إحذروا نكسة 67م اليمنية

[ahmadkhalifa00]

بقلم / أحمد طه خليفة[1]


عندما تغلبت الجبهة القومية على جبهة التحرير في جنوب الوطن بدعم من جيش الليوي البدوي الذي تركه الاستعمار للجبهة القومية ظن الجميع أن تلك كانت نهاية الأحزان وأن الجنوب واليمن كله مقبل على رخاء ما بعده رخاء، لكن الذي حدث أن الرغبة في الاستحواذ على السلطة حلت محل الحماسة النضالية فتم تأسيس جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وظهرت سيادة المناخ المناطقي قبل الأيديولوجي، وعمل الثوار الجدد على الخلاص من رفاقهم المدنيين.

بدء ذلك بالتخلص من أبناء عدن من أمثال أبوبكر شفيق وعادل خليفة الذي شغل منصب وزير العدل وناصر وصالح العرجي والضابط الشهيد أرسلان خليفة إبن شيخ المجاهدين اليمنيين محمد حسن خليفة وغيرهم كثير من أبناء عدن المدنيين الشرفاء الذين كان يجب أن تناط بهم مهمة قيادة الدولة الجديدة، لأنهم الأكثر تعليما ومدنية وقد انقطعت بهم سبل العلاقات مع أصولهم التي جاؤوا منها، فمثلا أسرة خليفة تعود أصولها إلى شبوة وأسرة العرجي والقربي تعود أصولها البيضاء وغيرها كثير وهي أسر عريقة أيضا في عدن لكن تلك كانت تركيبة عدن، وقد كان كثير من أبناء عدن تعود أصولهم إلى المناطق الشمالية وخصوصا الحجرية، لكن عملية الإقصاء كانت واضحة وفي مصلحة مناطق محددة تركزت في أبناء الضالع ويافع وأبين ولقد تمثل هذا الإقصاء في حرمان أبناء عدن وحضرموت وشبوة والمهرة ومعظم لحج من الكثير من الحقوق، كالترقي في الجيش والشرطة، والحصول على منح خارجية بشكل متساوي مع الآخرين، وكذلك بالنسبة للوظيفة العامة ومناصب المحافظين والمكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب فيما بعد. بينما كان الحاصل على الإعدادية من الضالع أو يافع أو أبين يحصل على منحة للدراسة الجامعية في الإتحاد السوفييتي ثم يحصل على الدكتوراه ويعود منظرا للحزب. ومن أمثال هذه الحكاية الكثير والكثير مما لايمكن حصره ولا يمكن وصفه بالتجاوزات. حتى عندما غادر أهلنا عدن لم تعط الفرصة لإخوانهم وجيرانهم بالسكن مكانهم ومحاولة حل أزمة السكن بل كان يتم احتلال تلك المساكن من قبل أبناء تلك المناطق ليتم خلق تركيبة سكانية جديدة، كذلك في مسألة منع القات في أيام الأسبوع عدا العطل الرسمية فذلك لم يعمل به في مناطق الضالع ويافع و تحت مبررات واهية .

إذا كان الأمر كذلك فكيف كانت القيادات من جميع المناطق ؟ هذا سؤال الرد عليه في منتهى البساطة فلقد كان عبدالفتاح إسماعيل ومن خلفه محسن الشرجبي يعملان على تكوين مركز قوى من الشماليين في عدن دون جدوى، فكانا يلعبان على جميع الحبال وهذه هي لعبة التوازنات التي حاول البيض والعطاس لعبها بعد أحداث يناير الدامية لكنها في زمن البيض كانت أسهل لأنها حصرت بين طرفي الفريق المنتصر يافع والضالع ولم تكن بصعوبة الوضع مع عبدالفتاح إسماعيل، أما علي ناصر محمد فلقد مارس المناطقية بكل تفاصيلها أثناء توليه للمناصب التي تولاها خلال مسيرته في الحكم منذ الوزارة حتى الرئاسة، والدي مثلا كان من أوائل اليمنيين الذين حصلوا على شهادات عليا في الهندسة إن لم يكن أولهم - مع احترامي لإبن شملان- وقد سرح ضمن من سرحوا من العمل في الفترة بين 70-72 م وهو في السادسة والثلاثين من عمره بأوامر من علي ناصر محمد وممن أعرفهم في تعز التي احتضنتنا الكثير ممن سرحوا وأعفوا من مناصبهم أو تم اعتقالهم لأسباب واهية جدا .

اليوم نرى الذين يطالبون بتمزيق الوطن أو استقلال الجنوب يمثلون نفس التركيبة المناطقية التي فقدت مصالحها بقيام دولة الوحدة وممارسة السلطة معهم ما مارسوه هم مع غيرهم. وأنا لا أتحدث عن إعتصامات المتقاعدين فأنا أدرك والجميع كذلك أن مطالبهم في الحصول على حقوقهم أو إعادتهم إعادة كريمة هي مطالب عادلة، ولكن تجاوزها إلى ماهو أبعد من ذلك فهذا لايصب في مصلحتهم أو مصلحة الجنوب أو مصلحة اليمن ككل وإنما في مصلحة مناطقية ضيقة، فإن كانوا يدركون ذلك فتلك مصيبة وإن لم يكونوا يدركون ذلك فالمصيبة أعظم فلا يجب أن تقابل السلطة الفاسدة بكل خطاياها بارتكاب الخطايا لمواجهتها.

من هذا الذي أعطى نفسه الحق بالحديث عني وعن مئات الآلاف من اليمنيين الجنوبين ليمزق الوطن الذي بذل آباؤنا أرواحهم من أجله، بذلوها مرتين في مواجهة الاستعمار مرة وفي مواجهة ظلم ذوي القربى مرة أخرى بعد 67 م

نفس التركيبة المناطقية الظالمة التي قادت جنوب الوطن إلى الكثير من المآسي لا يمكن القبول بها مرة أخرى وإذا تم تمزيق الوطن لشمال وجنوب مرة أخرى أظن بل أجزم بأن من حق أيناء عدن وحضرموت وغيرها أن تكون لهم دولهم الخاصة بهم لأنهم ما ذاقوا طعم السلامة والمواطنة المتساوية منذ قيام الثورة وحتى الآن وهذا حق يكفله مبدا العودة إلى الوراء الذي ينادي به البعض الآن وإن كان ولابد فلنعد كلنا إلى المبادئ التي قامت عليها ومن أجلها الثورة المباركة ليست ثورة لبوزة القبلية ولكن ثورة الأحرار في عدن منذ 48 م الثورة التي سعى لها الجميع وبذلوا في سبيلها الغالي والنفيس.

الحل الوحيد أن يعمل الجميع على إحداث التغيير لكن بما يخدم الوطن كل الوطن ولايخدم فئة بعينها ولا أستطيع أن أعيب على المعارضة وأخص هنا المشترك لأنه يبذل كل ما يستطيع في حدود الممكن لا نريد ثورة برتقالية أوغير برتقالية لأنه لم تمض سنتان على الثورتين الجماهيريتين في جورجيا و أكرانيا إلا وقامت عليها ثورات وثورات بنفس الأسلوب العاطفي التحريضي الغوغائي أحيانا وهذا ما ينافي العلم والمنطق والإخلاص الوطني وهذا ما لا نريده لوطننا الحبيب. لكن الاستمرار في الضغط على السلطة من أجل تحقيق المساواة والعدالة لكل اليمنيين هو مطلب الجميع وعلينا أن نعمل على دعم كل من يدعو إلى ذلك المشترك أوغيره قحطان او توكل أو نعمان المهم الوطن وإن كان هناك من مسار يجب إصلاحه فهو إصلاح مسار الثورة والإستقلال الذي أسماه المناضل الكبير عبده حسين أدهل الإستقلال الضائع.



أحمد طه خليفة

أبو إسلام

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]
asseraat.maktoobblog.com