إرادة شعب الجنوب هل تهزمها المواقف الدولية السلبية -بقلم/ رائد الجحافي
حالة حقوق الإنسان في جنوب اليمن تتدهور يوما بعد يوم، صور مأساوية ومشاهد مخيفة جراء الانتهاكات المستمرة التي تطال الأطفال والنساء وكافة المدنيين، لم تكن لودر بمفردها تعاني هذه المجازر ومشاهد القتل والتشرد والجوع والخوف فمحافظة أبين بكاملها تعاني هذا الوضع المأساوي الخطير، أكثر من ثلاثة آلاف بين قتيل وجريح منذ دخول ونشاط الجماعات الإرهابية المسلحة، ولم تكن بلدات الجنوب الأخرى في منأى عن المعاناة، شعب الجنوب الذي يبلغ تعداد سكانه حوالي ثلاثة مليون نسمة وأكثر يعيش وضع إنساني متردي ومخيف، أشكال المجاعة تزداد انتشارا وعشرات الآلاف من الشباب يقفون في طابور البطالة، الغالبية لم يتمكنوا من الالتحاق في التعليم الجامعي والفني في حين يجري حرمان الجنوبيين من الوظيفة العامة في ظل انعدام فرص العمل الأخرى لتردي أوضاع السكان منذ اجتياح الجنوب في العام 1994م وفرض حكم عسكري احتلالي على الجنوب وطرد جميع الجنوبيين من مناصبهم ووظائفهم المدنية والعسكرية بالإضافة إلى عملية النهب لأراضي الجنوب ونهب المؤسسات والمرافق العامة والخاصة والاستحواذ عليها لصالح القادمون فوق الدبابات من الشمال، حتى العمالة في الجنوب جرى احتكارها لصالح الشماليين، وطول السنوات الماضية جرى ضرب الجنوبيين واستخدام قوة السلاح والبطش والقمع تجاههم من قبل السلطات اليمنية التي ارتكبت مجازر طائلة تجاه المدنيين دون أسباب، قرابة الألفي شهيد وأكثر من عشرة ألف جريح سقطوا بنيران قوات الجيش والأمن، والآلاف جرى اعتقالهم وتعذيبهم في المعتقلات، لم يسمح للجنوبيين بممارسة أي نشاط سياسي أو حتى ثقافي، صحيفة الأيام هي الصحيفة الجنوبية الوحيدة التي كانت تصدر جرى إيقافها وممارسة الإرهاب تجاه ناشريها، معالم أثرية جنوبية جرى القضاء عليها وتدميرها وطمس معالمها، حتى مبادئ الأخلاق والتربية على احترام النظام والقانون والمدنية تعرضت لمحاولات القضاء عليها بنشر ثقافات عقيمة وبث روح الفرقة والشقاق من خلال تشجيع السلطات لانتشار الجريمة ودعم الخارجين على القانون ومنحهم صلاحيات ونفوذ ومحاولة إذكاء ثقافة الثارات القبلية، ونشر المراكز والمعاهد الدينية المتطرفة التي عملت على تعبئة الشباب بروح العنف ورفض الثقافات والديانات الأخرى وتغذيتهم بالفكر الديني التكفيري، في محاولة لخلق مجتمع يجمع بين الفساد الأخلاقي والتطرف الديني وهو ما كان سيساعد على القضاء الكلي على شعب الجنوب الذي حاول ولا يزال التشبث بما لديه من قيم تعايش عليها وكانت النتيجة لذلك اندلاع الانتفاضة السلمية الجنوبية التي خرج خلالها شعب الجنوب للمطالبة باستعادة دولته ودفع ولا يزال يدفع ضريبة انتفاضته السلمية هذا القتل والمعاناة في ظل صمت المجتمع العربي والإقليمي والدولي وتهاون المنظمات الحقوقية والإنسانية التي تغض الطرف عن صور الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الجنوب، وفوق كل هذه المعاناة ورغم مرارة العيش وضائقة الحياة التي يعيشها الجنوبيين وجدوا أنفسهم أمام ضرورة حتمية لمواجهة الجماعات الإرهابية التي تسمي نفسها أنصار الشريعة وأمام هذه المعادلة يتفاجى الجنوبيين بتصريحات للسفير الأمريكي بصنعاء يصف الحراك الجنوبي بتيار متطرف لأنه يطالب بأقل الحقوق المكفولة له شرعا وبموجب قرارات مجلس الأمن الدولي ووفق ميثاق الأمم المتحدة، أمور تدعو للضحك والاستغراب إن تسمع تصريحات لدبلوماسي يمثل دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية التي ولطالما شنت حروب واسعة على ليبيا وأفغانستان والعراق وغيرها تحت مظلة تطبيق القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي، تسمع هكذا تصريحات للسفير المبجل وتشك أول الأمر إن التصريحات التي تسمعها هي للجنرال علي محسن الأحمر، أو أحد أرباب السلطة اليمنية الذين يهمهم كثيرا استمرار وضع احتلال الجنوب خدمة لمصالحهم الشخصية، وللتذكير نلفت انتباه سعادة السفير الأمريكي إلى إن الإرهاب والقاعدة التي يدعي انه يحاربها ليست قادمة من طهران ومن الحوزات، وان الجنوب لم ولن يكن أسير تصريحات أو موقف دولي بل إن إرادة الشعوب لن تهزمها المواقف الدولية.
|