فيصل الصفواني يكتب:مواصلة التحريض ضد ابناء الجنوب ؟
 

مواصلة التحريض ضد ابناء الجنوب ؟
08/06/2009
فيصل الصفواني- نيوزيمن:
توهم البعض ان زيارة الرئيس علي عبدالله صالح المطولة الى محافظة تعز جاءت في اطار اهتمامه برعاياه او كما يسميها الاعلام الرسمي اللفتة الكريمة من فخامته على بعض مناطق الوطن.
لكن الحقيقة للاسف الشديد ليست كذلك بقدر ما هي زيارة لها اهداف سياسية وابعاد مناطقية خبيثة المحتوى، فالرئيس يعلم جيداً ان اكثر السكان غبناً في هذا الوطن البائس بعد المحافظات الجنوبية هم ابناء تعز وإب الذين يعيشون في هذا البلد وكأنهم ذميون تتعامل معهم الدولة على انهم رعايا خراج يدفعون الضرائب والزكاة والجبايات ولا يتمتعون بأي حقوق وهم على هذا الحال منذ عهد دولة المتوكل على الله اسماعيل ومازالوا كذلك في عهد صاحب الفخامة الرئيس الديمقراطي والرئيس يدرك هذا جيداً.
وعندما حصحص الحق وانتفض ابناء الجنوب يعلنون عن رفضهم لمواصلة انتهاك حقوقهم وأعلنوا عزمهم على استعادة هويتهم السياسية والجغرافية المتمثلة في دولة الجنوب استشعر الرئيس خطورة ما يجري وبدلاً من ان يسعى لمعالجة الوضع في الجنوب، اختار مدينة تعز مقراً لإقامته في ظل هذا الظرف الحرج من تاريخ اليمن السياسي. ويؤكد مهتمون بالشأن السياسي ان الرئيس صالح يواصل من مدينة تعز حملته التحريضية ضد ابناء الجنوب محاولاً دق الاسفين بين ابناء الجنوب وابناء الوسط مع انه يعلم انهم في الهم سواء، لكنها الخشية والحذر من ان يتأثر ابناء تعز برياح الحرية القادمة من الجنوب وتخوفاً من انبثاق حراك جماهيري تعزي ابي مماثلاً للجنوب، الأمر الذي يدفع فخامته لتعبئة أبناء المناطق الوسطى بالكره والحقد ضد ابناء الجنوب من خلال المشايخ، على اعتبار ان أبناء المناطق الوسطى رعايا صالحين لدولة الرئيس الصالح وبالتالي ينبغي عليهم ان يتناسوا حقوقهم التي تنتهك وتداس تحت احذية وبيادات العسكر من الحرس الجمهوري والامن المركزي. وخوفاً من صحوة هؤلاء الرعايا المظلومين يتم اعدادهم كجسور وقائية لسلطة الفيد والافساد الرسمي.
انها لعبة خطيرة جداً يلعبها نظام الحكم في اليمن وتهدف لإشعال فتيل الحرب الاهلية ويستخدم تعز بالتحديد لدق طبول الحرب ضد الجنوب لأن ابناء تعز وابناء الجنوب هم في الهم سواء كما اسلفنا سابقاً ولا فرق بينهم سوى ان ابناء الجنوب يدركون اهمية حماية الحقوق السياسية والمدنية ويبادرون للدفاع عنها بأرواحهم في حين يحجم ابناء تعز وإب عن الدفاع عن حقوقهم كونهم قد استمرأوا العبودية والعيش في ظل اللا قانون واللادولة. وليست هذه هي المرة الاولى التي يختار فيها الحاكم مدينة تعز ميداناً لاعلان الحرب ضد ابناء الجنوب فقد سبق له ان اعلن تدشين حرب 94 من تعز عندما اطلق شعاره «الوحدة او الموت» وعلى إثره بأيام قلائل كانت حرب 1994م.
لقد كان الاولى بفخامة الرئيس ان يقضي اجازته الصيفية في المحافظات الجنوبية متنقلاً بين عدن وأبين وحضرموت ليتمكن من تدارك ما يمكن تداركه واصلاح ما يمكن إصلاحه وتلافي حدوث ما نخشى عواقبه من خلال العمل بجدية صادقة وأسلوب جديد بعيداً عن المناورات السياسية وبعيداً عن إهدار الوقت والمال العام على حلول ترقيعية غير مجدية، فالأزمة التي تعيشها اليمن اليوم تستدعي ايجاد حلول جذرية من منطلق الوقوف أمام المشكلات الحقيقية وإيقاف التداعيات التي تسير بوتيرة عالية، كان المنتظر من فخامة الرئيس ان يقدم تنازلات وان يضحي بعدد من الاشخاص المصنفون انهم من ذوي القربى حرصاً على وحدة اليمن وسلامة اليمنيين لكن ما يحدث يأتي مخيباً لكل الآمال ابتداء من تصنيف الحراك الجنوبي بأنه انفلونزا الخنازير ومروراً بمواصلة التصعيد والتحريض ضد أبناء الجنوب وتهيئة أجواء الحرب وتكريس ثقافة العنف والكراهية بين ابناء اليمن في الشمال والجنوب.
كل هذه العوامل أسهمت الى حد كبير في رفع وتيرة التداعيات التي نشهدها. من جانب آخر كنا نتمنى أن يبدأ فخامة الرئيس في اعلان الحكم المحلي كامل الصلاحيات في محافظتي تعز وإب بهدف حماية هذه المناطق من الاضطرابات الأمنية وجعلها مناطق آمنة كون ابناء هذه المحافظات أكثر مدنية وأكثر ميلاً الى السلام والاستقرار, لكن شيئاً من هذا لم يحدث ولم نجد الا اجراءات تصعيدية تقود البلد ومن فيه نحو حافة الهاوية، وكل آمالنا بالحلول السلمية الجدية تبخرت مع الرياح جراء الممارسات التي تنتهجها القيادة السياسية والتي لا تزيد الوضع إلا تعقيداً ولا تفضي سوى إلى مزيداً من الهدر في المال العام والوقت والامكانات التي مازالت بحوزتنا .
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]