القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن
عاجل |
الجزيرة مباشر | الجزيرة | العربية | روسيا اليوم | بي بي سي | الحرة | فرانس 24 | المياديين | العالم | سكاي نيوز | عدن لايف |
آخر المواضيع |
#11
|
|||
|
|||
الفصل السادس
الأحزاب السياسية إن الأحزاب السياسية في الغرب تقوم بوجه عام بشكل رئيسي على المصالح المحددة تحديداً واضحاً للزمر الاجتماعية . و في معظم بلدان العالم الثالث ، و في العالم العربي بوجه خاص ، توجد مثل هذه الأحزاب ، إلا أنها تبدو دونها تبلوراً . فالسياق التاريخي لهذه البلاد يجعل مفهوم الحزب القائم على أساس الطبقات الاجتماعية المتميزة شيئاً لا يتفق مع الواقع الداخلي لهذه البلاد ، لا سيما في اليمن الجنوبي . فقد لاحظنا من خلال الفصول السابقة أن الرأي العام في اليمن الجنوبي ينقسم إلى اتجاهات و زمر غير مستقرة و غير ثابتة . لأن الشعب في غالبيته ما يزال يعيش ضمن وسط عشائري تتشكل على هامشه الطبقات الاجتماعية الجديدة التي لم تأخذ بعد طابعاً محدداً . بالإضافة إلى ذلك ، فان الشعب تنقصه التربية السياسية و المدنية . فالفئات الهامشية المتمركزة في المدن و خاصة في مستعمرة عدن وحدها تملك ثقافة أولية من هذا النوع بفضل تعميم التعليم و بفضل الصحافة و المذياع و الدعاية الوطنية فلا مجال إذن إلى القول بأن هناك وعياً طبقياً أو حساً سياسياً متطوراً لدى الشعب و خاصة في المحمية . صحيح أننا نعثر في عدن على منظمة عمالية نشيطة كانت مصدر نشوء تنظيم سياسي عل صورة قاعدته الاجتماعية التي لا شك في أنها بروليتارية و فلاحية ، إلا أنها دوماً ذات أصول قبلية عشائرية . كما كان لظروف الكفاح المعادي للاستعمار أكثر مما كان لوجود وعي طبقي حقيقي الفضل في حدوث تلك التغيرات المفاجئة . و هذه الملاحظة تصح أيضاً على باقي التنظيمات التي تهيمن على المسرح السياسي . فداخل الأحزاب السياسية لا نعثر على عنصر اجتماعي خاص ، بل نجد أنفسنا أمام عدة فئات اجتماعية داخل الحزب الواحد . فالنضال من اجل الاستقلال لا يمكن أن يكون من صنع طبقة اجتماعية واحدة . بل هو من صنع شعب بأكمله . و هكذا يمكن أن نتساءل فيما إذا كانت توجد أحزاب بالمعنى الصحيح في اليمن الجنوبي ؟ إذا أخذنا بعين الاعتبار المقياس الأوروبي ، أي الصيغة التقليدية للأحزاب في البلاد الديمقراطية الرأسمالية ، وجدنا أن اليمن الجنوبي يعيش مرحلة ما قبل نشوء الأحزاب . أما إذا نظرنا إلى الوسط الاجتماعي الخاص باليمن الجنوبي و نظرنا نظرة اشمل إلى الواقع العربي بشكل عام ، كان جوابنا إيجابياً . و هذا لا يمنع من القول بأن عدن و محميتها ما تزال في المرحلة الأولى من مراحل التطور ، و أن الخط الفاصل بين المجموعات المنظمة و الأحزاب السياسية بالمعنى الدقيق للكلمة ، ما يزال فيها سابقاً لأوانه . فالمعيار الرئيسي الذي يميز بينهما هو وجود ( المنظمة ) . فالحقيقة أن أي تشكيل مزود بجهاز سياسي منظم و ببرنامج ، يستطيع أن يعتبر نفسه قائماً كحزب . و في اليمن الجنوبي توجد عدة تجمعات تطالب بهذا الحق . و هي تطلق على نفسها صفة الحزبية و تعمل على أساس أنها أحزاب . و سنقف من هذه الأحزاب على أربعة تعتبر أهمها . لأن ما تبقى هي في الحقيقة تجمعات صغيرة ، أما فيما يتعلق بالبرنامج ، فهناك خطوط عامة و ليس هناك برامج محددة و متناسقة . أما فيما يتعلق بالتركيبات الاجتماعية ، فهناك إلى جانب البرجوازية الوطنية و الأجنبية ، الموظفون الوطنيون ، و المثقفون ، و العمال و القبائل . حزب المؤتمر الشعبي : لقد نشأ هذا الحزب عن الرابطة العدنية ، و هو يعتبر نفسه الوريث الطبيعي لها . و هو يتميز بطابعه ( العائلي ) بحكم سيطرة عائلة ( لقمان ) عليه . و هذه الأسرة ( التي تعتبر مؤسسة لهذا الحزب ) تملك صحفاً ثلاثاً : ( فتاة الجزيرة ) ، ( القلم العدني ) ، و ( يوميات عدنية ) . و قد حمل هذا الحزب لواء الدفاع عن ( الكيان العدني ) . أما برنامجه ، فقد عرض عرضاً غامضاً في نشرة للدعاية تحت عنوان : ( أهذا كتاب أبيض ) . و كاتب هذه النشرة (1) ، و هو احد قادة الحزب ، يعتبر نفسه ناطقاً باسم شعب عدن . و يتحدث عن التقدم الذي حصل في المستعمرة و عن تأخر محميتها ، و عن التمييز السياسي بين شطري البلاد ، و عن عدم التكافؤ في التطور الاقتصادي فيما بينهما . ثم يشجب باسم الوحدة الإقليمية لعدن ، عملية انتزاع جزر البريم و كوريا موريا . و ينتقد الطريقة التحكمية التي تمت بواسطتها عملية إدخال عدن في اتحاد الجنوب العربي . و لا يمنعه ذلك من استخلاص نتيجة تؤكد على ضرورة مساعدة عدن الفنية لمحميتها الفقيرة . و هكذا فإن برنامج حزب المؤتمر الشعبي يعارض الحل الفدرالي لأنه في زعمه ينتزع من العدنيين حقوقهم و يعيق سيرهم نحو الديمقراطية ، و لأنه يخشى أن يعطل الحل الفدرالي فرص حصول عدن على استقلالها . لذلك فإن حزب المؤتمر الشعبي يطالب بما يلي : 1 ـ بانتخابات تشريعية عامة تقتصر على المستعمرة . 2 ـ تشكيل حكومة وطنية عدنية مسؤولة أمام المجلس التشريعي المنتخب . 3 ـ بحصر مهمة هذه الحكومة في نقطتين رئيسيتين : تطبيق حق تقرير المصير و إعلان الاستقلال . و بكلمة أخرى ، يطالب الحزب بدولة عدنية تتمتع بالسيادة الكاملة تصبح عضواً في الكومنولث . و شعاره المألوف ( عدن للعدنيين ) أما موضوع الاتحاد فلا يأتي إلا بعد أن يتحقق هذا الهدف ، و عندئذ تفاوض عدن المستقلة الاتحاد الذي يكون بدوره قد استكمل سيادته من اجل الاندماج ضمن صيغة مرنة كونفدرالية . أن حزب المؤتمر الشعبي ينطلق من إطار التجزئة ، لذلك فهو يلقى دعماً من عناصر الأقلية العدنية ذات الأصول الأجنبية التي تخشى من طغيان العناصر العربية ، و التي تتجمع في عدة منظمات و جمعيات لتأمين حماية مصالحها . و هي مدعومة من البيوتات التجارية الأوروبية و الهندية التي تمول نشاطها من أجل إعاقة نشاط البرجوازية الوطنية التي تحاول استبعاد الرأسمال الأجنبي . و قد بقيت السلطات الإنجليزية تساند نشاط الأقلية حتى عام 1961 ، حيث تبين لها أن التجزئة التي تعمل الأقلية على تثبيتها ، لم تعد شعاراً واقعياً . ثم جاءت الضرورات الستراتيجية و مقتضيات السياسة العليا الخارجية ، لتحدث تحولاً في موقف هذه السلطات . و كان الحزب الوطني الاتحادي الوليد الثاني للرابطة العدنية و المستفيد الأكبر من هذا التحول . الحزب الوطني الاتحادي : أمام اللغط الذي كان يصدر عن العناصر العدنية المعادية لدمج عدن ، لم تتردد السلطات البريطانية في خلق حزب جديد مؤيد للسياسة البريطانية . و قد كانت ولادة الحزب الوطني الاتحادي في الحقيقة تعبيراً عن رغبة الإنجليز في إسباغ مظهر شرعي على الدمج . و قد كان زعماء هذا الحزب هم الذين وقعوا اتفاقيات لندن ، و شكلوا أول حكومة مستقلة في دولة عدن . كان برنامج الحزب الوطني الاتحادي يتطابق تماماً مع برنامج وزارة المستعمرات . فقد نادى بتعاون وثيق مع الأمراء و بالمحافظة على المصالح الاقتصادية و الحربية لبريطانيا العظمى . إلا أنه كان خلال المفاوضات مركز على التفاوت الاقتصادي بين عدن و المحمية ، و يعتبر التفاوت نتيجة لتمايز التطور الدستوري بينهما . و هكذا استطاع أن يحمل الأمراء على قبول مبدأ اعتبار عدن كياناً خاصاً داخل إطار اليمن الجنوبي السياسي و الاقتصادي الذي يشكل مجالاً حيوياً أكثر اتساعاً . كما انه طالب بتطمين العدنيين الأجانب بحيث أن يكون الدمج مصحوباً بشروط تضمن لهم حقوقهم . و حصل لعدن على تمثيل قوي داخل المؤسسات الفدرالية . و على عكس حزب المؤتمر ، رفض الحزب الوطني الاتحادي ان يتبنى فكرة حصول المستعمرة على الاستقلال . و كان يرد على أصحاب هذه الفكرة بأن عدن ما تزال دون مستوى القدرة على تشكيل دولة ذات سيادة . و يضيف إلى ذلك بأن هذه الدولة لن تصمد طويلاً أمام هجمات القوى الوطنية ، و أن اتحاد الجنوب العربي بدون عدن ، لا بد أن يتفكك سريعاً . فلإنقاذ عدن و الاتحاد معاً من الوطنية المتطرفة لا بد من دمجهما . و هنا تظهر المطابقة بين دعوى الحزب و بين المخطط البريطاني . إن الحزب الوطني الاتحادي منظمة ممالئة للإدارة الاستعمارية ، و هو إلى جانب الدعم المالي الضخم الذي يأتيه من قبل السلطات يحظى بدعم رجال الأعمال الطامحين إلى الحصول على عقود تجارية مع الحكومة الاتحادية و مع الزعماء المحليين . و كذلك بتأييد قسم من جهاز الموظفين الرسميين و قسم من العدنيين العرب . و بصورة عامة ، يمكن تصنيف الحزب الوطني الاتحادي مع حزب المؤتمر الشعبي ، كممثلين للقطاع المؤيد للملكة المتحدة رغم اختلاف موقفهما نسبياً . فالحقيقة أن تخلي السلطة عن حزب المؤتمر ليس إلا ظاهرياً . فالعالم كله يعرف بأن السلطة تدعمه بصورة خفية ، و بأن الولايات المتحدة الأمريكية تقدم له مساعدة كبيرة . فالانجلو ساكسون يريدون أن يجعلوا من هذا الحزب أداة للضغط على الوطنيين لإرغامهم على التسليم بموضوع القواعد . ربما أن الأحزاب التقدمية لا مقاعد لها في المجلس ، فإن حزبي المؤتمر و الوطني الاتحادي ، كانا يمنيان النفس بأن يلعبا دور حزب السلطة و حزب المعارضة . و كان البريطانيون يغتبطون و يعتزون برؤية صورة مصغرة لمجلس العموم تتجسد في المجلس التشريعي ، و يعتبرون ذلك دليلاً على نجاح سياستهم في إنهاء الاستعمار . و الغريب في الأمر ، أن قسماً كبيراً من الرأي العام الإنجليزي كان يعتقد على ما يبدو بهذه الأسطورة ـ المهزلة ـ و أقل ما يمكن أن يقال بهذا الشأن هو أن هذا الجانب من الرأي العام كان ضحية دعاية فارغة موغلة في الادعاء . و يكفي للدلالة على ذلك التذكير بأن المجلس التشريعي قد تم انتخابه من قبل 26 في المئة فقط من مجموع الناخبين . و أنه ليس من المنطق في شيئ أن يُعترف له بأي صفة تمثيلية ، طالما أن 74 في المئة من الناخبين قد امتنعوا عن التصويت من اجل شجب هذه الصفة التمثيلية . و هنا تكمن قوة الأحزاب الوطنية ( رابطة الجنوب العربي و حزب الشعب الاشتراكي ) التي حاول الإنجليز أن يكتموا أصواتها بواسطة التدابير القمعية البوليسية القاسية . و لكن على الرغم من ذلك ، نجحت الأحزاب الوطنية في أن تشل القوى الممالئة للإنجليز . و هذا هو السر الذي جعل بريطانيا تعتمد على الأمراء المحليين الرجعيين الذين جعلتهم يشكلون جبهة في محاولتها تحطيم المقاومة الوطنية أكثر من اعتمادها على منظمات قيد التلاشي السريع كحزب المؤتمر و الحزب الوطني الاتحادي . |
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
|
|
الساعة الآن 01:23 AM.