مسيرة القدر مؤامرة دنيئة فاحذروها ..

[طائر الأشجان]

المسيرة التي يراد لها أن تنطلق من تعز إلى عدن مشياً على الأقدام ، هذه تُعد من النكات المبكية حقيقةً .. فقد دأب اليمنيون على ممارسة تقاليد توارثها الأبناء عن الآباء والآباء عن الأجداد ، وتتمثل في تقديم القرابين لأسر المجني عليه ، أو أن يتولى وجهاء القبيلة تقديم الإعتذار بغرض الصفح على قاعدة عفى الله عما سلف ، وهم اليوم يمارسون هذه التقاليد بعفوية ظناً منهم أن مثل هذه الطقوس ربما تنطلي على أبناء الجنوب .. ونحن نقدر مشاعر الطيبين من جيرتنا أبناء اليمن الشقيق ، ولكن مَن يعتذر لمَن ! وهل قضية الجنوب المحتل يمكن النظر إليها من منظور الجرم الذي يكفر عنه مجرد الإعتذار ! ، ومَن ذا الذي يملك حق الصفح ويغفر للجاني خطيئته ! .

ساسة اليمن ما يزالون يلعبون بالبيضة والحجر ، ويعمدون إلى تقزيم قضية الجنوب بطريقة تثير الإشمئزاز ، إنهم يصورون لمن يسمع ويرى بأن الحدث الذي يشهده الجنوب اليوم إنما هو انفعال وغضب ما يلبث أن يهدأ بمجرد الإعتذار !! هكذا يتعاملون مع ثورة الحراك السلمي في الجنوب العربي ، ويهوّنون من عواقب هذا الحراك ، فالأمر لا يعدو كونه استياء وحنق من إخوتنا في (المحافظات الجنوبية ) لأننا تجاهلنا ظروفهم وأزمتهم ، ونحن بهذا إنما نلبي نداء الواجب ، وبهذا تنتهي الحكاية ويا دار ما دخلك شر .

هذه اللعبة التي لا تخلو من الصلافة ، يراد بها اللعب على وجهين : الوجه الأول يقرأه اليمنيون البسطاء ، فيصلون إلى قناعة بأن هؤلاء الجنوبيين ليس لهم الحق في التمادي في رفضهم للوحدة بعد أن امتدت يد الصلح والسلم إليهم ، وبعد أن تم الإعتذار لهم ، وهو الحد الأقصى لما يمكن أن يذهب إليه رعايا القبيلة في كل زمان ومكان . والوجه الآخر يترجم نظرة مؤيدي الهيمنة تحت مسمى الوحدة بكون قضيتكم أيها الجنوبيون تصل في مفهومنا إلى الحدود التي ترونها فلا تذهبوا بعيداً ، إنها قضايا حقوقية ربما خذلناكم بتجاهلنا لها ذات يوم حتى استُفحلت وها نحن اليوم نأتيكم مشياً على الأقدام لطلب الصفح ، وانتهى الأمر .

إننا نشعر بالأسى عندما نجد الإستخفاف بقضيتنا يصل ذروته في عقول خصومنا ، وهم يعلمون جيداً بأن فك الإرتباط لن يحول دونه حيلة ولا احتيال ، ويعلمون جيداً بأننا قدمنا الشهداء وعلى استعداد لتقديم شهيدً لكل شبر - كما جاء على لسان قائد مسيرتنا الزعيم علي سالم البيض - وربما هذه العبارة هي الدينامو الذي حرك هواجس هذه المسيرة المغرضة .

كفو عن هذه الألاعيب أيها المغتصبون لأرض الجنوب .. وسواء اًكان هذا التحرك بحسن نية أو بسوء ، فإن هذا الجنوب هو ملكٌ لأجيال ، ولا يملك شخصٌ بعينه أو جماعة حق تقرير مصيره برغبتهم ، وإلا لكان مشروع الوحدة المقيتة كفاكم مغبة اللهث وراء السراب . إنه وطن وأمة ، وعندما تجتمع هذه الأمة على مشروعية حماية حقوقها لا تستطيع قوةٌ في الأرض أن تكبحَ هذه الإرادة ، وسنقول لكم عودوا من حيث أتيتم ، ولا تطمعوا في أمرٍ ليس لكم فيه ناقةٌ ولا جمل .

أما الرسالة التي نود توجيهها إلى أبناء الجنوب العربي فهي :

يا أهلنا في الجنوب العربي المحتل .. يبتكر المستعمِرأساليبَ متنوعة لإطالة أمد احتلاله للجنوب ، فعندما عجز عن تمرير مشروع اليمننة عن طريق زبانيته وأزلامه ، عمد إلى تفجير بؤر الصراع في أبين ولودر ، وراح يضاعف البذل لعناصره المنتمين إلى الجنوب ، وأنتم تذكرون الجهود الحثيثة للمدعو عبدالله الناخبي ومعه توكل كرمان في هذا السبيل ، وقد ذهبت تلكم المحاولات أدراج الرياح ، ومع تزايد تلاحم الجنوبيين حول هدفهم المعلن ، تزايدت وتيرة الهلع لديه ، فأوعز إلى فصائل المشاة من الجيش اليمني بأن تتبنى مسيرة مدنية ضلالية للأغراض التي ذكرناها آنفاً ، وهو إنما يؤكد على إفلاسه في الوقت الذي صرنا فيه قاب قوسين أو أدنى من تحقيق فك الإرتباط ، واستعادة الدولة ، وهو الأمر الذي تعكف عليه جميع عناصرنا في الداخل والخارج ، ولهذا نحذر من مغبة التعويل على مثل هذه المسيرات المنظمة بمعرفة المحتل ، وندعو إلى رفض كافة محاولات النيل من جنوبنا الحبيب قولاً وعملاً .

وإنها لثورة حتى النصر..

تحياتي
طائر الاشجان