الأحقاد لا تصنع هوية وطنية بديلة .. بقلم محمد المقالح

[أبو محمد]

التاريخ : Sunday, December 30, 2007
الوقت : 15:29

الأحقاد لا تصنع هوية وطنية بديلة

أخبار الساعة -خاص – بقلم :محمد محمد المقالح *

لو قدر للأخ عبد النقيب أن يتخلص من كل ما يعتبره احتلالا (يمنيا... ) للجنوب لكان أول ما يجب أن يتخلص منه هو اسم عائلته الكريمة .

"عبد النقيب أو عبده النقيب أو عبدو نقيب" ... من أي مكان جئت إليه .. من الشمال أو من الجنوب من الشرق أو من الغرب فلن تجده إلا اسم عائلة يمنية كريمة، ولو سألت أي شخص في العالم يعرف بأسماء الأسر والبلدان لقال لك هذا اسم عائلة كريمة من اليمن نعم قد يقول البعض منهم هذا من يافع أو من المناطق الوسطى بما فيها الضالع أو من حضرموت أو أو ... الخ وفقا لمعرفته بالتفاصيل اليمنية والهويات المحلية لليمنيين وهذا تحديدا هو مأزق كل من يريد أن يتخلى عن هويته الوطنية التي تحاصره من كل اتجاه ولا يستطيع استبدالها بهوية زائفة مهما كانت درجة عنصريته تجاه ذاته أو تجاه هويته الوطنية.

في برنامج تحت الرماد الذي تبثه قناة العالم الفضائية من بيروت كل مساء أربعاء كان "عبده النقيب" احد ضيوف البرنامج في الأسبوع الماضي وكان الموضوع الرئيسي هو الحديث عن تداعيات دعوة- الرئيس صالح - للقيادات الاشتراكية وغير الاشتراكية الموجودة في الخارج منذ حرب صيف1994م وما قبلها وبعدها من الصراعات الداخلية التي عاشتها اليمن بشطريها خلال تاريخها المعاصر....

وبدلاً من الحديث عن قبول أو رفض أو شرح أبعاد تلك الدعوة ودوافعها وأهدافها السياسية وما إذا كانت ناقصة أو مكتملة ذهب "عبد النقيب" بعيداً في افتعال مشكلة (الهوية) الجديدة التي يريد منحها لأبناء اليمن في الجنوب والتي لا تبدو قابله للمنح أو للحل على الأقل خلال المئتي سنة القادمة وبعد أن يخوض الجنوب اليمني صراعاً مريراً وقاسياً مع هويته اليمنية الأصيلة بحثاً عن هوية جديدة يحاول الأخ "النقيب" وأمثاله التبشير بها وبطرق غاية في السذاجة والارتجالية

لم يدرك صاحبنا وربما يكون الغضب الدائم الذي يتملكه قد أعماه عن الإدراك بأن الهويات الوطنية لا تحددها الجغرافيا بل التاريخ والثقافة والعلاقات الاجتماعية والمصيرية للشعوب والمجتمعات وهو أمر لا يمكن أن يتم بنائه في برنامج تلفزيوني واحد وخلال ساعة من البث يتخللها فقرات إعلانية عن مزيلات القشرة.
عندما سمعت أن "النقيب" احد اليمنيين المتواجدين في الخارج وأنه سيكون احد ضيوف برنامج (تحت الرماد) قلت في نفسي (هذا جيد وقد أكون وإياه في صف واحد ضد سياسة الإقصاء التي تمارسها سلطة الرئيس صالح مع بقية شركاء الوطن والوحدة) غير أن صاحبنا أصر ومنذ البداية وقبل أن يسمع وجهة نظري وربما قبل أن يسمع بي جيدا على وضعي في الجبهة المقابلة وفي إقحام موضوع آخر للحديث لم يكن مخطط له ولم يكن موضوع البرنامج أصلا وهو ما أثار استغراب مقدم البرنامج (توفيق شومان)...و الأكثر من هذا أنه كان مدجج طوال مساحة البث بلغة الكراهية والعداء ضدي وضد الحزب الاشتراكي وضد كل من اسماهم (بشعب الجمهورية العربية اليمنية ) ،وعندما حاولت أن أعيده إلى الموضوع ... ياعبده النقيب .... ياعبد النقيب... يا غارة الله اكتشفت أن الرجل لا يسمع جيدا وأن وضع ( تاج ) كبير على رأسه قد غطى أذنيه ولم يعد قادر على الحديث عن شيء آخر غير ما كان قد علق بذلك (التاج) من عدائية وكراهية ضد الاشتراكي وضد كل ما هو يمني ( وجهان لعملة واحدة ... أعوان الرئيس.... اسحبوا جيشكم .... اخرجوا من أرض الجنوب العربي ....برع برع ياستعمار .... الخ ) وهكذا طوال فترة البرنامج .
قبل 9اشهر من أحداث 13يناير المأساوية لم يكن لأمثال عبد النقيب وبقية معلقي الانترنت من وظيفة سوى التحريض على الكراهية بين أبناء الوطن الواحد وتحديدا بين الضالع وردفان من جهة وابين وإلى احد ما شبوة من جهة أخرى وعندما انفجر الصراع - لأسباب سياسية - كان المجتمع في كلا الجبهتين قد وصل إلى لحظة الذروة من الحقد والغضب والكراهية ضد أخيه (الأخر) ولذلك كانت درجة العنف والجريمة عالية وعالية جداً حيث قتل الناس على الهوية المناطقية التي ينتمي إليها (الخصم)ولم يكن للحزب الاشتراكي (البرنامج والمشروع علاقة بهذا العنف ) إلا من ناحية أن معظم الضحايا هم قياداته أو كوادره في كلا الطرفين .
إذا انتصر خطاب الكراهية الذي يدعوا إليه "النقيب" ضد من يسميهم بأبناء اليمن أو أبناء الجمهورية العربية اليمنية فلن تتغير هوية اليمنيين ،و لن تحقق الكراهية الانفصال أو تعيد الأوضاع إلى عهد التشطير المقيت وأقصى ما يمكن أن تعمله هو العنف و بأشد من مما حصل في 13يناير والعياذ بالله ، أما أدنى نتائج هذا الخطاب الكريه فهو خدمة -الرئيس صالح -وعشيرته الحاكمة وتكتيل غالبية اليمنيين إلى جانبه باعتباره المدافع الوحيد عن هويتهم وعن أهم انجازاتهم الوطنية ، والسؤال هو هل الأخ "عبده النقيب" مع الخيار الأول أم مع الخيار الثاني ؟ آمل أن يكون من أصحاب الخيار الثالث حيث ذاته الوطنية الأصيلة قبل أن يحاول استبدالها بذات وطنية مزيفة قابله للعنف والانفجار بالكراهية في أي وقت .

استدراك

على افتراض أن الهوية الوطنية للشعوب تحددها الجغرافيا فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو أي جنوب يتحدث عنه معلقوا الانترنت !؟ بمعنى هل يقصدون جنوب اليمن أم جنوب الجزيرة العربية أم جنوب آخر لا نعلمه !؟ ثم ما علاقة حضرموت أو المهرة مثلا بالجنوب كاتجاه جغرافي !؟

حضرموت لها هوية تاريخية وقد قامت لها في التاريخ دولة بهذا الاسم عمت اليمن بكاملها (دولة حضرموت ويمنات ) وعلى ذلك يستطيع الحضرمي أن يقول بأنني حضرمي ويمني في نفس الوقت لكنه أبداً لا يستطيع أن يقول أنا حضرمي وجنوبي في نفس الوقت لأن الأصل أن لا علاقة لحضرموت أو المهرة بالجنوب لا من الناحية التاريخية ولا من الناحية الجغرافية حيث يقعان جنوب شرق الجزيرة العربية من ناحية وشرق اليمن من ناحية أخرى .... أليس كذلك !



* كاتب وقيادي بالحزب الاشتراكي اليمني
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]