ردفان أرسلت نجمة صغيرة

[فادي عدن]

في موكب لم يشهد الجنوب مثله من قبل ودّع الجنوبيون شهداء المنصة اليوم
فمنذ الصباح الباكر تقاطروا من كل صوب نحو مستشفى ابن خلدون في حوطة لحج
للسير في موكب تشييع جثامين الشهداء الأبرار الذين سقطوا في يوم 13 أكتوبر 2007 م
عشية العيد الأربعين لثورة 14 أكتوبر العظيمة الخالدة


أمتد رتل العربات بمختلف أنواعها إلى مدى عدة كيلومترات كان أولها في العند
وآخرها ما زال عند الحوطة ينتظر دوره في التحرك
موكب مهيب صافحت هتافاته عنان السماء ... صرخات الغضب والقهر مزقت صدر الصبر

عهداً عهداً للشهداء=الموت والعار للجبناء

كلمات رددها المشيعون وأياديهم ترسم شارة النصر في الهواء
أهل القرى التي على الطريق شاركوا الموكب في الهتاف من على الطريق وأسطح البيوت
طفلة صغيرة لوحت بزهرة وأخرى بإبتسامة تحية للشهداء

شيعناهم إلى مثواهم وأحتفظنا بداخل قلوبنا بقبس منهم يشع لنا في قادم الطريق
أستقبلتنا المنصة بالحفاوة الردفانية والقلب الردفاني الوسيع وأفترشت ساحتها
بالإرادة التي حملت الرجال والعزيمة تنضح من الوجوه والإصرار مرسوم على الجباه
وجال فيها الشباب يقدمون قطعاً من حب على الحاضرين .. إنهم شباب ردفان أشبال الأسود
كلمات أُلقيت خلناها رثاء وما هي إلا وعد وعهد ودرس بليغ
كيف تجمعتم أيها الأحرار في عددكم الكبير هذا؟
كيف أستطاع الأخوة إبلاغكم بالموعد والمسير؟
لا صحافة معنا ولا تلفاز أو إذاعة!
معنا فقط صوت الضمير
إنها مرتي الأولى التي أشاهد فيها كل هذا العدد من الناس في مكان واحد
لكنكم لستم بناس ... أنتم معجزات تمشي على الأرض
بصدوركم العارية وقبضات تضم أصابعاً نحيلة تواصلون النضال وتوسعون البوتقة
كل الجنوب تمثل هنا
دمعت عيني وأنا أشاهد الجنوب الوفي يستقبل قيادته التي عكست إتجاه المرايا
المناضل ناصر النوبة ليس لحب الجماهير له حد ولا أداة قياس تسعه
المناضل حسن باعوم الذي ماجت الساحة والمنصة بإسمه في مشهد جنوبي أصيل
المناضل أحمد عمر بن فريد الذي بادلته الجماهير حباً بحب لأنه حملها في كل حرف وفعل
المناضل علي هيثم الغريب زرع كلماته في العقل والوجدان والشعور فحل في القلوب

لله دركم أيها الرجال لقد صرتم نجوماً عندما تلألأتم في سماء ردفان اليوم
النوبة وباعوم وبن فريد والغريب لقد حجزتم مقعداً في الصف الأمامي إلى الأبد
لم توعدوا بالمستحيل أو بمشاريع وهمية ولم تكذبوا على المحبين
لقد وضعتم أنفسكم مكانهم ونطقتم بألسنتهم وشعر كل واحد منهم بأنه هو الذي يتحدث وليس أنتم
هذا الفرق بين الزعامات التي يصنعها المال والقمع
وبين الزعامات التي يصنعها حب الجماهير والصدق والوفاء

ردفان أرسلت نجمة صغيرة إلى كل بيت جنوبي
أررعوها وأجعلوها تكبر حتى تصبح شمساً تفتح لكم باب إلى غدكم الآتي دون ريب ...