الثورات بطبيعتها عملية تغيير جذري وبنيوي في حياة الشعوب تتخذ من الاستيلاء على السلطة وسيلة لإحداث ذلك التغيير .. لذلك فامساك الثوار بزمام السلطة يعد الخطوة الأولى في طريق انتصارها وما بعد هذه الخطوة من خطوات هي مقياس نجاح أو فشل تلك الثورة ، وقد أثبتت تجارب الثورات السابقة أن معظمها قد فشلت في إحداث عملية التغيير السابق ذكرها ، وذلك بسبب عجز النخبة الثورية بعد وصولها الى السلطة عن قيادة وبناء الدولة الوطنية ، لذلك التهمت معظم الثورات ابناءها واهدافها وامال شعوبها التي في سبيلها قدمت التضحيات ، لماذا حدث ذلك ؟ لأن أكبر خطر يهدد الثورات هو زعاماتها ورموزها الذين يختزلون الثورة في اشخاصهم وذواتهم دون غيرهم فلولاهم ما ثار الشعب ولا أنتصرت الثورة لذلك لاشرعية بنظرهم لأي كان أن يتولى قيادة الدولة التي هي من حصيلة نضالاتهم وتضحياتهم الجسام وهنأ يرتبك الأمر على هذه الزعامات الثورية بين قيادة الدولة وبين قيادة الثورة التي أدت الى قيام تلك الدولة ، إنها عملية مخاض عسير نادراً ما يتمخض عنها ولادة طبيعية بجنين سليم غير مشوَّه ، إن انتصار الثورات يتطلب بنظري ابعاد أو تحييد رموز الثورة من قيادة الدولة بعد تأسيس هذه الأخيرة أو على الأقل محاولة التخفيف من نفوذهم في السيطرة على سلطات الدولة من خلال الاسراع في الانتقال الى دولة مؤسسية مدنية .. هذه ما أستطعت المساهمة فيه في هذا الموضوع الشائك الذي يحتاج دراسة وبحث دقيقين وللأسف هناك عزوف كبير في التعليق على الموضوعات من قبل الأعضاء والمشرفين وهو ما أنعكس سلباً على هذا المنتدى ..
تقبل فائق تقديري واحترامي