السعودية واليمن وعقدة الجنوب

[صوت الحرية]

ظلت مشكلة الحدود اليمنية – السعودية تشكل أحد مصادر التوتر في العلاقات اليمنية السعودية منذ حرب 1934م، ولم يكن من السهل لأسباب عديدة الوصول إلى اتفاق نهائي حول هذه القضية قبل الاعتداء السافر على الجنوب واحتلاله بعد أن أنبتة التجربة أن نضام اليمن بقيادة الدكتاتور علي عبد الله صالح لا يمكن الوثوق فيه . كان من أولى الخطوات التي يجب على السعوديين والعمانيين تصفية مشاكل الحدود مع اليمن لغرض إغلاق الحدود ، وبسبب موقف اليمن الذي أنحاز للجانب العراقي واحتلاله للكويت بعد قرابة 70 يوماً من قيام الوحدة اليمنية ، فقد تم اكتشاف حقيقة الموقف اليمني المبطن لاجتياح دول الجوار بأنه كان منحازاً إلى العراق، أو على الأقل لم يكن متوافقاً مع العلاقات الحميمة التي كان يكنها الخليجيين لليمن وخاصة السعودية والكويت وتوترت العلاقات بصورة متسارعة بسبب استياء الخليجيين من سياسية الطغمة الحاكمة من أسرة الأحمر السنحاني المؤيدة للعراق التي قال الجانب اليمني بعد انتهاء الحرب بعد أن تحرر الكويت, أن سبب وقوف اليمن إلى جانب العراق هو التدخل الأمريكي في الأزمة بينما اليمن هو أكبر حليف للأمريكيين، وأضاف أن بعض الدول العربية أسهمت في هذا التدهور من خلال تضخيم ما يحدث في اليمن ويصدر عنه حسب زعمه .
وفي أثناء تصـاعد الأزمة السياسية اليمنية93-1994م انحـازت معظم دول الخليج – باستثناء قطر – إلى جانب الجنوب الذي كان يطالب بحقوق مشروعه ، وقدموا له دعماً مادياً وإعلامياً وسياسياً ، إلا أن مشروع الوحدة السلمي الذي أنهته الحرب التي شنها نضام الطاغية على عبد الله صالح وبمساعدة الإرهابيين من أحزاب أسلامية وأنظمة دكتاتورية مثل نضام صدام وغيره من المجرمين على الجنوبيين أصبح في خبر كان وتحول مشروع الوحدة إلى احتلال . كانت هناك محاولات تحسين العلاقات من قبل نظام الجمهورية اليمنية مع دول الخليج لكن من دون جدوى، فقد كان الطرف الخليجي مستاء بسبب موقف اليمن من حرب الخليج الثانية وحربه التي شنها على الجنوبيين واحتلال أرضهم باسم الوحدة.
وطوال عام 94م تواصلت المحاولات اليمنية لتحسين العلاقات ولم تحقق نجاح يذكر خصوصً مع الكويت والسعودية التي كان التحسن معهما بطيئاً ، وقد زاد الموقف مع السعودية سوءاً بسبب بعض التحرشات الحدودية التي كانت تحدث بسبب تصدير السلاح والقات والعملة المزورة والعمالة الغير شرعية وتسلل الإرهابيين للمملكة وتنفيذ عمليات إرهابية ضد الدولة والمجتمع السعودي . وفي مستهل عـام 1995م تــوترت الأوضاع بين البلدين على الحـدود عسكـرياً بصورة خطيرة ، وتولى السمسار عبدا لله الأحمر مسؤولية الوساطة وإخراج اليمنية السعودية من أتون حرب كانت مؤكد نشوبها بسبب مواقف اليمن في كثير من المشكلات منذ أزمة احتلال الكويت ، وهكذا فقد توجه عبدا لله الأحمر إلى السعودية لتحقيق ثلاثة أهداف : نزع فتيل الحرب ، العمل على تحسين العلاقات بين صنعاء وبين الرياض ، ومحاولة حل مشكلة الحدود التي تشكل جزءاً أساسياً ملتهباً من المشكلة . وعلى مدى أربعين يوماً تقريباً دارت مباحثات مطولة وعسيرة بين الجانبين: اليمني والسعودي حول مسألة الحدود وأسباب المشاكل ، واتفاقية الطائف ، والمناطق التي لم تشملها اتفاقية الطائف ، وكانت المباحثات والحوارات تصل في بعض الأحيان إلى طريق مسدود ، وكانت تتوتر – أحياناً أخرى – بسبب بعض التصريحات الإعلامية لنظام الطاغوت اليمني والتسريبات اللامسئولة ، وكان هناك موقف أرعن للطاغوت بسبب استدعائه لسفيره الأحمر ومطالبته بتعليق المحادثات ، وأصاب الملل والضجر بعض أعضاء الوفد اليمني وطالبوه – أيضاً – بالعودة لكن السمسار أصر على البقاء حتى يتمكن من تحقيق ربح مالي بصفته مفاوض أو (( مجاوش)) بللفض العدني على أساس الوصول إلى نتيجة تضع الأساس لحل مشكلة الحدود ، وتعمل على تنقية العلاقات اليمنية السعودية مما يشوبها ويعكرها ويجعلها دائماً متوترة .
الجانب اليمني يقول أنه أستطاع أن يحول دون نشوب حرب من ما جعل موفد الطاغية يصمم على البقاء وحتى لا يسقط مكسبه من عملية السمسرة من الجانب السعودي,, وقد أعلن للعالم أنه سوف يظل في السعودية حتى يستكمل المهمة التي جاء من أجلها ، وقد تحقق أمنية اليمن في ترسيم الحدود وضم أرضي الجنوب بخريطه واحدة فتم التوقيع على ( مذكرة التفاهم ) وقد نجح السمسار الأحمر وحصل على عمولته ..
وتوالت المباحثات اليمنية السعودية عبر اللجان لمناقشة القضايا الفنية، وكانت هناك كثير من المشاكل والمعوقات تحدث بسبب التصرفات الغير مسئولة للجانب اليمني الذي تعود نظامه على نشر الفوضى حتى تعقدت الأمور أو وصلت إلى طريق مسدود ، وتولى الطاغية علي عبدا لله صالح بنفسه ملف الحدود لأن سمساره طلب في المرة الأولى مبلغ كبير ،كما أسهم سمساره عبد الله الأحمر في الترتيب لأول زيارة يقوم بها الطاغوت إلى السعودية بعد سنوات العداء ، وكانت الزيارة من أجل إنهاء العبث اليمني الذي يقوده وإزالة التوتر لكنها تعرضت للتأجيل أكثر من مرة ، وفي الأخير أطر حكومة المملكة لتقديم انفراج سياسي من أجل مصلحة الشعبين الجنوبي والشمالي الذي هوى المتضرر الوحيد في كل ما سوف يحدث لو حدث وتلت زيارة الأمير/سلطان بن عبد العزيز إلى اليمن التي أسهمت في دفع الأمور نحو الأمام ، كما كان من نتائج الزيارة فتح الحدود البرية وبدء التبادل التجاري .
استمـرت المباحثات والحوارات والزيارات بين اليمن والسعودية خمسة أعوام 95-2000م ، مع اشتباكات مسلحة ، لكن الأساس الذي وضعته ( مذكرة التفاهم ) مكّن الجانب السعودي وألزم الجانب اليمني بقيادة الطاغوت حتى توقيع اتفاقية ترسيم الحدود 12\6\2000م