منتديات مركز صوت الجنوب العربي (صبر) للحوار

إن ثورة الجنوب- حقيقة بأن يتأملها المؤمنون الداعون إلى تحرير وطنهم وانفسهم اينما حلو وترحلو في كل أرض وفي كل جيل . فالتحرير والانعتاق ، والتقريرات والتوجيهات المصاحبة لها . . كان يخط بها خطوطاً عميقة في تصور طبيعة الدعوة إلى الاستقلال ونيل الكرامة الانسانية ، ودورابناء الشعب فيها ، واحتمالاتها المتوقعة في مجالها الواسع - وهو اسمى هدف انساني ووطني وعقائدي، وأبعد مدى من الحياة - وهو يرسم للوطنيين الصادقين معالم الطريق ، ويعدُّ نفوسهم لتلقي أي من هذه الاحتمالات التي يجري بها القدر المرسوم ، وفق الحكمة المكنونة في غيب الله المستور .
إنها ثورة الجياع كما قال احدهم ، واستعلنت حقيقة إيمانها . ثم تعرضت للفتنة من أعداء جبارين بطاشين مستهترين بحق " الإنسان " في حرية الحياة وتقرير المصير وحتى التفكير وهو اقل مطلب، وبكرامة الإنسان عند الله عن أن يكون لعبة يتسلى بها الطغاة بآلام تعذيبها ، ويتلهون بمنظرها في أثناء الاعتصامات والمظاهرات .
وقد ارتفع الإيمان والتصديق بهذه القلوب على الفتنة ، وانتصرت فيها الثورة والكرامة على الحياة ، فلم ترضخ لتهديد الجبارين الطغاة ، ولم تفتن عن خط توجهها واهدافها على الاقل حتى اللحظة، وهي تستصرخ وتنادي بحقوقها ووطنها وحريتها وكرامتها .
لقد تحررت هذه القلوب والعقول من عبوديتها للمحتلين الغزاة ، فلم يستذلها حب البقاء وهي تعاين الموت بهذه الطريقة البشعة ، وانطلقت من قيود الأرض وجواذبها جميعاً الاحتلال والضيم والذل والافقار، وارتفعت على ذواتها بانتصار اهدافها على الحياة فيها .
وفي مقابل هذه القلوب المؤمنة الخّيرة الرفيقة الكريمة هناك جبلات جاحدة شريرة مجرمة لئيمة ، يشهدون كيف يتعذب الجنوبيين ويتألمون!
وكلما نادى صوت حق من الجنوب ليعبر ولو بجزاء بسيط من معاناتة لأن معاناة الجنوبيين يستصعب على نفر ان يقدمها فهي عميقة ومتعددة صعبة الحصر,حينها ترتفع النشوة الخسيسة في نفوس الطغاة ، جلسوا يتلهون بمنظر الحياة في الميادين والاستعراضات العسكرية والمناورات وفرض لغة الطغاة والقوة، .
وعربد السعار المجنون بالدماء والأشلاء !
هذا هو الحادث البشع الذي انتكست فيه جبلات الطغاة وارتكست في هذه الحمأة ، فراحت تلتذ مشهد التعذيب المروع العنيف ، في السجون والزنازين الرخيصة , بهذه الخساسة التي لم يرتكس فيها وحش قط ، فالوحش يفترس ليقتات ، لا ليلتذ آلام الفريسة في لؤم وخسة !
وهو ذاته الحادث الذي ارتفعت فيه اصوات الجنوبيين في ساحة الحرية والشيخ عثمان وردفان ويافع ولودر وشبوة والمكلا وكل بقاع الجنوب وتحررت وانطلقت إلى ذلك الأوج السامي الرفيع ، الذي تشرف به البشرية في جميع الأجيال والعصور .
في حساب الأرض يبدو أن الطغيان قد انتصر على الحق والكرامة والحرية، وإن هذا الحق الذي بلغ الذروة العالية ، في نفوس الفئة الخيرة الكريمة الثابتة . . لم يكن له وزن ولا حساب في المعركة التي دارت بين قوات الاحتلال والشعب الاعزل!
أفهكذا ينتهي الأمر ، وتذهب الفئة الثابتة على الحق التي ارتفعت إلى ذروة الثورة ؟ تذهب مع آلامها الفاجعة في ساحة الحرية؟ بينما تذهب الفئة الباغية ، التي ارتكست إلى هذه الحمأة ، ناجية ؟
حساب الأرض يحيك في الصدر شئ أمام هذه الخاتمة الأسيفة !
لو حصلت !