كفوا نعيقكم عن الجنوب!!؟

[شفيع العبد]

يجب الاعتراف ابتداء بأننا عندما نتحدث عن الجنوب ومعاناته لا يعني إن الأمور في الشمال عال العال أو إننا نستهدف إخواننا هناك ..فالفقر هو الفقر والظلم هو الظلم ..ولا يوجد مايسمى فقر شمالي وفقر جنوبي ..وغيرها من المفاهيم..
حديثنا عن الجنوب يعني إن معاناتنا تختلف من حيث أن مايجري في الجنوب هو نتاج حرب ظالمة شنت على الجنوب ولم تستثني احد هناك..لذا فقوانين الفيد المشرعن بفتوى صادره عن فقهاء السلطان هي السائدة .
ثلاثة عشر سنة والجنوب يئن ويتوجع ..ولم نجد حينها من ينكر المنكر أو يقف في وجه الحاكم ليقول كلمة حق هي من أعظم الجهاد..لم نجد من يرفع شعار الخوف على الوحدة أو انه سيسلح الشارع الجنوبي من اجل الحفاظ على الوحدة ورفض سياسة الأمر الواقع..أو أن مايجري في الجنوب هو مخالف لاتفاقيات الوحدة ومواثيقها وبالتالي سيدفع بأبناء الجنوب ذات يوم إلى المطالبة بماهو اكبر من إصلاح أوضاعهم ..وأعظم من إصلاح مسار الوحدة وإزالة أثار الحرب..وليست الآثار السلبية بحد وثيقة أحزاب المشترك والتي هي اعتراف منهم بالحرب كون مفهموم المخالفة يقول بان هناك أثار ايجابية..وهومالم يحدث في أي حرب ..لان الحرب بمفهومها الشامل كلها سلبية وتدميرية ..
اليوم وعندما انتفض الجنوب سلمياً لرفض الظلم الواقع عليه خرجت كثير من الأصوات عن صمتها لتنطق كفراً بحق الجنوب..وتقاطعت أفكارها وأحكامها مع فكر الفيد السلطوي.ووصفت الحراك الجنوبي بأنه محاولة لإعادة اليمن إلى قبل عام 90م..ووضعوا خطوط حمراء وملونه حول الوحدة التي طوقوها بالدم وأفرغوها من محتواها باجتياح الجنوب وتدمير بنيته التحتية وتسريح كوادره وجيشه ومحاولة طمس هويته وتشويه تاريخه..
نسي هؤلاء عن عمد أو تناسوا والأمر سيان بأن الجنوب يرفض الظلم ويبحث عن التغيير والمساواة ،والتاريخ شاهد فقد خاض مرحلة كفاح ونضال ضد المستعمر الغازي إلى إن حقق استقلاله وليس (الجلاء) كما يسميه البعض..وكان الجنوب يخوض دورات عنف بين الفترة والأخرى أيام حكم(الرفاق) وهي دليل على انه يتوق للتغيير ويرفض الاستبداد والظلم حتى وان كان صادر من أهله..
إن الأمانة تحتم على أصحابها قول الحق أو الصمت..لانريد منهم الوقوف في صف الجنوب ..ولكن عليهم الوقوف إلى جانب الحق بعيداَ عن التزلف والتملق..
الوحدة التي ناضل من اجلها الجنوب وفرضها على الأخر وتحققت بدون ضمانات حقيقية للجنوب ،هي لسيت شيء مقدس أو إنها ترتبط بالذات الإلهية كما يريد إن يصورها البعض..الوحدة هي مشروع سياسي وإذا لم يحقق هذا المشروع الأهداف التي أقيم من اجلها فلا يوجد مايمنع إعادة النظر فيها وفي الأسس والاتفاقيات التي أقيم عليها هذا المشروع..
ثم إن الخطاب الرسمي والذي مافتئ يتحدث عن الوحدة والإخطار المحدقة بها طوال السبعة عشر ألسنه الماضية لدليل على فشل التجربة وعدم نجاحها..لان تحقيقها لأي من أهدافها سيكون كفيلا بالدفاع عنها وترسيخها في النفوس..ثم إن التلويح بالمؤسسة العسكرية في مواجهة الأخر وجعلها حامية حمى الوحدة لن يضيف إليها إلا مزيداً من التفكك والهشاشة..
الحراك الجنوبي سيستمر ولن يتوقف طالما وهو يستمد قوته من عدالة قضيته وحقه في الأرض والثروة والعيش بكرامه ..وعلى المناهضون له دون وجه حق إلا إرضاء للسلطة أن يعيدوا النظر في مواقفهم وان يعطوا للحق متسعاً في صدورهم وعقولهم ..فالحق أحق أن يتبع ..والحراك الجنوبي هو عين الحق والصواب..والتاريخ يعلمنا انه ما ضاع حق وراءه مطالب..وهاهم أبناء الجنوب يلتئمون ويتصالحون ويتوحدون من اجل قضيتهم..ويقدمون الشهداء في سبيلها..وغداً سيجنون الثمار مهما نعق الناعقون الذين يرونه بعيدا..وأبناء الجنوب يثقون بأنه قريب جدا..

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]