مهمة عاجلة لا يمكن أن يقوم بها إلا .. البيض

[شعيفان]

لم يعد يخفى على الكثيرين أن استمرار الثورة في العربية اليمنية واتجاهها نحو تشكيل مجلس انتقالي يتبعه مجلس رئاسي مدعوم من دولة قطر - التي دفعت بالبيض للخروج ثم تركته مرمياً يتنقل بين سويسرا وألمانيا - بات يشكل خطراً كبيراً على قضية الجنوب في ظل اعتقاد الكثيرين في الجنوب بأن الثورة ستبني دولة مدنية تحقق حداً معقولاً من الحريات والحقوق يحفظ الأمن الذي قد يغيب في ظل غياب سيناريو آمن للاستقلال الجنوبي.

أعتقد بتصوري الشخصي المستند إلى واقع الحال وتجارب الماضي القريب أن المهمة الوحيدة التي ينبغي على السيد علي سالم البيض القيام بها فوراً ودون تأخير ولصالح الشعب العربي في الجنوب هي أن يعلن اليوم انضمامه إلى ثورة التغيير وتأييده لها ثم انخراطه في صناعة القرار فيها.

يمتلك البيض قدرة رهيبة في تفتيت أي جهد شعبي أو تنظيمي وتحويله إلى أشلاء متناثرة يلعن بعضها بعضاً, فضلاً عن قدرته الأسطورية في استنساخ الفصائل والمكونات الثورية وإقحامها في صراعات تنهكها وتجعلها تسقط صريعة تحت قدميه الشامختين ليقف بعدها وحيداً في الساحة مردداً "لمن الثورة اليوم؟؟ ثم يجيب على نفسه بعد فراغ الساحة من المجيبين .. للبيض الواحد المكار!".

إن الخدمة الجليلة التي سيقدمها البيض من خلال تضحيته بتاريخه الانفصالي وتفتيته ثورة الشمال اليمني من خلال وجوده فيها هي خدمة لن ينساها له شعب الجنوب ويتعهد كاتب هذه الكلمات بالإخلاص والوفاء لفخامته كأقل ما يمكن أن يقدم نظير هذه الخدمة التاريخية.

وجود البيض في خضم ثورة التغيير في صنعاء سيحول الثورة إلى قنبلة انشطارية تعيد إلى الذاكرة مشاهد الانشطارات النووية في الحراك الجنوبي, وأنا لا أشك ولا حتى بنسبة واحد في المائة في أن هذا الانتقال سيؤدي حتماً إلى ظهور نسخ مستنسخة من مجلس الشباب, ومن المجلس الانتقالي, ومن المجلس الرئاسي, وأننا سنرى قياديين شماليين اثنين على الأقل يحملان صفة "الناطق الرسمي" لمجلس الشباب, وقياديين شماليين اثنين على الأقل يحملان صفة رئيس المجلس, وقياديين اثنين على الأقل يحملان صفة القائم بأعمال الرئيس بعد اعتقال الرئيس من نظام صالح, فضلاً عن الانشقاق الرهيب الذي سيحصل أفقياً داخل المحافظات يؤدي إلى وجود فصائل مستنسخة تحمل ذات الاسم, ثم يغرق كل ائتلاف أو فصيل في مشاكل داخلية بانقلابات تجتر اجتماعات تتلوها بيانات تحول الثورة إلى مهزلة بالمعنى الحرفي للكلمة تماماً كما أصبح الحراك الجنوبي.

إن مثل هذا الانشقاق الذي سيكون نتيجة حتمية لوجود البيض في ثورة التغيير هو الحل الوحيد الذي يمكن أن يطيح بهذه الثورة ويعطي أملاً جديداً للحراك الجنوبي في الاستمرار نحو الأمام بعد أن يكون قد تخلص من عقبة كأداء انتقلت إلى صنعاء وفتحت الطريق صوب عدن.