أعتصام الجنوب نوفمبر 2007 في عيون الصحافه

[أبو محمد]

الخليج الإماراتيه
تظاهرتان دعماً للوحدة وتحريضاً على الانفصال في ذكرى استقلال الجنوب
صالح يدعو خصومه إلى العودة ويفرج عن المعتقلين


صنعاء - صادق ناشر:

عاشت مدينة عدن أمس الخميس يوماً عاصفاً شهدت خلاله حدثين على هامش الاحتفال بذكرى استقلال جنوب اليمن عن بريطانيا قبل أربعين عاماً، وسط توتر لافت بين السلطة والمعارضة، حيث احتفل الطرفان كل بطريقته، ففي حين قاد الرئيس علي عبدالله صالح التظاهرة الأولى في المدينة الرياضية التي هتف الناس فيها للوحدة، نظَّم خصومه على بعد ستة كيلومترات تظاهرة مماثلة دعوا فيها إلى تأييد حق الجنوب في الانفصال عن دولة الوحدة، فيما حلقت المروحيات فوق سماء المدينة، وسقط عدد من الجرحى عندما تصدت قوات الأمن في منطقة العلم ودار سعد لأنصار المعارضة القادمين من مناطق مختلفة.

وكان الرئيس صالح قد ألقى في المدينة الرياضية بمنطقة دار سعد خطاباً دعا فيه من أسماهم “رموز ثورة أكتوبر والاستقلال” إلى العودة إلى البلاد وفتح صفحة جديدة تأسياً بعودة المعارضين الباكستانيين بي نظير بوتو ونواز شريف. وقال صالح: “نرحب بعودتهم إلى ارض الوطن ليكونوا معنا، ولنفتح صفحة جديدة في العمل السياسي، ويعودوا مكرمين مجللين، مثلما عاد رموز ثورة 26 سبتمبر/أيلول المجيدة (الشمال) المشير عبدالله السلال وعبدالرحمن الإرياني والأستاذ محمد أحمد النعمان واللواء حمود الجائفي والفريق حسن العمري”. أضاف “كنا نتمنى أن يكون رموز أكتوبر/تشرين الأول معنا فليعودوا إلى ارض الوطن، فالوطن يتسع للجميع وإذا أرادوا أن يمارسوا عملاً سياسياً مشروعاً، فلا بأس، وليعودوا كما عادت بي نظير بوتو ونواز شريف (إلى باكستان) ومن حقهم أن يمارسوا العمل السياسي وليس هناك ما يمنع ذلك”.

لكن صالح استثنى من العودة من كانت يداه ملطختين بالدماء، وقال: “ندعو الجميع إلى إزالة مخلفات التشطير الذي رحل يوم الثاني والعشرين من مايو/أيار ،1990 وعدم إثارتها من جديد، وفتح صفحة جديدة باستثناء من يحاول المساس بوحدة الوطن، فملفه سيظل مفتوحا”.

وشدد على أهمية الحوار لمصلحة اليمن الموحد، ودعا في هذا الخصوص إلى “تضافر جهود الجميع من أجل بناء الوطن وتعزيز نهوضه الشامل، بما في ذلك تكاتف جهود الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة (...) دون تمترس أو تعصب واصرار على الرأي الذي يضر ولا ينفع”، معتبراً أن “الحوار هو الأساس لمعالجة قضايانا الوطنية، فليتحاور الجميع لما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا وعلينا أن نقدس دم اليمنيين ونحترم دماء شهدائنا ومناضلينا”.

وأشاد صالح بالمرحلة التي تلت الحرب الأهلية منذ 13 عاماً، التي قال إنها لم تسل فيها قطرة دم واحدة وجدد رفض محاولات قوى لجر البلاد إلى العنف، وشدد على رفض هذا العنف بكل أشكاله وألوانه والتآمر والتصفيات الجسدية.

وأصدر صالح أوامره بالإفراج عن الأشخاص كافة الذين سبق وأن تحفظت عليهم الأجهزة الأمنية على ذمة أحدث الشغب والتخريب التي شهدتها محافظات الضالع وعدن وحضرموت في الشهرين الماضيين، لكنه اشترط عدم عودتهم إلى ممارسة أعمال مخلة وإلا سيعاد اعتقالهم من جديد.

على صعيد آخر نظم الآلاف من المعارضين للنظام تظاهرات حاشدة في ساحة الهاشمي بمنطقة الشيخ عثمان، بعدما منعوا من إحياء ذكرى الاستقلال في ساحة العروض بمنطقة خورمكسر، وشهدت عدن ومداخلها إجراءات أمنية مشددة، منع بموجبها الآلاف من أنصار المعارضة الذين كانوا ينوون تنظيم أكبر تظاهرة في تاريخ البلاد أطلق عليها “المسيرة المليونية” إحياء للذكرى الأربعين لاستقلال الجنوب، من دخول المدينة. وتقدم التظاهرة في ساحة الهاشمي قادة بارزون في الحزب الاشتراكي اليمني ومن بقية تحالف أحزاب اللقاء المشترك المعارض، بالإضافة إلى جمعية المتقاعدين العسكريين والعاطلين عن العمل، حيث ألقيت بيانات وكلمات تطالب بحق تقرير مصير الجنوب، فيما رفعت شعارات تمجد الجنوب وتدعو إلى فصله عن دولة الوحدة. لكن قوات الأمن استخدمت القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، فيما وقعت مواجهات في نقطتي العلمين (أبين) ودار سعد (لحج) بين قوات الأمن وحشود ضخمة على متن سيارات، كانوا ينوون دخول عدن للانضمام إلى المعارضين، وقد سقط جرحى جراء المواجهات، حالات بعضهم خطيرة، بعدما أطلقت مروحيات النار على الحشود.

وأغلقت قوات الأمن المداخل والمخارج كافة بين مختلف المناطق في عدن، لكنها سمحت للسيارات التي كانت تقل مناصرين للدولة بحضور المهرجان الكرنفالي الذي أقيم بحضور صالح في المدينة الرياضية بمنطقة دار سعد وحلقت المروحيات على علو منخفض طوال فترة عقد المعارضة لتظاهرتها.

وكانت الفعاليات السياسية في عدن قد أصدرت أمس بياناً اعتبرت فيه أن “ما يتعرض له الجنوب اليوم هو أقسى من أن يوصف، وأكثر مما يحتمل، حيث تعرض وما زال لأبشع صور الإقصاء والإلغاء والتمييز والبطش والتنكيل، وسلب ونهب الأرض والثروة ومصادرة الحقوق الخاصة والعامة”، كما أشار إلى أنه “تم تحويل الجنوب إلى فيء حرب وغنيمة نصر بالحرب والقوة”. وقال إن “الجنوب خسر استقلال الدولة، ولم يجد الوحدة لأن نظام صنعاء قد نكث بتعهداته واتفاقياته مع دولة الجنوب، التي على أساسها تم التوافق على إعلان الوحدة بين الطرفين، فأشعل الحرب معلناً إلغاء الوحدة من طرف واحد”.

وخلص البيان إلى أن “ما ربط نظام صنعاء بالجنوب هو إعلان الوحدة فقط وعندما سقطت الوحدة، سقط ذلك الارتباط بسبب النظام نفسه”، محملاً صنعاء وحدها مسؤولية فشل الوحدة وما يتعرض له الجنوب أرضاً وإنساناً وثروة وتاريخاً. ودعا البيان المجتمع الدولي، لا سيما الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والدول العربية للوقوف إلى جانب الحق الشرعي للجنوب في استعادة دولته المستقلة بعد فشل الوحدة واحتلال الجنوب من قبل سلطة الشمال”.
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]