هكذا تنهب أراضي الجنوب.. (عدن مثالا)
هكذا تنهب أراضي الجنوب.. والناهبون ليسوا أشباحاً! (حالة عدن مثالاً) - ياسين ناشر السبت , 16 فبراير 2008 اكثر من اربعة عشر عاماً و«عدن» تستباح؛ ارضاً وتركيبة سكانية وبشراً، وتحت سمع وبصر السلطات، بل وبتنظيم وتوجيه وتحريض ودعم منها ومن قوى نافذة فيها وخارجها وبحمايتها وبالقوة العسكرية والامنية والمشائخية؛ فمنذ عام 1990، وتركيبة «عدن» السكانية، الديمغرافية تتعرض لعملية تغيير ديمغرافي مخططة ومدبرة مسبقاً وبصورة عنيفه، أيضاً، تجعل من سكان «عدن» الأصليين- المحليين أقلية، وأراضيها وعقاراتها (عامة، وقف، خاصة) تنهب، وأخطر وسائل وملامح التغيير الديمغرافي؛ غمر المدينة غمراً سكانياً كاملاً بوافدين مهجرين وفرض تقاليد وأعراف وسلوكيات وكيانات اجتماعية وثقافية، على المدينة، غريبة عن مجتمعها ونسيجها الاجتماعي والثقافي والحضاري وطابعها «الكوسبولياتي» وجعل أكبر نسبة من الملكية العقارية (اراضي، مباني... الخ)، والوظيفة العامة والتجارة في يد الوافدين المتوطنين. استباحة وتهجين ومن فرط استباحة ونهب أراضي (عدن) بات امراً مألوفاً وشائعاً أن يسمع أو يصادف المرء، هنا وهناك، وحيثما ولى وجهه، في البلاد عشرات، بل آلاف الناس (عسكر، مشائخ، تجار، لصوص...الخ) يتحدثون عن أراض لهم في «عدن» أو على وشك الحصول على أرض فيها، اما مُنحت لهم بأوامر وفرمانات سلطانية/ رئاسية، عطايا وهبات ومكرمات أو ديات وتعويضات لقضايا قتل واستملاك أرض في مناطقهم او سطوا - استولوا عليها، ويروون مأثرهم البطولية التي اجترحوها في ما أقدموا عليه، أو أنهم في طريقهم للسطو- الاستيلاء على أرض فيها، ويحثون آخرين، ايضاً، لاستصدار أوامر وفرمانات، مثلهم، للحصول على أرض أو يحرضوهم ويغروهم للذهاب مباشرة إلي (عدن) لممارسة هواية السطو والاستيلاء على أراض وعقارات الدولة والمواطنين والجمعيات والوقف، واوامر وتوجيهات الصرف، سيل لا يتوقف، فكل يوم تخرج من دار الرئاسة وهيئة أراضي الدولة في (عدن) و(صنعاء) عشرات بل مئات الأوامر والفرمانات بصرف أراضي في «عدن»، ولا يمر يوم دون أن تنشر الصحف ويردد الناس في مجالسهم، أخباراً عن وقائع وحوادث نهب ارض في (عدن) اد عن اشخاص منحوا ارضاً فيها او مناشدات واستغاثات يطلقها أبناء وأهالي «عدن» وغيرهم يجأرون بالشكوى من النهب والناهبين، حتى يخيل لغير المتابع أو القادم من خارج البلاد إن المدينة مستباحة ولا توجد دولة وقانون، (والأمر فعلاً كذلك، ولكن إلى حين) وأبناء (عدن) كالمساكين على مائدة اللئام، لكنهم لا يريدون ولا ينتظرون فتات منها، فما يأكله ويشربه اللئام، دم ولحم مدينتهم، أمهم و حبيبتهم «عدن» وسيلاحقونهم حيثما كانوا ويقدمونهم إلى العدالة ومحكمة التاريخ لينالوا جزاهم، اليوم أو غداً.. فلن يمروا!! ولا ينتظر ولا يريد أبناء عدن، وكل الجنوب، وكل مكان، سوى سيادة القانون، وإرجاع كل عقار وبيت وقطعة أرض نهبت إلى أصحابها الحقيقيين (دولة، مواطنين، وقف...) وتقديم الناهبين إلى القضاء. بعد حرب 1994 القذرة، على الجنوب وقرة عينه (عدن) صار النهب أوسع وأكثر فتكاً وعملية التغيير الديمغرافي أرسخ وأعمق، والتي هي ذاتها حرب فيد ونهب وتغيير ديمغرافي، فهي لم تشن إلا للاستيلاء على أراضي الجنوب وما في باطنها وعلى سطحها وأخذها فيداً وغنائم لجنرلاته وجحافله ومشائخه وغيرهم ممن لا يعيشون إلا على النهب والسلب والاغتصاب، وهم ذاتهم الذين أجهزوا على أراضي وعقارات الدولة والوقف والمواطنين في المناطق التي جاؤا منها فاتحين وغازين. ولضمان استمرار عملية تغيير تركيبة الجنوب السكانية، فخلال السنوات التي أعقبت «الوحدة!!» هاجر مئات الآلاف من المناطق الشمالية إلى «عدن» و«حضرموت»... إلخ وتوطنوا فيها وكانت هجرات منظمة وممولة من خزينة الدولة ومن جهات مشيخية وقبلية وعسكرية واقطاعية وتجار، وقدمت لهم أموالاً وتسهيلات وقروض بنكية لشراء اراض وعقارات، فضلاً عن مساحات شاسعة من الأراضي حصلواعليها من الدولة، وكثير منهم جاؤا إلى «عدن» ضمن خطة الإعداد للحرب. إن ما يجري اليوم لعدن وأخواتها، امتداد «متطور!!» لتلك الحرب القذرة، ومما يجعل النهب أوسع وأكثر فتكاً هو أن أراضي الدولة صارت تنهب بالكيلومترات والذين يقومون بنهبها ونهب أراضي المواطنين..الخ أناس.. . (هنا كلام لو قلناه سنوضع تحت طائلة القانون الجنائي نقول القانون، تجاوزاً)، ومما يجعل عملية التغيير الديمغرافي أرسخ وأعمق واقذر، هو أنها صارت ترسم وتنفذ وفق خطة رسمية ومعلنة ولها أشكال وأساليب عديدة وتحت مسميات شتى، آخرها حكاية- خطة «حل إشكالية الكثافة السكانية في المناطق الشمالية» و«تحقيق الاندماج الوطني»، وأسلوب الحل والتحقيق الذي تفتقت عنه ذهنية وعبقرية المخططين هو أن يُهجر سكان تلك المناطق إلى المناطق والمدن الساحلية، تحديداً عدن وحضرموت وابين ولحج، وإن توزع فيها اراض زراعية للشباب من مناطق التهجير، وهذا بطبيعة الحال، ليس حلاً، اطلاقاً بل هو غطاء وذريعة وتسويغ لعملية التغيير الديمغرافي للجنوب ولمزيد من نهب أراضيه واستعداد للانتخابات القادمة، أي أنه حيلة كالحيل الفقهية في التعامل مع «الربا!!» او تحقيق هدف عن طريق التسلل في عالم الكره!! «لا يجوز أن تحل مشكلة سكان مناطق على حساب حقوق وثروات وسكان مناطق أخرى، فحل مشكلة الكثافة السكانية -إن كانت موجودة فعلاً- أو أي مشكلة أخرى، لا يكون صحيحاً وعلمياً واقعياً وحقيقياً إلا بتشخيص المشكلة تشخيصاً علمياً وتحديد اسبابها وعوامل انتاجها واستمرارها، والقضاء على أسباب وعوامل انتاجها وفي مهدها، وليس بتصدريها إلى أماكن اخرى، وأسباب مشكلة الكثافة السكانية، هي سوء، بل انعدام، التخطيط السكاني والإسكاني والحضري العمراني، وعدم وجود عدالة توزيع الثروة وخيراتها (خذ مثلاً: 4٪ من السكان يستحوذون على 80٪ من الاراضي الزراعية، في المناطق المراد تهجير سكانها إلى المحافظات الجنوبية). إننا على يقين تام بأن المسألة ليست مسألة كثافة سكانية -وهذا ما يقوله الواقع. فالمسألة، والهدف «تغيير تركيبة الجنوب الديمغرافية» فقد قال بالنص أحد مهندسي وايديولوجيي حرب 1994، بعد انتها الحرب: «من حقنا أن نرسل إلى حضرموت مليون شمالي لكي يسجلوا هناك ويمنعوا حضرموت من الانضمام إلى دول الخليج ومن الممكن أن نرسل مائة الف جندي إلى أبين ومئتي ألف جندي إلي عدن لكي نقوم بعملية تهجين للمناطق الجنوبية ونمنع انفصاليتهاً»!!! (التعجب من الكاتب). اراضي عدن كملت أراضي وعقارات الدولة في «عدن» كانت تشكل مساحتها 98٪ من إجمالي مساحة أرض المحافظة و56٪ من مجموع عقارات المحافظة «مباني، بيوت، عمارات..الخ»، وكانت أنظمة الارض والسجل العقاري من أفضل وأدق انظمة الارض والسجل والتوثيق العقاري في العالم، وبعد عام 1990، جرى تدميرها، واستبدالها بأنظمة إقطاعية وفاسدة (وضع اليد، التقادم المكسب، الشفعة، صرف أراضي وعقارات الدولة هبات وعطايا... الخ)، وأخذت مساحة أراضي الدولة في التقلص وباستمرار وعلى نحو مخيف ومتسارع لم يبق منها سوى 30٪ حتى عام «2005» والعقارات 10٪ وذلك حسب خرائط ومعطيات وبيانات أخذت من الاقمار الاصطناعية وشبكة الانترنت «جوجل» والسجل العقاري وإرشيفات وسجلات الاشغال العامة وهيئه أراضي الدولة والمساحة والبلدية والوثائق البريطانية الخاصة بمستعمرة «عدن» وأراضيها الصادرة في 1849 /1937/ 1955/1966، ومنها اتفاقيات (أو كما سميت: معاهدات) بيع شبه جزيرة جبل إحسان، وخور بئر أحمد والغدير وبندر فقم و«الشواطئ الواقعة بين خور بئر أحمد بندر فقم وموانيها) والشيخ عثمان، المبرمة بين سلطات الاحتلال البريطاني والشيخ عبدالله باحيدرة مهدي، شيخ العقارب، وسلطان لحج علي بن محسن فضل، وتقريري لجنة «أراضي التاج» المقدمين إلى المجلس التشريعي عامي 1958/ 1961. فإذا كان سكان «عدن» المحليين يعيشون حالياً، وضعاً كارثياً حيث نهبت اراضي وعقارات الدولة وجبالها وشواطئها ولم يعد هناك ارض لبناء مستشفيات ومدارس وحدائق ومساكن لهم... إلخ، ووصلت الكثافة السكانية إلى 1000 (الف) نسمة في الكيلو متر المربع الواحد (هذا إلى عام 2001) فما الحال بالنسبة للجيل القادم من إخواننا وإبنأنا واجدادنا من سكانها القادمين وتوسعهم الاسري؟! إنها جريمة إبادة وتهجير قسري، يحق لنا ولهم اللجو إلى الامم المتحدة. «في هذا تفاصيل كثيرة سنبينها في مقال قادم». إن تقلص -تلاشي، اراضي وعقارات الدولة في «عدن»، ليس سببه زلازل أو سيول أو براكين أو عوامل التعرية الطبيعية، بل سببه فعل «بشري!!» عنوانه: النهب.. والنهب وحده.. واي نهب!! فمساحة وحجم ما نهب وينهب وفي الضربة أو الصفقة او الغزرة او الشخطة الواحدة، ملايين الأمتار ومئات الأفدنة ومساكن وبيوت ومباني حكومية ومؤسسات قطاع عام ومزارع دولة وتعاونيات بكاملها. وللنهب ثمانية أشكال/ صور/ أساليب، أربعة منها تستخدم في نهب اراضي وعقارات الدولة والمواطنين (السطو/ الاستيلاء - تزوير وثائق ملكية - الاستملاك - التعويض) واربعة تستخدم في نهب أراضي وعقارات الدولة (البيع + الوهب/ الاقتطاع + الاستثمار + ما يسمى بمشاريع اسكان الشباب وذوي الدخل المحدود - الشباب، او حل مشكلة الكثافة السكاانية) سنعرضها في قادم السطور بإيجاز شديد، باستثناء الأخير، سنفرد له مقالاً آخر نتناول بعض جوانبه، فقد تناوله الزميل العزيز د. محمد علي السقاف، باستفاضة شديدة في صحيفة «الأيام» قبل شهرين تقريباً. البيع.. وأي بيع!!؟ أراضي وعقارات الدولة تباع، ومع ذلك تباع بثمن بخس (نحن ضد بيع أراضي وعقارات الدولة، إلا في الحالات وللأشخاص الذين حددتهم الوثيقة التحضيرية لتأسيس عصبة الارض والذاكرة، المؤمل نشرها قريباً)(1) حتى الجبال والشواطئ والمباني والمواقع الأثرية والتاريخية تباع (نحن ضد بيعها على طول الخط). فمما بيع من أراض وعقارات وجبال وشواطئ ومبان ومواقع، على سبيل المثال، وهو اقل القليل مما يمكن إيراده والكشف عنه. ارض مساحتها 37500م2 في (الممدارة) خلف الصالة الرياضية بيعت لشيخين عسكريين من صنعاء بمبلغ 10 (عشرة) آلاف ريال، عام 1997، واراضي تابعة لمؤسسات وشركات قطاع عام وتعاونيات ومزارع دولة وفي أماكن متفرقة من المدينة مجموع مساحتها اثنين كيلو متر مربع بيعت لثلاثة اشخاص نافذين من صنعاء وإب بمبلغ مئتي الف ريال، عام 1995، ومقراً كان تابعاً لشركة كندين إكسن (2) ومساحة الارض القائم عليها نصف كيلو متر مربع، في خور مكسر، بيع لتاجر شخصية نافذة بمبلغ ربع مليون ريال، عام 2007. جبل شمسان.. تصوروا جبل شمسان!! رمز عز ومحد عدن وحاصت صهاريجها التاريخية؛ هضبة (مساحتها 4 ملايين متر مربع) بيعت لمستثمر بمبلغ ثمانية ملايين دولار، عام 2005، بالرغم من احتجاجات وتحذيرات العلماء المتخصصين (جيولوجيين، آثاريين، بيئيين 4100) من خطر البناء في الهضبة، ومدرسة الأمرء (سابقاً) (3) في «جبل حديد) ، وهي احدى أهم وأبرز معالم وتاريخ المدينة، بنيت في أوائل القرن الماضي، بيعت لمستثمر عربي بخمسة آلاف دولار عام 2007، لاقامة مشرع سياحي !!. إنهم ينحرون عدن.. يبيعون أرضيها وتاريخها ويمحون ذاكرتها ويدمرون معالمها.. وقبل وبعد هذا باعوا ومحون الكثير من صفحاتها، وذاكرتها، لأنهم لا ينتمون لعدن والمدنية والحضارة.. انهم مجموعة لصوص.. بالامس هدموا «معبد الفرس» في كريتر ومعابد وكنائس وأديرة أخرى ومساجد عمرها أكثر من مائة عام.. وكله، استثمار «!!».. يا لضيعة «عدن»!!. البسط- السطو- وتزوير وثائق أراضي وعقارات الدولة والمواطنين يستولي- يبسط- يسطى، عليها، عن طريق العنف والقوة العسكرية والأمنية، أيضاً، أو بتزوير وثائق ملكية أو بتواطؤ من مسؤولين في هيئة أراضي وعقارات الدولة.. إلخ، ومن ثم تجري شرعنة السطو/ البسط/ التزوير/ الاستيلاء بتوثيق ما استولي- سطي عليه، في السجل العقاري وبوثائق ملكية/ تمليك من الهيئة او تأتي تعليمات وأوامر عليا تقضي بتمكين الناهب مما نهبه وإعطائه صك مليكة به. ومما نهب وشُرعن نهبه -على سبيل المثال- من أراض وعقارات ومبان الدولة والمنظمات.. إلخ والمؤسسات،.. إلخ أثنا وعقب حرب 1994. القذرة، «مبنى الاذاعة القديم في التواهي» و«منطقة كالتكس وحتى الحسوة» و«منتزه ذو ريدان» و«مساحة في جبل هيل فوق مستشفى باصهيب» و«مقر اتحاد الفنانين في كرتير» و«الاراضي الواقعة بجانب محطة العاقل في جبل حديد» و«53 قطعة أرض مخطط قيادات الشرطة امام معسكر النصر و«محفر النيس في بير احد» و«مبنى المؤسسة العامة للحفر والري في خور مكسر» و«مخطط بئر فضل وموقع كندم الجيش، السابق، في بئر فضل» و«مبنى المحافظة، والتخطيط في التواهي» و«منازل الطوارئ في كابوتا» و«المساحة الواقعة بين محكمة عدن حتى محطة العاقل» و«عدد من المباني و المساحات في جبل حجيف فوق مبنى الاسماك»، «موقع الكسارت في الخساف- كريتر» و«منتزه رامبو في ساحل التواهي» و«مقر جمعية الصداقة اليمنية السوفيتية في كرتير» و«اراضي الواقعة تحت شرطة كريتر» و«مساحات احواض الملح بخور مكسر» و«مدرسة البينيات في المعلا» «ومقر الشباب في كريتر» «عدد من مكاتب ومنازل الشركة الصينية الواقعة في خور مكسر» «مساحة كبيرة واقعة في جبل عين في التواهي» «محطة البترول في ساحل خور مكسر، تابعة للقوات المسلحة» و«المساحة الفارغة في وديع حداد» و«معسكر ومزرعة المشاريع التابعة للامن، سابقاً، في دار سعد» و«ملعب كرة القدم في الشيخ الدويل» و«اراضي بجانب كهرباء المنصورة» و«المساحة الواقعة امام دكة الكباش- المينا القديم في المعلا» «مساحة في شاطئ خور مكسر وميناء الاصطياد «شركة سام، تابعة لمجموعة بن الامر» نادي ساحل ابين في خور مكسر «ثلاثة كيلو متر» ومقر اللجنة المركزية» و «مقر مديرية الميناء للشباب» واراضي وعقارات اخرى، لمواطنين في بير أحمد وبير فضل والخيسة وكود قرو والمصاعبة والحسوة الشعب وعمران وفقم وجزيرة العمال والقاهرة كابوتا والمهرام وأراضي مؤسسة اللحوم. سنعود لتناولها بالتفصيل في مقال آخر. «ملحوظة: اسماء الاشخاص الذين استولوا على العقارات والاراضي المذكورة قبل قليل موجودة لدينا». وهب واقتطاع ومكرمات اراضي وعقارات الدولة تصرف هبات/ مكرمات/ اقطاعات/ عطايا، فوفقاً لقانون اراضي وعقارت الدولة ولائحته التنفيذية، يحق لرئيس الجمهورية ان يصرف - يهب لمن يشاء ومتى يشأ وكيفما يشاء ولمن أراد عشرين 20 لبنة (وفي الواقع يصرف مئات اللبن) وهذا النظام كان معمولاً به قبل الوحدة في الجمهورية العربية اليمنية (سابقاً) ولا تعرفه سوى الدول والامبراطوريات والملكيات والأنظمة الإقطاعية لأنه جزء من نسيجها وأحد مقوماتها، وقد عرفته بشكل من الأشكال المملكة المتوكيلة اليمنية، فالاقطاع فيها كان (إقطاع دولة) والإمام/ الملك ظل الله في الأرض. وكتب التاريخ ووثائق أراضي الدولة تردي وتثبت ان الأمام كان يقتطع من أملاك الدولة أراضي لأمراء وعمال، وقضاة وقادة عسكريين وشيوخ ضمان... الخ، ولأن دولة الوحدة، كما قيل (ستأخذ بأفضل ما في النظامين) أبقت على نظام الاقتطاع/ الهبة !!. هذا نظام ووضع غريب وشاذ وخطير وفاسد، لا علاقة له إطلاقاً بالدولة المدنية الحديثة -العصرية، ليس لأن رئيس الجمهورية يصرف بدون ضوابط ومعايير وشروط، فحسب، بل إن الصرف/ الصلاحية ذاتها يجب ألا يكون لها وجود في القانون ولا في العرف ولا في الواقع، فأراضي وعقارات الدولة، ملكية عامة -ملك عام- دومين عام وليست شيء خاصاً وملكاً شخص يجوز وهبه، والملكية العامة للشعب/ المجتمع كله، لا يملك احد الحق في وهبها أياً كان الواهب، والموهوب، وحصول المواطن على أرض او عقار يجب أن يكون وفقاً للقانون وبشرط وأسس يحددها القانون، وكحق له وليس هبة أو منة او مكرمة من أحد. إلى ذلك، صرف/ تقديم أراضي وعقارات الدولة، هبات/ عطايا (اي بفرمانات سلطانية!!) ينسف مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين للحصول على أرض ويهدر حقوق المواطنة ويحرم المحتاجين الحقيقيين منهم، من الحصول على أرض، ومصدر اثر غير مشروع، فمن ذا الذي في مقدوره الوصول إلى رئيس الجمهورية (بصرف النظر عمن هو، فنحن نتكلم عن المبدأ والصلاحية وليس عن شخص الرئيس.. أياً كان) غير المتنفذين وسراة القوم ومن لف لفهم او من لديه واسطة؟ ومن يضمن أن طالب أرض، هبة، او وهبت له دون طلب، محتاج فعلاً للأرض للبناء او الزراعة وليس للمتاجرة والإثراء؟ ومن يضمن أن رئيس الجمهورية (أياً كان شخصه) لن يستخدم الهبة للإجهاز على أراضي منطقة ما، لا تروق له او لإغراق سكانها الاصليين بمهجرين من مناطق أخرى يوطنون فيها عن طريق منحهم ارضاً فيها؟ ومن يضمن ألا يستخدم الهبة لشراء ذمم او لتمويل حملاته الانتخابية؟ علماً أنه لا يوجد طريق دستوري لمساءلة رئيس الجمهورية عن ممارسته صلاحياته وسلطاته واختصاصاته من قل البرلمان، فالدستور يجيز مساءلته جنائياً فقط! *** تصوروا... الآلاف من أسر وأبناء المدينة بدون مأوى وأرض، يعجز الواحد منهم عن الحصول على بضعة أمتار لبناء سكن أرض (عشة) وإن حصل عليها فبشق الأنفس وبعد أن يكون قد سلخ من عمره سنين طوال بين دهاليز مكاتب هيئة الاراضي، يتابع ويراجع ويتوسل المسؤولين للحصول على أرضاً، ومات كثير منهم قهراً وكمداً، وهم يحلمون بالحصول على أرض في مدينتهم يبنوا عليها جدراناً وسقفاً يأوون اليها مع اسرهم،تحفظ خصوصيتهم وأسرارهم وشيء من إنسانيتهم وكرامتهم المهدورة، بينما هناك من تمنح له ارض فيها خلال ساعات ولم تطأ قدمه يوماً المدينة من قبل ليتاجروا ويضاربوا بها. تصوروا.. طيلة السنين الماضية والآن، أيضاً، كلما يذهب أبناء وأهالي «عدن» إلى هيئة الاراضي للحصول على أرض او لإكمال معاملة صرف أرض، يقال لهم ان رئيس الجمهورية أوقف الصرف وسيفتح الصرف قريباً، ويظل حالهم سنين كمن ينتظر «جودو».. الذي يأتي ولايأتي، في حين تخرج من الهيئة وأمام أعينهم ويومياً عشرات الاوامر بصرف أرض لأناس من خارج مدينتهم. واحدة من هؤلاء المنكوبين والمقهورين المواطنة العدنية الخالة أمينة صالح عليوة، إبنة (التواهي) التي هالها ما نشرته «الثوري» في عام 2004، حول صرف الأراضي.. كتبت رسالة إلى رئيس تحريرها الصحف والكاتب الجسور والشجاع والمقدام وأحد قلاع الحرية الصديق الأستاذ خالد سلمان تقول فيها بالنص: «بعد قراءتي العدد 1838 الصادر في 23/9/2004، استغربت كثيراً على هذه الصرفيات للارض للمسؤولين وأولادهم وأقربائهم وأني مسجلة من عام 1986. في الأراضي وعندي أوامر بصرف بقعة صغيرة 12*12 وحتى الآن لم أتحصل على بقعة وعند المتابعة يقولون الأمر بيد الرئيس، وأعيش حالياً مع ستة أولادي في غرفة تحت عمارة في التواهي والعيال قد كبروا ويشتوا زواجة ونحن ظروفنا صعبة ونتيجة ضيق المنزل كونه صغير وغرفة واحدة، زوجي هاجرني لعدم الوفاء بواجبي الشرعي والمنزل صغير والأولاد كبار وأولادي من ابناء عدن لنا الحق في الحصول على قطعة أرض حتى 12*12 تكفي ولا نريد أضية باربعة مليون أو سبعة مليون... («الثوري 1839 عام 2004)...، لكم ان تقارنوا بين ما تطلبه ابنه التواهي وهو حق لها وما يذهب ويمنح لمن لا حق له في ارض مدينتها بين 12*12م2!! و13500م2. استملاك - تعوض.. وما أدراك! أن تدفع/ تصرف أراضي وعقارات الدولة تعويضات أراضي وعقارت استملكتها في «عدن» للمنفعة العامة وجرى استملاكها فعلاً وبصورة قانونية ولحاجات ومنافع حقيقية ولا توجد لدى الدولة أرض لها، أو أن تدفع تصرف أراضي وعقارات الدولة تعويضات عن ممتلكات «أرضي مباني -عقارات..الخ» أممت او صودرت في «عدن» ولم يعوض ملاكها عنها من قبل، وتكون في الحالتين، ملكية الأرضي او العقار.. الخ المستملك أو المؤمم أو المصادر قانونية، فهذا أمر مفهوم ولا اعتراض عليه. غير أن ما جرى ويجري في هذا المجال «الاستملاك، التعويض» ينطوي على فساد ونهب مريع لأراضي وعقارات الدولة والمواطنين وهذه بعض صوره:
*يتبع الجزء الثاني
|