((( كلام حميد .. حميد )))

[بوعمر]

كلام حميد .. حميد




مقدمة :
حميد بن عبدالله الأحمر .. يمني









كانت الدقائق الأولى لمقابلة حميد الأحمر في قناة الجزيرة الإخبارية كافية للمهتمين بالحراك الجنوبي ، أصحاب القضية الجنوبية العربية ، الذين وجدوا شيئاً من الإجابات الشافية الوافية لتفهم حالة الغموض التي تكتنف بعضاً ممن يسمون ( رموزاً ) تاريخية ويتأملون من الأصنام أن تخرج ولو بمضمون واضح يحدد ملامح توجهها في نطاق القضية الجنوبية العربية ...

لم يترك حميد الأحمر فرصة لكل شيء حتى في كشف مفهوم علي ناصر محمد الغامض حتى الدقائق العشر الأولى من مقابلة حميد الأحمر الذي فند توجه علي ناصر محمد بوضوح ودقه ودن مواربة عندما أوضح بأن علي ناصر مع قاعدة ( التغيير ) أي استبدال القيادة السياسية اليمنية الماثلة بالرئيس علي عبدالله صالح ، وأن علي ناصر محمد مع الوحدة اليمنية ، هذا ما أوضحه حميد الأحمر بجلاء تام ، وإن كنا لم نستمع ولن نستمع لأننا يبدو أننا سنقرأ بياناً وارداً من العاصمة السورية دمشق فيه تملق وضبابية ، وعبور معتاد بين الأسود والأبيض ...

حميد الأحمر وضع ( رمزاً ) من رموز اليمن الجنوبي في خانة صعبة ، فالرجل الذي يتوارى منذ سنوات ، ويتمنع منذ مدة طويلة ، يبدو في حالة لا يرثى لها ، فنداءات الجماهير التي لطالما أنشدت ( علي ناصر با يعود ) ذهبت مع الريح ، بل ذهبت وحتى صداها لم يسمع لأن علي ناصر محمد حدد طريقه والتزم بالوحدة اليمنية ، لذلك لم ينضم إلى إعلان 21 مايو 2009م والصادر عن رئيس سلطة الشعب الأعلى علي سالم البيض والمتمثل بإعلان فك الارتباط مع الجمهورية العربية اليمنية ...

*** *** ***

أجمل ما في حميد الأحمر أنه يعرف أين يذهب بدون تكلف ، فهو مستجيب ومنسجم مع نفسه وتطلعاته ، فالرجل الذي أعلن وبصراحة تامة أن الرئيس علي صالح استحوذ على السلطة هو وأبنائه ويمكن استعادة حديثه عندما ذكر الرئيس وأبنائه ، لذلك فأن حميد الأحمر يجاهر بأن مشكلته ليست مستضعفين الجنوب ، وحقوق الجنوبيين الدستورية والاجتماعية ، وحتى مبادىء تداول السلطة ، والمزايدة على صعدة وقضيتها ، ونزاهته التي تضاهي نزاهة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، إنما قضيته أن الرئيس الصالح أخذ الكعكة كلها وترك آل الأحمر تحت رحمة توريث أحمد علي عبدالله صالح رئيساً للجمهورية العربية اليمنية ...

ولاشك فأن لـ حميد بن عبدالله الأحمر كامل الحق في المنازعة على ميراث والده الشيخ عبدالله الأحمر ، وهذا حق له تكفله القبيلة ، وتكفله ثورة 26 سبتمبر ، وتكفله تضحياته الشخصية في حرب صيف 1994م ، وفي تأييد التكفير للجنوبيين آنذاك ، وغيرها الكثير لذلك ولا جدال في أحقية حميد الأحمر في المجاهرة بحقوقه في السلطة ، غير أن قميص عثمان البالي ما كان يجب أن يحمل بهكذا صورة إلا لغير الموهومين والحمقى والجهلاء ...

لـ حميد الأحمر سلطة لن يتنازل عنها ، حتى وإن غض الطرف عنها شقيقه صادق ، فيجب أن تعود الصورة للدولة اليمنية كما كانت في تناغمها ومشهدها الذي أختل بعد وفاة الشيخ عبدالله الأحمر ، فلطالما ارتبطت السلطة في الجمهورية العربية اليمنية بصورتين رمزيتين دالتين ، الرئيس والشيخ ، العسكري والشيخ ، المدعي المعرفة والأمي الجاهل ، هكذا تتناغم الصورة والمشهد في السلطة العليا للدولة العربية اليمنية ، لكن الاختلال الذي حدث أن علي صالح استحوذ على الصورة والمشهد الكامل فأصبح هو الرئيس ويمتلك كامل السلطة ...

منذ العام 1978م لعب الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر دوراً محورياً في الجمهورية العربية اليمنية فمكن لرئاسة الجمهورية استقراراً سياسياً واجتماعياً عندما تحالفت قبيلة حاشد والقيادة العسكرية للجيش اليمني في مواجهة القبائل اليمنية ، ومهدت للجمهورية تمرير القوانين المدنية وغيرها على قوى الشعب القبلية والمدنية منها ...

هذا التحالف بين الرئيس والشيخ هو من حقق لليمن في 1994م احتلال الجنوب وفرض سلطة الجمهورية العربية اليمنية بالقوة ، وهذا التحالف هو من استطاع بعد سنوات من انجاز توقيع معاهدة الحدود مع المملكة العربية السعودية بالشروط التي فرضتها الرياض على صنعاء ، ولولا الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر لما رضخت القبائل لما نجمت عنه تلكم الاتفاقية من تفريط واسع بمساحات جغرافية شاسعة لصالح الرياض ...

حميد الأحمر يبحث عن التوازن الذي اختل بعد وفاة والده ، هذا ما يريد الأحمر الصغير بعد أن استفرد علي صالح وتفرعن في السلطة منفرداً ، والأمر لا يخلو من دهاء ، وقد يخرج من الجنوبيين من يدفع باليمنيين إلى تصعيد في البيت الحاشدي ، وهذه قد تحدث وقد لا تحدث ...!!