الصحف السعودية عن اليمن

[مهفوف]

الأحد 28 ذي الحجة 1428هـ( حسب الرؤية )- 6 يناير 2008م - العدد 14440

--------------------------------------------------------------------------------
عودة الى المجتمع الدولي


--------------------------------------------------------------------------------

الجوف اليمنية تقاوم التعرية لتبقى شامخة



الجوف، اليمن - سالم آل سحمان
على بعد 180كلم من العاصمة اليمنية صنعاء تقع محافظة الجوف التي تعتبر أكثر محافظات اليمن تخلفاً لاسيما في بنيتها التحتية والمعرفية.
ويمثل البدو غالبية في سكانها فيعتمدون مهنة الرعي والزراعة التي لم تفك حصار البطالة المنتشرة في تلك المحافظة الفقيرة.

الزائر لتلك المحافظة يجد بدائية العيش وتواضع الحياة، فالناس والغالبية منهم يحملون السلاح في كل تنقلاتهم ويتفاخرون به، وما زالوا يشربون الماء جلباً على ظهور الحمير في معظم مناطقها، باستثناء من كان لديه بئر ارتوازية، وإن كان معظم تلك المناطق المنتشرة من قبيلة الفقمان جنوباً إلى قبيلة بني نوف "الدهمية" شمالاً مياهها غير صالحة للشرب بسبب الملوحة العالية فيها.

أول منطقة تلفت انتباه الزائر هي "السلمات" وهي قرية تظهر في مبانيها القديمة وحصونها العالية التي بعض منها تخطت المائة عام ولا تزال شامخة رغم عنفوان الزمن وتحديات عوامل التعرية، وكل حصن منها يوحي بتاريخ وحياة جيل، وقوة قوم كانوا على ظهرها يوماً ما، واستبدلت اليوم ببعض البيوت الطينية ذات الدور الواحد والتي تظهر عليها ملامح معمارية ونقوش جميلة يتم خلطها بالطين وتطلى من خارجها فتعطيك منظراً جميلاً وايحاءً بذوق مالكيها.

لا يظهر لأي زائر لهذه المحافظة من ملامح عصر اليوم سوى خط من الاسفلت المتواضع والنحيف الذي يصل إلى منطقة الغيل والتي هي من أعرق وأقدم مدن الجوف، وسكانها خليط من القبائل والأشراف والقرار.

ويظهر على أطلالها ومبانيها المحصنة والمتقاربة عن حياة تدب فيها لكن بهدوء حذر، كونها ومنذ أكثر من عشرين عاماً تشهد حرباً شروساً بين أهل الدار الواحدة من الأشراف والقبائل والتي سقط فيها الكثير من الطرفين، يتخلل ذلك صلح يتجدد فينة وتندلع الحرب فينة أخرى، ولم يعد للكثير من رجالها سوى الاختباء في البيوت وقد مر على بعض منهم سنوات وذلك خوفاً من عمليات ثأر قد تطالهم.

ورغم وجود أحد المراكز الحكومية "أمن المديرية" قسم شرطة ويبعد عنها عشرات الأمتار لكنه لا يمثل أي رمزية للدولة كونها أي الأخيرة لم تستطع أن تقدم أي حلول جذرية لصراع أهل القرية الواحدة منذ سنوات طوال. واللافت للأمر أيضاً في جولتي تلك تحول بعض المراكز الحكومية إلى شبه أطلال وعلى رأسها "مبني قيل انه أحد مراكز البحوث الزراعية" الذي نزعت أبوابه ونوافذه وتحول فناء إلى المبنى إلى غابة من الأشجار التي نبتت بفعل الطبيعة ولا يستفاد منها بشيء.

الزائر يلمح مدارس مهلهلة تقفل أبوابها على مدار السنة باستثناد بعض الأيام والتي يحضرها الأساتذة دون طلابهم.. ملامح الأمل في وجوه الشباب مقتولة ونادراً ما تجد شخصاً ينظر إلى المستقبل بأمل، فالإحباط واليأس مسيطر على الكثيرين ومنهم "سعيد محمد" شاب في العشرينات من العمر يقول متحدثاً ل "الرياض" نحن محبطون ماذا نعمل أكبر آمالنا أن نجد عملاً نأكل منه لقمة العيش الحكومة لا تولينا أي أهمية، والجهل مسيطر على الكثير من الناس.

ويؤكد أكثر من شخص في أكثر من منطقة في الجوف أن فكرة الهجرة تلقى تشجيعاً من قبل بعض الشخصيات القبلية، بسبب انتشار ظاهرة الفقر، مما دفع الناس إلى اللجوء إلى ما يملكون من مقتنيات لتأمين لقمة العيش.

ابوهفه