الموضوع: العـودةْ
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-27-2016, 07:43 AM
الصورة الرمزية ماريا
مــشــرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2016
الدولة: لبنان
المشاركات: 2,523
افتراضي العـودةْ

العـودةْ


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



اترككم مع القصة . . .

ْْ العـودةْ ْْ

إن تَبق تُفجــع بالأحبـة كلهــم *** وفنــاء نفسِـك لا أبـالك أفجــع

سقطت على الأرض مغشياً عليها..
ليست المرة الأولى.. فهي تعاني من إرهاق نفسي متواصل منذ أن تزوجت قبل سنتين..
لقد أخبروها أنه رجل طيب.. وفيه خير..
تستطيعين التأثير عليه لكي يتدارك أمور دينه.. ويحافظ على الصلاة مع الجماعة..
وأنت يا بنيتي.. قد تزوجت أختك الصغرى قبلك.. وأعتقد أن هذا هو الأصلح لك..
وأصرت أمي على هذا الخاطب.. فهو ميسور الحال.. ومن عائلة معروفة.. ومركزه الوظيفي جيد..
مظاهر براقة لا تهمني..
فقد سألت عن الدين.. هذا ما يهمني.. أريد رجلاً صالحاً يعينني على الخير وعلى الطاعة.. إن أحبني أكرمني وإن كرهني سرحني سراحاً جميلاً. فما أكثر ما نسمع من تلك القصص المبكية من ظلم الأزواج ومشاكلهم مع زوجاتهم لقلة الخلق والدين.
كنت أحلم بمن يوقظني للصلاة في جوف الليل..
كنت أدعو الله في ظلام الليل ودموعي تتساقط أن يرزقني الرجل الذي يعينني على الطاعة وأعيش معه على مرضاة الله.. نسير سوياً متجهين إلى الله.. نقتفي أثر الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الطيبين..
كنت أحلم بالرجل الذي يربي أبنائي تربية إسلامية صحيحة..
كأنني أقف بالباب أرمقه هو وابني وهما ذاهبان إلى المسجد.. دعوت الله أن يتردد على مسامعي.. قول زوجي..
كم حفظت اليوم من القرآن..
وكم جزءٍ قرأت.. أحلم أنني أقف بطفلي أمام الكعبة وأدعو له.. سأنجب أكب عدد من الأبناء طالما أن في ذلك..
وأنني سأخرج للدنيا من يوحد الله.. طالما حلمت الأحكام الكثيرة ولطالما متعت نفسي بتلك الأحلام.. الحمد لله على كل حال.. احتسبتُ الأجر وصبرت على زوجي.. في البداية كان ينهض للصلاة.ز مع مرور الأيام بدأ يتثاقل..
ماذا تريدين.. الله غفور رحيم..
سأصلي..
الوقت مبكر..
هذا هو الرد السريع عندما أحثه على صلاة الجماعة حتى لا تفوته.. أحس أنه يتغير مع إلحاحي إلى الأفضل.. على الأقل هذه ما أتفاءل به..
كنت أخشى رفقاء السوء فقد حدثني عن بعضهم.. أصبحت أخشى عليه من تأثيرهم.. فكرت في طريقة قد تكون مجدية أكثر من نصحي له.
لماذا لا أعرفه على الشباب الصالح فقد يتأثر بهم..
زوج صديقتي شاب طبيب وملتزم وصالح إن شاء الله.ز أسرعت للهاتف.. رحبت صديقتي بالفكرة وشجعت زوجها.. أخبرته أن صديقتي ستأتي ومعها زوجها.. زارتني صديقتي هي وزوجها..
قلبي يرجف من الفرح.. عس الله أن يلقي في قلبه حبه. كلما طال وقت الزيارة كلما زادت دقات قلبي..
· ودعت زميلتي عند الباب..
رجعت إليه بسرعة..
جلست أضغط على أصابعي بقوة.. انتظره يقول شيئاً.. نظرت في عينيه.
فقال.. لقد كان لطيفاً وذو خلق عالٍ.. ولكنه لم يبد حماساً للقائهم وللذهاب لهم كما وعدهم برد الزيارة.. حاولت بشتى الوسائل والسبل.. أن أعينه على المحافظة على الصلاة في المسجد.
الآن إلحاحي زاد بعد أن أنجبت منه ابناً.. أسهر الليالي الطويلة لوحدي..
هو يقهقه مع زملائه وأنا أبكي مع طفلي..
أكثرت من الدعاء له بالهداية..
قررت أن أصلي صلاة الليل في غرفتنا بجواره عسى أن يستيقظ قلبه.. أحياناً يستيقظ ويراني أصلي.. وفي النهار ألاحظ عليه أنه يتأثر من صلاتي وطولها..
مساء ذلك اليوم أخبرني أن أجهز له ثيابه.. سيسافر.. إلى المدينة الفلانية في رحلة عمل.. لا أعرف صدقه من غيره.. غالباً يسافر ولا يتصل بنا.. أحياناً أخرى يتصل ويترك رقم غرفته وهاتفه.. إذا تصل عرفت أين هو.. لكن أحياناً كثيرة لا أعلم أين يذهب.. ولكني أحسن الظن بالمسلم إن شاء الله.
في مدة سفرته سأخصه بالدعاء.. في اليوم التالي لسفره.. اتصل بنا.. هذا رقم هاتفي.. الحمد لله.. اطمأننت أنه في المملكة..
انقطع صوته ثلاثة أيام.ز وفي اليوم الرابع..
أتى صوته.. لم أكد أعرفه،، صوت حزين.. ما بك.. سأعود الليلة إن شاء الله..
في تلك الليلة لم أنم من كثرة بكاءه.. ماذا جرى لك.. أخذ في البكاء كالطفل.. ثم تبعته في البكاء وأنا لا أعلم ماذا به.. وبعد فترة سادها الصمت الطويل.. أخذ ينظر إليّ.. والدموع تتساقط من عينيه..
مسح آخر دمعة ثم قال: سبحان الله زميلي في العمل..
· سافرنا سوياً لإنجاز بعض الأعمال.. ننام في غرفتين متجاورتين لا يفصلنا سوى جدار واحد.. تعشينا ذلك المساء.. وعلى المائدة.. تجاذبنا أطراف الحديث.. ضحكنا كثيراً.. لم يكن بنا حاجة للنوم.. تمشينا في أسواق المدينة.. لمدة ساعتين أرجلنا لم تقف عن المشي.. وأعيننا لم نغضها عن المحرمات.
ثم عدنا وافترقنا على أمل العودة في الصباح للعمل لإنهائه.
نمت نوماً جيداً.. صليت الفجر عند الساعة السابعة والنصف..
اتصلتُ عليه بالهاتف لأوقظه.. لا يدر.. كررت المحاولة.. لعله في دورة المياه.. شربت كوباً من الحليب كان قد وصل في الحال.. اتصلت مرة أخرى.. لا مجيب..
الساعة الآن الثامنة وقد تأخرنا عن موعد الدوام.. طرقت الباب.. لا مجيب.. اتصلت باستعلامات الفندق لعله خرج.. ولكنهم أجابوا أنه موجود في غرفته..
لابدّ أن نفتح لنرى..
أصبح الموقف يدعو للخوف.. احضروا مفتاحاً احتياطياً للغرفة.. دلفنا الغرفة..
أنه نائم..
يا صالح..
ناديته مرة أخرى..
رفعت صوتي أكثر وأنا اقترب منه..
نائم ولكنه عاض لسانه..
ومتغير اللون..
ناديته..
اقتربت أكثر..
لا حراك..
التقرير الطبي يقول: أنه مات منذ البارحة بسكتة قلبية مفاجئة.. أين الصحة.. والعافية.. والشباب.. البارحة كنا نسير سوياً.. لم يشتكِ من شيء.. ليس به مرض ولم يشتك من مرض أبداً..
أعدت حساباتي..
هذا موت الفجاءة لا نعرف متى سيأتي.. بل بدون مقدمات..
سألت نفسي لماذا لا أكون أنا صالح.. ماذا سأواجه الله به.. أين عملي.. ماذا قدمت.. لا شيء مطلقاً..
عرفت أنني مقصر في حق الله..
سكت زوجي.. بكى وأبكاني.. وبكينا سوياً..
حمدت الله على هذه الهداية.. عشنا بعدها كما كنت أحلم أو أكثر..
في الأسبوع التالي..
شكر لي جهدي معه وحرصي على هدايته.. وأخبرني أننا سوف نذهب لأداء العمرة والمكوث في مكة نهاية الأسبوع.. لنبدأ صفحة جديدة مع الاستقامة..
أكاد أطير من الفرح.. فأنا لم أذهب إلى مكة منذ أن تزوجت..
· ضُحى ذلك اليوم ذهبت إلى الحرم.. الإعداد قليلة.. فترة صيف وليس هناك زحام..
حقق الله ما كنت أحلم به..
وقفت بابني أمام الكعبة.. لكني لم أستطع الدعاء له لأنني بكيت وبكيت.. حتى تقطع قلبي..
في الغد.. إن شاء الله اليوم سنطوف طواف الوداع وسنغادر هذه الأرض الطاهرة..
بعد طواف الوداع.. عدنا من الحرم لنستعد للسفر ما هذا الذي معك.. هذا كتاب ابن رجب جامع العلوم والحكم.. هذا كتاب ابن القيم زاد المعاد في هدي خير العباد.. هذا كتاب الوابل الصيب لابن القيم.. هذا كتاب الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي.. وهذا القرآن الكريم بحجم صغير.. لن يفارق جيبي..
· أيتها الحبيبة..
هذه معالم في طريقنا إلى الدار الآخرة..
ثم أخذ يردد وهو يحمل الحقائب.
{ ربي اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء.. ربي اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب}.

ان شاء الله تستفيدوا من القصة . . .

مع تحياتي.♥♥
__________________















ربما ذات ربيع
بين شدو الطيور
ونثر الزهور
قد يُخلق لنا لقاء

التعديل الأخير تم بواسطة ماريا ; 09-27-2016 الساعة 11:47 AM
رد مع اقتباس