القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن
عاجل |
الجزيرة مباشر | الجزيرة | العربية | روسيا اليوم | بي بي سي | الحرة | فرانس 24 | المياديين | العالم | سكاي نيوز | عدن لايف |
آخر المواضيع |
#1
|
||||
|
||||
الإيمان بأحوال السماوات وتغيراتها يوم القيامة
الإيمانُ بأحوالِ السماواتِ وتغيُّراتها يومَ القيامةِ
الحمدُ للهِ الواحِدِ العظيمِ، الواسِعِ العليمِ، ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾ [هود: 7]، أحْمَدُهُ وأستعينُهُ، وأعوذُ بهِ مِنَ الزَّلَلِ، وأستَهْديهِ لصالحِ القولِ والعَمَلِ، وأسألُهُ أنْ يُصَلِّيَ على النبيِّ الْمُصْطَفَى، الرَّسُولِ الكرِيمِ الْمُجْتَبَي، مُحَمَّدٍ خاتَمِ النبيِّينَ، وسَيِّد الْمُرْسلينَ، وعلى آلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرِينَ، وصحابتهِ الغُرِّ الْمَيامين، ويُسَلِّمَ كثيراً. أما بعد: ﴿ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ ﴾ [العنكبوت: 36]، آمنوا باليوم الآخرِ وكُلّ ما يجري فيه مما ورد في الكتاب والسنة، فلا يصحُّ إيمانُ المرءِ إلا بذلك، ومن الْمُغيَّبات التي أخبر الله ورسولهُ صلى الله عليه وسلم عن وقوعها: الإيمان بأحوال السماواتِ وتغيُّرِها يومَ القيامة، وإن الحديث عن ذلك يُرقِّقُ النفس، ويَجعلُها تستعدُّ له ولا تغفله، ولقدْ أخبرَ اللهُ عزَّ وجلَّ في كتابهِ وعلى لِسانِ نبيِّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ما سيحصُلُ للسماواتِ يوم القيامة، منَ: الْمَوْرِ، والتَّشَقُّقِ، والانفطارِ، والانفراجِ، والوهي، والكشطِ، وأنها ستكونُ وَرْدَةً كالدِّهان، وكالْمُهْلِ، وأنها تُفتَّحُ أبواباً، وتُبدَّلُ إلى حالٍ أُخرى، وكُلُّ ذلكَ كائنٌ كَما جاءَ بهِ الخَبَرُ، ووَعْدُ اللهِ صِدْقٌ، وقولُهُ حَقٌّ، ﴿ وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾ [النساء: 122]. والسماء: كما قال النووي: (هو السقف المعروف، مُشتقةٌ من السُّمُو، وهو: العُلُو) انتهى. عباد الله: إنَّ من الإيمانِ باليومِ الآخر، الإيمان بما سيحصُل للسماءِ يوم القيامة من التغيُّرات، وهي: أولاً: الإيمانُ بِمَوْرِ السماواتِ يومَ القيامةِ: قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ﴾ [الطور: 9]، قال البغوي: (أيْ: تَدُورُ كَدَوَرانِ الرَّحَى، وتَتَكَفَّأُ بأهْلِها تَكَفُّؤَ السَّفينَةِ) انتهى، قال السعدي: (وما ذاكَ إلاَّ لأمرٍ عظيمٍ أزعَجَها، وكربٍ جسيمٍ هائلٍ أوهاها وأضعَفَها) انتهى. ثانياً: الإيمانُ بتشقٌّقِ السماواتِ: قال تبارك وتعالى: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴾ [الانشقاق: 1، 2]، وقال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا * الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴾ [الفرقان: 25، 26]، قال ابنُ جرير: (إذا السَّماءُ تصدَّعت وتقطَّعت فكانت أبواباً) انتهى، وقال البغوي: (انْفَرَجَتِ السَّماءُ فصارتْ أبواباً لنُزُولِ الملائكةِ) انتهى، وقال تعالى: ﴿ وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 16]، ضعيفة مُتمزِّقة مسترخية مُتشقِّقة مُتصدِّعة بعد أن كانت صلبةً محبوكةً، قال تعالى: ﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ﴾ [الذاريات: 7]، أي ذات الْخَلْقِ الْمُحْكَم الْحَسَن، وتَشَقُّقِ السماء: هو انفجارها حتى تُصبح أبواباً، وانفطارها بالغمام الأبيض، وتصدُّعها بنزول الملائكة أو لنزول الملائكة، وخرابها. ثالثاً: الإيمانُ بانفطارِ السماواتِ: قال تعالى: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ ﴾ [الانفطار: 1]، قال ابنُ عطيَّة: (الانفطارُ: التصدُّعُ والانشقاق) انتهى، وقال تعالى: ﴿ السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا ﴾ [المزمل: 18]، تتشقَّق بأمر الله لنزول الملائكة، قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا ﴾ [الفرقان: 25]. رابعاً: الإيمانُ بانفراجِ السماواتِ: قال تعالى: ﴿ وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ ﴾ [المرسلات: 9]، قال الشيخ محمد الأمين رحمه الله: (فقولُهُ: فُرِجَتْ: أيْ: شُقَّتْ، فكانَ فيها فُرُوجٌ أيْ شُقُوقٌ) انتهى. خامساً: الإيمانُ بوهيِ السماواتِ: قال تعالى: ﴿ وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 16]، قال ابنُ جرير: (مُنْشَقَّةٌ مُتَصَدِّعَةٌ) انتهى. سادساً: الإيمانُ بأن السماواتِ تكونُ يومَ القيامةِ وَرْدَةً كالدِّهانِ: قال تعالى: ﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ﴾ [الرحمن: 37]، قال ابنُ كثير: (أيْ: تَذُوبُ كَما يَذُوبُ الدُّرْدِيُّ والفِضَّةُ في السَّبْكِ، وتَتَلَوَّنُ كما تَتَلَوَّنُ الأصباغُ التي يُدْهَنُ بها، فتارةً حمراءَ وصَفْراءَ وزَرْقاءَ وخَضْرَاءَ، وذلكَ مِنْ شِدَّةِ الأَمْرِ وهَوْلِ يومِ القيامةِ العظِيمِ) انتهى، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (يُبْعَثُ الناسُ يومَ القيامةِ والسَّمَاءُ تَطِشُّ عليْهِمْ) رواه الإمام أحمد وحسَّنه الضياء المقدسي، قالَ الجوهَرِيُّ: (الطَّشُّ: الْمَطَرُ الضعيفُ) انتهى، فقد يكون المطر بسبب ذوبانها، اللهُمَّ سلِّم سلِّم. سابعاً: الإيمانُ بأن السماواتِ تكونُ كالْمُهْلِ يومَ القيامةِ: قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ ﴾ [المعارج: 8]، أي: تكون مائعة ومتعكِّرة كَدُرْدِيِّ الزيت، والمعنى: أن السماءَ تتغيَّر ضُروباً من التغيير كالدُّهنِ وعَكَرِ الزيتِ الذائبِ والمتلوِّن من شدَّة الْحَرِّ. ثامناً: الإيمانُ بكَشْطِ السماواتِ: قال تعالى: ﴿ وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ ﴾ [التكوير: 11]، أي: تُقْلَع ثمَّ تُطوى، قال ابنُ جرير: (يقولُ تعالى ذِكْرُهُ: وإذا السَّمَاءُ نُزِعَتْ وجُذِبَتْ ثُمَّ طُوِيَتْ) انتهى. تاسعاً: الإيمانُ بطيِّ السماواتِ يومَ القيامة: أي: لَفُّهَا، قال تعالى: ﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ [الأنبياء: 104]، ومعنى الطي في هذه الآية: لَفُّها، أو إخفائها وتعميتها ومحو رُسومها، فعن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنها قالَ: (قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: يَطْوِي اللهُ عزَّ وجَلَّ السَّماواتِ يومَ القيامةِ، ثمَّ يَأْخُذُهُنَّ بيدِهِ اليُمْنَى، ثمَّ يقولُ: أَنا الْمَلِكُ، أينَ الْجَبَّارُونَ؟ أينَ الْمُتكَبِّرُونَ، ثمَّ يَطْوِي الأَرَضِينَ بشِمَالِهِ، ثمَّ يقولُ: أَنا الْمَلِكُ، أينَ الجبَّارُونَ؟ أينَ المتكبِّرُونَ؟) رواه مسلم. فأين نكونُ عندي طيِّ السماوات؟ نكونُ في أماكننا، وعند تبديل السماوات والأرض نكون على الجسر، والله أعلم، قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية رحمه الله: (فطيُّ السَّماواتِ لا يُنافي أن يكون الخلقُ في موضعهم، وليسَ في شيءٍ من الحديثِ أنهم يكونونَ عند الطيِّ على الجسر)، وقال أيضاً: (فإنَّ السماواتِ وإنْ طُوِيَتْ وكانتْ كالْمُهْلِ واستحالَتْ عن صُورَتِها فإنَّ ذلكَ لا يُوجبُ عَدَمَها وفَسَادَها، بلْ أصلُهَا باقٍ؛ بتحْوِيلِها من حالٍ إلى حالٍ، كما قالَ تعالى: ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ﴾ [إبراهيم: 48]، وإذا بُدِّلَتْ فإنهُ لا يَزالُ سَمَاءٌ دائمةً وأرضٌ دائمةً، واللهُ أعلمُ) انتهى. الخطبة الثانية الحَمْدُ للهِ، اللَّهُمَّ ربَّنا لَكَ الحَمْدُ، مِلْءَ السماواتِ ومِلْءَ الأَرْضِ، ومِلْءَ ما شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمداً صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عبدُهُ ورسولُهُ. أمَّا بعدُ: مما يجبُ الإيمان به، مما سيحصُل للسماءِ يوم القيامة من التغيُّرات: عاشراً: الإيمان بفتح السماوات كالأبواب: قال تعالى: ﴿ وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا ﴾ [النبأ: 19]، أي: تتشقَّقُ السماء وتتصدع وتتفطر فتكون طُرُقاً أو قطعاً كالأبواب، أو تنحل وتتناثر حتى تصير فيها أبواب أو تصير كلها أبواباً، وذلك لنزول الملائكة، قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا ﴾ [الفرقان: 25]. الحادي عشر: الإيمانُ بتبدُّل السماوات يوم القيامة: قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [إبراهيم: 48]، قال ابنُ حزم: (إنَّ تبديلَ السماواتِ والأرض إنما هوَ تبديلُ أحوالها لا إعدامُها، لكن إخلاؤُها من الشمسِ والقَمَرِ والكواكِبِ والنجومِ، وتفتيحها أبواباً، وكونها كالْمهْلِ، وتشقُّقها ووهيُها وانفطارُها) انتهى. وأينَ نكونُ عند تبدُّل السماوات والأرض؟ (عن عائشةَ قالتْ: سألتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن قولهِ عزَّ وجَلَّ: ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ﴾ [إبراهيم: 48]، فأينَ يكونُ الناسُ يومئذٍ يا رسولَ اللهِ؟ فقالَ: «على الصِّراطِ») رواه مسلم. عباد الله: لقد ظَهَرَ لنا من الأدلة من الكتاب والسنة أن للسماواتِ تغيُّراتٍ يوم القيامة، وترتيبها على النحو التالي: إن أول تغيُّرٍ للسماء يوم القيامة: (الْمَور)، ثم الانشقاق، ثم الانفطار والانفراج والوهي، ثم تكون وردةً كالدِّهان، ثمَّ كالْمُهل، ثمَّ كشطُها وطيُّها، ثم فتحها كالأبواب، ثمَّ تبدُّلها من حالٍ إلى حال، فيجبُ الإيمان بجميع هذه التغيُّرات التي ستحصل للسماء يوم القيامة، لأنها جزءٌ لا يتجزَّأ من الإيمان بالرُّكن السادس من أركان الإيمان، وهو الإيمان بالغيب الذي هو أصل الدِّين، قال ابنُ القيِّم: (والإيمانُ بالغيبِ أجلُّ المقاماتِ على الإطلاقِ)، وقال أيضاً: (والإيمان بالغيبِ هو الإيمانُ النافع) انتهى. اللهم ارزقنا الإيمان بالغيب على الوجهِ الذي يرضيك عنَّا.
__________________
|
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
|
|
الساعة الآن 07:41 PM.