قائمة الشرف




القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن

عاجل



آخر المواضيع

آخر 10 مواضيع : الأثنين القادم فعالية تأبين كبرى لـ«فقيد» الوطن اللواء د عبدالله أحمد الحالمي في عدن (الكاتـب : nsr - مشاركات : 0 - المشاهدات : 3903 - الوقت: 12:13 AM - التاريخ: 07-04-2024)           »          الرئيس الزبيدي يلتقي دول مجلس الأمن الخمس في الرياض (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 18109 - الوقت: 03:28 PM - التاريخ: 11-22-2021)           »          لقاء الرئيس الزبيدي بالمبعوث الامريكي بالرياض ١٨ نوفمبر٢٠٢١م (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 8340 - الوقت: 09:12 PM - التاريخ: 11-18-2021)           »          الحرب القادمة ام المعارك (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 14232 - الوقت: 04:32 AM - التاريخ: 11-05-2021)           »          اتجاة الاخوان لمواجهة النخبة الشبوانية في معسكر العلم نهاية لاتفاق الرياض (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 7867 - الوقت: 05:20 AM - التاريخ: 11-02-2021)           »          اقترح تعيين اللواء الركن /صالح علي زنقل محافظ لمحافظة شبوة (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 7667 - الوقت: 02:35 AM - التاريخ: 11-02-2021)           »          ندعو لتقديم الدعم النوعي للقوات الجنوبية لمواجهة قوى الإرهاب (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 7753 - الوقت: 08:52 AM - التاريخ: 10-31-2021)           »          التأهيل والتدريب (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 7463 - الوقت: 04:49 AM - التاريخ: 10-29-2021)           »          الرئيس الزبيدي يجري محادثات مع وفد رفيع المستوى من الاتحاد الأوروبي (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 8314 - الوقت: 12:56 PM - التاريخ: 10-27-2021)           »          تحرير ماتبقى من اراضي الجنوب العربي (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 7762 - الوقت: 02:53 AM - التاريخ: 10-15-2021)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #71  
قديم 04-05-2006, 03:10 AM
الصورة الرمزية أنا هو
عضو فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,472
افتراضي

اتعاونوا على ذاك الشيء!

سعيد عولقي
قال مراسل أجنبي بلباقة جمة لا تخلو من الحصافة والحنكة: «أنتم اليمنيون تخزنون القات في مجالس بهيجة وتتحدثون بحرية ومعرفة وبطلاقة فذة.. وهذا مزاج أستطيع أن أتفهمه وأفهمه.. وها أنا ذا أذوق القات لأول مرة في حياتي وأخزن معكم وألجع كماكم.. لكن بعض شؤون بلادكم السياسية تستعصي على الفهم والإدراك.. مثلاً كل الناس العاديين الذين قابلتهم إما ساخطون على الأوضاع متذمرون يلعنون أبو السياسة وصناع السياسة وأبو هذا الزمن الأغبر الأزعر الذي دخلوه.. وإما غاضبون آخر غضب على كل شيء ومن كل شيء ومش عارفين كيف يصلحوا أي شيء.. أما الناس غير العاديين الذين قابلتهم فإنهم متفائلون مبسوطون آخر انبساط ومتسلطحون آخر سلطحة وآخر بلطحة وملطحة وقليل شلطحة.. وهم يمسحون أشنابهم من النعمة ويرددون الحمد لله كنا فين وأصبحنا فين الدنيا دردبيس وبكره إن شاء الله بايكون الحال أحسن وبانقرط أكثر.. فمن كان يحلم بما حققناه من فساد برغم كل الخطوات الأخرى الرامية إلى الإصلاح وكبح الجماح وربط الحمار بجنب الجدار حق البرلمان في المكان المخصص لربط الحمير.. برغم كل شيء وبرغم ذاك الشيء الذي يفعله هواة كل شيء ومن كل شيء أوَّله ومن كل طلب آخره.. برغم كل العيوب والسلبيات وعلى رأسها الفساد المحترم أو السافل والخ الخ.. لكن إن شاء الله أكيد بكره بايكون أحسن».

واسمحوا لي أيها الرفاق الأعزاء أن أكون متفائلاً بعض الشيء وانحاز قليلاً إلى جبهة الناس الذين يمسحون أشنابهم من النعمة التي هبطت عليهم حلال وإلا حرام وإلى من يقول بأن اليوم أفضل من أمس حتى ولو كانوا عارفين وفاهمين أنه أول أمس كان قليل أفضل أو حتى كثير أفضل في بعض الأشياء زيما حضراتكم عارفين.. وإن شاء الله بكرة يكون أحسن وتتعدل المسيرة بدل ما تتقدم الفلوس على القيم.. تتقدم القيم أولاً ولو حتى قليل على البيس ولو أنه ذا الحال صعب لكن قولوا معايا: يارب ياخويا يارب.

هذه الحالة بالنسبة لذاك الشيء الذي هو الفساد كما لا يخفى على جنابكم تذكرني بحكاية واحد خسيس من أصحاب زمان كان معه دكان معطارة يعني سبار وبهارات وذاك الشيء.. المهم أنه هذا المدكن الخسيس كان شديد البخل مع أنه كان يكسب كثير من البيع والشراء ومن ذاك الشيء وكل شيء يزيد من دخله ودعم الحكومة له.. كان كل يوم يصرف شلن واحد ويحوله إلى سنوت وبيستينات وفلسات وقرشات وهللات وبللات.. ويخصص صرف هذا الشلن اليتيم إلى صدقات ليومه كله مع أنه خير الله باسط لكن أيش تقولوا: الخسيس قده خسيس.. وكان في واحد شحات فنان اسمه رزق عبدالله هوجله مسلط على هذا المدكن وكل يوم يظهر له بشكل.. يوم أعمى (البصير الله يرحم والديكم..) ويوم أعرج (الرنجلة الله يسهل لكم ولعيالكم) ويوم كسيح: (الأسير الكسير البصير الله يفتح عليكم) وهكذا.. ورغم المجهود العظيم الذي يبذله هوجله المسكين عند المدكن الخسيس إياه إلا أنه اتحدى أي واحد يقول أنه قدر يخرج منه أكثر من «بيستين» في أي مرة مش لأنه البيستين تجي مثنى في اللغة العربية معناته أنه المدكن كريم ولكن لأنه البيستين تجي قطعة معدنية واحدة ما يقدرش يقسمها نصين وقد انعدمت الآن في السوق ويقال أن هذا المدكن نفسه هو الذي كان السبب عندما اشتغل في جمعها من السوق وصهرها وتحويلها إلى قوالب معدنية وقد أصبح طبقاً لرواية الأخ الشحات سابقاً عبدالله هوجله مليونيراً يلعب بالفلوس لعب بسبب ذاك الشيء.. وسألنا الأخ عبدالله: وانته أيش استويت بعدما بطلت الشحاتة؟ قال : أنا أشتغل مع الحكومة.. قلنا له: أيش من شغل؟ قال: مساعد مليونير.. قلنا له: كيف يعني؟ قدرت تشتغل في ذاك الشيء زيما صاحبك المدكن؟ قال بعد أن استشاط غضباً: الله لا قال ولا قدر.. إلا ذاك الشيء.. أنا ألقط خبابير وبس لكن حد الله بيني وبين ذاك الشيء.. ياسلام عليك ياعبدالله لا والله شاطر .. شاطر من صدق.

قفز الأخ عبدالله بغضب مفاجئ تداهمه نوباته عند ذكر أي صلة بين السياسة والاقتصاد وذاك الشيء فصرخ قائلاً: اخرج أعميتني واصميتني لك عما.. فطيبت خاطره وقلت له: أنت ليش تزعل نفسك لازم كلنا نتعاون في سبيل الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري والمالي الشامل.. هدأ قليلاً.. ثم بعد قليل سأل: كيف يعني أيش نصلح؟ قلت له: لازم كلنا نتعاون من أجل القيام بذاك الشيء حتى ولو كنا مش داريين أيش هوه!
رد مع اقتباس
  #72  
قديم 04-05-2006, 03:48 AM
الصورة الرمزية أنا هو
عضو فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,472
افتراضي

الشيخ الذهب: لا توجد إرادة سياسية للمعالجة والرئيس قال: أعضاء اللجنة «حانبين» بمشاكل الثأر!!
السلطة وصناعة الثأر!!

من ملفات الشورى:
في الثأر غالباً ما يجري الاقتصاص من أحد الأبرياء بينما يبقى الجاني خارج الدائرة

ثمة أسباب متعاضدة في تراكم قضايا الثأر في مقدمتها الأمن المفقود والعدالة الغائبة

أحياناً كل ما تفعله بعض الأطقم العسكرية هو القبض على القتيل

تشكيل اللجان العليا لكل شيء «تقليعة» والدليل لجنة مكافحة الفساد!!

تراخي الدولة هو السبب في إشتعال جرائم الثأر

قسم التحقيقات

* لم يمهلوه الاحتفاء بملازمه الدراسية التي صورها للتو.

ووسط شارع يكتظ في الغالب بطلاب جامعيين سقط الطالب المستجد في كلية الطب بجامعة صنعاء ياسر عبدربه القاضي مضرجاً بدمائه بعد أن كان اثنان من رسل الثأر عاجلاه بزخات رصاص حولت جثته إلى ما يشبه الغربال.

وقد وهب يوم 29 مارس من عام 97 «ياسر» شهادة قتل على خلفية قضية ثأر «مأربية» لم يكن له فيها ناقة ولا جمل ليلحق بأخيه عمار الذي سبق أن احتفى به «قتلة» آخرون في يوم 14 أكتوبر من عام 96م ليرحل مع رفيق له كان بجواره، على جناح كمين إلى العالم الآخر.

الفرق بين عمار وياسر أن الأول سقط في مأرب والثاني في قلب العاصمة صنعاء بالقرب من عمود «الحكمة يمانية» الشهير وفي وضح النهار.

والإثنان ومعهما آلاف اليمنيين الذين حصدتهم الثأرات يشتركون في كونهم ضحايا غياب الأمن والعدل ومبادرات إشعال فتيل الثأر!!

* في العادة ليس ثمة مجرمٌ معدٌّ فطرياً لتنفيذ عمليات القتل أو الإعتداء.. بيئة الفوضى وضياع الحقوق تخلق قتلةً محترفين. وما تكرسه الدولة بأجهزتها المختلفة من انفلات وتسيب يحيل الأشخاص إلى مجرمين وسفاكو دماء في الغالب كان جل همهم البحث عن عدالة تقتص للمظلوم من الظالم..

وإذ يتعذر الحصول على بصيص عدل فإن الثأر آلية إقتصاص مدمر يلجأ إليها أولياء دم قتيل لم يجدوا عدلاً يقتص له.

ولذلك فإن الثأر: عملية اقتصاص غير مشروع من الجاني أو قبيلته في قضايا القتل العمد.

ويؤكد الشيخ علوي الباشا في ورقته المقدمة إلى منتدى الهواء الطلق الذي تبناه المعهد اليمني لتنمية الديمقراطية (عقد مؤخرآً) إن عادة الثأر منتشرة منذ القدم في المجتمع القبلي في اليمن إذ تلجأ قبيلة المجني عليه بالقتل أو أسرته للثأر من القاتل أو من قبيلته أو من أسرته.

وفي النتيجة فإن الثأر عملية إهدار لدم المجني عليه تزيد من دائرة الدم فيما يبقى الجاني خارجها.

يقول الباشا «كثيراً ما يحدث في عمليات الثأر أن يقتص من أحد الأبرياء في قبيلة الجاني، ويبقى الجان نفسه خارج دائرة القصاص، فيتمتع فيما بعد بحياته بين أهله بينما يدفع ثمن جريمته غيره».

الثأر آلية للإقتصاص أنتجها المجتمع القبلي الذي لم يعرف الدولة، ويؤكد الدكتور عادل الشرجبي أستاذ علم الإجتماع بكلية الآداب جامعة صنعاء - بأن ظاهرة الثأر وجدت في المجتمعات القبلية التي لم تكن بها دولة، فكل قبيلة لا تخضع لأعراف القبيلة الأخرى في حل قضية القتل فكانت العادة الأخذ بالثأر وبالتالي فإن الثأر كظاهرة وعادة تنتمي إلى مرحلة ما قبل الدولة الحديثة.

مرحلة ما قبل الدولة وسيادة الإنفلات المقصود في بعض الأحيان لا يزال يثبت تواجده القوي ويؤكد بأن دم اليمنيين سيظل نازفاً ما لم يحدث تغيير جذري.

وتحصد عمليات الثأر المنتشرة في مناطق عدة من اليمن آلاف الأرواح.

ويرصد تقرير رسمي أكثر من (1679) عملية قتل حدثت في أربع محافظات يمنية فقط هي عمران والبيضاء وصنعاء وذمار.

وحسب تقرير لجنة الصلح ومعالجة قضايا الثأر بمجلس الشورى عام 2002م فإن محافظة ذمار تأتي في المقدمة بـ581 حالة قتل تلتها محافظة عمران بـ527 حالة ومن ثم صنعاء بـ510 حالات والبيضاء بـ361 حالة. وكان المسح الذي قامت به اللجنة من خلال إستبيان وزعته على المحافظات اقتصر على خمس محافظات بما فيها شبوه التي شهدت خلال السنوات الأخيرة العديد من حالات الثأر والحروب القبلية. لكن احصائية بعدد حالات القتل في شبوه لم ترد إلى اللجنة حسب التقرير.

فرَّق التقرير بين ثلاثة أنواع لحالات القتل المرصودة: النوع الأول وهو ما يعني بالقضايا التي حدث فيها القتل إبتداءً لأي سبب من أسباب النزاع، والنوع الثاني يعني بالقضايا التي حدث فيها القتل ثأراً والثالث يعني بقضايا اقتتال متصلة أو تحت الهدنة.

في عمران نتج عن 169 قضية من النوع الأول والخاصة بقضايا القتل إبتداء (56) قضية خاصة بقضايا القتل ثأراً و(33) قضية استمرت فيها عمليات الحرب والإقتتال المتواصل.

وبلغ عدد القضايا المنظورة أمام المحاكم (23) قضية فيما بلغ عدد القضايا المنظورة أمام المحكمين (تحكيم قبلي) (14) قضية في حين بلغت القضايا الغير منظورة والمعلقة -المفتوحة للصراع- (184) قضية تمثل نسبة %73 من إجمالي عدد القضايا في المحافظة.

ووسط هذا الجحيم تبدو القبائل مكرهة على الإستمرار في الصراع فيما بينها رغم قناعتها بأهمية معالجة هذه الظاهرة. ويؤكد تقرير لجنة الصلح ومعالجة قضايا الثأر بأن رد محافظة عمران أوضح «بأن هناك استعداداً وقناعة تامة بين أوساط القبائل للحد من هذه الظاهرة ولم يتبق سوى تفعيل هذا الجانب من قبل الدولة».

في محافظة ذمار التي تتصدر ترتيب المحافظات الممسوحة من حيث عمليات الثأر بـ(581) قال التقرير بأن عدد القضايا المنظورة أمام المحاكم من جملة (106) قضايا (21) قضية فقط أما القضايا المنظورة أمام المحكمين فعددها (27) قضية، فيما عدد القضايا غير المنظورة والمعلقة 58 قضية تمثل نسبة %55 من إجمالي عدد القضايا.

وتتركز قضايا الثأر في محافظة ذمار في مديريات الحدأ وعنس وجهران وضوران ومغرب عنس والمنار.

في المعلومات المتعلقة بقضايا الثأر في ذمار كان لافتاً ما أورده التقرير من أرقام عن الفروق في عدد الأشخاص المقتولين بين طرفي النزاع.

ففي مديرية الحدأ بلغ عدد القضايا الخاصة بالثأر أربعين قضية ضحاياها بلغوا (392) شخصاً.

وقال التقرير -بحسب بيانات المحافظة- إن اجمالي الفروق بين طرفي النزاع يصل إلى (92) شخصاً.

أما في مديرية عنس التي بلغ عدد قضايا الثأر فيها (19) قضية وضحاياها (51) شخصاً، فإن الفرق بين طرفي النزاع في عدد القتلى (28) شخصاً.

وكذلك الحال في مديرية جهران إذ بلغ عدد القضايا (17) قضية ضحاياها (36) شخصاً لكن الفرق بين طرفي النزاع في عدد القتلى يصل إلى (32) شخصاً.!!

ويتقلص الفرق في عدد القتلى بين طرفي النزاع في مديرية ضوران إلى (16) شخصاً في (5) قضايا ضحاياها بلغوا (36) شخصاً.

أما في مديرية مغرب عنس فإن الثأر في عدد القتلى تقلص بشكل أكبر ليصل إلى (7) أشخاص وكذلك الحال في مديرية المنار.

ومنذ ذلك التاريخ الذي صدر به التقرير فإن الفارق بين أطراف النزاع في قضايا الثأر ربما يكون قد فاق الأرقام المذكورة لصالح هذا الطرف أو ذاك.

ولربما كان إيراد الفارق في عدد القتلى بين الأطراف المتنازعة إشارة إلى سباق محموم لتقليص الفارق قد تنتج عنه ارقام جديدة في محاولة لتسجيل أكبر عدد ممكن من القتلى في جدلية الثأر اللانهائية برعاية رسمية!!

في المحصلة ليس ثمة رقم محدد لعدد ضحايا الثأر في اليمن، وما أورده التقرير لم يكن سوى محاولة أولية لقراءة خارطة الثأر اقتصرت على أربع محافظات فقط.

فيما قضايا الثأر التي تندلع بين الحين والآخر في أغلب المحافظات اليمنية تؤكد أن الضحايا بالآلاف وأن الخارطة تمتد لتشمل محافظات كانت فيما مضى تنعم بسلام اجتماعي شبه دائم.

فالمحافظات الجنوبية والشرقية مثلاً لم تعرف قضايا الثأر والحروب القبلية إلا في السنوات الأخيرة فيما كانت محافظات شمالية كتعز وإب تعد الثأر والحروب القبلية إستثناءً نادراً.. لقاعدة الهدوء وسيادة السلام الإجتماعي..

وبدلاً من إشاعة الطمأنينة ونماذج السلام الإجتماعي في المحافظات تتحول العملية إلى إشاعة «القبيّلة» ونبش العصبيات البدائية لتشعل الثارات والحروب القبلية في معظم المحافظات بينما تمتهن السلطات الرسمية -العليا- والسفلى- الفرجة والاستمتاع.. بمشاهد الدمار الإجتماعي بل، إن هناك من يؤكد إستخدام هذا السلاح الإجتماعي الفتاك لتحقيق مآرب معينة.

يقول الشيخ علي أحمد ناصر الذهب شيخ قبيلة قيفه - رداع - بمحافظة البيضاء: «مشاكل الثارات والحروب القبلية تخمد بعض الوقت ولمجرد أن يحدث موقف سياسي من جهة أو شخص يتم تحريك هذه القضايا لتجديد الحروب من باب الضغط. وهذا الموقف ليس موقف الدولة فقط، فهناك أحزاب أيضاً تشارك في هذه الفتن».

الشيخ الذهب -عضو مجلس الشورى- وعضو لجنة «الثأر» في المجلس أكد لـ«الشورى» بأن مشاكل الثأر تنتشر الآن في أكثر من منطقة حتى تلك التي كانت بعيدة عن هذه المشاكل «هناك مناطق، مثل المناطق الجنوبية والشرقية كانت هادئة وبدأت تُثار فيها هذه القضايا».

قبل 14 سنة دار قتال بين قبيلة الشيخ الذهب وقبيلة أخرى ذهب على إثرها والده ضحية فخاض تجربة مريرة في هذا الجانب.. وثمة مشاكل إن حدثت -يقول الذهب- «إحنا نحلها وأي واحد يقتل نجيبه وندخله السجن المركزي».

وأينما تحل مأساة أو جريمة فثمة أسباب متعاضدة في مراكمتها واتساع نطاقها يأتي في مقدمتها: أمن مفقود وعدالة غائبة.

ويرجع المحامي عبدالعزيز السماوي ظاهرة الثأر إلى أسباب عدة منها فساد القضاء، وأجهزة الأمن وعدم تطبيق القانون.

ويؤكد السماوي بأن عدم إستطاعة ولي الدم الحصول على الحكم الشرعي البعيد عن الرغبات والأهواء ما يدفعه بسبب طبيعة الأعراف القبلية إلى قتل من لم يكن قاتلاً لمؤرثه.

بحيث يقتل أي شخص يصادفه من أسرة الجاني أو من قبيلته، وهذا بدوره يؤدي إلى تفاقم الأزمة مرة أخرى فتنتشر قضايا الثأر وتتعدد القضايا.

أما الجانب الأمني فيسهم بشكل أو بآخر في تفاقم الظاهرة ويقول السماوي: المشكلة تكمن في أن أجهزة الأمن مثلها مثل غيرها من الأجهزة ذات الصلة بالموضوع». يضيف: الأصل في وظيفة رجل الأمن منع الجريمة قبل وقوعها لكن ما يجري الآن هو أن رجال الأمن يقومون بمحاولة مواجهة الجريمة بعد وقوعها وهذا دليل على إختلال أجهزة الأمن».

في كثير من القضايا لا دور للأجهزة الأمنية سوى إستنزاف أموال المواطنين والقبض على القتلى(!!) فضلاً عن البطء في التحرك.

ويؤكد السماوي بأن الكثير من القضايا لا تقوم أجهزة الأمن بالتحرك السريع لمواجهتها وجمع الإستدلال بشأنها خاصة تلك الجرائم التي تقع خارج المدن الرئيسية.

ويضيف السماوي: أحياناً يطلب الأمن من ولي الدم أجرة الطقم للبحث عن قاتل، ومع ذلك فإن معظم الأطقم العسكرية تخيب آمال ولي الدم، وكل ما تفعله هو القبض على القتيل».

وهو ما يعني -حسب السماوي- أن كل طقم يخرج للمتابعة بحاجة إلى نزيف مالي يتحمله أولياء الدم.

فوق ذلك ثمة من يعمل على إضاعة الأدلة ومن الأمن نفسه وهذا مكمن خطر.

يقول السماوي: الأخطر من كل ذلك أن بعض رجال الأمن يحاول إضاعة الأدلة التي يجري التوصل إليها للأسباب التي لا تخفى على أحد (!!) خاصة عندما لا يكون أولياء الدم متابعين للقضية أو ظهرهم الإجتماعي والإقتصادي ضعيف».

ثمة وهم نسير في فلكه بينما هو يقودنا إلى واقع مشوه: وجود شكلي لأجهزة الدولة بينما هي في الحقيقة تعمل في غير ما وجدت له، لأنها جاءت لمسايرة واقع اجتماعي وتكريس البناء التقليدي في المجتمع والدولة.

ولم يعد ثمة فرق بين الدولة والقبيلة، ووفقاً للدكتور عادل الشرجبي:- فإن تطورآً مشوهاً حدث في المجتمع اليمني.. فالإنتقال من مرحلة ما قبل الدولة إلى مرحلة الدولة ليس سوى انتقال شكلي. بالإضافة إلى كونه غير متوازن على جميع الأصعدة الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والسياسية.. إلخ.

ويؤكد أستاذ علم الإجتماع بأن الدولة مؤسسة مختلفة كلياً عن المؤسسات الإجتماعية التقليدية الأخرى كالقبائل والعشائر التي يربط بين أفرادها رابط الإنتماء.

فالدولة يفترض أن تكون هي الرابطة التي تربط الأفراد في المجتمع بشكل كامل وليس كل قبيلة على حده.. وبالتالي: الدولة هي من تمتلك حق الإستخدام الشرعي للقوة، ومن ضمنها أنها تقتص للمقتول، عن طريق جهازها القضائي سواء في تحديد العقوبة أو في اختيار شكل القتل..

بحسب الشرجبي فإن استمرار ظاهرة الثأر في المجتمع اليمني يرجع إلى أن الدولة لا تقوم بوظائفها كاملة وغير متواجدة في كثير من المناطق.. فضلاً عن غياب ممارسات وسياسات وبرامج لإضعاف البنية القبلية التي إستمرت قوية بفعل وجود «أفراد» في المجتمع شجعوا إستمرار القبيلة. وإستمرار القبيلة كبناء مؤسسي هو الذي شجع على إستمرار ظاهرة الثأر.

شكلياً الدولة موجودة وهي تنتمي شكلياً أىضاً للحداثة ويقول الشرجبي:- الدولة تنتمي الى الحداثة من الناحية الشكلية لكنها ليست دولة مؤسسية فلم تفعل القانون وحقوق المواطنة المتساوية، وليست فاعلة، والناس لا يستطيعون الوصول إلى حقوقهم، فالقضاء بطيء ويعاني من تشوهات وتدخلات، والأجهزة الأمنية لا تمارس عملها بالشكل المطلوب.

ما هو قائم من دولة شكلية -بحسب الشرجبي- يشجع بقاء الثقافة والبنى الإجتماعية التقليدية، وبالتالي شجع ظاهرة الثأر.

ويعتقد أستاذ علم الإجتماع بجامعة صنعاء -أن ظاهرة الثأر ستستمر بغض النظر عن الخطاب السياسي الذي يتحدث عن وقف ظاهرة الثأر. لأن حسن النوايا لا يكفي.

وكل القضايا المطروحة على الأجندة السياسية والثقافية في المجتمع اليمني ستظل أطروحات نظرية لا تغير من الواقع شيئاً ما لم تتخذ إجراءات على الصعيدين الإجتماعي والثقافي تتضمن برامج تغيير حقيقية.

الإتجاه الذي يسلكه أفراد القبائل في معالجة صراعاتهم والدخول في دوامات ثأر لا تنتهي ثمة ما يبرره فليس هناك جهة محايدة (كالدولة) تبت في القضايا وتتدخل لوضع حد للصراعات بموضوعية.

ويقول الشيخ علي الذهب: الثأر لا يقوم إلا نتيجة ظلم وقع على اصحابه.

ويؤكد بأن تراخي الدولة هو السبب في إشتعال الثارات وعدم الإقتصاص من مرتكبي جرائم القتل يشجعها ويغذيها.


ويقول الشيخ علي عبدربه القاضي -عضو مجلس النواب بأن أي طرف قبلي لديه نزاع لا يريد أن يستمر نزيف الدم، ما يعني أن لجوء الأفراد للثأر هو بسبب غياب القانون: «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب»

لسلاح المتواجد في أيدي المواطنين سبب أيضاً لإنتشار ظاهرة الثأر، وفي ظل غياب معالجات قانونية وجدية حكومية في الحد من استخدام السلاح، فإن (60) مليون قطعة سلاح بحسب احصائية حكومية ستنال من أرواح كثيرة.

على عبدربه القاضي -عضو مجلس النواب - الذي فقد ثلاثة من أبنائه إثنين منهم بسبب الثأر أكد بأن وجود السلاح الحديث في أيدي الناس يساعد على إرتكاب الجرائم: «المرأة إذا وقع بيدها هذا السلاح يمكن أن تقتل حتى عشرة» على حد قوله.

ويؤكد القاضي بأن الثأر ضاق منه الناس ذرعاً ويتمنى الجميع العيش بطمأنينة وسلام بدون ثارات.

في بداية العام 2002م تم تشكيل لجنة مكونة من عدد من أعضاء مجلس الشورى للصلح ومعالجة قضايا الثأر.

وقد «توصلت اللجنة الى تقرير ورفع التقرير، وما لقي إستجابة من القيادة السياسية على حد قول الشيخ علي الذهب عضو اللجنة ويضيف الذهب: جاء الرئيس إلى المجلس وقال بأن أعضاء اللجنة «حانبين» بمشاكل الثأر».

وقال الذهب: هذه ليست أول لجنة تفشل، اللجان لا يتاح لها فرصة ممارسة عملها.

في الأسبوع الماضي إنطلقت دعوة رئاسية لمختلف القبائل إلى عقد صلح عام أعتبرها كثيرون نتيجة ضغوط خارجية خاصة وأنها بدأت من محافظة مأرب، إذ باتت موضع إهتمام أمريكي (!!) وفيما كان المفترض بحسب مراقبين الاعلان عن عقد مؤتمر وطني عام لمعالجة مشاكل الثأر أعلن عن تشكيل لجنة عليا لتسوية مشاكل الثأر وقد إعتادت القبائل إستقبال دعوات الصلح من أطراف قبلية وليس من الدولة!!.

الدعوة الرئاسية طرحتها وسائل الإعلام الرسمية وكأنها منجزٌ، بينما لم تكن الأرواح التي أزهقت ولا زالت بسبب الثأر مثار إستياء عام توجب مساءلة السلطة التي تملك أجهزة الدولة. أما ما يتردد عن المبادرة فيعتقد البعض بأن ثمة فهم مغلوط لدور الدولة، في المبادرة المطروحة ذاتها مكاناً وزماناً واسلوباً.. فقد طرحت في مارب المحافظة التي تحظى باهتمام أمريكي متزايد في العامين الماضيين، مع انها ليست المحافظة الأولى في قائمة الثأر.. وزماناً لا يوجد مستجد معين في مارب وقضايا الثأر أكثر اشتعالاً في مناطق أخرى. أما اسلوباً فيلاحظ ان المبادرة طرحت بعقلية القبيلة فالصلح عادة طريقة قبلية أما السلطة فيفترض ان حلولها تأخذ إطاراً وطنياً وقانونياً واجتماعياً واسعاً يبدأ بنزع فتيل الثأرات. وكان قبل سنوات يطرح مشروع لمعالجة قضايا الثأر هو المؤتمر الوطني إلا ان المبادرة الأخيرة طرحت الصلح والصلح حل مؤقت. أو هدنة مؤقتة وهكذا فان المبادرة رغم الهالة الإعلامية لم ترتفع بعد الى مستوى وحجم مأساة الثأر كمشكلة وطنية مما عكس عدم الجدية.

ويرى المحامي السماوي بأن هناك خللاً في فهم وظيفة الدولة. فالدولة. ملزمة بتحقيق الأمن والإستقرار والعدل وهذا كله لا يتأتى إلا بتطبيق سيادة القانون، وبتصرف الدولة عبر أجهزتها المختصة التصرف الصحيح المتفق مع روح القانون..

ويقول السماوي: البحث عن حل قضايا الثأر من خلال إستدعاء المشائخ أو رجال القبائل مضيعة للوقت.

الشيخ الذهب من جانبه يرى بأن لا جدية لدى الدولة في حل أي مشكلة وهذا ليس كلاماً على حد قوله لكن هناك وقائع كثيرة تؤيد هذا الكلام.

ويعتقد الذهب بأن هذه الدعوة ربما جاءت في سياق الضغوط من الخارج على الدول العربية وربما أيضاً تكون القيادة أدركت بأن هذه الظاهرة ضد التنمية!!.

ومع ذلك فإن «الذهب» من خلال تجربته -كما قال- ليس لديه أمل رغم أنه يرجو من الله أن يكون مخطئاً في إعتقاده.

ويوافق الشيخ «الذهب» على تدخل الدولة في شؤون القبائل. كشخصية قبلية- يقول الذهب: يا ريت والدولة تتدخل على العين والرأس إذا وجد التدخل فإنه سيوفر علينا الكثير. لكنه يعتقد بأن الإرادة السياسية لحل مشاكل الثأر غير موجودة رغم المبادرة الرئاسية..

الشيخ علي عبدربه القاضي الذي شبه وضع القبائل اليمنية بالوضع العربي تمنى أن تكون الدعوة بداية في الطريق الصحيح، أما إذا كان الصلح مؤقتاً، فلا «يسوى شيء» على حد قوله، والمطلوب أن يعقد صلح شامل بعدها يحتكم الجميع للقضاء والقانون وعلى الجميع أن يتعاون مع الدولة في هذا الجانب.

ثمة ملاحظة جديرة بالتأمل.. وقراءة فاحصة للأمر ربما تكشف المستور..

إزداد الفساد تفشياً وظهرت صوره القبيحة في كل مكان.. فكان ملاذ السلطة: تشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد، ومع ذلك لا يزال الفساد سيد الحال الحاكم.

وبات العلاج لكل علة يمنية تشكيل لجنة عليا، حتى الأمراض النفسية والعصبية التي لا «تحتكم» على أكثر من ثلاثة مرافق في أنحاء الجمهورية أصبح لها لجنة عليا.. وثمة من يعتقد بأن اللجان العليا ليست أكثر من «تقليعة» وربما «ترضيات» لمقربين لم يعد سوى تشكيل اللجان العليا قادراً على استيعابهم.

تشكيل لجنة عليا «للثأر» جاء في سياق هذه التقليعات وهو ما يعتقده الدكتور عادل الشرجبي إذ أكد بأن الحاصل هو نوع من «تقليعة» لتشكيل لجان عليا، كاللجنة العليا للمرأة، واللجنة العليا لحقوق الإنسان.. إلخ. بالمقابل أيضاً هناك إستراتيجيات: إستراتيجية الشباب واستراتيجية مكافحة الفقر وإستراتيجية التنمية الريفية.. إلخ.

ويرى الشرجبي بأن تشكيل هذه اللجان لم يسمح للرأي الآخر الشعبي والمثقفين بالتواجد فيها.

من يكوِّن هذه اللجان ومن الذي يضع هذه الإستراتيجيات هي الدولة والدولة -بحسب- الشرجبي- توجهها هو توجه صانعي القرار.

وصناعة القرار لا تتاح للناس المتخصصين والقادرين فعلاً على تقديم أشياء فعالة.

ولا مفر إذاً من النظر إلى المسألة على أنها شكلية ما لم تفند ذلك عملياً.

ويؤكد الشرجبي بأنه من غير المعقول أن ندير دولة حديثة كما نطمح -بعقليات قبلية وقوى تقليدية وهذا ما يحصل لدينا على حد قوله.

الحال أن مشكلة الثأر في اليمن ليست سوى نتاج انفلات تكرسه السلطة على جميع الأصعدة، ولا يمكن «للجان العليا» النجاح وللمشاكل اليمنية التواري والإختفاء ما لم يكن ثمة مبادرة جادة تستهدف إصلاحاً سياسياً شاملاً يطيح بكل موروثات التخلف وفلسفة -فرق تسد- والأمر قد لا يتجاوز إعادة الإعتبار لمفهوم الدولة التي تحتاج اليوم وبشكل أساسي إلى اصلاحات سياسية جذرية وشاملة وهي التي يجب ان تنبني على ارادة سياسية مفقودة في حل مشكلة الثأر كما يقول الشيخ الذهب، فأنىَّ لها ان تتحقق في غيره
رد مع اقتباس
  #73  
قديم 04-05-2006, 03:52 AM
الصورة الرمزية أنا هو
عضو فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,472
افتراضي

السلطة غذت الكثير من معاركه وكان واحداً من مرتكزات بقائها:
الثأر.. ولادةٌ جديدة؟

محمد عايش ( 24/03/2004 )
فرص نجاح هذه الكذبة ضئيلة جدا أكثر من أي كذبةٍ حكومية أخرى، ليس لأنها تأخرت خمساً وعشرين سنة فقط ولكن لأن أحداً لا يمكنه بسهولة تصور أن نظام الحكم قرر فجأة التخلص من مرتكزات بقائه.

و«الثأر» هو أحد هذه المرتكزات، وبما أنه أحد الكوارث الاجتماعية المستوطنة في اليمن منذ عقودٍ طويلة.. فإن التخلص منه يفترض أن يكون على رأس أولويات مهام السلطة الحاكمة في صنعاء منذ تسلمها الحكم قبل ربع قرن من الزمان، أما حين تكتفي طوال هذه الفترة بالوقوف محايدة أمام هذه الظاهرة فإن دلالة ذلك واضحة ليس على عجز السلطة وفشلها بل أيضاً على استفادتها الحقيقية من ظاهرة «الثأر» وتعاملها معها كوسيلة مثلى لتدمير السلم الاجتماعي على نحو يمنح «الحاكم» فرصاً أوسع في السيطرة وتوطيد أركان الحكم.

لن نبحث هنا عن حقيقة «الجعجعة» الحكومية الأخيرة حول الثأر، بدلاً من ذلك لنتجه فقط إلى «آنس» «خولان» «سنحان» فلدى هذه الثلاث مناطق يمنية ما تقدمه من شواهد على الاستفادة السلطوية من كارثة الثأر والتغذية الرسمية لمعاركها وطواحينها:

حتى منتصف التسعينات تقريباً كان بإمكانك اعتبار منطقة «آنس» بمحافظة ذمار.. خالية من معارك الثأر مقارنة بالمناطق الأخرى في امتدادها القبلي.

الآن يمكنك تصنيفها ضمن أشدِّ ساحات «الثأر» التهابا.

والتحول المفاجئ حدث بعد وصول أحد مشائخ النفوذ من خارج المنطقة ليستقطع اراضي زراعية فيها، ويبدأ رحلة من التنافس القبلي مع مشائخها التقليديين من آل المقداد، والتنافس انتهى بمعارك مسلحة حضرت فيها الدولة ممثلةً في قادة عسكريين ذوي علاقة بأحد الأطراف، وقد أسهموا في المعارك اسهاماً فعالاً بأسلحة عسكرية وإن جاءت بزي قبلي.

من هذه المعارك تولدت سلسلة من عمليات الثأر والثأر المضاد لم تقتصر على أسرتي الصراع بل امتدت إلى، وبين، أسرٍ أخرى متعددة.

إحدى مراكز التجمع المهمة في المنطقة هي «مدينة الشرق»، وتبعاً لتلك المعارك تم التخلص من إدارة عرفية كانت تقوم بشئون الأمن والجباية في هذه المدينة منذ عقود طويلة لم تحدث خلالها أي حوادث ثأر أو قتل متعمد.. وكان القانون العرفي السائد هناك يلخص في «ملطام بثور وخمسين ألفاً» وهذا يعني أن على من «صفع» أحداً داخل المدينة، مجرد صفعة، ثور يهجر به وغرامة مالية باهظة.

الآن وبعد استبدال تلك الإدارة بإدارة رسمية تحولت المدينة الوادعة إلى ساحة مفتوحة لتنفيذ عمليات الثأر بشكل اسبوعي وخلال الفترة من بداية السنة الحالية حتى الآن قتل هناك قرابة 10 أشخاص والأرقام مستمرة في التصاعد.

اكتشاف دور السلطة في تغذية هذا الصراع لم يكن صعباً على المواطنين هناك، وهم يلخصون الحكاية، من وجهة نظرهم، بالتالي: لم يكن شيخ مشائخ آنس «علي عبدالله المقداد» على وفاق دائم مع السلطة في صنعاء، ومؤتمر «بكيل» الشهير الذي دعا إلىه المقداد واستضافه قبيل حرب «94» مثل ذروة الإستفزاز لجناح السلطة الذي انتصر في الحرب في ما بعد، إذ أن هذا المؤتمر فُهم في حينه على أنه دعم وتأييد لموقف القيادة الاشتراكية آنذاك، وكان طبيعياً بعد انتهاء الحرب أن يبدأ المنتصر تصفية حساباته، والفواتير لدى «المقداد» كانت كبيرة، خطوة التصفية الأولى جاءت من خلال تدرج السلطة في سحب البساط من تحت المشيخة التاريخية لآل المقداد، وتدعيم مراكز مشائخ أقل نفوذاً وحضوراً داخل القبيلة، وظهر ذلك في الحضور السياسي الكبير والمفاجئ للعميد الشيخ/ يحيى الراعي، ثم ظهر أكثر في المعارك الداخلية المفتعلة والمؤدية إلى النتائج الكارثية التي تعيشها المنطقة ويذهب ضحيتها في العادة «الرعية» والمواطنون الأبرياء الأكثر فقراً.

في خولان، القبيلة الواقعة على مرمى حجر من عاصمة الحكم، هناك نموذج معركة الثأر التي ضربت الرقم القياسي المسجل لمعركة «داحس والغبراء» بعد تخطي عمرها الأربعين عاماً.. وهي معركة «بني ضبيان» و«السهمان» وضحاياها يتجاوزون العشرات وبينهم من سقط داخل العاصمة نفسها.

السلطة لا ترتكب هناك جريمة التفرج فحسب.. بل، وهذا ما يؤمن به كثيرٌ من الأهالي، تعمد في فترات مختلفة إلى إمداد المعركة بمزيد من الوقود، وبدعم متساوٍ للطرفين.

وعلى مسافة غير بعيدة، داخل خولان نفسها، تأتي معارك قبيلتي «نهد» و«الكبس» في نفس سياق لعب السلطة على وتيرة الثأر، ويكفي في هذه المعركة التي راح ضحيتها العشرات أن نعرف أن معظم الأسلحة التي استخدمت فيها خرجت أمام أنظار الجميع من معسكرات معروفة.. والأهداف التي ضربتها السلطة من خلال تغذيتها لهذه المعارك تنوعت بتنوع مصالح مراكز النفوذ، ومن بينها مصالح حزبية.

«اليمانيتين» قبيلة أخرى، في خولان، ولها معاركها مع قبيلة «سنحان»، وفي كل مرة يتجدد فيها الصراع يخوضه أبناء القبيلة الأولى مقتنعين بأنهم يواجهون دولة لا قبيلة مثلهم ليس بسبب التسلح الهائل لدى الطرف الآخر فحسب بل ولوقوف قيادات عسكرية ونافذة بشكلٍ صارخ في مقدمة صفوف المعركة.

عدا ذلك، ودون الوصول إلى حروب «الحيمة» و«بني مطر» و«العصيمات» و«نهم» و«مأرب» و«شبوه» وغيرها من الأسماء الثقيلة في عالم الثأر.. فإن لجنة الثأر بمجلس الشورى كانت تحدثت في تقرير لها العام 2002م عن معركة ثأرية بين قبيلة من قبائل محافظة شبوة وبين الدولة ممثلة في معسكر من معسكراتها هناك.

هكذا إذاً، يصبح المرء منًّا ساذجاً وهو يستبشر خيراً بالتهريج الحكومي الأخير بشأن الثأر.. والتجربة الطويلة مع (هكذا تهريج) تجعلنا نطمئن إلى أن «الثأر» الآن قد أصبح «مربعاً» الذي كان عليه أن يستبشر بطول سلامة كلَّما هدده الفرزدق بالقتل.
هل نحن مبالغون؟!على «الفرزدق» أن يثبت عكس ذلك.
رد مع اقتباس
  #74  
قديم 04-05-2006, 03:57 AM
الصورة الرمزية أنا هو
عضو فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,472
افتراضي

تهويشه أم حكمة يمانية ؟

• سعد بن طفلة
تباينت ردود الأفعال حول إعلان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح قبل أيام بعدم رغبته في الترشيح لفترة رئاسية إضافية، والحق أن التباين هذا ذهب من التشكيك إلى المديح والثناء على القرار التاريخي الذي لم يسبقه له رئيس عربي سابق، على اعتبار أن كافة الرؤساء العرب هم من الراحلين ولا يوجد بينهم سابق واحد.
طبعا القول بعدم وجود رئيس سابق غير دقيق، على اعتبار أن هناك ثلاثة رؤساء عرب سابقين ما زالوا أحياء، الأول هو الرئيس الجزائري السابق أحمد بن بيلا الذي انقلب عليه رفاق الجبهة بعد تحرير البلاد من الاستعمار الجزائري، والثاني هو الرئيس اليمني الجنوبي السابق، علي ناصر محمد، والذي غادر البلاد مكرها بعد اقتتال الرفاق الدموي عام 1986 ، أما الثالث فهو الرئيس السوداني السابق سوار الذهب، والذي جاء بانقلاب أبيض ـ وإن لم يكن ناصع البياض ـ عام 1985 ووعد بتسليم السلطة وقد فعل، ليدخل التاريخ من أوسع أبوابه كأول رئيس عربي يعد بالتنازل عن السلطة، ويعلن زهده فيها، فيفي بوعده، ويلتزم بعهده.

شكك المشككون بقرار الرئيس اليمني، فقالوا إنه مسرحية سبق عرضها في مصر بعيد النكسة باستقالة عبد الناصر الشهيرة التي نظمت المظاهرات على إثرها للمطالبة بعدول الزعيم عن الاستقالة وقد فعل.
لا بل ذهب أحد الكتاب في تشكيكه بجدية قرار الرئيس اليمني أن اتهمه بالوقوف وراء المظاهرات الدامية وأحداث الشغب التي اجتاحت المدن اليمنية في الأيام الماضية احتجاجا على ارتفاع أسعار الوقود، وكان تفسير هذا الكاتب أن الرئيس اليمني يقف وراء أحداث الشغب ليقول للشعب اليمني: انظروا ما حل بكم ساعة إعلاني عدم الترشيح لفترة رئاسية ثانية، وتخيلوا ما سيحل بكم لو أني غادرت المسرح حقا..؟!
وراح «المؤامراتيون» يشككون في صدق القرار وقالوا بأنه حتى لو التزم به، فإنه التزام مقابل التزام آخر يقضي بمجيء ابنه أحمد من بعده، وقد أراد الرجل أن يضمن استمرار الحكم الوراثي لعائلته وهو حي وفي كامل قواه الصحية والعقلية.
الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أطلق قنبلة من العيار الثقيل، والحق بأن ردود الأفعال وتباينها، تعكس حجم المفاجأة، وندرة مثل هذا القرار في ديار بين يعرب، كما أن التشكيك سوف ينقلب لصالح الرئيس علي عبد الله صالح، في حال نفذ الرجل وعده، وتخلى فعلا عن كرسي الرئاسة، وسوف يضطر المشككون إلى الثناء والمديح والتراجع عن تشكيكهم، أو إلى الصمت في أحسن الأحوال.
أنا شخصيا أعتقد بأن الرئيس اليمني قد دخل التاريخ فعلا كموحد لليمن، بغض النظر عن الكيفية التي تمت بها تلك الوحدة. كما أن التاريخ سوف يخلده فعلا لو التزم بقرار التنحي والتخلي عن الرئاسة، حتى لو كان ذلك لصالح ابنه أحمد، على اعتبار أن «الحكم عقيم»، وهو قول يجسد السلطة التي لا تعرف «لا ولد ولا تلد» كما نقول بالشعبي. أنا اتفق مع كون القرار حكمة يمانية، وليس تهويشة إعلامية.
رد مع اقتباس
  #75  
قديم 04-05-2006, 04:08 AM
الصورة الرمزية أنا هو
عضو فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,472
افتراضي

مسؤولون.. وتجار أيضا!! (1)

الشورى-قسم التحقيقات لم يعد الأمر دفين أوراق ومستندات من الباطن. لقد سئم البعض منهم النشاط التجاري السري، ولا حرج لديهم في ممارسة الإثنين معاً بشكل معلن: المسؤولية والتجارة.وهي ظاهرة تبسط حضورها الآن على نحو متزايد.

وزراء، قادة عسكريون، ومقربون من دوائر القرار باتوا قوة منافسة في السوق.. تنشط في كل المجالات التجارية، والمقاولات، وتستأثر بالكثير من الأخيرة. لا سيما تلك المتعلقة بالإنشاءات الحكومية.

مطلع العام الماضي حاول الرئيس علي عبدالله صالح إبعاد الأنظار عمَّا صار مادة صحفية تحاول بعض الأقلام مناوشتها.

ونفى في مقابلة مع محطة الM B C صحة ما يتردد عن نشاط المسؤولين في المجال التجاري.

قال الرئيس: «هذا الكلام غير صحيح والدستور يمنع مثل هذا الأمر».

كان الرئيس صادقاً، إذ أن الدستور يحرم مزاولة أي نشاط تجاري أو خاص أثناء تقلد أي شخص لمسؤولية رسمية بما فيهم رئيس الجمهورية.

غير أن نفي الرئيس لم يكن على قدر كبير من الصواب.. وهو يدرك ذلك بالتأكيد.

يمكنكم الآن السير غرباً. ضعوا قبلتكم مديرية عبس الساحلية.

لا بأس إن تكبدتم مشاق نحو 400 كيلو خارج العاصمة صنعاء. مزارع الرئيس مرفأ مناسب لرحلة لا تخلو من منغصات تتناثر على الطريق من هنا إلى (الجر).

قبل أن يبدأ مشروع مزرعة الرئيس منتصف التسعينيات كان الطريق إلى الجر غير سالك.

بمسافة 30 كيلو متراً من منطقة «الربوع» إلى «مطولة». شقت إحدى شركات المقاولات طريقاً إسفلتياً يمر عبر مزرعة الرئيس إلى قصره في منطقة الجر الواقعة غرب مدينة عبس بمحافظة حجة.

مواطنون وقرى لا تنفي استفادتها من الطريق وتشعر بالقليل من الرضى للأمر.

الطريق الآن ممهدة كما ينبغي إلى مزرعة الرئيس.. وكذلك مزارع مسؤولين ووجاهات يحيطون بالرئيس هناك كما هنا.

مساحة مترامية الأطراف تظللها أشجار المانجو الكثيفة.

كان الرئيس هنا قبل حوالي شهرين صحبة أخيه غير الشقيق علي محسن الأحمر والشيخ عبدالله بن حسين الأحمر يعالج فتوراً شاب علاقته بحليفه الشيخ مؤخراً. ويستمتع أيضاً بمصيف ساحر. وربما لم يلتفت الحضور آنذاك لكساد منتجات مزارعهم هذا العام.

في الطرف الشمالي من المزرعة ترتفع أسوار عالية تحيط بمجمع قصر رئاسي فخم يطل على المزرعة بأسواره العالية. في النهار لون القصر الأبيض يستقطب أنظار المواطنين المكدودين. وفي الليل إضاءة قوية تزيح الظلام الى أطراف المزرعة.

هذا العام كان المحصول وفيراً، لكنه افتقد لآلية تسويق مناسبة، سنوياً تكسب مزرعة الرئيس من 6 إلى 8 ريال سعودي عن الصندوق الواحد من المانجو زنة 5 كيلوجرام. لكن المردود المالي هذا العام لم يكن وفيراً.

تحدثت مصادر ل«الشورى» في المنطقة عن كساد حل بمزرعة الرئيس ومزارع كثير من المسؤولين في منطقة الجر.

وذكرت المصادر بأن سعر السلة من المانجو تراجع عما كان عليه في السنوات الماضية إذ انخفض من 4500 ريال سنوياً لتتراوح ما بين 2000-1800 ريال هذا العام.

وقعت المزرعة اتفاقاً في وقت سابق مع شركة سعودية لتسويق منتجاتها في المملكة وقد تشهد ونظيراتها هنا كساداً يقلل من المردود المنتظر لكن ذلك ليس مهماً بالنسبة للرئيس.

كانت منطقة الجر أرضاً خصبة تحتاج لدعم مزارعيها وملاكها الأصليين وكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار.

تقاطر المسؤولون على المنطقة فاقتطعوا مساحات شاسعة بأبخس الأثمان. (1000) ريال عن كل (32) متراً حد المصادر لم يكن مبلغاً معيقاً لاكتساح المنطقة بينما تم الاستيلاء على أخرى بلا مقابل وبات المزارعون هناك عمالاً في حضرة مزارع المسؤولين يتقاضى أفضلهم خمسمائة ريال أجرة عن اليوم الواحد. وهي تستوعبهم في موسم جني المحاصيل الذي لا يتجاوز الشهرين، فيما يجري تسريحهم بقية أشهر السنة.

كان الرئيس محقاً وهو يؤكد في برنامج حكايتي بأن الدستور يمنع الجمع بين المسؤولية والنشاط التجاري.

تنص المادة (118) من الدستور على أنه: «لا يجوز لرئيس الجمهورية أثناء مدته أن يزاول ولو بطريقة غير مباشرة مهنة حرة أو عملاً تجارياً أو مالياً أو صناعياً كما لا يجوز له أن يشتري أو يستأجر شيئاً من أموال الدولة ولو بطريقة المزاد العلني أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئاً من أمواله أو يقاضيها عليها»..!!

الدستور كان واضحاً في هذه المسألة، منع كل نشاط خاص مباشراً كان أو غير مباشر وهو عالج أيضاً مزاولة تلك الأنشطة من الباطن سواءً بأسماء أقارب أو شركاء.

ما يُمنع عن رئيس الجمهورية في هذا الجانب هو ذاته منعه الدستور عن أي موظف عام وبتفصيل أكثر في واحدة من أطول مواده.

تنص المادة (136) من الدستور باب تنظيم سلطات الدولة على أنه «لا يجوز لرئيس الوزراء ولا لأي من الوزراء أثناء توليهم الوزارة أن يتولوا أي وظيفة عامة أخرى أو أن يزاولوا ولو بطريقة غير مباشرة مهنة حرة أو عملاً تجارياً أو مالياً أو صناعياً، كما لا يجوز لهم أن يسهموا في التزامات تعقدها الحكومة أو المؤسسات العامة أو أن يجمعوا بين الوزارة والعضوية في مجلس إدارة أي شركة ولا يجوز خلال تلك المدة أن يشتروا أو يستأجروا أموالاً من أموال الدولة أو يقايضوا عليها ولو بطريقة المزاد العلني أو أن يؤجروها أو يبيعوها شيئاً من أموالهم أو يقايضوها عليه».

أطبق الدستور «نصاً» على ما يمكن أن يشكل ثغرة ينفذ منها المسؤولون لمراكمة مكاسب سنوات الخدمة الحكومية في عالم التجارة والأنشطة الخاصة لكن من يأبه لهذا المسمى دستوراً؟!

إن يحيى محمد عبدالله صالح لا يعبأ بالأمر كثيراً وهو القائد العسكري خلفاً لأبيه في الأمن المركزي.

عند حديث الرئيس لمحطة ال«M B C» ربما كان يحيى في ذلك الوقت يوقع عقداً أو يبرم صفقة باسم شركة الماز للتجارة والتوكيلات والخدمات النفطية.

ولا بأس إن راجع يحيى بعض أعمال شركته مساءً ليظهر في اليوم التالي بزيه العسكري راعياً لحفل تخرج دفعة جديدة باعتباره أركان حرب الأمن المركزي!!

أحمد محمد صوفان ليس وزيراً في الحكومة فحسب.. إنه رجل أعمال يملك مجموعة شركات أهمها الرحاب للمقاولات، وكذلك مجموعة تجارية تعمل في مجالات الكهرباء والتجارة.

وزير التخطيط والتنمية يعرف مقدار القروض التي تنسق لها وزارته مع الدول المانحة وبعض الصناديق الإنمائية. وهو على درايه كاملة بفرص الأعمال الإنشائية الحكومية والممولة بقروض.

بتكليف مباشر من وزارته حازت بعض شركاته امتيازات عقود دون أن تكلف نفسها الدخول في منافسة كما يقتضي القانون.

ربما تستطيع تفسير العلاقة بين وزارة المواصلات وشركة مقاولات باسم المعلمي.

يحظى وزير المواصلات عبدالملك المعلمي بسمعة جيدة في مجال العمل الحكومي.. وكذلك حظيت شركة المعلمي بتكليف إعادة التأهيل لمباني الوزارة شملت التجهيز والتركيب بمبلغ زهيد لا يتجاوز المليار ريال فقط.

يمكن الآن تبرير تهافت الكثير لاعتلاء منصب حكومي رغم ضآلة مردوده المالي كراتب.. انهم يفعلون ذلك ليس حباً في خدمة الوطن كما يفترض أو تقديم مغرماً من الجهد والتعب للمساهمة في تنميته وازدهاره. كما أن الأمر لا صلة له البتة بتلك الجملة الطنانة «المسؤولية تكليف لا تشريف».. انها تشريف إذن ومغنم أيضاً، يسيل الكثير من اللعاب.

المناصب القيادية من مدراء عموم وأعلى في الادارة المدنية هدفاً يتسابق إليه «لوبيات» تتوزع في مفاصل الدولة. كذلك القوات المسلحة والأمن وهي مميزة بانحصار السباق في ماراثون الرتب وحده دوناً عن المناصب!!

السيطرة على منصب ما يعني الشروع في الغالب بمشروع تجاري لصاحب الحظ السعيد، الذي يعتلي المسؤولية بتأثير «لوبيات». «القرابة» أو «الشلل».

إن بنود الإدارات الحكومية دائماً ما ترفد دراسات جدوى لمشاريع تجارية واستثمارية لا تتيح مجالاً لحبر قرارات التعيين أن يجف.

اشهر معدودة تمنح «المسؤول الجديد» مصدر دخل آخر يعجل البدء بتنفيذ المشاريع الشخصية من «عرق الوجاهة» التي جاء بها المنصب.

لم يكد الشاب عمر الأرحبي الذي ينتمي لإحدى العائلات المصاهرة للرئيس يمضي العامين نائباً للمدير التنفيذي لشركة النفط اليمنية حتى بدأ العمل على انشاء شركة خاصة.

«يمن لوجستين». ظهرت في الربع الأخير من العام الماضي قبل ان يستقر به الحال مديراً تنفيذياً لشركة النفط في زمن قياسي وهي تنشط في ما اسماه الخدمات العامة.

ترك العميد محمد صالح طريق محافظة عدن بعد أن ثبت له جذوراً إقتصادية لمواجهة المستقبل.

ظل مديراً لأمنها مدة تقارب العشر سنوات امتلك خلالها فللاً سكنية وفنادق أحدها يدعى فندق الشامي بخور مكسر ومكتب مضاربة بالعقارات+ محطتي بترول.

هو الآن مديراً لأمن محافظة صعدة وعلى ثقة بمستقبل ملائم لأولاده.

القائد العسكري في تعز صالح الظنين ينشغل الآن بالإعداد لإنجاز مشروع إسفلتي تنفذه شركة مقاولات يملكها.

كانت الشركة حصلت على عقد سفلتة بعض شوارع المدينة. مؤخراً أستطاع قائد معسكر خالد المرابط في المخا الحصول على مشروع سفلتة طريق الشمايتين.

امرٌ مشابه يحدث هنا في صنعاء، قبل خمسة أشهر تقريباً توجه العميد حمود الشيخ مدير كلية الطيران والدفاع الجوي إلى ألمانيا للعلاج. كانت فرصة مناسبة للرجل لجلب أجهزة طبية وبعض المستلزمات الخاصة بمشروعه الصحي.

مقابل قصر العقيد الركن أحمد علي عبدالله صالح بمنطقة فج عطان بأمانة العاصمة تجري التشطيبات الأخيرة لإفتتاح المستشفى الذي يملكه العميد «الشيخ» سيديره إبنه د.عادل وهو طبيب يعمل في وزارة الخارجية.

تنقل العميد الشيخ بين تعز وعدن قائداً للواء الدفاع الجوي ليستقر به المقام في كلية الطيران بصنعاء منذ سنوات.

محمد عبداللاه القاضي يحضر الآن جلسات مجلس النواب متخففاً من إدارة الشركة اليمنية لصناعة وتجارة الأدوية ويمكن للرئىس السابق لاتحاد القدم ممارسة نشاطه التجاري بعيداً عن أعباء إدارة الشركة.

في 29 فبراير 2000م صدر إعلان إشهار شركة يونايتد يمن لتموين السفن المحدودة في الجريدة الرسمية.

وحمل الاعلان اسم محمد عبداللاه القاضي وآخر يدعى عبدالحميد أحمد الظافري كشركاء في ملكية «يونايتد يمن». حينها كان القاضي ما يزال مديراً لشركة الأدوية التي آلت مؤخراً في تسوية غامضة إلى المؤسسة الإقتصادية اليمنية بعد خسائر كبيرة لحقتها.

أغراض الشركة محددة بتزويد السفن بالوقود والمياه والمواد الغذائية وغيرها من المتطلبات في الموانئ اليمنية حد نظام التأسيس.

وبالنسبة لنبيل صالح علي القوسي رئيس هيئة استكشاف النفط فإن الشركة التي أسسها بمعية إثنين من أقاربه وشخصين آخرين ربما تشهد إزدهاراً الآن بعد توليه المنصب الرسمي.

أسس نبيل وشركاه في عام 95م الشركة اليمنية الدولية الحديثة للتجارة ويكاد نشاطها يشمل كافة المجالات:

استيراد مواد البناء والأدوات الكهربائية وقطع الغيار استيراد وتصدير كافة أنواع المواد الغذائية والملابس وكذلك التوكيلات التجارية وتمثيل الشركات المحلية والعربية والأجنبية. ومع ذلك كان رأسمال الشركة لا يزيد عن مليون ريال.

نصيب الابناء محفوظاً في كلا الحالين إما وراثة منصب أو تجارة تقتضي بعض الاحتياطات تسجيلها باسمائهم رغم ان احداً لا يعاقب إلا عند نقد الاخطاء بتجيير القانون والدستور وفقاً لأهوائه.

الشهرة الغالبة على اللواء علي محسن الأحمر أنه قائد عسكري هام. وكان سنداً لأخيه غير الشقيق طيلة رئاسة علي عبدالله صالح للجمهورية العربية اليمنية وجمهورية الوحدة.

الرجل الذي يقود الفرقة الأولى مدرع التي تضم عدداً من الألوية العسكرية في جميع القطاعات وكذلك المنطقة الشمالية الغربية لم يقتصر اهتمامه على الشأن العسكري والسياسي.

شركة ذكوان يرأسها ولده محسن علي محسن. وهي ناشطة في مجال الخدمات النفطية والمقاولات.

النشاط في جانب المقاولات يبدو مغرياً، وما لم يصيب المسؤولين حظاً في المقاولات الخاصة فان مشاريع الدولة كفيلة بتشغيل الكثير من بطالاتهم وبمكاسب مهولة.

جرب احد الوزراء حظه في انشاء شركة من الباطن مع أحد المهندسين فكان المردود سخياً ومسيلاً للعاب رغم ان المجهود المبذول لم يتجاوز اشهار الشركة بمبلغ بائس واستئجار معدات.

ويقول محاسب يعمل في إحدى الشركات بأن الارباح المحققة في حال عمل الشركة بمعدات بالايجار يصل الى %80 في المشروعات الحكومية تحديداً بينما تتجاوز الارباح ال%100 ان كانت المعدات مملوكة للشركة.

اكثر من 30 عاماً حتى الآن قضاها العميد علي الشاطر في ادارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة، ورئيساً لتحرير صحيفة «26 سبتمبر» العسكرية.

خلال سنوات قليلة ظهر نجله بسام واحداً من المقاولين الكبار لمشروعات حكومية عديدة، فضلاً عن ذلك هو عضو مجلس النواب.

يدير الشاب بسام شركة القصور، وهي تنشط في عديد مجالات أهمها المقاولات والاستيراد.

تمكن من اصطياد عقود حكومية عديدة.. بحسب معلومات الصحيفة.

أمين عام رئاسة الجمهورية هو الآخر استحسن الفكرة.. ولده بشير عبدالله البشيري يدير شركة اسماها الرشيد للاستثمار والمقاولات.

وكذلك الأمر بالنسبة لوزير الصناعة السابق إذ بات نجله محمد عبدالرحمن علي عثمان يمتلك شركة للتجارة والمقاولات تدعى «صبر».

الفساد لم يعد اليوم يقتصر على اختلاس موظف للمال العام أو خيانة الأمانة أو استغلال المنصب في تجاوز القوانين وتعيين الأقارب والأصهار.. أنه الآن يتمدد تعريفاً وممارسة الى انشطة وحقول مختلفة.

ثمة فساد يوصف بالكبير وهو الأكثر ترويعاً واستنزافاً للمال العام.

بحسب الاكاديمي المصري محمود عبدالفضيل فان الفساد الكبير يشمل صفقات السلاح وقطاع المقاولات العامة والتوكيلات التجارية..

وهذا طبقاً لورقة «مفهوم الفساد ومعاييره» المقدمة الى ندوة (الفساد والحكم الصالح في البلاد العربية) المنعقدة في بيروت نهاية سبتمبر الماضي الأكثر انتشاراً في البلدان العربية.

بلد في وضع اليمن يطبق عليه الفساد من جهاته الاربع الى أين يمضي؟؟!!

في جانب الفساد الكبير وقطاع المقاولات العامة لن تجدوا حظاً يسيراً من الثقة والاطمئنان كما تنتزعها شركات مقاولات المسؤولين وابنائهم.

بالنسبة لمسؤول يمتلك شركة مقاولات فان عقداً حكومياً واحداًتستطيع ارباحه تأمين المستقبل لسنوات لائقة بنفقاته المبالغة السفه. فكيف الحال ان كانت عقوداً لا تنفك عن التطاير هنا وهناك.

ليطمئن الجميع، ثمة قانون للمناقصات والمزايدات يتوجب على أي مشروع حكومي ان يمر عبره ولو شكلياً كما يحدث في بعض الأحيان.

لكن يحدث غالباً ان احداً لا يضعه في الاعتبار ويمكن لمسؤول حكومي ان يعزز ثقتكم بالفساد الكبير على لسانه.

قبل أشهر جرى استدعاء نائب وزير الانشاءات الى مجلس النواب للرد على سؤال بشأن مشروعات الوزارة وكيفية ارسائها.

كانت الاجابة فضيحة بكل المقاييس.

اعترف نائب الوزير: «تتم بشكل مباشر ودون مناقصات رسمية».

وكان يتحدث عن جميع المشاريع التي تخص وزارة الاشغال.

في الوزارات والمرافق والانشاءات الأخرى ان اختلف الأمر فان المشروعات تؤول لشركات مقاولات وتجار بشكل آخر.

يقول عبدالكريم شيبان وهو عضو في اللجنة المالية بمجلس النواب: «جميع المشروعات التي تدخل في البرنامج الاستثماري للحكومة لا تتم وفقاً للاجراءات المتعارف عليها، وتدخل فيها المحسوبيات والوساطات والرشاوى».

هذا بالنسبة للشركات الخاصة بتجار ومقاولين يقتربون أو يبتعدون في علاقاتهم بمصادر التأثير.

يبدو الأمر أكثر فداحة حين يكون المتقدم شركة لمسؤول أو نجله.

يبين ذلك الأرقام الفلكية للمشروعات الحكومية المنفذة. وهي حسب مطلعين تمثل أضعاف قيمها الحقيقية.

هم قبل ذلك ممنوعون دستورياً من مزاولة التجارة وبعد ذلك نشطون في الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من المال العام بعيداً عن القانون.

أنها عملية اشتباك يحسن بالحريصين على البلاد فضها: إما المنصب الحكومي أو التجارة، على ألا تكون الثانية ثمرة للأولى كما هو حاصل الآن
.

التعديل الأخير تم بواسطة أنا هو ; 04-05-2006 الساعة 04:19 AM
رد مع اقتباس
  #76  
قديم 04-05-2006, 04:17 AM
الصورة الرمزية أنا هو
عضو فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,472
افتراضي

عن وطن يستثمره مسؤولوه وشعب يشقى لإعالة الفـاسـدين!
مسؤولون.. وتجار أيضا!! (2)

الشورى-قسم التحقيقاتالبلد يتدحرج الى مصير مأساوي.. لا أحد يكترث. وحدهم المسؤولون يشقون الطريق صوب المستقبل بثبات للسيطرة على الحاضر، وهم لا يكفون عن اغتنام حالة فوضى سائدة تضمن لهم السلامة من المساءلة وكذلك الربح وتحقيق المكاسب.

ان تكون مسؤولاً الآن.. ذلك لا يكفي.. يجب استثمار المنصب ليكون نقطة الانطلاق صوب المجال الواعد بلقب اضافي:

تاجراً، أو رجل أعمال، متخفياً بربطة عنق حكومية. انه الرهان الانسب لتجد نفسك لاحقاً صاحب رأسمال يبحث في فرص استثمار لائقة!!

لا شيء يبدو احتمالاً مفترضاً لاعاقة المشوار وان كان دستوراً لا يصطحبه المسؤولون إلا للسير في اتجاه معاكس!!..

المرحلة الأولى لنشأة وتكوين «رأسمال» باتت محسومة ولم يعد النشاط التجاري مجالاً يتهيب المسؤولون اقتحامه.. لقد صار الهم الاكثر حرارة في زحمة التنافس، فرض السيطرة على المشروعات الحكومية والعامة.

من المنصب الحكومي يتكون الرأسمال الطفيلي

من خلال المنصب الحكومي امكن لكثيرين تكوين رأسمال طفيلي ينشط الآن في مجالات عدة. وهو نتاج قرارات وممارسات اختلطت بالوظيفة العامة.

يذكر الاكاديمي المصري محمود عبدالفضيل اربع مكونات لما اسماه اقتصاد الفساد: تخصيص الاراضي من خلال قرارات ادارية علوية.. تأخذ شكل العطايا لتستخدم فيما بعد في المضاربات العقارية وتكوين الثروات.

وكذلك اعادة تدوير اموال المعونات الاجنبية للجيوب الخاصة.

في هذه الجزئىة تقول ورقة «الفساد ومعاييره»، المقدمة الى ندوة الفساد والحكم الصالح في البلاد العربية عقدت في بيروت في سبتمبر الماضي بان التقديرات تشير الى ان اكثر من %30 بالمائة من المعونات الاجنبية تذهب الى جيوب المسؤولين ورجال اعمال كبار.

وتدخل ضمن مكونات اقتصاد الفساد «عمولات عقود البنية التحتية وصفقات السلاح، وكذلك العمولات والاتاوات التي يتم الحصول عليها بحكم المنصب أو الاتجار بالوظيفة العامة.. فضلاً عن قروض المجاملة التي تمنحها المصارف من دون ضمانات جدية لكبار رجال الاعمال المتصلين بمراكز النفوذ وهذه ايضاً تشهد ازدهاراً هنا.

كل أشكال استثمار المنصب تحدث هنا في اليمن وغياب أي مظهر للرقابة والمحاسبة شجع على المزيد. لكن الأمر يبدو أسوأ من ذلك، إذ يكون المسؤول تاجراً ايضاً.

عقود الانشاءات الحكومية اكثر المجالات ادراراً للارباح. لذلك يتسابق المسؤولون وابناؤهم للاستئثار بها عبر شركاتهم المعلنة أو تلك التي تتبعهم من الباطن.
شركة الرحاب المملوكة للوزير محمد أحمد صوفان لها نشاط لافت في هذا الجانب. حازت عقود مقاولات لمشاريع عديدة بمليارات الريالات.

مباني جامعة عدن واخرى في الحديدة كلفت اكثر من ملياري ريال وجدت طريقها الى خزينة شركة وزير التخطيط والتنمية. في عدن لم يمر وقت طويل حتى ظهرت تشققات وتصدعات في بعض المباني رفعت وتيرة المخاوف لدى موظفين في الجامعة.

علي حسن الشاطر هو الآخر يجني ثمرة «الخدمة» في التوجيه المعنوي للقوات المسلحة، وبامكان ولده بسام الشاطر الحصول على كثير من الفرص الحكومية الباذخة.. حازت شركة القصور التي يملكها عقد تأثيث مبنى شركة النفط اليمنية بمليون دولار في الوقت الذي تحدثت معلومات عن اشتراكه ايضاً في تأثيث مبنى وزارة النفط بصنعاء.

عقد تأثيث مبنى الوزارة الباذخ بلغت كلفته 200 مليون ريال، وكان لشركة مملوكة لابن علي محمد الآنسي مدير عام مكتب الرئاسة حصتها من العقد بقيمة 310 آلاف دولار، كلفة اجهزة حاسوب تؤكد المعلومات بأنها لم تركب حتى الآن منذ افتتاح المبنى.

في معقل العميد علي الشاطر - التوجيه المعنوي - اعادت شركة مقاولات تجديد سور الادارة التابعة للقوات المسلحة بوزارة الدفاع.. وتجديد المبنى القديم.. وكلف مبنى قصر المركز الاعلامي بالادارة ما يقرب من 200 مليون ريال، فضلاً عن حمام باذخ (ساونا بخاري) خاص بالرئيس في نفس الادارة.

مجمل الانشاءات السالفة جرت بمتابعة كانت لافتة من قبل بسام الشاطر.. بينما تتحدث معلومات عن نشاط للشاطر في المقاولات الخاصة بقطاع القوات المسلحة وبتكليف مباشر دون مناقصة.

حال القائد العسكري صالح الظنين يبدو مطمئناً، فهو يملك شركة مقاولات نالت عقوداً كثيرة في محافظة تعز، وضع قبل سنوات حجر الاساس لانشاء استاد رياضي.

وكانت شركة ريدان التابعة لقائد معسكر خالد المرابط في المخا تحتفي حينها بحصولها على عقد الانشاء.

اللواء حسين المسوري كان له حظ وافر من سنوات الخدمة الحكومية قبل ان يصبح الآن متربعاً على مجلس ادارة بنكاليمن والكويت.

كان للرجل نشاط تجاري وهو في أوج حضوره في الوظيفة الرسمية، إذ كان آخرها أمين العاصمة، قبل ان يحل على المنصب أحمد الكحلاني.

يظهر المسوري متحدثاً جيداً عن ملحمة حصار السبعين يوماً الشهيرة في احاديث مختلفة للتليفزيون وكان واحداً من مكلفين بكتابة تاريخ الثورة قبل عدة سنوات!!.

الى جانب شراكته في البنك يملك شركة مقاولات طرق، بمعية وكيل امانة العاصمة علي الاشول. وكذلك شركة تعهدات خاصة بالنظافة.

بالنسبة لأمين العاصمة الحالي أحمد الكحلاني فان نشاطه الوظيفي لم يذهب هباءً.

واجه الرجل أعباء ابراز العاصمة بشكل لائق لاحتضان لقب صنعاء عاصمة الثقافة العربية للعام الماضي 2004. نهاية العام 2003 كان مخصص العاصمة من الاعتماد الاضافي الذي أقره مجلس النواب فقط 27 ملياراً.

ضمن جملة انشطة انشائية في العاصمة تمكنت شركة مقاولات خاصة بولده من الحصول على عقد «تحسين مداخل العاصمة وتوسعتها».

كذلك عبدالسلام غالب القمش. والده مسؤول على قمة ابشع جهاز أمني بينما يرأس عبدالسلام الابن الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس. ذلك ليس كافياً بالنسبة للاثنين. يدير المهندس الشاب شركة الكون لأجهزة الاتصالات وله شركات في بعض انشطة نفطية.

ليس من المصلحة العامة في شيء ان تجري توريدات المنشآت العامة دون اعلان فعلي عن مناقصات.

الأفضل جودة الأقل سعراً: مقاييس ثابتة لا يمكن تبرير اسقاطها عن أي مشتروات ذات نفع عام أو خاص وهي قبل ذلك تخضع لقانون يسمى قانون المناقصات والمزايدات.

مصنع اسمنت عمران الذي يديره نعمان دويد وهو من عائلة تصاهر الرئيس لا يفعل ذلك عملياً. ويسيطر علي أحمد دويد من خلال الشركة اليمنية الدولية المتحدة على توريدات المصنع.

أما مصافي عدن فان لها حكاية لا تفصح عن بعض تفاصيلها.. تصارع المنشآت الاستراتيجية هناك شبكة «مصالح» كادت تقضي عليها قبل اعوام بقرار تصفية حكومي. هي الآن بين رحى افساد موجهة أوصلتها الى حافة الانهيار.

ديون متراكمة للمصافي لدى جهات نافذة وشركات لتجار يشاركهم مسؤولون من الباطن.

اعتمدت المصافي في جميع توريداتها على مكتب يتبعها بموظفيه في لندن يعلن عن احتياجاته من خلال مناقصات. تأخذ أفضل العطاءات المقدمة. كان ذلك قبل ان تعتمد ادارة المصافي على شركة وحيدة بأوامر في هذا الشأن وتلغي مكتب لندن.

وحده هذا البلد تمارس فيه صنوف الفساد والافساد دون ان تثير حفيظة قواه الاجتماعية والسياسية التي لا تبدي حراكاًحقيقياً حتى الآن. وصل الأمر حد التهام مؤسسات عامة ذات رأسمال ضخم.

لا تسألوا مجلس النواب عن المؤسسة الاقتصادية اليمنية؟! ما هو وضعها؟! والى من تعود ملكيتها الآن؟!! وأين مردود انشطتها التي تغطي معظم محافظات الجمهورية؟!

حتى عام 93 كانت تدعى المؤسسة الاقتصادية العسكرية اليمنية، منشآتها عامة وجزء من مقرها الرئيسي في صنعاء يتبع مباني وزارة الدفاع.

ألغيت الصفة العسكرية عن المؤسسة رغم انها كانت الذراع الاقتصادي للقوات المسلحة قبل الوحدة.

بمعية مؤسسات عامة تحصل المؤسسة على تمويل حكومي بقيمة 40 مليار ريال من المشتقات النفطية، حساباتها بعيدة عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة..

تنشط المؤسسة بشكل واسع في معظم المجالات الاقتصادية والانشطة التجارية المختلفة.. وتحظى بامتيازات وتسهيلات لا نظير لها.. آخر ما آل الى ادارتها من الممتلكات العامة شركة الادوية. غير ان ملكيتها ليست واضحة وكذلك ايراداتها.. وحده الغموض هو الأكثر وضوحاً بشأنها!!

المسؤولون يغلقون البواب في وجه الاستثمار

أذرع المسؤولين تمتد إلى كل شيء: سطو على الأراضي، خوض في التجارة، شراكات مفروضة على رساميل وطنية جادة. كل ذلك يحدث بإرادة تقاسم مسبقة يعلمها صناع القرار.

الرئيس تحدث مراراً بأنه يعلم كل شيء. منذ زيارته لوزارة الإعلام العام الماضي ألقى خطاباً شهيراً وجه فيه بإلغاء عقوبة سجن الصحفي.أظهر تقاسيم ممتعضة وهو يوجه مسؤوليه بتسهيل اجراءات الإستثمار في البلد. وتحدث عن ممارسات مسؤوليه الذين يعيقون الاستثمار بطلبات الشراكة والتقاسم.

مثلما حدث النقيض بالنسبة لعقوبة سجن الصحفي عقب فراغه من الخطاب.. يحدث ذات الأمر في الجوانب الأخرى كما هي العادة في خطابات الرئيس.

المسؤولون يغلقون الأبواب في وجه الإستثمار، ويخلقون بيئة لا تتناسب إلا وقدراتهم.

كل هذا النشاط المتعاظم للمسؤولين في الجانب التجاري لا ثمرة فيه تقطفها البلد، سوى المزيد من تكديس الثروة والجاه في الجيوب الخاصة بهم.

حتى الضرائب والجمارك التي يكبل بها الرأسمال الوطني تتلاشى في طريق الرأسمال الطفيلي الذي يتغذى من المال العام وثروة البلد.

كشوفات الضرائب والجمارك ليست لائقة بهؤلاء ولا شيء تحصله خزينة الدولة حصاد ذلك النشاط المجرم. وهو إن جرى تحصيله ضخم، وسيسهم بالتأكيد حال استغلاله بشكل جيد في تحقيق انجازات تنموية حقيقية تخدم المواطن.

منتصف عام 2002م وقف وزير الكهرباء السابق أمام مجلس النواب واعترف بمديونية للمؤسسة العامة للكهرباء لدى مسؤولين كبار ومؤسسات لنافذين تبلغ 12 مليار ريال.

وهي مستحقات استهلاكهم للطاقة الكهربائية من المال العام.

إن بلداً له سلطة منفلتة كهذه لا تجيد سوى جلد المواطن، تتيح ساحة واسعة لنهب الوطن وثروته، يسهل لمسؤوليها التهرب من كل ما يلزمهم تجاه خدمات عامة.

وإذا كانوا كذلك فإنهم في النتيجة يفعلون ذات الأمر في جانب أنشطتهم التجارية.

الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة كان كشف الأشهر الماضية عن فضائح عديدة تتجاوز الاختلاسات.

(20) مليار ريال خسرتها الدولة جراء إعفاءات جمركية لشركات نفطية.

ونشاط الشركات النفطية هو الأكثر اجتذاباً الآن للمسؤولين وأبنائهم وأسرة الحكم.

نهم المسؤولين للإستئثار بكل شيء يكبل البلاد عن الإنطلاق صوب نهضة مجتمعية لا يمكن أن تتحقق دون حركةإقتصادية يحرص المسؤولون على وأدها ليسمموا بيئة الاستثمار فيطردون القائم من الرأسمال الوطني، كما حدث خلال السنوات الماضية ويحدث الآن.

وهو الأمر الذي يفاقم من حالة البؤس والبطالة ويبقي المجتمع أسير بنية تقليدية تعيد إنتاج ذاتها.

إنهم يجددون عهداً إمامياً بلباس جمهوري.

كانت الطبقة التجارية في العهد الامامي تتداخل مع الحكم أو تصدر عنه أو هي من ذات البنية القريبة منه.

بسبب ذلك لم يسهم النشاط التجاري في حينه في خلق طبقة متوسطة من حرفيين ومهنيين، عززه سياق إجتماعي وثقافي لا يحفل بالأعمال الذهنية والمهنية، ما أبقى المجتمع أسير سلطة تقليدية زاوجت بين السلطة والتجارة وكرست الوعي الرعوي.

ذلك الوعي الذي لا يأبه لحقوقه أكثر من السمع والطاعة.

ذات الشيء يحدث الآن.

ينخرط المسؤولون ومن يفترض بهم القيام بمهامهم تجاه الوطن والشعب في أنشطة تجارية، في الوقت الذي يجري محاصرة الرأسمال الوطني مما قاده الى هشاشة أضعفت دوره في تنشيط حركة المجتمع المدني التي تتسم بالهشاشة أيضاً.

ذات القيم التقليدية التي صدر عنها «الرأسمال الطفيلي» يعيد إنتاجها في المجتمع ليعيق عملية التحديث المفترضة.

بحسب دراسة د. أحمد القصير فإن عملية التحديث في اليمن في الوقت الراهن «تعاني من دخول مشائخ القبائل مجالات جديدة وحديثة للنشاط الاقتصادي، وهم يديرون ذلك النشاط بعيداً عن القواعد والقوانين الحديثة التي من المفترض أن تنشأ من طبيعة ذلك النشاط وتتلاءم معه».

وهو ذات الأمر الذي يمارسه المسؤولون بصنوف خلفياتهم الإجتماعية.

لاحظ القصير وهو أكاديمي مصري عمل في جامعات يمنية خلال سنوات ماضية أنشطة تجارية عديدة تخوضها القوى التقليدية بقوة وجاهتها.

هذه القوى اقتحمت كما يذكر القصير مجالات زراعية تتعلق بإقامة مزارع كبيرة للمانجو والموز وكذلك المجالات السياحية والمالية وخاصة مجالات البنوك والصرافة.

الملاحظة الأبرز في سياق ملاحظات «القصير» ممارسة هؤلاء لتلك الأنشطة بثقافة، وفكر الوجاهة القبلية دون التزام القواعد المنظمة لذلك النشاط.

وهي الملاحظة التي كررها القصير في سياق دراسة عن الحداثة المفقودة في اليمن لتأكيد حضورها الطاغي في العمل التجاري.

في المقابل يبدو الرأسمال الوطني الذي تشكل بالجهد الذاتي لأصحابه محاصراً بممارسات شتى أبرزها الإتاوات التي ترافق تحصيل رسوم الضرائب والواجبات فضلاً عن سياسات رسمية جعلته يعيد التفكير مراراً في تدوير نشاطه التجاري في اليمن.

إن القوى التقليدية التي تسيطر الآن على مفاصل الدولة وتتغول في النشاط التجاري تستند لثقافة رافضة للآخر المخالف في الرأي وهي أيضاً لن ترضى بتشكيل نقابات واتحادات عمالية في إطار أنشطتها الخاصة. قبل ذلك واجهت بدايات التحديث التي شهدتها اليمن إثر تشكل بعض منظمات المجتمع المدني من نقابات واتحادات، بسياسة التفريخ و إفراغ المحتوى للقضاء على ما تراه تهديداً لوجودها يصدر عن منظمات المجتمع المدني. عوضاً عن ذلك هي تتلافى بيقين وإصرار الانخراط في عملية انتقال حقيقي لعصر الدولة.

حتى الشكليات التي تحرص السلطة على استجلابها للظهور أمام العالم تبدو منقوصة.

يشغل الرئيس ومسؤولوه وحاشيته المناصب الحكومية والوظائف العامة بينما لا يعرف أحد عن ذمتهم المالية شيئاً.

كل ما يعرفه العامة بعض تبرعات للرئيس يقول أنها من راتبه الشخصي البالغ مائتي ألف ريال.

ومع ذلك يظل راتبه عاجزاً عن الوفاء بكرمه الشخصي إن قرر التبرع بـ«30 مليون دولار». وهو المبلغ الذي تبرع به لبناء جامع الصالح الذي يشيد على مساحة واسعة في صنعاء.

كان على قانون الذمة المالية المفترض صدوره من زمن أن يحدد الذمة المالية لأي شخص في الوظيفة العامة بتفاصيلها، شاملاً رئيس الجمهورية والوزراء، وحتى النواب، حسب رأي النائب عبدالله المقطري.

حسب عضو اللجنة المالية بمجلس النواب فإن قانون الذمة المالية كان قدم إلى المجلس السابق من قبل الحكومة في حال بائس.. استدعى إحالته للجنة الدستورية للإطلاع عليه ولكنه بقي في الأدراج مذ ذاك ولم تكتب له الحياة.

ويقول المقطري: «القانون لا يرقى الى قانون ذمة مالية» لكنه استدرك «حتى إذا كان القانون ايجابياً فسيكون مصيره مثل أي قانون يخرج ولا يطبق».

إن عضو اللجنة المالية بمجلس النواب يستند على حاضر حافل بالقوانين التي تنتهي إلى ثلاجة موتى.

والقوانين ليست وحدها مقصية. إن الدستور أول الضحايا، وكذلك وطن يصير إلى اقطاعية خاصة بالمسؤولين يعمل فيه المواطنون «الرعية» سخرة لأسياد جدد لا يكترثون لشيء سوى أنفسهم وأبنائهم
.
رد مع اقتباس
  #77  
قديم 04-05-2006, 04:29 AM
الصورة الرمزية أنا هو
عضو فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,472
افتراضي

مسـؤولون..وتجار أيضـاً!(3)


قسم التحقيقات ( «تجار ومسؤولون».. تحقيق تبنته «الشورى» و«الثوري»، هنا الحلقة الثالثة من ملف غير قابل للاكتمال!
«الجائع لا يبدع».. يعي نظام صنعاء ذلك ويخشاه: فالجائع لا يسأل أين ذهب نفط البلد، والى جيب من؟! لا شأن له بعشرين مليار دولار في بنوك ألمانيا، ولا تعنيه معاهدة جدة التي بيعت فيها الأراضي اليمنية وكأنها ملك لآبائهم لا لهذا الشعب الـ«عرطة»؟!

تتسم علاقة الرئيس بأعوانه و«خبرته» داخل مؤسسات الدولة بانها تقوم على قاعدة «كُلْ وأكِّل»! و«أوقع رجاااال وذيب»!

علاقته بالمشايخ ومراكز النفوذ القبلي اكثر تعقيداً، غير انها تنتهج سلوكاً يختزله المثل الشعبي «جِيد يسلم جِيد».

أسرياً.. يتم توظيف المأثور الديني لتمرير المحسوبية والعشائرية: «خيركم خيركم لأهله»، وهذا صحيح.. لو لم يكن مصدر هذا الخير المال العام!

إن شعباً يشقى لاعالة الفاسدين هو شعب «مضربة»!

صالح الأحمر.. الأحمر صالح!

أحدث التقارير الأمريكية وصف اليمن بالدولة الفاشلة (ضمن أفشل عشر دول في العالم) مرجحاً تحولها الى افغانستان أخرى في عهد باني نهضة اليمن.. وفي الإجمال تصف التقارير الدولية الاستثمار في اليمن بالمنخفض جداً.. غير انها تتجنب الحديث عن الاستثمارات في مجال النفط المحظور الاستثمار فيه إلا على المبشرين بالجنة: %80، إن لم تكن أكثر، من الاستثمارات في هذا المجال تنحصر على اسرتين من اسمائهما الحسنى: صالح والأحمر أو العكس!

واذا سمعت عن أي شركة نفطية، تحت أي مسمى، فهي إما سنحانية أو حاشدية.. إحدى الشركات النفطية في حضرموت تخلت عن الكنية والاستعارة، إذ ان اسمها الفعلي شركة الحاشدي بتروليم، ولا داعي للترميز والتي تملك طاقم ناقلات نفط يتجاوز الـ200 سيارة!

بالنسبة للعميد علي محسن فإن شركة هدوان للخدمات النفطية مجرد قطرة من بحر، ويردد الرجل بقناعة تامة القول: هذا من فضل ربي!

معلوم ان شركة الماز للخدمات النفطية ايضاً من تركة الفندم يحيى محمد عبدالله صالح، غير ان القليلين فقط يعرفون ان هذه الشركة تسحب معدات نفطية سنوياً بمليون دولار من «كنديان نوكسن بتروليم» سواءسددت المبلغ أو لا «عَرْ يطلعوا نخس».

أجر الصلاة، يكون اعظم عندما تكون «صلاة جماعة» الرئيس والشيخ عبدالله يدركان ذلك ويمتثلان اليه!

قلك البيض انفصالي!
بوادر الأزمة السياسية بين شريكي الوحدة اليمنية: الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي بدأت مبكراً غير ان اعنفها كان في العام 1992!.

تعرض الاقتصاد اليمني لانتكاسة بعد حرب الخليج الثانية جراءوقف الدعم السعودي الذي يغطي عجز الموازنة.. صالح رأى الحل في البحث عن مانحين جدد فيما علي سالم البيض اعتبر الحل الجذري اصلح وذلك بترشيد الانفاق والتوقف عن ترعيف الثروات.. ثم انفجرت الأزمة عند تخصيص علي عبدالله صالح %25 من ايرادات النفط لرئاسة الجمهورية (هذا أيامها فكيف الآن) وهو ما قال عنه البيض في أحد خطاباته «مجلس رئاسة الجمهورية اصبح مجلس حوالات»!

في عدد 17 يونيو 1994 نشرت صحيفة الوطن العربي تقريراً تحليلياً يعزز من مصداقية التيار الذي رأى ان هدف نظام صنعاءمن الوحدة الرئيسي هو السيطرة على نفط الجنوب.. وهذا ما تم.

فمنذ الفترة 1990 حتى 1994 لم يتم ابرام أي عقد نفطي إلا عبر صنعاءوعبر وكيل في القيادة الشمالية.

الشيخ عبدالله بن حسين حصل على ستة عقود (حينها) من اصل ثمانية عشر عقداً كوكيل لهذه الشركات. كما فرض على شركة اوكسيدنتال التي كانت تعمل في الجنوب قبل الوحدة ان يكون وكيلها الوحيد.. كما فرض على شركة اتحاد المقاولين العرب المملوكة للملياردير الفلسطيني حسيب الصياغ تقاسم جزء من العائدات سنوياً بصفته الوكيل الوحيد للشركة فضلاً عن طلب حق التصرف بحقول أريام التي تعمل بها شركة كوديل،. «وقلك البيض انفصالي»!

غير ذلك ما ذكرته صحيفة «الوسط» في عدد 27 يوليو 2005 حيث ذكرت بعض سياسات الاحتواء التي يتبعها الرئيس، إثر كل خلاف ينشب بينه والشيخ الأحمر وقالت الصحيفة: «المتابع لكل خلاف بين القبيلة والدولة الممثلة بالشيخ والرئيس يدرك ان الأول عادة ما يكون هو الرابح وان الأخير هو الذي يقوم في نهاية المطاف تعويضه حال وقع عليه (اجحاف)!

إذ حينما تم استبعاد الشيخ من التوقيع على اتفاقية معاهدة جدة كان التعويض اعطاء نجله حميد الأحمر مناقصة وضع المعالم الحدودية بملايين الدولارات!

وبعد حملة الاساءة التي تعرض لها تمت ترضيته بمنح نجله حميد (هبة أخرى) عبر شركة (سي. سي. العالمية) وهي مناقصة انشاء المحطة الغازية للكهرباء دون ان يتم حتى فتح مظاريف المناقصة!

وتوج الآن (إثر الجرعة) بمنحه أيضاً المناقصة الثانية على وعد بالمرحلة الثالثة، حيث ستصل قيمة العطاء الى 1100 ميجاوات.

اذا كان هذا الظاهر من العلاقة بين الشيخ والرئيس فما المستور إذن!؟

الله يفتح عليكم يا....!

غير شركة الماز النفطية يملك الفندم الشاب عديد شركات تأميناً لحق الجهال.. ولو ان مراجعة بسيطة لمناقصات وزارة المواصلات خلال عام تبين ان معظم مناقصات الوزارة يتم (إرساؤها) على شركة واحدة هي «شركة هاواي الصينية للكابلات» وهي من املاك العقيد يحيى محمد عبدالله صالح.

ببساطة اذا اردت ان تكون مستثمراً ناجحاً تفتح أمامه الابواب المغلقة بسهولة فقط ابحث عن شريك من مراكز النفوذ وياحبذا ان يكون مقرباً من الرئيس!

يمن سبيس اشترت المساحة الاعلانية من الفضائية اليمنية بأكثر من ثمانمائة مليون في السنة.. لا لشيء بل أحد الشركاء يدعى «خالد الأرحبي» عرفتموه حتماً، انه صهر أحمد علي والأمين العام المساعد لرئاسة الجمهورية!

معروف ان فارس السنباني هو مترجم الرئيس ومالك يمن ابزورفر. وفي سبيل نشر المعرفة فان شركة «جروب فور» وهي وكالة عالمية لملابس الحراسة مملوكة لفارس.

لمع في السنوات الأخيرة نجم أحمد الكحلاني (أحد أنساب الرئيس) كمسؤول شغال، وهو فعلاً شغال إنما بطريقته!

المجموعة الرائدة للهندسة مملوكة لثلاثة اشخاص وزير الدولة أحمد الكحلاني، ووكيل أمانة العاصمة الشاب معين المحاقري، أما الاسم الثالث فيقال انه علي محسن الأحمر!

شهدت العاصمة قفزة نوعية في الطرق والصيانة والتوسعات... الخ، غير انها ليست حباً في العاصمة وانما لأن التاجر الذي سيتولى تلك الاعمال هو ذاته المسؤول الذي سيقر مناقصاتها!! ولهذا تتم هذه الاعمال بأرقام فلكية.

«شركة الاثير للتجهيزات الطبية» كان هكذا اسمها قبل ان تتحول الى شركة الاثير للمناقصات والتوكيلات و«كل شيء» ويديرها محمد الكحلاني شقيق أحمد الوزير وعلي مدير المؤسسة الاقتصادية.

وأحمد الكحلاني الذي اصدر قراراً بمنع اصحاب الدراجات النارية خوفاً على تلوث هواء العاصمة هو أحد أهم عوادم الفساد في البلد وذات الشخص الذي اشترى منذ فترة ارضية مزرعة العميري (مالك سيتي سنتر سابقاً) ومساحتها 50 لبنة.. لبنة تنطح لبنة!

ولعل الجميع يلاحظ ان معظم أو %90 من شوارع العاصمة زرعت جزر أرصفتها بنوع واحد من اشجار الزينة وهو الفيكاس! لهذا علاقة بأحمد الكحلاني أيام كان مديراً للمشتريات في احدى المؤسسات التابعة لوزارة الصحة (تقريباً الصرف الصحي)!!

الثلاثي .. وأفخم فيللا

على شاكلة الثلاثي الكوكباني، يشكل الوزراء: علوي السلامي، أحمد صوفان، حسين الدفعي، الثلاثي المناقصاتي. والحق ان الأخير ظاهرة فريدة في التجارة والاستثمار.. والعقارات ايضاً!

الأول يشيِّك على مناقصات العيار الثقيل. والثاني، صاحب شركة الرحاب المقاولاتية، يوجه القروض والمنح بالريموت كنترول. اما الدفعي فسوبر مان، وحدث ولا حرج!

سيحاضر وزير المالية ويعترض على استراتيجية الاجور وفي رأسه عشرين قضية تتعلق باستثماراته، وحسب الرجل انه شريك لحسن عبدالجليل: شركات حسن عبده جيد ومسعود للمناقصات ومولدات الكهرباء وغير ذلك من المعدات المتواضعة! وبصراحة من حق السلامي ان يكون شريكاً لأي تاجر، ما دام الفندم شريكاً لتوفيق، فيما ابنه الفندم أحمد - كما يقال - شريك الحاج للمعدات الثقيلة والسيارات وهات لك هات!

انه شعب يشقى لإعالة الفاسدين.!

الدفعي أمّن رزق العيال بعديد شركات (في كل شيء) من بينها شركة في شارع الزبيري شريكه فيها بالامارة (فيصل الحمادي).!

أما حق القات والفاين والشوكولاته فتأتي الى وزير الاشغال على هيئة ايجارات، مثلاً مبنى بنك اليمن والخليج ايجاره في الشهر بـ(5000) دولار. مبلغ بسيط حقيقة قياساً بمكانة الرجل!

(برج سارة) عمارة فاخرة في حدة يقع فيها مكتب القطرية، هو ايضاً مملوك للدفعي واشتراه بمليوني دولار. لم يحوّل بها الى البنك وانما أخرجها من منزله (تصوروا)!

وطبعاً مبلغ مليوني دولار وارد ان يحتفظ به الوزير في المنزل ما دام المبلغ مجرد عمولة عن مشروع: جامع الرئيس الصالح الذي تصل تكلفته الى 65 مليون دولار!

يتحدث كثيرون عن فيللا وزير الاشغال كما لو انها أفخم من فيللا الفندم، بلاط المطبخ تم استيراده من الخارج مرتين فيما مغالق الابواب (مجرد مغالق) تتجاوز قيمة الحبة منها 600 دولار!

غير اننا نود تصحيح المعلومة للاخ القارىء، إذ ان فيللا علي الكحلاني أفخم بكثير، ففضلاً عن مساحتها 50 لبنة تقريباً، توجد في حوش الفيللا حديقة حيوان: من كل حيوان زوج أو فرد! وهذا أكيد لا يغلى على مدير أهم مؤسسة في البلد: المؤسسة الاقتصادية التي يقال انها يمنية وملك كل اليمنيين!! كيف.. لا ندري!

لدى الكحلاني مش عارف كم شركة، من بينها تلك التي في مذبح والخاصة بأنظمة الأبواب الجاهزة: يمن جفلار!! حتى الاستثمارات البسيطة مرغوب فيها.

وكدنا ننسى نائب مدير المؤسسة الاقتصادية عبدالله الكبودي فالرجل ميسور الحال وله عديد استثمارات غير اننا نعتب عليه انه استثمر حتى في القاعات وصالات الافراح على رغم مكانته العالية. إذ ما كان اغناه عن صالة الخيول حتى وان كان دخلها في الشهر يصل الى مليوني ريال!!.
م
الاسم
العمل التجاري
العمل الحكومي
1 صالح الأحمر
شركة الحاشدي بتروليم
قائد القوات الجوية

2 علي محسن الأحمر
1) شركة هدوان للخدمات النفطية.

2) (المجموعة الرائدة للهندسة) شريك.
قائد الفرقة الأولى مدرع/ قائد المنطقة الشمالية الغربية.

3 يحي محمد عبدالله صالح
1) شركة الماز للخدمات النفطية.

2) شركة هاواي الصينية للكابلات.
أركان حرب الأمر المركزي.

4 عبدالله بن حسين الأحمر
1) الوكيل الوحيد لشركة اوكسيدنتال.

2) الوكيل الوحيد لشركة المقاولين العرب.
رئيس مجلس النواب

5 حميد عبدالله حسين الأحمر
شركة سي سي العالمية
عضو مجلس النواب

6 خالد الأرحبي
شركة يمن سبيسالأمين العام المساعد لرئاسة الجمهورية

7 فارس السنباني شركة «جروب فور» وكالة عالمية لملابس الحراسة
مترجم الرئيس

8 معين المحاقري شركة (المجموعة الرائدة للهندسة) شريك.
وكيل أمانة العاصمة

9 أحمد الكحلاني 3) شركة (المجموعة الرائدة للهندسة) شريك.

4) شركة يمن جغلار الخاصة بأنظمة الأبواب الجاهزة.
وزير الدولة أمين، العاصمة.

10 محمد الكحلاني
شركة الأثير للمناقصات والتوكيلات.

11علي الكحلاني شركة الأثير للمناقصات والتوكيلات.
مدير المؤسسة الإقتصادية اليمنية.

12علوي السلامي. 1) شريك لحسن عبدالجليل.

2) شريك لحسن عبده جيد ومسعود للمناقصات ومولدات الكهرباء.
وزير المالية

13 أحمد صوفان
شركة الرحاب للمقاولات.
نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط والتنمية

14 حسين الدفعي 1) شركة موقعها ش/الزبيري وشريكه فيها فيصل الحمادي.

2) مباني مؤجرة مثل: مبنى بنك اليمن والخليج. ومبنى سارة، عمارة فيها مكتب القطرية
وزير الأشغال العامة

15) أحمد علي عبدالله صالح
شريك «الحاج للمعدات الثقيلة والسيارات».
قائد الحرس الجمهوري والقوات الخاصة.

16) عبدالله الكبودي
أكبر مستثمر في قاعات وصالات الأفراح(صالة الخيول)
نائب مدير المؤسسة الإقتصادية اليمنية.

17) علي عبدالله صالح
شريك توفيق « خدمات نفط وغاز»
رئيس الجمهورية

هذا التحقيق أُعد للثوري والشورى استمراراً للحلقتين السابقتين وتأخر بثه لظروف فنية بحتة.
رد مع اقتباس
  #78  
قديم 04-05-2006, 04:35 AM
الصورة الرمزية أنا هو
عضو فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,472
افتراضي

عن وطن يستثمره المسؤولون وشعب يشقى لإعالة الفاسدين!
سيادة الفساد!

الشورى-قسم التحقيقات الرأسمالية.. سمة العصر وعنوان القطب الواحد الذي كشر عن أنيابه متفرداً بالعالم.. لكننا هنا لسنا حول ذلك.. نحن هنا نتحدث عن جزئية في اليمن.. رأس المال اليمني تكوينه وعلاقاته المتشابكة وتأثيراته.. عن خارطة واقعية تمتد من الجغرافيا.. للسياسة.. للإدارة.. للثراء.. للفقر.. للحاضر.. للمستقبل.. إنها محاولة لفهم الواقع.. هي حكاية اليمن ووضعها الحالي ومشكلتها.

رأس المال اليمني ليس كتلة واحدة موجودة في مكان محدد وتعمل بإدارة وسياسة في إطار واحد، هو أيضاً مختلف في تكوينه ودورته ومنطقة تشكيله.. أو أمتلاكه سلطة سياسية وإدارة.. انها حكاية وطن يستثمره مسؤولوه وشعب يشقى ليعول المفسدين.. لا تسألوا عن مقولة نحن خدام الشعب.... الخ.. هي مقولة لم يعد يذكرها حتى من قالها يوماً.. دعونا نبدأ على أساس الحجم الأكبر فالذي يليه..

حضرموت..
طالما ارتبط الأقتصاد والتجارة بأبناء حضرموت والذين حتى عن طريق التجارة نشروا الإسلام. وما تزال دول شرق آسيا شاهداً قائماً حتى اليوم، يؤكد قدرة الحضارمةو بثقافتهم وفكرهم وموروثهم الحضاري على التأثير في المجتمعات التي وصلوا اليها. تكون الرأسمال الحضرمي من التجارة.. ونما وتطور بالعمل التجاري بالرغم من عدم امتلاك أبناء حضرموت سلطة سياسية لكنهم يمتلكون إدارة كفؤة وقديرة ولعل نزوعهم الطبيعي المبتعد عن الصراع السياسي قد هيأ لهم مناخات مناسبة لتشغيل أموالهم وأتساع نشاطهم التجاري فأفادوا تلك المجتمعات وأستفادوا. ويعرف ان رأس مال الحضارمة يدور اقتصادياً في الدورة الأمريكية.

محلياً لم تتوفر ظروف مناسبة في عقود الستينات والسبعينات والثمانينات تساعد على التشغيل والاستثمار على مستوى الجنوب سابقاً أو حتى على مستوى حضرموت، فقد حكم الموضوع مناخات الحرب الباردة وأيديولوجية النظام السياسي.. أما بعد الوحدة ففي السنوات الأولى ارتبطت القضية بطبيعة النظرة للوحدة من المحيط اليمني وطبيعة الأجواء السياسية التي نشأت بعد الاجتياح العراقي للكويت.. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الرأس مال يحتاج لتوفر عنصر الثقة والأمان والاستقرار واستقلال القضاء قبل اتخاذ قرار بأي خطوة. ولعل ما رافق سنوات الوحدة الأولى من احداث (اغتيالات.. اعتكاف..) وصولاً إلى الأزمة لم يكن قادراً أو مساعداً على بناء ثقة بأي مستوى.. وجاءت حرب صيف 94م لتقضي على الثقة من أصلها.. الثقة بامكانية اتاحة فرصة لتشغيل رأس مال يمني داخل اليمن لا يمتلك سلطة سياسية تحميه.. أو لا يستند إلى مراكز قوة الحكم والسلطة والنفوذ.. ناهيك عن غياب القضاء النزيه المستقل.. الاستقرار.. الأمن.

وحتى الآن ما يزال رأس مال أبناء حضرموت بعيداً عن الوطن ولم تتح له فرصة للاستثمار، ومشاركات صغار المستثمرين تعود إلى علاقات شخصية بقوى نافذة في السلطة ترتبط بمصالح قد تصل إلى الشراكة بين الطرفين.

ورغم مغازلة ابناء حضرموت بمنصب رئيس الحكومة إلا أن ذلك لم يستطع أن يزرع الطمأنينة للاستثمار، فمن حكومة العطاس الى فرج بن غانم كان رأس المال يدرك أن أسلوب الادارة والحكم لم يتغير، وبلا حماية سياسية وضمانات قانونية فان المغامرة خاسرة سلفاً ولا تجدى معها (كلمنجية) باجمال الذي ربما يستثمر مكاسبه في دبي أو سنغافورة.. وسيظل الرأس مال الحضرمي بعيداً عن اليمن طالما والمكان المتاح لاستيعابه هو حضن وآلية مراكز قوى الفساد والعمل التجاري بشروطها.
تعز ..
يأتي ثانياً رأس مال أبناء محافظة تعز.. وهو رأس مال وطني تكون من التجارة. ساعدها قربها من عدن المنفذ التجاري الأهم ثم المخا، واستطاع التجار إنشاء رؤوس أموال كبيرة من العمل التجاري وتشغيل الأموال في حركة ممتدة على ساحة اليمن وتمثيل وكالات وإنشاء مصانع تحويلية.

ويدور هذا الرأس مال في الدورة البريطانية ويمتلك إدارة كفؤة ويمتلك سياسة.. فرغم الهيمنة السياسية لتحالف القبيلة والعسكر.. إلا أن تجار تعز كانوا واجهة اليمن التجارية والأكثر نشاطاً وحركة أقتصادية، ولم يعدموا المشاركة السياسية.. وفي حين يسجل لرجالات تعز الحضور الفاعل والدائم في مسار الحركة الوطنية إلا أنهم تعرضوا لإقصاء من المؤسسة العسكرية تلاه انحسار في فاعلية صنع القرار وفي المقابل وبطبيعة الظروف وما يمتلكونه من مؤهلات وخبرات كان لهم اليد الطولى في المجال التجاري.. ولم يتأثر هذا المجال سلباً بأحداث الستينات والسبعينات ولعل السبعينات كانت الأكثر ازدهاراً ونماءً.

في الثمانينات بفعل العلاقة بين السلطة والتجار بدأ الوضع في التقارب.. ونشأ نوع آخر من العلاقة.. توظيف أموال رجال السلطة.. إلى الشراكة.. بفعل افتقار الطرف السلطوي لعنصر الإدارة.. وكان احتكار البعض لسلع ومواد معينة وفتح ما سمي تراخيص الاستيراد أن يفتح مجالاً واسعاً للثراء الفاحش لتجار ومسؤولين وللقضاء على تجار آخرين.. وهو وضع استفاد منه تجار في صنعاء.. بل وربما نشأ تجار من صنعاء وتعز نتيجة لهذا.. ولعب بعض تجار تعز دوراً كبيراً في توظيف وتنمية أموال رجال السلطة التي تضخمت واتسعت.

لا يمكن القول أن رأس مال تعز يعمل كله في اليمن، ويقدر البعض أن جزءاً يسيراً منه في الداخل بينما الحجم الكبير في الخارج نتيجة المناخات الموجودة، والتي تحكم الاستثمار وتشغيل الأموال (فرض الشراكة.. والحماية.. وغياب القضاء.. والأمن والأستقرار.. إلخ). والتي تشكل جميعها عوائق للأستثمار بل وتطفيشاً له.. قد يكون أستفاد بعض تجار تعز من الأوضاع القائمة وطريقة التعامل وخدمتها الشراكة والاحتكار وقد يبالغ البعض بالقول أنهم خدموا الفساد وأنهم جزء مهم في وصول الأمور إلى ما هي عليه اقتصادياً.

وطالما شغلوا وأداروا أموال فاسدين كسبوها من وجودهم في السلطة لكنهم سواءً صح ذلك أم لا.. فأنهم في المحصلة يعانون اليوم أيضاً..

فقد خسروا تقاليد تجارية.. وسوء الأوضاع يهدد سوقهم.. والقوة.. والنفوذ واللامبالاة لغياب قانون وقضاء.. والانصياع لرغبات رجال السلطة والنافذين مشكلة لا تستطيع أن تقي نفسها منه.. التفريط بالقانون هذا مآله الطبيعي أما عواقبه فوخيمة على الجميع.
صنعاء..
كانت البيوت التجارية في صنعاء معدودة ونشاطها التجاري محدوداً أيضاً وسوقها كذلك.. ربما تلك البيوت التجارية تقلصت.. أنقرضت.. حافظت على وجودها في الحد الممكن. لكن ظهر تجار آخرون فاقوها ثراءً ونشاطاً واتساعاً.. هؤلاء الطفيليون جاءوا من داخل السلطة ومن مواقعهم استمدوا الأموال.. استفادوا من الاحتكار وتراخيص الاستثمار.. ربما بدأوا العمل من الباطن (بعضهم) ربما مقابل الاحتكار والتراخيص.. الاتاورات.. هناك أيضاً أعمال تجارية ضخمة ارتبطت أو حسبت عملاً تجارياً ضخماً، ارتبط أو حسب مباشرة أو غير مباشرة على مسؤولين.. السلطة هي أهم مصادر رأس المال للمسؤولين التجار، هذا الرأس مال يدور في الدورة الخليجية ويمتلك سياسة، أما الإدارة فلا يمتلكها.. وأصبح أمتلاكها نسبياً حالياً ومطعماً بعناصر ادارية وخبرات خارجية.. أعمالهم تعتمد على السلطة والنفوذ... البعض يسميه رأسمالاً طفيلياً.. اذ أنه لا يعتمد على الأصول والقواعد أو التقاليد التجارية وهو أمر واقع يعبر عن حالة أو وضع سياسي، وممارسة قائمة ومتأصلة.. والمعنيون هنا ليسوا العريقين في العمل التجاري كأفراد.. أو بيوت.. ولا من يحاولون أن يعملوا ضمن القواعد الصحيحة ولكن المسؤولين التجار.. أو التجارة بأموال الفاسدين هؤلاء هم من يشكلون صورة الوضع الاقتصادي اليوم.. يبحثون عن طرق الكسب السريع.. لا تعني له الضرائب.. الجمارك.. والرسوم.. والجودة.. والمنافسة الشريفة.. لا تعني شيئاً.. ولا القانون والقضاء والنظام.. الفساد الاقتصادي اندمج مع الفساد السياسي فشكلا واقعاً لا يستوعب ولا يقبل غير سيادة الفساد.

هذا الرأس مال هو الثالث في الترتيب لكنه الأقوى داخلياً لامتلاكه السلطة والقوة. ونظراً لطريقة عمله واعتماده على هذا الأسلوب فمن الصعب وجود قانون يحكم وينظم العمل.. أو قضاء مستقل.. هذا الوضع يرفض وجود استثمار أو عمل تجاري حقيقي وسليم وقانوني لا يستند إلى ما يستند إليه (القوة- السلطة- الجاه).. تفيد أكثر من حالة قضائية أن أكثر من مستثمر.. يمني أو أجنبي.. خسر أمواله من شراكة أولئك، سواءً كانت على يد تاجر أو عن طريق مسؤول.. ويمكن القول أن ممارسة رجال السلطة للتجارة صارت ظاهرة لا تخفى. وبأحجام مختلفة.. ظاهرة تحكم العمل التجاري والمناقصات الرسمية.. وتمتد للطرق.. والنفط.. والموانئ.. هذه الظاهرة السافرة هي السبب الحقيقي والأساسي لغياب القانون والقضاء المستقل.

هي حالة متعمدة للانفراد بالسوق واحتكاره بالرغم من أنها بحجمها وآلياتها لا تستطيع تلبية كافة الاحتياجات إلا أنها تصر على الانفراد والاحتكار وعدم السماح بوجود مستثمرين آخرين وأعاقة أي استثمار وتطفيش مستثمرين.. وهذا الوضع الذي يحرم البلد من الاستثمارات والتشغيل يستنزف كل شيء.. حيث يقدر أقتصاديون أن محدودية الموارد وقلة الخبرة وغياب الأدارة أو أدارة العمل التجاري بنفس طريقة أدارة المصالح الرسمية قد تخلق صراعاً مؤشراته ليست غائبة، خاصة حيث لم يعد متاحاً إشباع الرغبة الاقتصادية على حساب الرغبة السياسية واصبح المطلوب تحديد مساحة الحركة الاقتصادية أيضاً وليس السياسية وحسب.

على ما تقدم فإن مشكلة اليمن الاقتصادية هي بالدرجة الأولى.. رسمية.. سلطوية.. ليست مشكلة موارد مع التسليم بمحدوديتها. فالموارد المتاحة لا يحسن توظيفها أو التعامل معها أصلاً بل تحكمها المصالح الشخصية.. أي كم سيستفيدون منها؟.. وما يذهب إلى جيوب المسؤولين من هذه الموارد بدرجات متفاوتة قد يساوي نصف إيراد هذه الموارد.

جمع رجال السلطة للمسؤولية والتجارة أوجد بيئة مناسبة وخصبة للفساد وحال دون وجود نظام إداري وقضاء مستقل في اليمن مما أدى إلى منع أي رأس مال آخر من الوجود والعمل والمنافسة الشريفة وبالتالي حرم البلد من الاستثمار ومن توظيف عماله مما ضاعف البطالة وأهدر القدرات.

وكنتيجة طبيعية للجمع بين المسؤولية والتجارة فقد حكمت مشاريع التنمية وحاجات البلد قدرات وأمكانات القائمين عليها من ذوي النفوذ والمسؤولية مما أدى إلى الأخذ بأدنى المواصفات لمشاريع البنية التحتية.. ومشاريع الكهرباء والمجاري والطرق.. وأدى إلى استيراد مواد بمواصفات وجودة متدنية والصناعة بجودة ومواصفات قياسية متدنية أيضاً وغير قادرة على المنافسة.. ومضرة صحياً في أحيان كثيرة.

لنفس السبب (الجمع) فرضت سلع ومواد بعينها وحوربت سلع ومواد أخرى.. وفرضت شركات.. ومنعت أخرى.. وكان ذلك على حساب الجودة والمقاييس والمواصفات التي تمت السيطرة عليها رسمياً.. وكذلك حماية المستهلك.. وحتى البيئة تضررت من مخلفات مصانع ومشتقات نفطية. وازدهر التهريب المزدوج وتداخلت الأعمال لتضم في طياتها المسموح والممنوع.

وبسبب الجمع بين المسؤولية والتجارة خسرت خزينة الدولة مليارات من الضرائب والجمارك ورسوم الخدمات.

ما سبق نماذج ليس إلا.. من الأضرار والسلبيات الكثيرة والتي يصعب حصرها هنا.. لكن الأساس الجوهري أن سيطرة رجال السلطة على التجارة ظاهرة لا يمكن أخفاؤها وقلما تجد مسؤولاً في هيكل السلطة لا علاقة له بالتجارة أو لا يدعم شركة أو مؤسسة أو تاجراً.. ووراء كل صفقة أو مشروع روائح فضائح تزكم الأنوف.. وصار شائعاً معرفة أن.. شركة.. مؤسسة.. مقاولات.. أسواقاً بإسم فلان من المسؤولين.. أو أبن فلان.. شراكة او تدار مباشرة، وكل بنفوذه.. ودرجته.. من أعلى إلى أدنى.. والاستثناء أن لا تجد علاقة.. شراكة.. أو حماية. وليس غريباً في مثل هذا الواقع أن يكون المسؤولون أو أبناءهم هم بوابة الاستثمار والمشاريع في اليمن وأن استيعاب الاستثمارات بأي حجم لابد وأن يمر عبر هذه البوابة ويرتب في اطار مراكز قوى الفساد، أياً كان المستثمر.. من صنعاء أو تعز أو حضرموت.. عربياً.. أو أجنبياً، واستثمارات بهذه الطريقة لا تخدم البلاد ويهمها العائد السريع والمكسب السهل.. لا تبالي بالبنية التحتية أو الأساسية.. شعارها «اخطف وأجري»..

أما عواقبها ففقر وبطالة.. إننا لا نلقي كلاماً على عواهنه ولا نكشف مستوراً لا يعرفه الناس.. لكننا نسلط الضوء: أين تكمن المشكلة.؟ ونحكي حكاية بلد بإيجاز.. عن سيطرة رجال السلطة على المال والتجارة.. عن من يسرقون ويتاجرون، إنها حكاية تطرح أسباب غياب القضاء المستقل وغياب القانون؟ ولصالح من يغيَّب؟.. ومن المستفيد من رفض الاستثمار في البلد؟.. فضَّ الاندماج بين السلطة والتجارة ضرورة وليس خياراً.. والمشرع اليمني كان حكيماً في الدستور عندما حرم الجمع بين المسؤولية والعمل التجاري.. بقي ان نقول كل هذه الأسباب تجعل السلطة.. المسؤولين يخافون الاصلاحات الشاملة ويرفضونها.. وهو ما يفتح الباب واسعاً لسيناريوهات سياسية تلوح في الأفق.
رد مع اقتباس
  #79  
قديم 04-05-2006, 04:41 AM
الصورة الرمزية أنا هو
عضو فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,472
افتراضي

مرحباً بك .. في (جر) الرئيس !

الشورى-قسم التحقيقات أنت الآن في منتجع «الجر»، ضخامة وفخامة وثراء. مزارع مترامية الاطراف كثيفة الخضرة والأشجار، في قلب مساحات شاسعة من الأراضي البور. ويكفيك ان الرئيس الصالح احد اكبر المستثمرين وملاك الاراضي فيها الى جانب كوكبة من عتاولة الدولة والحكومة و.... و... الخ.

قبل الوصول

قبل ان تبحر في مجموعة «مزارع الجر» بمديرية عبس (محافظة حجة) 400 ك م شمال غرب العاصمة صنعاء، يجب ان تكون لك وقفات في الطريق.

في الصباح الباكر تحركت السيارة من مدينة حجة الى جهة الغرب قاصدة مديرية الزهرة بمحافظة الحديدة، حيث لايوجد طريق يربط مديريات المحافظة ببعضها الا عبر الحديدة. بعد النزول من المرتفعات الجبلية تواجهك مديرية بني قيس، عشش باكية تتناثر هنا وهناك يقطنها نحو 29 ألف نسمة هم مجموع تعدادها للعام 2004م. مزقها المشائخ الى اربع اقطاعيات مغلقة يتحكمون فيها بصولة الحزب اللعين. 29 ألف مطحون من البشر، كم هائل من الناخبين لترجيح كفة الحصان. هؤلاء اليمنيون يعيشون في مديرية اقل ماتوصف به انها منفى، حيث يفيد كتاب صادر عن محافظة حجة بمناسبة العيد 15 للوحدة اليمنية، بان الذين يحصلون على الخدمات الضرورية «ماء، كهرباء، صرف صحي» هم فقط %0 لا غير. ويانعمة الله دومي في محافظة وصفها الرئيس بالذهبية لفوز المؤتمر فيها بجميع مقاعد البرلمان.

لنترك بني قيس تحتفل بالمنجزات العظيمة، ونواصل الطريق الى مديرية عبس حيث استقبلتنا مدينة «شقر» بشوارع مدمرة وارواح منهكة ومشاريع تنموية وخدمية اكثر من غائبة، مشهد الناس وهم يُسْلقون في حر الظهيرة ودبات الماء الفارغة والسيارات القادمة من الخليج بكل أبهة وفخامة تسحق ماتبقى من معنويات مهترئة لهؤلاء القوم.

134450 نسمة الحاصلون على خدمة المياه والكهرباء وبشكل متقطع وغير دائم هم فقط %2، فيما الحاصلون على الصرف الصحي هم %0، واما عدد الأطباء فهو 3 اطباء بواقع طبيب واحد لكل 44816 نسمة، في منطقة تكتظ بالأمراض والاوبئة. شيء من القرف والغضب والحزن يتكوم على صدرك دفعة واحدة وانت تقرأ مثل تلك الاحصاءات الرسمية عن محافظة لاتستحي الدولة حين تصفها بأنها ذهبية، ومشاهد صاخبة تملأك حسرة والماً بحجم المعاناة.

لاتزال مديرية عبس تلاحقها لعنات الاتهام بالاشتراكية رغم انها منحت الرئيس والحاشية قصراً وجنات وبساتين واكثر من 40 ألف ناخب، كلهم صوتوا لمرشح الحزب الحاكم كنوع من التطهير، الا انه لم يحالفها الرضى.

طريق خاص.

من منطقة «سوق الربوع مَطْولة» تتجه بك السيارة غرباً قاصدة مزرعة الرئيس ومزارع اخرى حولها، على طريق اسفلتي أنشىء خصيصاً للمزارع ذاتها. وتم انشاؤها في وقت قياسي وبمواصفات عالية خلافاً للكثير من الطرق الاخرى. 280ك م تقريباً هو طول ذلك الطريق المتفرع من الطريق الدولي الذي تصدقت به السعودية بداية الثمانينات من القرن الماضي ولا يزال.

تذهلك «مزارع الجر» منذ ان تشرف عليها بعد خروجك من قرية السقف ببيوتها المتواضعة وسوقها التي تفترش الرصيف. مروج خضراء وحركة دائبة لناقلات وبرادات المانجو.

عجيب

العجيب في الامر ان مايتم تصديره الى السوق المحلية يتم في سلال بلاستيكية وبطرق لاتراعي أية قواعد للسلامة من حيث الرص والتخزين ونوعية المانجو، فيما يتم انتقاء وتصدير المنتجات الخاصة بالخليج بشكل فيه الكثير من العناية والحرص، حيث يتم شحنها في برادات خاصة و بطرق علمية غاية في الدقة. صورة متناقضة تستقرىء من خلالها مدى احترام هذه الدولة لمواطنيها، كون هذه المزارع تعود ملكيتها بنسبة كبيرة الى كبار المسئولين في الدولة، ابتداء بالرئيس ثم رئيسي البرلمان والشورى وامين المؤتمر وعدد كبير من الوزراء والسفراء والمحافظين والسلك الدبلوماسي... الخ.

كساد مزرعة الرئيس

اشارت مصادر خاصة ومطلعة الى ان مزارع الاخ الرئيس شهدت هذا العام ومعها بقية مزارع الشلة كساداً كبيراً لمنتجاتها وصل في احسن الاحوال الى بيع المنتج بنصف القيمة سنوياً تقريباً حيث كان التسويق يبدأ بـ4500 ريال للسلة الواحدة في حين بدأ هذا العام بـ1800-2000 ريال، ما اضطرهم الى تصدير منتجات مزارع الاخ الرئيس الى السعودية هرباً من الكساد الذي احاط بها لعدم وجود سياسة تسويقية حكيمة حتى لاستثماراتهم هم.

عيون القطط

في مثلث شمال مجموعة القصور التابعة لفخامته. تقف في ذهول وانت ترى النعيم والملك الكبير وسط الحرمان الذي يلف المنطقة. فمجموعة قصوره المنيعة المحاطة بأسوار وحرس وحجاب واجهزة تنصت وكاميرات مراقبة، لايسعك الا ان تقف من بعيد لتملأ عينيك وقلبك حسرة بسبب قمة التمايز، فالقصور البيضاء اللامعة الفخمة تعبر عن واحدة من صور الاستئثار بالغنى. ففي الوقت الذي لايجد «134450» نسمة هم سكان المديرية التي بها هذا النعيم شربة الماء النقية، تجد كل شجرة في مزارع القوم يغذيها الماء حتى جذعها باحدث تكنولوجيا الرى الحديث. وفي الوقت الذي نجد 13440 نسمة من البشر في ظلمات وحر شديد، نجد الاقطاعيات الخاصة تتمتع باضخم مولدات الكهرباء، حيث تم تزويد الشوارع الاسفلتية الفرعية داخل تلك المزارع بأعمدة الانارة وتوصيلات الكهرباء المستخدمة في ضخ المياه والتكييف المركزي.

زراعة الكراهية

على الرغم من فرص العمل التي فتحتها مجموعة اقطاعيات الجر العظيمة لبعض الشباب الا ان تلك الاعمال لاترقى إلا لتكون مهينة وذات مرتبات متدنية لاتتجاوز 2.5 (دولارين ونصف) لليوم الواحد، مقابل جملة من الاعمال الشاقة والمرهقة، كما انه لاتوجد أية ضمانات مستقبلية فهم ليسوا اكثر من اجراء يتم الاستغناء عن غالبيتهم بمجرد انتهاء موسم الانتاج. كما ان هناك احساساً لدى الكثيرين بعدم وجود عدالة من قبل الملاك الجدد للارض، وعدم الاهتمام بهم كمنطقة ادرت عليهم الملايين وصارت رمزاً للثراء ومهبطاً لافئدة كثير من رؤوس الدولة ومتنفذيها الاحياء منهم والأموات.

لانفهسم وبس

وجدت محمد عبده بملابس رثة بعد خروجه من إحدى المزارع، وسألته عن توقعاتهم للخير الذي سيدره عليهم وجود مزارع لمسئولين من هذا العيار في مناطقهم فقال: «ولا نتوقع منهم اي خير. اخذوا مصالح البلاد كلها ويصلحوا لانفسهم واولادهم وبس..».

اما العامل علي سعيد فيقول: «نتمنى لو يربطوا لنا كهرباء من الماطور حق الرئيس في الجر..» ويوافقه عبده علي الرأي ويضيف: «احنا ياصاحبي مش محسوبين احنا مجرد شقاة. نتمنى انهم مقابل استغلال ثروة البلاد يحسنوا من الوضع في خدمات الماء والكهرباء والصحة وغيرها- قالها بتعبيرات بدوية-.

توسع

لم يتوقف الامر عند مجرد استغلال تلك المناطق دون أن يلمس السكان الاصليون اي تغيير ايجابي لحياتهم فقط، بل تعداه وبحسب كثيرين هناك الى شراء الأراضي بأثمان بخسة. والاكثر من ذلك عمليات البسط من قبل البعض من اصحاب مطلع على اراضي بعض السكان، والتي راح ضحيتها قتلى في السنوات الماضية، ولم يكن فيها سوى تحكيم قبلي وانتهى الموضوع
رد مع اقتباس
  #80  
قديم 04-05-2006, 04:45 AM
الصورة الرمزية أنا هو
عضو فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,472
افتراضي

مزاح!

ابراهيم غانم عندما يستفزك الخيواني برقم 20 مليار دولار لاتجد بعد ذلك مبرراً لدعوته المسؤولين إلى الاستثمار داخل الوطن الا باعتبارها «نكتة» ذمارية: تجرحك دون ان تسيل دماً.

هل شككت مقالة الاسبوع الماضي فعلاً، بمعلومات «الكفار» ام رجحت صدقيتها؟

انت حر في ماتدعي انك فهمته.. هكذا تسأل فتجيب انت.

اما اذا كنت لاتعرف سحنة السيد الدولار ولم يسبق ان صادفته في اي طريق فكيف سيتسنى لك معرفة حجم المليار!!

حاذر ان تضرب العشرين المليار بـ190 مثلاً حسب التسعيرة الرسمية للبنك المركزي اليمني، فقد تنفجر ذاكرتك الرقمية.. وتظل تدور وتدور في الفضاء مع رقم فلكي دون ان يلوح لك اي منقذ مادامت معدتك خاوية وليس لك في كل الاحوال صديق من ابطال الديجتال.

ياليت والمليار ملوجة واحدة و«جر» الرئيس في عبــس «دست عصيد» سواء كانت نكهته بالمانجو اوحتى باسفلت الطريق.

اغراء المليارات يدفع الى اعتبار ارقامها «منجزات عملاقة».. كلما كبرت الارقام كلما تعملقت المنجزات طبقاً لما تعودنا عليه من تقييم وتبجيل.. لكن «الكفار» لم يذكروا ان كان الرقم هو كل الاموال المتحركة او المنقولة في اوروبا ام في الخارج عموماً، كاميركا واسيا مثلاً؟ ثم ان البنوك السويسرية لن تسمح بخرق قانون السرية، فوق مشكلة احتساب الارقام المسجلة باسماء الاقارب والجيران والاصدقاء، عوضا عن الاموال الثابتة في الداخل والخارج.

ومع ذلك لابأس من اعتبار الـ20 مليار دولار اهم منجز يمكن ان يفتخر به اليمنيون عندما ينسبون تحقيق المنجزات الى 26 سنة من تاريخهم المنصرم (اخذاً بالاعتبار زمن نشر مجلة الدبلوماسي لتقريرها المذكور).

قد يحتج اي مخلص وطني: اين منجزات الوحدة والبترول وسد مارب وغير ذلك؟

فيجيب اي «حاقد على الوطن» بان البترول يلتهمه الفساد بشهادة مجلس النواب، ولم يظهر له اي اثر ايجابي على حياة الناس منذ دخول اليمن سوق المنتجين. اما الوحدة فقد صيرتها حرب 94م الى حلم انفصال بشهادة الشيخ عبدالمجيد الزنداني اثناء لقاء الرئيس بقيادات حزب الاصلاح عندما قال بما معناه انه لو جرى استفتاء ابناء الجنوب لاختاروا الانفصال، بما يعني ان ابناء الشمال لن يكونوا اقل انفصالية عن اخوانهم أو الانفصال عن السلطة في اقل تقدير.

بقي سد مارب.. ولكن متى كانت اعادة بناء السد انجازآً يمنيا الا من باب «تفيد» سخاء المغفور له الشيخ زايد بن سلطان طيب الله ثراه، واي قول غير ذلك مجرد «خرط في خرط» كما هي العادة مهما اراد الاعلام ادراج السد في قائمة المقدسات.

اغراء المليارات واستفزازها يدفعك الى الاسترسال واستسهال مخاطر قوائم الاقلام المهسترة فوق عواقب «الاجنحة العسكرية» التي آلت الى صحيفة الشورى، رغم انها -لو صحت التهمة -لن تعدو ان تكون «قاعدة» من ورق وقذائف من كلمات منيرة كما نزعم، وقد تكون كذلك لمن اراد، بعيداً عمن ارادوا اثبات الولاء فظنوا ان اثبات التهمة يتحقق بتلفيق تهمة اخرى عن وجود اسلحة حقيقية في مقر الصحيفة.

هل من فائدة بعد ذلك من الدعوة لعودة الاموال بحجة المساهمة في دورة اقتصاد الداخل؟ انها مجرد نكتة والا لما اغفلت السؤآل: ولماذا هربت اصلاً منذ البداية؟
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:54 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
الحقوق محفوظة لدى منتديات مركز صوت الجنوب العربي (صبر) للحوار 2004-2012م

ما ينشر يعبر عن وجهة نظر الكاتب أو المصدر و لا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة