خطاب السيد الرئيس علي سالم البيض بمناسبة الذكرى ال16 لاحتلال الجنوب العربي طباعة
سياسة - كلمات
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الأربعاء, 07 يوليو 2010 20:43

خطاب السيد الرئيس علي سالم البيض بمناسبة الذكرى ال16 لاحتلال الجنوب الرقم: / 201/2010
التاريخ/ 26 / رجب /1431هـ
الموافق:/ 07/ يوليو/2010م
خطاب السيد الرئيس علي سالم البيض بمناسبة الذكرى ال16 لاحتلال الجنوب


(إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ، أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ).
الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على نبيه الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن سار على دربهم إلى يوم الدين.

يا شعبنا الحر الأبي في الجنوب
تمر اليوم ذكرى السابع من يوليو المشؤومة.ففي مثل هذا اليوم قبل 16 عاما سيطرت قوات الاحتلال على بلادنا وأخذتها غنيمة حرب،ونهبت ودمرت دولة الجنوب، التي بناها شعبنا الجنوبي بالتضحيات الجسام،وسوّرها بالآمال والأحلام الكبيرة.
وإذ أخاطبكم اليوم ليس من أجل الوقوف على الأطلال،بل من أجل تذكير العالم بهذا اليوم الاسود، الذي حل على شعب الجنوب فغير مسار حياته.

لقد جاءت جحافل الاحتلال لتهدم المنارة الجنوبية،وتقتل أحلام شعبنا، وتقوض مشروعه في البناء والتحديث، وتحرمه من نعمة العيش الكريم.
ظن المحتلون ان الدبابات والمدافع والصواريخ تستطيع قتل الروح المعنوية للجنوبيين،وتقهر ارادتهم في الحرية والاستقلال،لكن 16 عاما من الاحتلال بينت لهم العكس،فهاهو شعب الجنوب يضرب منذ ثلاث سنوات موعدا جديدا مع التاريخ،فمثلما طرد اعتى امبراطورية في التاريخ،فإنه عقد العزم على طرد المحتلين الجدد،سماسرة الموت والجريمة.
16عاماً مر على الاحتلال، ظن عبرها الغزاة المحتلون أن تقادم الزمن كفيل بإسقاط الحقوق الأصيلة لشعب الجنوب، والتسليم بالأمر الواقع والخضوع لإملاءات منطق القوة وسيف الإرهاب، والتسليم بمعادلة الاختلال بموازين القوى، والانصياع لإرادة الطغاة والمتجبرين، ولكن هيهات.. فقد أظهر شعبنا وهو يستحضر ذكرى الاحتلال بأن كل شئ تغير بعد 16 عاما منذ ذلك اليوم المشؤوم ، وهذا ما يعبَّر عنه الشيوخ والكبار والعجائز والأطفال والشباب وهم ينخرطون في صفوف الحراك الوطني السلمي وفعالياته .

بعد مضى 16 عاماً على الاحتلال، ورغم الاختلال في موازين القوى، والدعم اللامحدود الذي حظيت به دولة الاحتلال من قبل الدول الغربية كافة، إلاَّ أننا نتوقف أمام الحقائق السياسية التالية:
أولا/ لقد استعصت القضية الجنوبية على كل محاولات الطمس والتصفية، واستمرت حية قوية في نفوس أبنائها.
ثانيا/ فشلت كل محاولات إجهاض الحراك الوطني الجنوبي السلمي،وأكدت أحداث السنة الماضية على ان شعب الجنوب أكثر استعصاءً، ولن يخضع لسياسة التطويع ، وظل الاحتلال منبوذا، لدى كل الشرائح والأوساط الشعبية.

ثالثا/ إن ثقافة المقاومة والممانعة السلمية ازدادت انتشاراً وتأييداً في كافة الأوساط الشعبية، وظلت راية النضال خفاقة، وأضحت المقاومة السلمية الخزان الذي لا ينضب وأقصر الطرق للتحرير والاستقلال، ونشأ جيل جنوبي جديد حفظ العهود، ووفى بالوعود، وتسلم الدفة، وقاد المسيرة المباركة نحو استعادة دولة الجنوب وعاصمتها عدن الأبية.

رابعا/ لقد انكشفت كذبة المقولة التي زعمها الاحتلال منذ السابع من يوليو 1994، وهي أن الوحدة بالدم راسخة وقوية.بل أكد حراك شعب الجنوب على انه مصمم على انتزاع استقلاله مهما بلغت التضخيات.
خامسا/ لقد ثبت أن سياسة المراهنة والمغامرة السياسية والجري وراء وعود سرابية طريقها مسدود،وأن الأمل معقود على قوى الاستقلال.

سادسا/ان خيار الوحدة الوطنية يتعزز كل يوم،وهو امر لا يمكن لأحد أن يمنعه أو يقف في طريقه،كما انه لا بديل عنه.
ليس هذا الكلام تنظيراً أو مواساة للنفس، لكنه حقيقة نشهد تجلياتها وعظمتها في الصمود الفذ لشعبنا منذ 16 عاما، إذ كان صبره ونضاله وتمسكه بحقوقه بمثابة شريان الحياة لهذه القضية، الذي أمدها بكل أسباب البقاء والحضور والتجذر في وعي الأجيال القديمة والجديدة على حد سواء، هذا الوعي الذي تجلَّى عبر الحراك الوطني السلمي، الذي حمل هم التصدي للاحتلال حتى غدا رقماً صعباً يحول دون ضياع الحق.قدمنا آلاف الشهداء والجرحى والأسرى الأبطال من خيرة أبناء شعبنا، ولكن ظلت المسيرة ماضية، متصاعدة، قوية، ثابتة.

إن ما يواجهه شعبنا في الجنوب اليوم من مظاهر الحصار الخانق والاستهداف على جميع المستويات لهو دليل دامغ على مدى التحيز العربي والدولي، بل الإسهام في توفير الغطاء لاستمرار جرائم الاحتلال، عبر الصمت على المجازر اليومية. إن هذا الصمت يعتبر دعماً للاحتلال وتحيزاً فاضحاً وتكريساً لمنطق الهيمنة وتجاوزاً للأعراف والقوانين الدولية، في الوقت الذي يعاني فيه شعبنا من مصادرة حقه في تقرير مصيره. غير أننا نؤكد بأن كل ذلك لن يغير من الحقيقة شيئاً، ولن يطمس معالم القضية الجنوبية، ولن يسقط الحقوق الثابتة ولن يغطى على جرائم الاحتلال،التي تتحدث عن نفسها يوميا،وتشهد عليها قوافل الشهداء،الذين يروون بدمائهم الزكية تراب الجنوب.

في هذه المناسبة نشيد بأبناء شعبنا في كل مكان،الذين حافظوا على هويتهم وانتمائهم وأصالة مواقفهم وشكلوا طوقاً لحماية الجنوب. إنني أخاطب أهلنا الصابرين وأقول لهم أننا نعيش وندرك المعاناة الحقيقية التي تمرون بها،وشظف العيش الذي تعانون منه،لقد عطل الاحتلال كل مناحي الحياة بفعل هذا الحصار الجائر،تعانون في لقمة العيش، ونعرف أن هناك أسر تطوى يومها دون طعام أو زاد، العمال والتجار وأصحاب المصانع، والقطاعات المختلفة عانوا من هذا الحصار، لقد نهب الاحتلال ثرواتكم وضيق عليكم وفقدتم خيرة أبنائكم، وذلك لأنكم قلتم نعم للجنوب ورفضتم الخنوع أو التفريط أو التنازل. ولكن نعرف أيضاً أنكم أثبتم أنكم أكبر من الاحتلال، لم تنكسر إرادتكم، ولم تضعف عزائمكم، ولأنكم على الحق بإذن الله، فأصبحتم مثلاً وقدوةً ومحط أنظار الأمة والأحرار في كل العالم، فثقوا بالله واستعينوا به وتوكلوا عليه واستقووا به فلن يضيعكم ، ولن يجعل الله للظالمين عليكم سبيلاً، وسيجعل لكم فرجاً ومخرجاً وعزاً ونصراً، ونحن معكم وأمامكم في هذه المسيرة، ولن نخذلكم أو نسلمكم أو نتمايز في العيش عنكم، على هذا عاهدنا الله، وعليه نعاهدكم، وثقتنا بنصر الله القريب يقين يغمر نفوسنا ويقوي عزائمنا ويشد من أزر ثباتنا، ويجعلنا نمضي في سبيلنا مطمئنين لقرب يوم الاستقلال. ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ونقول لشعبنا وشهدائنا وجرحانا وأسرانا الأبطال (فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ)، وصدق الله القائل (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا).

16 سنة من الاحتلال
16 سنة من المقاومة
16 سنة ولم تسقط القلعة الجنوبية
16 سنة العهد هو العهد والقسم هو القسم
وثورة حتى التحرير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

علي سالم البيض
رئس جمهورية اليمن الديمقراطية