق لتسوية قبلية دفع ثمنها أربعة ثيران وبضعة كباش ، تهجيرا لسحق رجل بسيط في شارع عام وأمام أولاد من قبل بلاطجة النظام من قبيلة الرئيس .. رحمة الله على كل مواطن سقط في ظل الحكم " الصالح " ، وعشمنا الوحيد من السلطة أن تترحم على ما فعلته سياساتها طوال 28 عاما وما تزال أن تجمع ضحاياها في مقبرة جماعية تبقى إنجازا حيا وللأجيال القادمة ، يطلق عليها وكما أسلفت  " مقبرة الرئيس الصالح " القادمة ،.... والله المستعان
آخر تحديث الجمعة, 20 أبريل 2007 09:39