((( إلى بامعلم وبقايا رفاق الحراك .. )))

[بوعمر]

إلى بامعلم وبقايا رفاق الحراك ..

مقدمة

نحن فيما بعد 13 يونيو 2011م .. الحضرمي يصنع ثورته

منذ الثلاثين من نوفمبر 1967م وحتى الثالث عشر من يونيو 2011م وحضرموت تعيش في مدار ليس لها أن تدور فيه ، فمنذ أن جرفت حضرموت عنوةً في إطار جمهورية اليمن الديمقراطية الجنوبية نزعت من الحضرمي خصوصيته وهويته وحضارته وتاريخه ، حقبة مدتها أربعة وأربعين عاماً صنعت بحضرموت من الويلات ما عانى منه الحضرمي معاناة قاسية للغاية ، فجاء التهجير والتشريد وانتزاع الحق الإنساني في مواكبة لحالة من حالات الشذوذ عن واقع حضرموت الأرض والإنسان ...

وبرغم تحفظاتنا الشخصية على مقررات ( مجلس حضرموت الأهلي ) والذي ناقش في عاصمة حضرموت المكلا ميثاق الرؤية والمسار إلا أننا نتمسك بما اتفق عليه نخبة رجالات حضرموت كرؤية ستؤدي إلى تحقيق ما تستحقه حضرموت في سياق موطنها وما يمكن أن يقدم للأجيال الحضرمية في الإطار الفدرالي سواء أكان تحت راية الجمهورية اليمنية الموحدة أو غير ذلك فيما يمثله ما يسمى الحراك اليمني الجنوبي ، وفي هذا استقراء لابد من الإتيان به لمن لازال غارقاً في الوهم ...

إلى أحمد محمد بامعلم ..

أطلعت على بيان صادر منكم ، وحقاً لا تعنيني كثير من هياكلكم التنظيمية فيما تطلقون عليه الحراك الجنوبي السلمي ، وإذ أنتم تنبهون في بيانكم دعوة مجلس حضرموت الأهلي بدعوته إلى الفيدرالية في إطار أي توجه سياسي مستقبلي وأن هذه الدعوة هي ترسيخ ليمننة حضرموت وهذا ما تدعون إلى رفضه وتحذرون أبناء حضرموت منه ، وفي ذلك حديث لنا لابد وأن تصغي إليه البصائر قبل الأبصار ، فلقد كنا من أوائل أبناء حضرموت الذين بذلوا منذ سبتمبر 2007م الكثير من الجهد المضني في إطار الحراك الجنوبي ، وكنا ندرك الكثير من عواقب ذلك بما في ذلك من ميراث سقيم للدولة اليمنية الجنوبية ، فعلى كل الأصعدة كان خطابنا دعوة لاستعادة ( مشروع الجنوب العربي ) لطي خطيئة الثلاثين من نوفمبر 1967م إلا أن من اختطف الحراك الجنوبي لم يصغوا للقول وصموا أذانهم وجعلونا في صف الخونة والعملاء ...

اليوم أفقتم مع منّ أفاق ، أفقتم من سكرتكم الأولى والقديمة ، أفقتم بعد أن علمتم أن لا أحد سيقبل باستعادة الخطأ لأن ما بني على الباطل سيبقى وإن مرت عليه عشرات السنين باطلاً ، وحضرموت لن تكون لباطلكم أبداً ، واقعيتنا التي رفضتموها طويلاً هي من تجردنا من الجنوب اليمني أو العربي لن تهمنا التسميات أبداً ، ولن تخدعنا الوعود التي كانت سبباً في استهانة أهل الثالوث الخبيث في استحقار كل ما هو حضرمي ، هم يمنيين ولولا مشروعنا الذي قدمه شيخان الحبشي يرحمه الله لما كانوا غير يمنيين ، ونحن حضارمة ...

أن التلويح بيمننة حضرموت هو مسألة لا تؤرقنا إطلاقاً ، بل أننا في حضرموت نسجل للدولة اليمنية الموحدة أفضالاً منها ما عزز الحضور الحضرمي كهوية خلال الفترة من 2000م وحتى العام 2006م والتي شهدت فترة استعادة الكثير من الاستقرار لحضرموت ولعل حالة الآمان النسبي جاءت لتعيد بعضاً من الاستثمارات الحضرمية من خلال رؤوس الأموال ، كما أن الحاجة اليمنية لميراث التاريخ الحضاري الحضرمي عززت كثيراً من الدور الحضرمي الذي لم يكن موجوداً في زمن الرفاق ...

كنا نفضل منكم بعد التجربة الأخيرة مع الجنوبيين اليمنيين تقييماً موضوعياً للحالة السقيمة التي بلغها هؤلاء ، فتجربة دولتهم التي انتهت في 22 مايو 1990م تجربة لا يمكن لإنسان سوي عاقل أن يفكر باستعادة ساعة منها فضلاً عن يوم من القهر والذل بل والكفر والإلحاد ، يمكن مقارنة ما بين اليوم والعام 2007م فقط لنعرف مدى حالة السقم والعقم في أفكارهم ، الجهل وتصنع الشدة والقوة هي منهجية توازي حجم حالهم المقيت الذي جاءوا فيه مؤخراً ليرفعوا فيه شعار دولة الجنوب العربي رغماً من حديثنا الطويل إلى عقالهم وما فيهم عاقل ...

ومع ذلك كله فأن ما ذهب إليه مجلس حضرموت الأهلي كان توجهاً حسناً برغم أننا كنا نتطلع إلى المطالبة باستقلال حضرموت أو على الأقل المطالبة بالحكم الذاتي الكامل للإقليم الحضرمي ، فهذا التوجه يثبت حسن النية الحضرمية تجاه الآخرين برغم كل الحماقات المرتكبة تاريخياً بحق حضرموت إنساناً وأرضاً وتاريخاً وثروة ، هذا التوجه الفيدرالي والذي يقوده حيدر أبو بكر العطاس لم يأتي في إطار توجيهاته بل منطلقة من مصلحة حضرموت أولاً وعاشراً وألفاً ، فالعطاس ومؤتمر القاهرة لا يمثل تشكيلاً مخترقاً لمجلس حضرموت الأهلي الذي استعان برأي أبناء حضرموت في الداخل والمهجر ، وهذه خطوة متقدمة لا يعرفها أصحاب الثالوث الجنوبي ... اليمني ...

أن دعوة المجلس الأهلي الحضرمي حول الاصطفاف لا تعني التسلط على جهة من الجهات بمقدار ما تعني عدم التلويح بهكذا أفعال منتظرة من المنتمين إلى الأحزاب اليمنية المختلفة والتي حذرنا منها مع نشوء هذا المجلس وطالبنا بتصفية المجلس لعدم إخضاعه لأي جهة كانت توجهاتها السياسية ، والاصطفاف هنا ليس معناه الانصياع بل اعتبار الحق الحضرمي فوق كل حق لأي جهة كانت ...

أربعة وأربعين عاماً ضاعت على حضرموت ، كان يفترض بحضرموت أن تقارن بدولة كماليزيا اليوم ، إلا ان التجربة السياسية دفعنا ثمنها باهظاً جداً حتى وصفها أحد بقايا الدولة اليمنية الجنوبية بأنها مراهقة سياسية ، زمن كهذا لابد وأن تطوى صفحته كلياً ونعتبر أن يوم الثالث عشر من يونيو 2011م هو نؤسس عليه وطننا الحضرمي كإقليم نعم وهي مرحلة ستعبر بنا إلى مرحلة أخرى يجب أن تتكاتف فيها السواعد الحضرمية ، وتتآلف فيها القلوب جميعاً تحت سقف حضرموت فقط ...