[طائر الأشجان]

ما أقسى أن نَظلِمَ أنفسنا ، فعندما نقول جنوب اليمن يخال لي أن خنجراً يُسدد إلى خاصرتي رغماً عني ، والأولى أن نقول جنوب الجزيرة العربية ، هكذا كان قبل حلول الكارثة :

إنفصاليٌّ نعم هذا أنا ... لستُ من صنعا ولكن من عدن
عَبَسَ التاريخ في وجه الدُّنى ... وتولّى حين أسمَونا يمََن

وكبُرتْ هذه الأكذوبة حتى أصبحتْ بحجم جبل شمسان ، بينما يُدرك المخضرَمون بأن الأخوة من اليمن كانو يفِدون إلى عدن للعمل إما في دكة المعلا ( حمّالين ) أو بائعون متجولون أو طباخون في ما يُسمى ( المخابز )
وأصبحت هذه الصورة منطمسة تماماً ، لم يبقَ إلا السوط يلوح فوق رؤوسنا ، يُجلَدُ به من كان إنفصالياً ، سبحان الله ، كنا نهفو إلى الوحدة منساقين وراء الشعارات الزائفة ، وليس ذلك بغريب فتلك فترة جنون ذهبنا فيها نطالب بتخفيض الأجور ، وهذا دليل على الجري خلف سياسة الحزب نحو المجهول ثقةً به ، مثلما وثقنا بالوحدة وتجرعنا مرارتها عقدين من الزمان ، وهي كافية للرجوع عن الغي مهما كلف ذلك من ثمن .
وإذاً كانت مقتضيات التحرر من المستعمر البريطاني يومذاك قد فرضت هذه التسمية على الجنوب ، وفقاً للتوجهات القومية الناصرية ، فإن قبولنا بإعلان الوحدة - رغم عدم استكمال مقوماتها وشروطها - كان نزولاً عند رغبة الرئيس صدام حسين في لقاء بغداد عام 1990م وهي صورة مكررة لنفس المأساة التي لم يُحسب لها حساب .
هذه الحقائق تبرز اليوم بوضوح وتختمِر في دائرة الحراك السياسي الذي تشهده ساحات الجنوب العربي المحتل ، وفي هذا الخضم يدرك أبناؤه مدى فداحة الإنقسامات بين صفوفه وما آلت إليه من ويلات ، جعلته لقمة سائغة للطاميعن ، ويرى في إعادة تلاحمه سبيلاً إلى الخلاص ، واليوم وقد دارت عجلة التحرر الثاني فإنه من سابع المستحيلات أن تتوقف إلا عندما ترتفع أعلام الجنوب خفاقة وترفرف معها قلوب كل المناضلين الأحرار من أحفاد شهداء مسيرة التحرر منذ 14 أكتوبر 1963م وحتى يومنا هذا .

تحياتي
طائر الاشجان