((( من السقوط وإلى النهوض .. حديث أمة )))

[بوعمر]

من السقوط وإلى النهوض .. حديث أمة










مقدمة :
العدل قوة : لأن العادل لا يخشى باس المتكبرين ولا يرجو نفع المظلومين ...











ها هو يوليو ، ها نحن نستشرف الذكرى الآتية من موعد يمني آخر من مواعيد الظلم والبهتان ، ها نحن نتربص باليمني وهو يسير في شوارعنا المتخسة بوجودهم المشؤوم ، ها نحن في موعد آخر مع يوليو الذي كان كابوساً مازال يطارد العقول والنفوس يحدثها بذلك الزمن الذي يرفض الارتحال عن ذاكرة المواطنين ، ها هو يوليو يعود ولكنه يشهد نهوضاً في فكرة الحياة ، هذا يوليو وذلك يوليو فماذا استجد على الأرض التي ينتهكها الاحتلال ...؟؟

** ** ** **


ليس من المهم سرد حكايات هزيمة يوليو 1994م ، وليس جدير البحث والتنقيب عن مسببات السقوط المدوي في السابع من يوليو 1994م لمدينة عدن بعد أن سقطت قبلها المكلا في الخامس من ذات الشهر ، ليس هذا الوقت الملائم في دراسة وتحليل أسباب ما حدث ، فيكفينا السنوات الخمسة عشر المنصرمة في الدراسات والتحليل والتهم الملقاة على كل جانب ، فمن التخوين إلى الخوار ، ومن الاستعلاء إلى الاستحمار ، جلد الجنوبيين والحضرميين جلودهم حتى لم تعد الأجساد تشعر بألم من ممارسة طقوس جلد الذات حتى حان موعد السابع من يوليو 2009م ونحن في هذه المرة نستلهم من الحادي والعشرين من مايو 2009م الاستنهاض الذاتي لإعلان فك الارتباط ، إعلان له تبعاته وهذا اليوم السابع من يوليو من تبعاته العظيمة جداً ...

شن كاتب يمني حملة عاتية على منهجيتنا المطالبة بالعودة إلى ما قبل الثلاثين من نوفمبر 1967م ، ولسنا هنا في موضع المساجلة بل في موضع مقاتلة على هذه المنهجية الرصينة نقر اليوم أن كل ما بعد نوفمبر 1967م هو خطيئة تاريخية ، وحماقة وسذاجة لا يمكن التعاطي معها وحتى ما جاء في إعلان رئيس سلطة الشعب الأعلى علي سالم البيض في خطابه التاريخي 21 مايو 2009م جاء في هذا الإطار إطار العودة إلى ما قبل الثلاثين من نوفمبر 1967م ، هذه الحتمية في مفهوم الحراك الحاضر نحو الاستقلال هو نقطة الالتقاء الأولى بين كل الطيف على تراب الجنوب العربي ...

بدأ نظام الاحتلال اليمني في تكوين لجان عديدة من اليمن إلى الجنوب المحتل ليكون التصادم صفة السابع من يوليو في الموعد الجنوبي الذي يستشعره الجنوبيين ولكأنه ميلاد جديد لثورتهم الحقيقية ضد الاستعمار ، ما يريده النظام اليمني من حشد عناصر الأمن السياسي والجيش وغيرها هو التصادم الجنوبي الجنوبي هذا ما يريده النظام يريد في عدن والمكلا وردفان أن تكون المصادمات الداخلية هي المشهد الملائم ليرى العالم أن ما يحدث إنما أقلية تواجه الدولة ...

ليس من جدارة أن نسقط في هكذا يوم ، وليس من مفهوم صحيح يقتضي بالسير وفقاً لما يريده نظام دولة الاحتلال اليمني ، بل الجدارة في النظر عن كثب إلى قدراتنا وامكانياتنا الذاتية في هكذا ظرف تاريخي محدد زمنياً فالعالم يترقب خطواتنا ، ويتأمل في أفكارنا ومساعينا وأهدافنا ، لذا فأن السابع من يوليو ليس مجرداً من فكرة الهزيمة التالية إن نحن تشبثنا بالسير وفقاً لما يريده النظام اليمني المحتل ...

المطلوب هو أن يخرج الجنوبيين في السابع من يوليو 2009م بضبط عالٍ جداً لنفوسهم ، فالتزام الجميع بالحراك السلمي كإطار شامل لرؤية القيادة السياسية للتحرير هو قاعدة رئيسية علينا أولاً كأصحاب رأي وفكر أن نعززها في الضمائر الجنوبية في داخل الوطن وخارجه ، وهذا دور لابد وان تجتهد فيه المواقع الإلكترونية أولاً لأنها وسيلة الإعلام الأولى إضافة إلى قناة عدن وغلى القيادات الميدانية وخاصة قيادات الصف الثاني والثالث ...

لا يجب النظر إلى السابع من يوليو على أنه موعد تاريخي لسقوط مدينة عدن ، هذا استقراء رخيص يسيء إلى القضية كلها ، بل إن السابع من يوليو يجب أن يكون منذ هذا العام تاريخاً لنهضة الشعب في الجنوب لاستعادة هويته وذاته وتقرير مصيره السياسي على قاعدة ما قبل نوفمبر 1967م هنا نهج لابد وأن يكون نقطة اللاعودة عنده ، هنا نهج لابد وأن يكون إطاراً لمفهوم السابع من يوليو ، نعم نحن بحاجة إلى ذكرى سقوط عدن ولكن بحاجة أكبر لنهوض يكرس الاستقلال والحرية ...

مضى زمن العنتريات ، ونحن في زمن المبادىء والقيم الإنسانية ، مضى زمن الثورات العمياء والعرجاء ، ونحن في زمن الثورات التكنولوجيا وعلينا أن نضع أفكارنا وقراءتنا وفقاً لهذا الزمن ، التعاطي مع السابع من يوليو على أنه خسارة معركة يستوجب أيضاً إذكاء حراك الشعب في ميدان معركة الاستقلال والحرية هذه المفاهيم يجب أن نستوردها من قناعاتنا ومن تجاربنا فيكفينا عقود جعلنا من اليمن إطاراً لدولتنا التي كان يجب أن تكون في 1969م وليس 1967م ، العودة إلى الجذور التاريخية والسياسية إنما هي منهجية من مناهج العزة لهذا الحراك المبارك ...

لا نطوي التاريخ بل نكتب التاريخ بقناعاتنا وأفهامنا وإرادتنا ، هكذا كانت منهجية العظماء وعلى رأسهم النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم أخرج من بلاده مكة ليصنع في المدينة دولة مازالت هي أنموذج العدالة والحق والحرية والمساواة في كل التاريخ ، صناعة التاريخ ليست معجزة فهذا غاندي ومانديلا وحتى اوباما أناس صنعوا التاريخ بأيديهم ، ولولا الأمم من حولهم لما كانوا على هذا النحو من الصناعة للتاريخ ...

وفي هذا السبيل لابد وان نخاطب القيادة السياسية من واقع الأحداث ، فالحراك الذي يريد الكثير من أبناء الحراك تحويله إلى عراك يجب أن يكون على شفافية عالية وأن تجد قيادته في الوطن متسعاً من المناورة فالقابض على الجمر ليس كالقابض على الريموت كنترول ، على القيادة السياسية أن تجد دوماً طرقاً لإعلاناتها السياسية وأن تحدد مساراتها وأن تراعي الظروف والأحوال في ميدان المعركة وأن لا تخذل أحداً من كان ...

اللهم بارك في شعبنا ..
ها نحن على مقربة من استقلال وتحرير على منهجية ما قبل 30 نوفمبر 1967م ، ها نحن نتطلع إلى يوم الحرية بشغف نستشعره في دواخلنا جميعاً ، ها نحن نرقب اليمن قيادةً ونظاماً وشعباً يجهزون أنفسهم لمواجهة الشعب الذي حدد المصير ، قلة قليلة تمسكوا بالأمل فبينما كانت عدن والمكلا في 1994م كانت تحت واقع الهزيمة المرير ها هي المدينتان تشعلان مشاعل الرؤية نحو الاستقلال والحرية ، مشهد عظيم نستلهم منه همة الشعب في نهضة نحو حقيقة الوطن وجوهر القضية ، فالقضية هي إنسان ، والوطن بدون هذا الإنسان لا وجود له ، الإنسان هو حقيقة الأوطان ، وهو الذهاب صوب مشروعية الوجود على هذه الأرض التي غيبت عقوداً طويلة ، الشعب هو الذي اختار الحرية لذا سينحني التاريخ لهذا الشعب العظيم الذي تطاول على جراحاته وملماته وعثرات قياداته وخذلان أصحابه ، هذا الشعب سيكتب النهوض ولن ينظر طويلاً في مشهد السقوط الدامي ...